انتخب البرلمان الصومالي الانتقالي، الذي اجتمع في جيبوتي، زعيم التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال شيخ شريف شيخ أحمد صباح أمس السبت، رئيساً للصومال. وقد حصل شيخ شريف - زعيم التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال - على أكثرية أصوات النواب في الدورة الثانية من الانتخاب أمام مصلح محمد سياد بري (60 صوتاً)، نجل الرئيس الراحل محمد سياد بري، الذي كانت الإطاحة بحكومته في 1991 بداية الحرب الأهلية في الصومال. وأدى الرئيس الصومالي الجديد قسم اليمين في حفل أمس بجيبوتي بعد ساعات من انتخابه من قبل البرلمان الصومالي الانتقالي.. وتعهد الرئيس بتشكيل حكومة جديدة والتعاون مع دول القرن الأفريقي المجاورة لبلاده. وقال فور إعلان انتخابه فجر أمس في العاصمة الجيبوتية: سأعمل في القريب العاجل على تشكيل حكومة تمثل الشعب الصومالي.. مضيفاً: إن الصوماليين يرغبون «بالعيش بسلام مع الدول الواقعة في القرن الأفريقي والتعاون معها». ومضى شيخ شريف إلى القول: أمدُّ يدي إلى كافة الجماعات المسلحة التي تواصل معارضتها العملية السياسية، وأدعوها للانضمام إلينا. وأضاف: سنحكم الشعب الصومالي بنزاهة وعدل ونرد له حقوقه. ردود الأفعال وفي أول رد فعل عربي عقب انتخاب الرئيس الصومالي الجديد هنأت جامعة الدول العربية الشعب الصومالي بانتخاب رئيس للبلاد من قبل البرلمان الصومالي. وقالت الجامعة في بيان: إن هذه الانتخابات اتسمت «بالشفافية والنزاهة»، وقامت بمراقبتها الجامعة العربية إلى جانب الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي. كما هنأت الرئيس الجديد بفوزه بثقة الشعب الصومالي.. معربة عن الأمل بأن تسهم هذه الخطوة التى وصفتها بأنها «مهمة» في استكمال عملية المصالحة الصومالية الشاملة «حتى يتفرغ الشعب الصومالي لمهام إعمار وبناء بلده». وأكدت الجامعة مجدداً الاستعداد لمواصلة تقديم المساعدة للأطراف الصومالية «ليتمكنوا من تحقيق الاستقرار والسلام في ربوع الصومال كافة». وفي أول رد فعل داخلي على انتخاب الرئيس الصومالي شريف قال زعيم المعارضة الصومالية في إريتريا حسن طاهر أويس: إن جماعته غير معنية بفوز شريف أحمد ولا غيره.. واعتبر أن القضية ليست قضية أصوات، وإنما هي قضية مبادئ. وقال أويس في تصريحات للجزيرة: إن جماعته تضع الاعتبار للمبادئ والمصالح أولاً. واتهم شريف أحمد بأنه تخلى عن المبادئ التي كانت تجمع بينه وبينهم.. معتبراً أن الرئاسة التي يطمح لها «كرسي في الهواء لا يقوم على قواعد ثابتة». من جانبه رحب مبعوث الأممالمتحدة للصومال أحمد ولد عبدالله بالتصويت الذي أجري أمس السبت.. ودعا إلى التحلي بروح المصالحة. وقال: أتمنى، وأنا على ثقة، من أن المجتمع الدولي سيتعاون مع السلطات الجديدة، شريطة أن تظهر تصميمها على تشجيع قيام صومال مستقر ومتسامح. تجدر الإشارة إلى أن المهمة الأولى للرئيس الصومالي الجديد بعد أدائه اليمين الدستورية أمس ستكون تمثيل بلاده في قمة الاتحاد الأفريقي التي تعقد اليوم في أديس أبابا عاصمة إثيوبيا التي احتلت أراضي الصومال على مدى عامين، وأقصت المحاكم التي كان يتزعمها شريف عن السلطة. من جانبها رحبت مصر أمس بانتخاب الرئيس الصومالي الجديد الشيخ شريف أحمد من قبل البرلمان الصومالي. وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية فى تصريحات للصحفيين استعداد مصر التام لتقديم كافة أشكال الدعم لحكومة الوحدة الوطنية الصومالية وللمساهمة في جهود إعادة الإعمار وبناء الدولة الصومالية.. مشيراً إلى العلاقات الوطيدة التي جمعت بين الشعبين المصري والصومالي علي مدار التاريخ. وقال الناطق: إن مصر ستقف دائماً وراء أي جهد يستهدف لم الشمل الصومالي ويتبنى الحوار والتواصل أساساً لحل الخلافات. وأعرب عن تطلع مصر لأن تشهد المرحلة المقبلة سلاماً بين الصومال وجيرانه وتعزيزاً لإجراءات بناء الثقة والتعاون والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة.. مشيراً إلى أن شعوب المنطقة سئمت الحروب والاقتتال وباتت في حاجة ماسة لاستثمار مواردها للبناء والإعمار والتنمية الشاملة. وفي الإطار نفسه قال رئيس وزراء إثيوبيا ملس زيناوي: إن بلاده ترحب وتبارك انتخاب شيخ شريف شيخ أحمد أمس رئيساً للصومال.. وقال: نحن نحترم رغبة الشعب الصومالي في انتخاب من يرونه مناسباً. وأشار زيناوي في تصريحات صحافية على هامش قمة النيباد أمس السبت في أديس أبابا، إلى أن الجميع يجب أن يحترموا قرار الشعب الصومالي الذي انتخب شريف.. وقال: نحن سعداء جداً بانتخاب شريف رئيس للصومال. وأشاد زيناوي بالخطوات والسياسة التي كان يتبعها الرئيس الصومالي المنتخب خلال الأشهر الماضية.. وقال: إن ذلك سيساعد الصومال والمنطقة بأسره، وانتخاب شريف يعتبر خطوة إلى الأمام لحل المشكلة الصومالية. ومن جانبه قال علي عبدالسلام التريكي - مسؤول ملف الاتحاد الإفريقي في الخارجية الليبية - في تصريحات صحافية: إن انتخاب شيخ شريف رئيساً للصومال كان موفقاً، وإن حكومته تبارك انتخابه.. مشيراً إلى أن حكومته تتمتع بعلاقات شخصية ووطيدة مع شريف وعلى أتم الاستعداد لتقديم كافة الدعم اللازم لدقع عجلة الأمن والاستقرار في البلاد. وطالب التريكي كافة الجهات الإقليمية والدولية المعنية بالصومال والفصائل الصومالية المختلفة بتقديم الدعم اللازم للرئيس المنتخب من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد. إلى ذلك رحبت الولاياتالمتحدة بانتخاب الشيخ شريف شيخ أحمد رئيساً للصومال.. مؤكدة أنها تنتظر «بفارغ الصبر» للتعاون معه من أجل إعادة السلام إلى الصومال، الذي يشهد حرباً أهلية منذ 1991م. واعتبرت الولاياتالمتحدة في بيان نشرته سفارتها في نيروبي أن الرئيس شريف كان من المؤيدين بشدة لمحادثات جيبوتي للسلام، وعمل بشكل فاعل في جهود المصالحة في الصومال.. في إشارة إلى محادثات السلام الصومالية في جيبوتي في 2008م. ويضيف البيان: نحن ندعو الرئيس شريف إلى تشكيل حكومة من خلال مد يد التعاون إلى الصوماليين الذين ينبذون العنف والتطرف. وتابع البيان أن الولاياتالمتحدة تنتظر بفارغ الصبر للتعاون مع الرئيس شريف وحكومة واسعة التمثيل، في جهودهما لإرساء الديمقراطية وإحلال السلام في الصومال. نبذة شخصية عن الرئيس الصومالي فيما يلي نبذة شخصية عن الشيخ شريف شيخ أحمد - رئيس الصومال الجديد: كان «شريف» أستاذ جغرافيا بإحدى مدارس مقديشو الثانوية، تخرج من إحدى الجامعات الليبية، وأسهم في الحركة الثقافية كمؤسس لجمعية الشرق للتراث والثقافة. ويعتبر شريف أحمد أول من أسس محكمة شرعية بالعاصمة مقديشو عام 2002 وتم انتخابه رئيساً لها في غيابه، وبذلك فتح الطريق لخطوات مماثلة في مقديشو التواقة إلى التخلص من الفوضى. ولينشأ بعد أقل من عام اتحاد المحاكم الإسلامية، ويختار شريف أحمد لرئاسة مجلسه التنفيذي، (المنصب الموازي لرئاسة الحكومة)، فيما اختير حسن طاهر أويس كرئيس لمجلس الشورى. وسرعان ما انهار أمراء الحرب أمام زحفها في مدن وبلدات وسط الصومال وجنوبها واحداً تلو الآخر. وخلال فترة حكم المحاكم القصير بين يونيو 2006 ونهاية ديسمبر من العام ذاته، شهد هذا البلد الواقع في القرن الأفريقي، أول وأطول حقبة استقرار في الصومال منذ انهيار مظاهر الدولة فيه عام 1991م. تراجع المحاكم تحت ضغط دبابات إثيوبيا المزودة بتفويض من حكومة الرئيس عبدالله يوسف الانتقالية مطلع عام 2007 كان مفهوماً لعدم تكافؤ قوى الطرفين. وقتها أدرك شيخ أحمد - على الأرجح - أن إعلان الجهاد على إثيوبيا - الذي تلاه شخصياً قبل الحرب - ومقاومتها ليسا الطريقين الأوحدين لإنقاذ الصومال، فثمة تأثير للدول المجاورة والقوى الدولية وللقوى الصومالية الأخرى، يجب استغلاله. بهذه الذهنية ذهب شيخ شريف وشريكه في المحاكم إلى إرتيريا لتأسيس تحالف إعادة تحرير الصومال في سبتمبر2007 الذي اتسع ليضم البرلمانيين الرافضين لسيطرة الرئيس يوسف وصوماليي المهجر، مما نزع المرجعية الإسلامية عن هذا المحفل. في أسمرا استشعر شريف أحمد وبعض مريديه أيضاً أن ثمة وظيفة غير صومالية لاستضافة إرتيريا المثقلة بمشاعر الثأر والعداء مع إثيوبيا لهم.. وتزامن ذلك مع تفاقم الخلاف بين من يريد قصر المعركة على المحتل الإثيوبي، واستمالة الحكومة الانتقالية، ومن يريد ضرب الطرفين وإقامة حكم إسلامي في الصومال.. التزام أديس أبابا غير المتوقع لتعهدها بالانسحاب، بث - حسب المحللين - الحياة في اتفاق السلام الموقع في جيبوتي بين شيخ شريف والحكومة الانتقالية، وأضعف كذلك حجج معارضيه داخل الصومال وخارجه، كما قوَّى الفريق المناهض لاستئثار عبدالله يوسف بقرار الحكومة الانتقالية برئاسة نور حسن حسين.