سقنا في مساحة التنمية البشرية "ابداع" نماذج من أشخاص ناجحين، تجاوزوا سن الشباب الذي هو في الغالب سن الطاقة والانطلاق والعطاء، وأثمرت مجهوداتهم الدؤوبة عن نجاحات وابداعات وهم في سني الشيخوخة والكهولة، إلا أن معظم أولئك الأفذاذ كانوا ينشدون إلى جانب تحقيق ذواتهم النجاح في العمل والفوز بالشهرة والمكانة المالية والمجتمعية. تلك أهداف لانهملها في طريق البحث عن التميز، إلا أن هناك دوماً هدف أغفل من كثيرين، بل وعز على كثير من الشباب خاصة أولي الطاقة والعزيمة، هو النجاح في تحقيق رضا الله، وبالتالي النجاح في الدارين الدنيا والآخرة. قد يكون ذلك ديدن قلة قليلة من الشباب، لكن ما بأيدينا اليوم من تجربة تؤكد لنا ملياً أن كبر السن والشيخوخة ليست عائقاً أيضاً في قطف ثمرات النجاح في مجال القرآن الكريم والتميز فيه، بل أحياناً قد تكون دافعاً أهم من غيره من الدوافع الأخرى. انتظار الفرصة فرغم كبر سنها وإصابتها بعديد أمراض كبر السن إلا أن حبها لله ورسوله وللقرآن الكريم أكبر من أي معوق لها.. ليمون عبدالله سعيد عثمان الجبلي في عقدها السابع تخرجت ضمن مخرجات الدفعة التاسعة لجمعية معاذ العلمية لخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية تقول إنها لم تتوقف عن تعلم القرآن الكريم من صغرها منذ أن كانت في «المعلامة» إلا أنها كانت تتمنى أن تأتي فرصة لتتعلم أكثر وتحفظ القرآن الكريم كاملاً وذلك بسبب تعلقها الشديد بكتاب الله، حتى قامت جمعية معاذ العلمية لخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية بفتح حلقة قرآنية بالمسجد القريب من سكنها ببني غازي التربة بمحافظة تعز عندها سارعت بالالتحاق بها وحقق الله لها مناها. برنامج حفظ فرغم سنها الكبير يعتقد أي شخص أنها ستكون لها وضعها الخاص وبرنامجها المختلف عن برامج الآخرين لحفظ القرآن الكريم ولكن الحافظة ليمون تكشف النقاب عن برنامج حفظها بعد التحاقها بحلقة رفيدة بنت الحارث لتحفيظ القرآن الكريم فتقول "أحياناً أرى في المنام أني أحفظ صفحة وأخطئ فاستيقظ من النوم وتكون الساعة قد تجاوزت الواحدة أو الثانية صباحاً فأسرع بحمل المصحف فأحفظ آية آية وأرتلهن حتى يغلبني النوم "وعن الجدول والأوقات اليومية الذي تتبعها في الحفظ تقول "في الحقيقة إنه ليس لدي وقت محدد للحفظ فأنا في أي وقت أحفظ القرآن وأراجعه حتى أني قد أنسى وجبات الطعام لكي أحفظ وأراجع المقدار المحدد لي، وعندما أكون في المنزل أفتح الكاسيت على السورة المقرر أن أحفظها وأراجعها وأتبع المقرئ خطوة بخطوة والحمدلله الذي هداني لهذا". توفيق الله الجدة ليمون أم لتسعة منهم خمسة أبناء وأربع بنات وكلهم متزوجون أرجعت أن من الأسباب المساعدة لحفظها القرآن الكريم إلى افتتاح حلقة قرآنية بالقرب من بيتها وأيضاً إلى التشجيع الذي حظيت به من قبل معلماتها وزميلاتها الطالبات وكذلك لولدها ياسر الذي تقول إنه وفر لها الراحة سواء مادية أو معنوية ولم يتوان في توفير أي شيء من أجل مساعدتها في تحقيق أمنيتها بحفظ القرآن الكريم وكذلك لتفرغها في المنزل وخاصة بعد وفاة زوجها وهو مازادها دافعاً لاستغلال وقتها في حفظ وتعلم القرآن الكريم وقبل هذا كله توفيق الله لها. الصعوبات دافع للنجاح واجهت ليمون كثيراً من الصعوبات أثناء مسيرتها في حفظ القرآن ولكنها تقول "هناك بعض المشاكل الطارئة كانت من أكبر العوائق لكني كنت أحياناً أجعل منها فرصة للاستمرار في الحفظ، وقد وفقني الله لذلك والحمدلله".. سارت ليمون على قاعدة أجعل من الليم الحامض شراباً حلو المذاق وتقول وهي المصابة بأكثر من مرض إنها جعلت من مشاكلها طريقاً لتحقيق هدفها ولسمو هدفها وفقها الله له وفازت بجائزة حفظ المصحف. الفرحة بفضل الله وعن نصيحتها لحافظات القرآن الكريم "أقول لهن أن يجتهدن في الحفظ والمراجعة والمداومة المستمرة على الحفظ والحضور المبكر إلى رياض العلم في حلقات التحفيظ مما في ذلك من إعانة على تثبيت القرآن وعدم تفلته وليذكرن دائماً قوله تعالى "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" وهاهي ليمون تعبر في الأخير عن انطباعها بل عن شعارها بعد حفظها للقرآن الكريم وتحقيقها لهدفها الذي كانت تتمناه وتحلم به بقولها "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون".