مع احتضار الشمس بموكبها الأخير وفي أحد المحال التجارية ظننت الشاب الراكب بمقدمة إحدى السيارات بعيداً عني فتاة سافرة، وعندما أعدت النظر ودققت أيقنت أنه ليس سوى شاب تماهت هويته الجنسية عندما أطلق لشعره العنان بالتطويل وارتدائه الملابس الضيقة؛ مشهد يتكرر لي ولغيري من الفتيات ومن العامة من الرجال والنساء حتى باتت ظاهرة تمس هويتنا وتعبر عن حالة اغتراب يعيشه اليوم شبابنا. شعر مناسب للوظيفة أنور عبدالله خريج ثانوية أحد المطولين لشعرهم وصف سبب اطالته شعره للفراغ الذي يعيشه كونه عاطلاً عن العمل ،يقول أنور أفضل الشعر الطويل من منطلق حريتي وفراغي بالرغم من انتقاد أهلي الدائم لمنظري ثم يخبرني أنور بقصة لشعره في إحدى الوظائف قائلاً بالرغم من اعتقادي من اطالتي لشعري جاء من منطلق حريتي إلا أنني عندما عملت في إحدى محلات الملابس قصصته بمبادرة مني ليتماشى شكلي مع مظهر المحل فإذا كانت الحرية الشخصية والفراغ جعلت أنور يطيل شعره فإن ذو يزن صالح الذي يعمل في إحدى محلات عدن مول قال:إن العادات والتقاليد المتعارفة بينهم جعلته يلتزم مظهراً بإطالة شعره تيمناً بأبيه وأخيه وبعض الرجال من العائلة وذلك منذ سبع سنوات على الرغم من معارضة والدته وبعض مدراء الوظائف التي تقدمت لها حيث يقول ذو يزن عندما تقدمت لشغل إحدى الوظائف في إحدى الشركات في صنعاء طلب المدير مني قص شعري ليتلاءم مظهري مع المظهر الرسمي المواكب للعمل مضيفاً: أما هنا فالحال يختلف تماماً حيث يتطلب عملي هنا بشكلي الحالي. شاب رفض ذكر اسمه ليخبرني عن قصته التي بدأت بوفاة والدته التي كانت حريصة على تربيته التربية الصالحة وانصراف والده لذاته بعد وفاتها والذي ماكان لهذا الشاب إلا انحرافه إلى عالم الضياع إلى أن تعرف بفتاة أخذت بيده وانتشلته من الضياع وبدأت معه من الصفر على حد قوله وبما أننا نتحدث عن المظهر بعيداً عن عالم الانحراف أخبرني بأنه كان يطيل شعره ويرتدي أحدث صرخات الموضة ويزين عنقه بقلادة إلى أن تعرف بهذه الفتاة التي اعتبرها والدته وأخته وشريكة حياته في المستقبل والتي تستحق أن تنحني لها الرؤوس على حد قوله حيث يقول: بعدما تعرفت على هذه الفتاة التجأت إلى الله وتمسكت أكثر بديني» مواقف محرجة روى لي ذويزن موقف تعرض له بسبب طول شعره أثناء عودته إلى منزله من الثانوية في إحدى الأيام عندما قرر قطف الورود هو ورفاقه خلال الطريق الذي بادر الأخير بوضع زهرة جانب أذنه فما كان من تعليق الفتيات العابرات إلا التعليق بالضحك والسخرية ونبزه باسم فلونة حيث يقول ومازال هذا الموقف عالقاً بذاكرتي خاصة بعدما ذهبت إلى الثانوية باليوم التالي وجدت كل الثانوية تتحدث عن الموقف وتنعتني بفلونة. ضعف الوازع الديني يقول فارس جلال سنة رابع إعلام: من وجهة نظري أنا معارض لهذا المظهر وأعده بأنه مخل بالآداب والأعراف والتقاليد والأخلاق وهو تطبيق لما تبثه وسائل الإعلام من تمييع للشباب وابعادهم عن قضاياهم القومية والوطنية..ويعزي فارس الأسباب ذلك إلى ضعف الوازع الديني وحجة التساير مع العصر والتربية الأسرية غير السوية ورفقاء السوء وتأثيرات وسائل الإعلام. الفتاة أخشن يقول رامي عبدالله سنة رابع إعلام: عادة أنا لا أعمم الحكم على كل من يطيل شعره فمنهم من يطيل شعره لغرض الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم وهؤلاء أكن لهم كل احترام وتقدير وأحبذ مظهرهم الرجولي والمرتب ثم يضيف قائلاً: ومنهم من يطيل شعره ليساير الموضة ويجذب الفتيات، هؤلاء يتسم مظهرهم بالأنوثة والمياعة لدرجة تكون الفتاة أخشن منه» يقاطعه علاء محمد سعيد سنة رابع اعلام قائلاً: نعم منهم من يطيل شعره كتقليد أعمى لبعض الشخصيات مثل الممثلين وهؤلاء ليست لديهم رجولة، ثم يتدارك الموقف قائلاً: فعندما يطيل أحدهم شعره في بيئة كبيئتنا المحافظة ومناخنا الحار غير المناسب يفقد شخصيته. شيء غير صالح يقول عيدروس معوض باقتضاب: شيء مش صالح أن يتشبه الشاب بالنساء أو يتدخل بأشياء تستخدمها النساء ويعزو عيدروس سبب تفشي ظاهرة إطالة الشعر إلى عدم اعتناء الأسرة بأولادها واختلاط البيئة مما يساعد على تفشي المياعة والتقليد الأعمى لأي موضة. ترسيخ العادات والتقاليد يخبرنا الشباب بتمادي البعض باستخدام بعض المواد التجميلية الخاصة بالنساء سواء كانت للشعر أو الوجه وعدم تورعهم من استخدام انواع الأقنعة والكريمات والشامبوهات إلى حد استخدام الشباب لهذه الأدوات بشكل يومي كما أخبرني أحدهم في ترسيخ بعض العادات والتقاليد بالتشبه بالأنثى مثل ثقب إحدى أذنيه وارتدائه لحلقة واحدة من الذهب بعد تجميع ثمنه من الجيران لغرض ضمان بقائه على قيد الحياة بعدما تفقد الأم أكثر من ولد لها، وبعدما يكبر الصبي تباع الحلقة وتوزع النقود على الجيران،وبينما تعالت الأصوات واختلطت وازدات حدة النقاش من قبل الشباب المتواجد ودعتهم ووعدتهم باجراء تحقيق شامل مستقبلاً يناقش السلبيات في موضة الفتيات وبينما أسير تلاشت الأصوات رويداً رويدا إلى أن اختفت. نظرة استحقارية ما إن أكملت طرح السؤال حتى بادرتني «ع، ت» بالقول: هذه عادة سيئة بالنسبة للرجال وهذا ليس جيداً أن يتشبه بالنساء لقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم «من تشبه بقومفهو منهم» ثم تضيف بحدة فعندما يطيلون شعرهم فإنهم يقلدون شباب الغرب وهم بذلك منظرهم غير مريح ثم تضيف بازدراء عندما انظر إليه جسدي يقشعر وما يزيد الأمر سوءا عندما يطيل الشاب شعره ويربطه فإني انظر له نظرة استحقارية فهم بذلك ينظرون انهم يبرزون رجولتهم وهذا تطور سلبي برأيي وتقليد أعمى للغرب فهم يطيلون شعرهم كموضة «تحافة»؛ وللفت نظر الفتيات ثم تتساءل قائلة لماذا يريدون لبساً ضيقاً هل يرتدي هذا اللبس لإظهار اشياء بجسده؟ معقول فالفتاة ترتدي هذا اللبس مثلاً لإظهار مفاتنها وجمالها أما للرجال فلماذا؟ ثم تتدارك الموقف لتأكيد رأيها قائلة: فأهم شيء بالرجل شخصيته وقيمته وأخلاقه،فهذا تقليد أعمى للغرب نتيجة للغزو الغربي والإعلام الاجنبي ونتيجة للبيئة السيئة وغير الناضجة فلابد من متابعة المدرسة لطلابها بالمظهر والنظافة وقد لاحظت بالآونة الأخيرة إطالة بعض الشباب لظفرهم الصغير في اليد اليسرى تحديداً ولا أعلم السبب!!! إن الله جميل يحب الجمال تبادر نسرين علي قسم فرنسي قائلة: ليس كل الموضة قابلة للتطبيق فإذا كان هذا التقليد سببه لصالحه معقول أم غير ذلك فهذا غير صحيح ولا يصح إلا الصحيح. فقاطعتها صفاء قسم فرنسي قائلة: هذا استايل جميل إن الله جميل يحب الجمال وشيء جميل أن يطيل الرجل شعره حتى إذا كان زوجي أو أخي. رأي علم الاجتماع يقول الدكتور سيف محسن عبدالقوي: مدرس مادة الانثربيولوجي قسم علم الاجتماع نتيجة لتأثير وسائل الإعلام والتطورات التي طرأت على كل العالم حتى أصبحت كقرية مما ساعد على التأثير والانتشار الثقافي المباشر وغير المباشر خاصة على فئة الشباب الذين سرعان ما يتلقفون الجديد ويتحمسون له فوجدنا من يطيل شعره ومن يرتدي الملابس الضيقة كتقليد للغرب، فكما لبسنا في الماضي بنطلونات شارل لستون والحذاء الدبابة وكملنا شعرنا «آفرو» «اسم لحلاقة معينة» وأطلنا شعرنا وتأثرنا بالهبيز فما بالك بالوقت الحاضر يظل تواجد التطورات الكبيرة وحضور وسائل الاتصالات على المشهد الثقافي فكان لابد من الشباب أن يتلقفوا أي جديد أن يحدث بدلاً من ذلك تثاقف أو تزاوج ثقافي بين ثقافة الغرب والشرق حتى تتلاءم عاداتهم مع مجتمعنا بعد التعديل فكان لابد من الأخذ بالتطورات الإيجابية شباب الغرب مثل ثقافتهم العالمية في مسألة التعليم والابداعات العلمية لذا أرى أنه لابد من الحكومة القيام بدورها بابتكار طرق جديدة من شأنها استغلال أوقات فراغ الشباب مثل التجنيد واعطاء الدورات التثقيفية التي تنور الشباب بالحاضر والماضي واقامة دورات في التنمية البشرية تنمي روح الشباب وترتب آفاق مستقبلهم حيث يطلب أن تقوم به الدولة ومنظمات المجتمع المدني حتى يتم تهيئة أجيالنا وابعادهم عن التقليد الأعمى للشباب المائع الغربي.