مثّل العام 1962م بدايات ظهور دور العرض السينمائية في مدينة تعز لتتوالى بعدها هذه الدور حتى وصل عددها إلى «5»، إلا أن وضعاً مغايراً هو ما تعانيه حيث يمكن القول بأنها في سبيلها للانقراض.. وارتبط ظهور دور العرض السينمائية بتواجد القوات المصرية بعد الثورة اليمنية 26 سبتمبر 1962م، حيث ساهم جهاز يبث أفلاماً سينمائية عربية كان يتم عرضها كل يوم في أحد أحياء تعز، في تفتيح عيون الساكنين فيها على شيء اسمه السينما. ثم لتشهد دور العرض السينمائية انتقالاً إلى مرحلة أخرى تمثلت في دور العرض الثابتة ابتداءً بإنشاء «سينما الغنامي» التي كانت تقع في شارع «26» سبتمبر وتتبع «الغنامي» أحد تجار مدينة تعز. طفرة ولتتلوها إقامة خمس دور للعرض السينمائي أولاها سينما «الجحملية»، ثم سينما «بلقيس» الواقعة في شارع جمال، وسينما «23» يوليو الكائنة في منطقة «باب موسى»، ثم سينما «سبأ» الواقعة في شارع التحرير وانتهاءً بسينما «المنتزه» الكائنة في منطقة المتنزه. عوامل انتشارها ولعبت أسباب عدة في إقامة دور للعرض السينمائي في مدينة تعز أبرزها مامثلته المدينة من مركز إشعاع ثقافي للمحافظات الأخرى وإلى نمط الثقافة فيها، حيث كان ساكنوها ينظرون للسينما كفن راقٍ يستحق إطلاق وصف «الفن السابع» عليه، أما مرتادو هذه الدور فكانوا من المنتمين للفئة المثقفة. ذكريات الماضي ولايزال الرجال والنساء في مدينة تعز ممن عايشوا فترة الستينيات والسبعينيات يتذكرون بألم وحسرة ذكريات ذلك الزمن الجميل، حيث كانت دور العرض تخصص طابقاً علوياً للنساء وطابقاً سفلياً للذكور، ويقول عبدالسلام المحويتي: أتذكر في نهاية السبعينيات حيث كانت أمي تأخذني معها إلى سينما سبأ وكنت أستمتع بمشاهدة الأفلام الهندية والعربية. أما بدرية عبدالواحد فتقول: كان عمري «16» سنة وكنت أذهب إلى سينما بلقيس مع أمي وكانت تعجبني كثيراً الأفلام الهندية لأن فيها حباً وعاطفة حلوة، وكنت أحرص على مشاهدة هذه الأفلام للتعويض عن الكبت الاجتماعي العاطفي. آخرون كذلك لا يزالون يتذكرون ما ارتبط به حضور عرض الأفلام السينمائية في هذه الدور من طقوس، حيث يشير عرفات أحمد صالح إلى أن مضغ القات كان ممنوعاً، كما كنا نحترم العرض السينمائي حتى نهايته، أما الآن فقد تغير الأمر كثيراً وبشكل سيئ.. ويواصل صالح: الآن أصبح الأمر مختلفاً، حيث يرتادون دور العرض وهم يتناولون القات ويدخنون مع دخول أولاد أقل من عمر «18» عاماً، ضف إلى ذلك غياب النظافة في هذه الدور. العامل الاقتصادي الواقع الاقتصادي فرض حضوره، حيث كان سعر التذكرة ربع ريال في بداية ستينيات القرن المنصرم، إلا أن السعر تزايد إلى «5» ريالات ثم «15» ثم «18» ريالاً و«30» ريالاً في التسعينيات حتى أصبحت «100» ريال في الوقت الحالي لمشاهدة فيلمين يفصل بينهما استراحة بمشاهد أخرى. أما أذواق المشاهدين فقد شهدت تبدلاً كبيراً ففي الوقت الذي كانت فيه الأفلام السينمائية العربية والهندية تفرض حضورها الطاغي في فترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، غدت الأفلام الأمريكية وبالأخص «الأكشن» هي ماتجذب اهتمامات مرتادي هذه الدور في الوقت الحالي. شروط منح التراخيص ورغماً عن الشروط الميسرة والخاصة بمنح ترخيص دور إنشاء عرض سينمائي والتي يوضحها طه الشامي مدير مكتب الثقافة بمديرية التعزية بالقول: هناك شروط منها الالتزام بقانون المصنفات الفكرية والحق الفكري، عدم عرض الأفلام السينمائية المتنافية مع قيم وعادات المجتمع اليمني، عدم دخول من هم أقل من سن «18» عاماً، مع دفع رسوم ترخيص ما بين «5000» إلى «10000» ريال. تطور التكنولوجيا رغماً عن ذلك إلا أن التطور التكنولوجي وظهور القنوات الفضائية والقنوات المشفرة وأفلام ال«CD» وغيرها، ساهم في محاصرة وتقليص فرص نمو واستمرار هذه الدور، حيث تقلص عددها إلى أقل من النصف ممثلة بداري «سينما بلقيس و23 يوليو» فقط لا غير، واللتين يمكن القول بأنهما في مرحلة النزع الأخير قبل انتقالهما إلى ذمة التاريخ.