الرهوي يشيد بسرعة استعادة جاهزية مطار صنعاء الدولي    الخيال المستبد: صناعة الطغيان بسطوة الخيال المسموم    إنتخاب اللاعب طه المحاقري رئيساً للجنة الرياضيين باللجنة الأولمبية اليمنية    مصر تستعيد 25 قطعة أثرية من واشنطن    برعاية وزير الأوقاف.. وكالات الحج والعمرة تقيم اللقاء السنوي مع الحجاج في العاصمة عدن    مليشيا الحوثي تختطف عمال محلات تجارية ك"رهائن" لإجبار أصحابها على دفع جبايات    حكيمي رابع مغربي يتوج بجائزة أفضل لاعب أفريقي بالدوري الفرنسي    تراجع العقود الآجلة الأميركية مع ترقب المستثمرين لبيانات التضخم    البغدادي يكشف عن اخفاء قسري لمحامي في صنعاء ويطالب بالاسراع في كشف مصيره    في أول زيارة خارجية له.. ترامب يصل الرياض في مستهل جولة تشمل الإمارات وقطر    الداخلية المصرية توجه ببحث شكاوي اليمنيين والافراج عن الموقوفين وبكري يطالب بمساواتهم والسفارة تبدو ملكية اكثر من الملك    مركز نهم الجمركي يحبط محاولة تهريب كمية من الزبيب الخارجي    هيئة البث الإسرائيلية: الأسير عيدان ألكسندر يرفض مقابلة نتنياهو    مقتل 3 نساء في رأس الخيمة    وزير داخلية مصر يصدر أمرا ببحث شكاوى اليمنيين والافراج عن المحتجزين    المكسيك.. مقتل شخص وإصابة اثنين في حادث سقوط منطاد    البعثات الطبية الصينية في وادي حضرموت    كفى عبثًا!!    علماء يحققون اكتشافا مذهلا عن الأصول الحقيقية لليابانيين    ألونسو يطلب صفقات لترميم دفاع الريال    اعلام أمريكي : ترامب أوقف الحملة العسكرية على اليمن لانها مكلفة وفاشلة    نعم للمسيرات السلمية المنضبطة.. لا للفوضى    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تتضامن مع الصحفي عدنان الأعجم    تدشين دليل الخدمات المرورية في مركز الإصدار الآلي الموحد    الترب: بحكمة أبناء اليمن سنتجاوز تدخلات دول العدوان    عودة الهدوء إلى طرابلس بعد اشتباكات أودت بحياة عسكريين منهم ضابط كبير    الحكومة اليمنية تحظر المظاهرات دون ترخيص مسبق    بقايا وطن..    "اليونيسيف" تطلق مبادرة للحد من نقص التغذية في اليمن    المناخ الثوري..    وصول أول دفعة من ستارلينك إلى عدن تمهيداً لتوفير الإنترنت الفضائي بالمناطق المحررة    اللواء ناصر رقيب يشيد بإنجازات القوات الخاصة في مأرب    فتاوى ببلاش في زمن القحط!    أنا ابن الظلّ ..!    تأملات في التأمل    الاعلام الاخضر يحذر: "شجرة الغريب" التاريخية في تعز على شفير الانهيار "تقرير علمي يكشف الاسباب والعوامل ويضع المعالجات"    اللجنة الأولمبية اليمنية تجري انتخابات الطيف الواحد للجنة الرياضيين    المحكمة تعقد أول جلسة والمحامين قدموا دفوع وطلب افراج والنيابة لم تحضر المياحي من السجن        وزير الشباب يتفقد الدورات الصيفية بمديرية الحيمة الخارجية في محافظة صنعاء    وزيرا الخارجية والنقل وأمين رئاسة الجمهورية يطلعون على أعمال الترميم بمطار صنعاء    النفط يرتفع بعد محادثات تجارية بين الولايات المتحدة والصين    قراءة نقدية في كتاب موت الطفل في الشعر العربي المعاصر .. الخطاب والشعرية للدكتور منير فوزي    الكشف عن شعار كأس العالم للناشئين 2025    هندي يهاجم وزير المالية بصنعاء ويطالبه التعامل بمساواة    بن بريك لن يستطيع تنفيذ وعوده التي تحدث عنها لصحيفة عكاظ السعودية    اكتشاف رسائل سرية مخفية على مسلة مصرية في باريس    وداعاً...كابتن عبدالله مكيش وداعاً...ايها الحصان الجامح    نساء عدن: صرخة وطن وسط صمت دولي مطبق.!    صبحكم الله بالخير وقبح الله حكومة (أملصوص)    حقيقة استحواذ "العليمي" على قطاع وادي جنة5 النفطي شبوة    أمريكا.. وَهْمٌ يَتَلَاشَى    مرض الفشل الكلوي (4)    ملخص مباراة برشلونة ضد ريال مدريد بالدوري الاسباني    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يدشن حملة توعوية في عدن تحت شعار "فضح زيف المغريات"    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رئيس الجمهورية : اليمن ستطرح في قمة الدوحة رؤية لتعزيز التعاون والتكامل بين أبناء الأمة
في حديث شامل مع صحيفة (الحياة ) اللندنية
نشر في الجمهورية يوم 29 - 03 - 2009

لسنا بحاجة لمن يعلمنا الديمقراطية .. فهي خيار اليمنيين منذ الأزل
سندعم أية حكومة صومالية تسعى لإعادة بناء مؤسسات الدولة وإحلال الأمن
صفقة السلاح مع روسيا كانت مقابل إعفاء اليمن من مديونية تبلغ 1.2 مليار دولار
التعاون الأمني بين اليمن والسعودية ممتاز وعلاقاتنا في أزهى عهودها
اليمن أخذ قراراً وصار أسرة واحدة ولا خوف على الوحدة
أكثر من (60%) من المغرَّر بهم نجح معهم الحوار ويعيشون حياة طبيعية
أكد فخامة الأخ علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - أهمية خروج قمة الدوحة بنتائج إيجابية سواء على صعيد رأب الصدع في الصف العربي أم تعزيز المصالحة بين الأشقاء الفلسطينيين.
وقال فخامته، في مقابلة مع صحيفة (الحياة) اللندنية، نشرتها أمس: إن لدى اليمن رؤية ستطرحها في القمة حول تفعيل آلية العمل العربي المشترك وإيجاد صيغة جديدة لتعزيز التعاون والتضامن والتكامل بين أبناء الأمة وعلى مختلف الأصعدة لمواجهة التحديات الإسرائيلية وغيرها.. وفيما يلي نص المقابلة:
فخامة الرئيس.. استقبلنا بالأمس خبر اعتقال مجموعة من العناصر الإرهابية.. هل يثير وجود هذه العناصر المتطرفة والمواجهات معها أي قلق لديكم؟
لا... لا يوجد أي قلق، الإرهاب هو اليوم آفة دولية تضر بالسلم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، والإرهاب ظاهرة خطيرة ليس في اليمن فحسب، بل في معظم بلدان العالم، وأجهزتنا الأمنية يقظة وتتعقبهم من وقت لآخر، وتحقق نجاحات إيجابية.
لماذا إذاً تركيز العمليات على اليمن... ما تفسيركم لذلك؟
تفسيرنا ربما لأن اليمن فيه تضاريس جغرافية صعبة، سواء صحراوية أو جبلية أو الوديان، وهذا واحد من العوامل.. والعامل الثاني أنهم يستقطبون الفاشلين في دراستهم، وخصوصاً من صغار السن، يؤثرون على عقولهم ويحشونها بأفكارهم المتطرفة.. والعامل الآخر الفقر، حيث يستغلون حاجة هؤلاء وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية.. هذه ثلاثة عوامل رئيسة يستغلها الإرهابيون للتغرير بالشباب وصغار السن.. لا تنسَ أيضاً أن اليمن جزء من دول المنطقة ممن دفعت بالشباب إلى مقارعة الوجود السوفيتي في أفغانستان أيام المد الشيوعي، وقد تأثر الذين ذهبوا إلى أفغانستان، وجاؤوا يؤثرون على هؤلاء الشباب، وأكبر دليل على ذلك أنهم لم يستقطبوا الشخصيات المتعلمة أو حتى القبلية، لكنهم استقطبوا صغار السن، وخصوصاً من غير الجادّين في دراستهم، أو الفقراء، فيعملون لهم غسيل دماغ، ويحدث الذي يحدث.
هل معظم المشاركين في هذه العمليات يمنيون؟
نعم، يمنيون وسعوديون.
السعوديون الذين فرُّوا من بلادهم.
نعم، كما أن معظم اليمنيين كانوا ممن تربّوا في المدينة أو في مكة أو في جدة، أي من أصول يمنية.
كيف تقوّمون مستوى التعاون الأمني مع السعودية؟
التعاون الأمني بيننا وبين السعودية ممتاز، من أقوى أشكال التعاون القائم بين دولتين جارتين، وهناك تنسيق وتبادل للمعلومات بشكل سريع، وتبادل تسليم المتورطين والمطلوبين للبلدين سواء من اليمنيين أو من السعوديين.
هل يعني هذا أن التعاون أفضل؟
نعم، ومن أفضل ما يمكن.
ومشكلة التسلل عبر الحدود والجهود لمكافحتها.
هناك تنسيق جيد بين البلدين، ومكافحة للتسلل عبر الحدود، سواء لمهربي المخدرات أو مهربي الأسلحة أو العناصر المطلوبة.. وتحقق الأجهزة الأمنية في المملكة وفي اليمن نجاحات ممتازة في هذا المجال، وقد ضبطت أجهزتنا الأمنية كمية كبيرة من الأسلحة والمخدرات كانت ذاهبة إلى السعودية، كما أن الجانب السعودي أيضاً يلقي القبض على مثل هؤلاء المهرّبين.. وهذا الأمر يُستقبل بارتياح كبير من جانبنا وجانب الأشقاء في السعودية.
هل قضية استسلام العوفي كانت بالتعاون بين الأجهزة الأمنية اليمنية والسعودية؟
نعم، ونتيجة للتنسيق والتعاون بينهما.
هل كانت نتائج ذلك جيدة؟
نعم كانت نتائج التحقيقات معه جيدة، وكشفت قضايا عدة ومعلومات استفادت منها الأجهزة الأمنية في البلدين.
لو سمحت سيادة الرئيس، أريد أن أسأل: هل تلقَّيتم تهديدات شخصية من «القاعدة»... عادة تستهدف المجموعات المتطرفة رموز الاستقرار في البلد؟
شخصياً أنا لا لم أتلقَّ أي تهديدات.
هل كشفت الأجهزة الأمنية اليمنية أية محاولة لاستهدافك؟... هل خططوا لاغتيالك؟
لا... ولكن ربما تكون هناك... إشاعة لدى بعض الأجهزة في بعض دول الجوار، أو أن بعض الأجهزة الاستخبارية الأجنبية تسرّب مثل هذه المعلومات، أو أي شيء من هذا القبيل، ومن ثم ينقل إلى أجهزتنا الأمنية.. لكن نحن لم نكتشف أي شيء من هذا القبيل.
تحدثنا عن التعاون الأمني مع السعودية، كيف ترون العلاقات السياسية اليوم بينكم وبين القيادة السعودية؟
أفضل مما سبق، وفي أزهى عهودها.
وهل هناك تشاور مستمر بينكم؟
هناك تشاور وتواصل مستمر، والعلاقات مبنية اليوم على الثقة والاحترام.. والسعودية تمد يد الدعم المالي والاقتصادي لليمن في مجال التنمية وتنفيذ المشاريع، وتعتبر من الدول الرائدة التي دعمت اليمن في مؤتمر المانحين بلندن، حيث قدمت منحة سخيّة، وأيضاً تعتبر من الدول الداعمة والمساندة التي قدمت لنا دعماً في مجال إعادة إعمار محافظة صعدة، وكذلك فيما يتعلق بمعالجة آثار كارثة السيول التي حدثت في محافظتَي حضرموت والمهرة.. والسعودية من الدول الرائدة والمانحة بسخاء لليمن أكثر من أية دولة أخرى.
نحن الآن عشية انعقاد قمة عربية بالدوحة، هل أنتم متفائلون بأن هذه القمة ستخرج بنتائج جيدة؟
ربما ستكون مثلها مثل القمم السابقة.
ماذا يعني ذلك؟
هي ستكون مثل القمم العربية السابقة، إن جاءت إيجابية فهي إيجابية، وهذا أمر جيد، وإن جاءت بنتائج سلبية فأيضاً هي أُسوة بالقمم السابقة التي جاءت بمثل هذه النتيجة.
أليس هناك أي أمر استثنائي في هذه القمة؟
حتى الآن لم نستلم جدول أعمال القمة، ولكننا نتطلع أن تخرج قمة الدوحة بنتائج إيجابية، سواء على صعيد رأب الصدع بين الأشقاء العرب وتعزيز المصالحة العربية، وكذلك بين الأشقاء الفلسطينيين، وهذا في رأيي من أهم الأشياء التي ينبغي أن تتحقق خلالها.. نحن في اليمن لدينا رؤية سنطرحها في القمة حول ضرورة تفعيل آليات العمل العربي المشترك، وإيجاد صيغة جديدة لتعزيز التعاون والتضامن والتكامل بين أبناء الأمة وعلى مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية وغيرها.
لدينا مشروع للاتحاد العربي أُقر مؤخراً في البرلمان العربي، وهو مرفوع إلى القمة العربية عبر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، فإذا كانت هناك جدية لتفعيل العمل العربي المشترك وجدية لوحدة عربية نواجه بها الظروف والتحديات الراهنة، فعلينا أن نأخذ بهذه الصيغة ولمصلحة الأمة ومستقبل أجيالها.. نحن أسميناه مشروع الاتحاد العربي، وهو شيء جيد لرد اعتبار الأمة العربية أمام التحديات الإسرائيلية وغيرها، لأن إسرائيل ظلّت تضرب بكل القرارات وكل الاتفاقات مع الفلسطينيين عرض الحائط.. فاذا لم يكن هناك تضامن عربي حقيقي فإن الوضع العربي سيظل على ما هو عليه من الضعف والشتات، ولا ينبغي أن نعتمد على الولايات المتحدة الأميركية ولا على الاتحاد الأوروبي لتأديب إسرائيل أو إقناعها بالخضوع للسلام أو التسليم بالحقوق العربية المغتصبة.. إذا كانت هناك قوة سياسية، اقتصادية، عسكرية، ثقافية تمتلكها الأمة العربية لمواجهة هذا التحدي ستأتي إسرائيل حينها مُرغمة.
تعني إرغام إسرائيل على التفاوض مع العرب.
نعم إرغام إسرائيل على التفاوض والقبول بما نريد، ومن دون هذا الكلام فإن الأمر سيظل مجرد كلام مكرر، ولا معنى له، مثل مياه النافورة تتكرر وتتكرر.
هناك قلق لدى بعض الدول العربية بسبب تراجع موقع العرب في المنطقة وصعود إيران كقوة إقليمية وعلى حساب العرب ودورهم.. كيف ترون هذا؟
المشكلة هي في غياب التضامن العربي، وعدم تفعيل العمل العربي المشترك، وعدم قيامنا بمسؤوليتنا إزاء ما يجري من أحداث في أكثر من قطر من أقطار الأمة، سواء في فلسطين أو الصومال أو العراق أو السودان أو جزر القمر أو لبنان وغيره.. هذا التراجع والغياب العربي أدَّيَا إلى وجود إيران.. وإيران نحن نرحب بها لأنها دولة إسلامية ولكن، الأولوية في حل قضايانا كانت لنا نحن العرب.. إذا جئنا للاتحاد العربي وفعَّلنا العمل العربي المشترك سيكون ذلك خيراً لنا جميعاً، وسيكون للعرب دور وشأن كبير في حل قضاياهم، وفيما يجري في المنطقة من تطورات ومتغيرات وتحولات.
هناك حديث عن تدخلات إيرانية في الشأن المغربي، وهناك حديث عن تدخلات إيرانية حتى في الشأن اليمني في موضوع الحوثيين تحديداً.
كما قلت، فإن كل هذا التحرك السياسي للآخرين يأتي نتيجة غياب التضامن العربي.. وإذا كان التضامن العربي فعَّالاً، بصراحة لا تستطيع أية دولة سواء إيران أو غيرها أن تتدخل في الشأن العربي، لكن طالما الأبواب مفتوحة فإن ذلك يشجع الغير على التدخل في الشؤون العربية.. لدينا مثل يقول: «باب تأتيك منه ريح سُدُّه واستريح»، وإذا عندك باب أو نافذة مفتوحة أغلقها لكي تمنع دخول الرياح.. للأسف أبواب ونوافذ الأمة العربية مفتوحة، بل ومخلعة، لهذا فإن الأمور سيئة.
هناك دول عربية تشكو من عملية تشييع تُشَجعها إيران، هل هناك شيء من هذا القبيل يحدث في اليمن؟
تستطيع أن تقول إن هذا كان منذ بداية قيام الثورة الإيرانية ضد الشاه محمد رضا بهلوي، وكانت أهداف الإخوة في إيران واضحة حول مفهوم تصدير الثورة.. لكن، وكما قلت سابقاً، إذا كانت هناك حصانة يصبح الأمر صعباً، بل ومستحيلاً.. انظر هل نجحت عملية التنصير في عالمنا العربي أو الإسلامي؟ لا، لم تنجح.. لقد ظل الاستعمار البريطاني موجوداً في جنوب الوطن اليمني أكثر من 130 سنة، ولكنهم لم يستطيعوا أن يقنعوا أحداً بتغيير ديانته الإسلامية أو تنصيره، ما عدا واحداً تقريباً، وربما تراجع بعدما رحل البريطانيون.. ونحن نقول إذا كانت هناك حصانة داخلية، سياسية أو ثقافية أو اجتماعية لا يمكن للآخرين أن ينجحوا في فرض توجهاتهم.
كان هناك حديث في اليمن عن دور ليبي في موضوع دعم الحوثيين.
والله كل واحد يبحث عن دور في اليمن... الإخوان في ليبيا كانوا يبحثون عن دور وساطة.. وكذلك الإخوان في قطر.. والإخوان في إيران أيضاً يبحثون، وهم يقومون وعبر بعض وسائل إعلامهم بتغطية إعلامية من وقت إلى آخر لما يقوم به الحوثي من أنشطة والترويج لها.
أين صارت المشكلة مع الحوثيين حتى الآن؟
نحن اتخذنا قراراً بوقف العمليات العسكرية من أجل وقف نزيف الدم اليمني وإحلال السلام في محافظة صعدة، وخيارنا هو خيار السلام، وقد وضعنا لتلك العناصر بضع نقاط ليلتزموا بها من أجل عملية السلام في المحافظة، وهي النزول من الجبال، والانسحاب من المواقع، وإخلاء المدارس، وإعادة المنهوبات التي أخذوها من الدولة والمواطنين، وعدم التدخل في شؤون السلطة المحلية، لأن الدولة وحدها هي التي تمتلك السلطة، وبحيث يكون هؤلاء مواطنين صالحين، لهم الحقوق نفسها، وعليهم الواجبات نفسها التي لسائر المواطنين، وإذا أرادوا أن ينشئوا لأنفسهم حزباً سياسياً فلا مانع لدينا، وطبقاً للدستور والقانون، ومثل بقية الأحزاب، والوطن يتسع للجميع من دون اللجوء إلى العنف أو الإرهاب أو التخريب.
ومن الوسيط بينكم الآن؟
لا يوجد وسيط.. نحن شكَّلنا لجنة من بعض الشخصيات الاجتماعية من أبناء المحافظة، وهي تقوم بهذا الدور لإقناع الحوثي بما أوضحنا سابقاً، والتخلي عن العنف، لأن أبناء محافظة صعدة هم أول المتضررين مما حدث.
من أين يتلقى الحوثيون الدعم؟
الدعم معظمه يأتي من الداخل.. كل من كان لديه موقف من الثورة والجمهورية أو من النظام السياسي، وسواء كان ينتمي إلى النظام الإمامي البائد، أو كان ينتمي إلى النظام الماركسي والشيوعي، أو من كان ينتمي إلى بعض الأحزاب القومية ولديه خصومة أو ثأر أو موقف من النظام يقوم بتقديم الدعم لهؤلاء، سواء كان الدعم معنوياً أو مادياً، بالإضافة إلى القيام بتغطية إعلامية في المواقع الإلكترونية وفي النشرات والصحف التابعة لهم.. هؤلاء الذين يقدّمون الدعم موجودون في صنعاء، بل إن بعضهم ربما يكون موظفاً في السلطة، يكون عنده أحياناً موقف من وزير أو مدير إدارة أو حتى الرئيس نفسه، فيقوم بكتابة مقال يخدم به الحوثيين عبر الإنترنت أو الفاكس أو الصحافة عموماً.
أصدرت محكمة الجنايات الدولية قراراً فيما يخص الرئيس السوداني عمر البشير.. كيف ترون هذا الموضوع، وما موقف اليمن من هذا القرار؟
هذا القرار يمثل سابقة خطيرة، وهو يكشف غياب العدالة الدولية واختلال المعايير وازدواجيتها، وإذا سكت العرب على ذلك فإن الدور سيأتي على الآخرين واحداً بعد الآخر.. وأنا أقول، وقد قلتها أكثر من مرة «إذا حلق ابن عمك بليت».. واذا كانت اليوم في البشير، مثلما بدأت بصدام حسين، فإن الدور سيأتي على آخرين.. صدام أُعدم ليس لأنه يمتلك أسلحة دمار شامل أو أسلحة نووية أو كانت لديه مشكلة مع شعبه أو أنه كان على خلاف مع الأكراد أو مع الشيعة أو على خلاف مع أي طرف في العراق، ولكن ما جرى لصدام، بحسب رأيي، عملية انتقامية، ثأرية من الإدارة الأمريكية السابقة، ولأنه وضع صورة بوش الأب على مدخل فندق الرشيد، فتولَّدت الرغبة في الانتقام وإزالة النظام، وتم تلفيق أسلحة الدمار الشامل، التي ثبت بطلانها، وحتى القضايا الجنائية التي حاكموه عليها وكما تابعناها كانت قضايا صورية.. لقد تحدثتُ بعد محاكمة صدام وإعدامه بأن على الآخرين من العرب أن يجهّزوا أنفسهم للحلاقة إذا لم يكن هناك موقف عربي موحد، لأن الأمريكيين، وبحسب ما قالوا بأنهم سيخلصون العراق مما أسموه بالديكتاتور، ضربوا العراق ودمّروه.. ولكن كم الذين قُتلوا في الحرب العراقية - الإيرانية التي استمرت خلال ثماني سنوات؟ وكم الذين قُتلوا أثناء التمرد على نظام البعث في العراق؟ وكم الذين قُتلوا عندما جاءت الديموقراطية الأمريكية، أو الديموقراطية البوشية؟!
هل أنت متفائل «فخامة الرئيس» بعهد الرئيس الأمريكي الجديد «باراك أوباما»؟
عهد أوباما لم يكتشف بعد لأن لديه إرثاً كبيراً وتركة ثقيلة.
يعني لم يبدأ بعد.
نعم لم يبدأ بعد، لأن لديه تركة كبيرة وثقيلة خلّفتها الإدارة السابقة، فهو يعالج الوضع المالي والأزمة المالية والوضع الاقتصادي.. والتصريحات أو الخطابات التي نسمعها منه حول الأوضاع في منطقتنا والعالم تعطي مؤشرات إيجابية وتندرج في إطار المؤشرات الإيجابية والنيات الحسنة.. وأعتقد أنه سوف ينشغل خلال السنوات الأربع بالوضع الداخلي الأمريكي، وإذا نجح في ترتيب الأوضاع الاقتصادية والسياسية الأمريكية وتحسين الوضع بشكل جيد، واشتغلت الشركات التي أصيبت نتيجة الأزمة المالية، واستطاع أن يتغلب على البطالة داخل الولايات المتحدة، فإنه يمكن أن يفكر في السياسة الخارجية بشكل إيجابي، وربما يحدث ذلك في السنوات الأربع المقبلة، أي في الولاية الثانية للرئاسة.
هناك من يتحدث عن إمكان حصول صفقة بين إيران وأمريكا حول المنطقة.. هل ترون ذلك؟
الصفقة موجودة منذ زمن.. الإخوة في إيران، وكما يعلم الجميع قدّموا كل التسهيلات لأمريكا، في الوقت الذي ظلوا يصفونها بالشيطان الأكبر، ولكن في حقيقة الأمر عندما حدث غزو أفغانستان وعندما احتل العراق فإن إيران قدمت التسهيلات البرية البحرية والجوية للولايات المتحدة، وهذه حقيقة لا ينكرها حتى الإيرانيين أنفسهم.
وهل هذه الصفقة تقلق العرب؟
إذا توحّد العرب ليست هناك مشكلة.. فهم يستطيعون أن يكونوا قوة خاصة في ظل الإمكانات اللازمة لذلك، فلديهم الثروات النفطية والمعدنية والثروة البشرية والثروة الزراعية وإمكانات كبيرة متوافرة، فإذا توحّد حالهم فإن بإمكانهم مواجهة التحديات ومواجهة أي خطر أينما كان مصدره.
وإذا كانت إسرائيل، وتعدادها يبلغ حوالي سبعة ملايين، استطاعت أن تفرض نفسها في منطقة الشرق الأوسط، وفي وسط الأمة العربية، وبدعم أمريكي، وهي لا تشعر بوجود أي خطر عليها، فكيف الحال بالأمة العربية ولديها كل تلك الإمكانات والثروات.
هناك من ألمح إلى دور ل«حزب الله» في موضوع الحوثيين.. هل هناك أي دعم يُقدَّم من قبله؟
الدعم ربما لا يقدم من «حزب الله» كحزب أو قيادة، ولكن من عناصر تنتمي إلى هذا الحزب.. الذي أفهمه هو أن الحوثيين تلقّوا خبرات في صنع القنابل والألغام والذخائر من بعض الخبراء والعناصر الذين ينتمون إلى «حزب الله»، وبعض العناصر الحوثية تُرسَل للدراسة في لبنان، ولا أعتقد بأن «حزب الله» تبنّى ذلك الأمر رسمياً، ولكن ربما من أشخاص في الحزب.. علاقتنا مع «حزب الله» ممتازة، لأننا ندعمه في مواجهة التحدي الإسرائيلي، لكن ربما هناك أشخاص متطرفون ضالعون في الأمر، قد لا تكون لقيادة الحزب علاقة بهم، أو رضا عما يحصل، ولكن بعض الحوثيين يذهبون إليهم ويحاولون التقرب منهم بنقل معلومات مضللة ليكسبوا ودّهم، مدعين بأنهم شيعة، وهم ليسوا شيعة، وليس لدينا في اليمن شيعة، بل لدينا زيدية.
توصلتم إلى اتفاق مع واشنطن حول تسليم اليمن مواطنيه المعتقلين في غوانتانامو، فما هي حقيقة أن أمريكا ستسلم أعداداً منهم إلى السعودية، وما سبب التردد اليمني في ذلك؟
نحن طالبنا أمريكا بتسليم المواطنين اليمنيين الموجودين في سجن غوانتانامو إلى الحكومة اليمنية، وطلب منّا الأمريكيون سجنهم.. فقلنا لهم: نحن لا نستطيع أن نسجن أي مواطن يمني ما لم يكن مرتكباً جريمة جنائية أو توجد عليه أية أدلة تدينه، وإننا مستعدون لإحالته إلى المحاكمة.. وقد تواصلنا معهم على أساس أن نستقبلهم ونعد لهم مركزاً للتأهيل، وهم سيموّلون هذا المركز بحيث تتوافر مساكن لهم ولأولادهم، وإعادة تأهيلهم ثقافياً واجتماعياً ومهنياً.. فقالوا: إن هذا سوف يأخذ وقتاً، بالإضافة إلى أنهم ليس لديهم التمويل الكافي في الوقت الحاضر للمشروع الذي تبلغ قيمته 11 مليون دولار، وهم يبحثون عن تمويل، ويقترحون في الوقت الراهن تسليمهم إلى السعودية.. قلنا لهم: بالنسبة إلينا هؤلاء مواطنون يمنيون، ويجب أن يسلّموا إلى اليمن، ونحن نرحب بهم وسنعيد تأهيلهم في اليمن، وعلى استعداد أيضاً لاستقبال الخبراء الذين أهّلوا السعوديين، والاستفادة من برامجهم لإعادة تأهيل من سوف تسلموننا إياهم.. وما زال البحث جارياً في هذا الأمر.. ولن نقبل بعودة المواطنيين اليمنيين إلا لليمن، إلا إذا كان هناك إتفاق بين الأمريكيين والسعوديين لاستقبالهم فهذا شيء آخر.
هل الحوار مع المتطرفين جاء بفائدة؟
هل تعني المتطرفين من عناصر تنظيم «القاعدة»؟
نعم.
الفائدة تحققت بنسبة جيدة.. نحن بدأنا الحوار قبل أية دولة أخرى، وتستطيع أن تقول بأن أكثر من 60 في المئة نجح معهم الحوار وأثمر، ولكن البعض الآخر لايزالون عند موقفهم الرافض العودة إلى جادة الصواب، وقاموا بعد خروجهم من السجون بأعمال تفجير، وبعضهم سُجن للمرة الثانية.
أما 60 في المئة ممن تم الحوار معهم واقتنعوا به فهم وبعد خروجهم من السجون يعيشون هادئين وملتزمين بنتائج الحوار، واندمجوا بشكل إيجابي في المجتمع.
هل تأجيل الانتخابات مثَّل حلاً بالنسبة إلى ما كان قائماً من إشكالات مع أحزاب المعارضة، وكما علمتُ لقد كنت أنت معارضاً أساساً لهذه الخطوة ثم وافقت عليها فيما بعد.. ماذا تتوقع لها من انعكاسات على الوضع الداخلي الحالي؟
نحن بالنسبة إلينا كنّا نصر على أن تتم الانتخابات في موعدها المحدد، ولكن كانت هناك إشكالية بين القوى السياسية، وكل واحد يفسرها بطريقته.. واحد يتحدث عن ضرورة إصلاح المنظومة الانتخابية، وآخر يقول: لا نقبل بالغالبية.. يعني أحزاب المعارضة ترفض الغالبية، وحزب الغالبية (المؤتمر الشعبي العام) يقول: أنا ملتزم بالغالبية وبما أفرزته نتائج الانتخابات.. وصار هناك حوار حول إعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وإعادة قانون الانتخابات، فصارت مشكلة ومماطلة وحوارات، إلى أن حان الوقت، واقتربنا من موعد إجراء الانتخابات، ولم يتم، فجرت الحوارات بين المؤتمر الشعبي والإخوة في أحزاب اللقاء المشترك، على الرغم من أن أحزاب المجلس الوطني للمعارضة ما زالوا يرفضون هذا الاتفاق، كما أن كثيراً من القوى السياسية ترفضه أيضاً، ولكن من أجل أن لا يحصل أي فراغ دستوري اتفق المؤتمر مع الإخوة في اللقاء المشترك على التأجيل.
وأنا كنتُ قد اقترحت التأجيل لمدة 60 يوماً يتم خلالها معالجة القضايا الخلافية ثم ندخل الانتخابات.. إلا أنهم اعتبروا هذه الفترة غير كافية لإنجاز كل شيء، وقد تحاوروا فيما بينهم أثناء زيارتي لروسيا، وأبلغوني أنهم اتفقوا على فترة التمديد لمجلس النواب الحالي سنتين، وأنا وافقت تحت الإلحاح على فترة السنتين، وقلنا: لا تمثل الفترة مشكلة، ولكن إن شاء الله نأتي إلى نهاية السنتين وقد تخلّصنا من كل هذه التباينات التي بين القوى السياسية، ثم نذهب إلى الانتخابات البرلمانية.
هناك حديث بأن جزءاً من الأشياء التي سيُتّفق عليها هي ولاية جديدة لفخامتك، لأنه معروف بأن هذه هي آخر ولاية دستورية لك.. هل هناك شيء من هذا الكلام بالفعل؟
أولاً، أنا ملتزم بالدستور، وهذه الولاية التي أنا فيها، وبالنسبة إليّ أنا لن أُرشح نفسي، ولن أقبل أن يرشحني أحد.
لماذا؟
خلاص، الإنسان صار عنده زمان، واستهلك شبابه، واستهلك خبراته خلال ثلاثين عاماً.. إذا منّ الله علينا بالعافية بأن ننهي ما تبقى من الاستحقاق الدستوري، وإن شاء الله اليمن مثلما أنجب علي عبدالله صالح سينجب الكثير من الرجال الذين يحلّون محل علي عبدالله صالح.
أليسَ من الصعب على الرئيس في العالم العربي أن يصبح لقبه الرئيس السابق؟
أنتم في لبنان عندكم رئيس سابق.. الرئيس السابق شيء جيد، وهذا يعني أنه استطاع أن يحقق أشياء، وينجز أشياء، ويسمّونه بالرئيس السابق.
أليسَ لديك تعلّق بالسلطة؟
لا، لا.
هل تولي الرئاسة في اليمن أمر متعب؟
والله أنا أقول دوماً: إن الحكم في اليمن يشبه في صعوبته الرقص على رؤوس الثعابين.
كالرقص على رؤوس الثعابين..
نعم.
كيف بقيتم رئيساً لهذا البلد الذي يمر بمراحل مضطربة، والحكم فيه صعب، كيف ولم يحدث أي انقلاب، ولم يحدث شيء..؟ ما هي الوصفة التي امتلكتموها، ونجحتم من خلالها؟
أولاً معرفة توجهات الناس وطموحاتهم وتفكيرهم وثقافتهم واحتياجاتهم تنموياً وثقافياً، وكيف تتعامل مع المواطن بثقافته، واحد بعلمه، وواحد تتعامل معه بأميته، وواحد تتعامل معه بعصبية منطقته أو قريته أو حزبه.. إنها مثل قراءة كتاب لابد أن تقرأ ما بين السطور، وتفهم المعاني، فلكل إنسان ولكل منطقة وكل حزب ثقافة وخصوصية ولابد أن تقرأ القراءة الصحيحة، فلكل سطر معانيه، ولكل منطقة أو حزب ثقافته.. يجب أن تكون على إلمام بالواقع اليمني ومكوناته (قبلياً وثقافياً واجتماعياً وسياسياً)، وإذا قرأت الكتاب بإمعان سوف يصبح من السهل معرفة كيف تحقق أهدافك.
هل لديك قلق بأن الوضع اليمني أصبح مثل الوضع الباكستاني، وأن القاعدة قد تتحصّن في اليمن؟
هذا أمر مستحيل، وبعيد أبعد من عين الشمس، والأمريكيون يتحمّلون مسؤولية كاملة عمّا يحدث في أفغانستان نتيجة التدخلات.. نحن في اليمن نرفض التدخلات في الشأن الداخلي اليمني. ولا أحد يعلمنا الديموقراطية.. نحن تعلمناها بأنفسنا، ولم نتعلمها كما تعلّم البعض الديموقراطية البوشية.. نحن أخذنا بالديموقراطية لأننا بلد شوروي منذ القدم، باعتبار ذلك أصلح لنا، فهي تعني لنا ترجمة لمبادئ الثورة وما تضمنته من توسيع قاعدة مشاركة الشعب في السلطة.
هل يحصل اليمن على مساعدات كافية لمحاربة «القاعدة»؟
نعم نحصل على مساعدات، ولكن في مجال التدريب.
ممن؟
من الأمريكيين، وهي خبرات بسيطة، متواضعة.
كيف كانت آثار الأزمة الاقتصادية العالمية على اليمن؟
آثارها كانت على البلدان كافة، ونحن منها، ولكن بقدر حجمنا، فنحن لسنا من الدول المتعاملة في البورصة، ولكن مشكلتنا تكمن في انخفاض أسعار النفط، وهذا أثر علينا كون واردات النفط تمثل 75 في المئة من الموازنة العامة، فضلاً عن انخفاض إنتاجنا منه، وهذا أثر علينا أيضاً سلبياً.
هناك تقارير دولية تتحدث عن مشكلة فساد في اليمن، وأن هذا خطر على الوضع الاقتصادي والسياسي؟
والله الفساد موجود في أكثر من مكان في العالم وليس هناك أية دولة إلا ولديها مشكلة فساد.. ولكنْ، كلّ يأخذ فساده بحجم دخله.. فكلما كان الدخل كبيراً كلما كان الفساد أكبر.. وهو موجود أيضاً في أمريكا التي تتحدث عن الفساد في العالم.. ولعلكم تابعتم الفضائح في هذا الجانب خصوصاً بعد ظهور آثار الأزمة المالية العالمية.. لهذا فالفساد على حسب الدخل، وإذا أردت أن تتحدث عن الفساد وحجمه قس دخل كل دولة.
فهناك فساد في أوروبا وفي كل أنحاء العالم.. وعندنا تستطيع أن تقول إن هناك بعض الممارسات الفاسدة، والفساد ليس مالياً وإدارياً فحسب، بل هناك فساد سياسي وثقافي ولكن الفساد السياسي يروج، ويتحدث عن فساد مالي وإداري.. نحن حددنا آليات لمنع الفساد ومكافحته، وأنشأنا هيئة لهذا الغرض.. قد لا نستطيع القول إنه لا يوجد فساد، ربما يوجد فساد، ولكن ليس بالحجم الكبير.. انظر إلى الموازنة في اليمن كم هي، وكم سيأتي منها فساد؟ وانظر إلى حجم الإنجاز، وقس الموازنة والإنجاز، أي اعمل مقارنة بين الموازنة والإنجاز لترى بأن الحديث عن وجود فساد إنما هو ضجيج إعلامي أكثر منه حقيقة واقعة.
كيف هي علاقتكم بالبنك الدولي حالياً وصندوق النقد والأطراف المانحين؟
- لا بأس بها.
هل هناك تطورات تجاه الأسماء الموجودة في خارج اليمن، مثل الرئيس علي ناصر محمد وحيدر أبوبكر العطاس.. هل توجد أي اتصالات معهم أو لديكم أي مبادرات جديدة لإعادتهم؟
أولاً، هم مواطنون يمنيون، ومن حقهم العودة للوطن متى شاؤوا، ولكن لا توجد أي مبادرات جديدة في هذا الشأن.. نحن ألغينا الأحكام التي صدرت عليهم، والأحكام كانت على الأخ علي ناصر من رفاقه في حكومة جمهورية اليمن الديموقراطية سابقاً، وألغينا عنه هذه الأحكام.. وكانت هناك عقوبة مع مجموعة من رفاقه بالإعدام وقد ألغيناها بعد إعادة تحقيق الوحدة المباركة في 22 آيار (مايو) 1990، وكانت هناك مجموعة أحكام على حيدر العطاس ورفاقه بالإعدام بعد أن أصدر القضاء بحقهم تلك العقوبة نتيجة دورهم في فتنة الحرب والانفصال في صيف 1994 ، وألغيناها.. ولم تعد هناك أحكام وليس عندنا أي مؤاخذة عليهم، وإن كانوا في بعض الأحيان يقومون بدعم الأنشطة التي تقوم بها بعض العناصر الخارجة على الدستور والقانون للإضرار بالوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي تحت مسمى قضية الجنوب.. وقضية الجنوب قضية معروفة منذ 1993 - 1994 وهي قضية عناصر أعلنوا الحرب والانفصال، وهربوا إلى الخارج، جزء منهم صلحوا وعادوا إلى الداخل، ومن جديد أعادوا الكرة وعبر عناصر قليلة ومحدودة يتحركون في بعض المناطق في بعض المحافظات، ويدعون بما يسمى قضية الجنوب، وليس من حق أحد ادعاء الوصاية لا على الجنوب ولا على الشمال.. الجنوب والشمال أخذا قراراً وصارا أسرة واحدة، وهما في الأساس شعب واحد وعقيدة واحدة وتاريخ واحد وجغرافيا واحدة ومصير واحد ومصالحهما واحدة.. ولهذا لا قلق على الوحدة من هؤلاء أو من الذين يدعمونهم في الخارج أو الذين تسمع لهم صوتاً من وقت لآخر، فهؤلاء فاتهم القطار وعفى عليهم الزمن، ولكنهم يكتبون في بعض الصحافة ومواقع الانترنت للتذكير بأنفسهم ليس إلا.
هل تقصد المقيمين في الخارج؟
سواء في الخارج أو في الداخل، هؤلاء جميعاً لا يشكلون أية خطورة، لأنه جاءت قيادات جديدة منحها الشعب ثقته عبر صناديق الانتخابات سواء النيابية أو المحلية أو الرئاسية، أما هؤلاء فأصبحوا منسيين ومن مخلفات الماضي ومخلفات الاشتراكية الماركسية.
هناك أطراف تقول: إن الصلح الذي اعتمد مع الحوثيين كان لمصلحة الحوثيين؟
نحن لا يهمنا لمصلحة من يكون، فهؤلاء مواطنون يمنيون، فإذا صلح الحوثي والتزم بالدستور والنظام والقانون فهو مواطن، ولكن إذا عاد إلى الفوضى فسيتحمل مسؤولية ذلك.
هل الوساطة القطرية ما زالت قائمة؟
لا، الوساطة القطرية انتهت، وهي للأسف شجّعت الحوثي للتمادي، وجعل من نفسه نداً للدولة، وهذه كانت من الجوانب السلبية التي وقعت فيها الحكومة اليمنية.
ألا تشعرون «فخامة الرئيس» بالقلق من الوضع في الجنوب؟ ألا يثير لديكم أي قلق؟
لا، أبداً لا نشعر بأي قلق.
لماذا؟
لأن المواطنين على مستوى عالٍ من الوعي، وهم حريصون على وحدتهم، وهذه التي تسمعها هي أصوات نشاز معزولة ولا تعبر سوى عن نفسها.
هناك كلام بأن الحكومة تؤجل معالجة الأوضاع في الجنوب.
بالعكس، الحكومة لا تفعل ذلك.. ولا يوجد شخص أو جهة تحب أن تعمل لنفسها مشاكل أو تفضل بقاء أية مشكلة.
ولكنها ترحِّل هذه المشاكل.
ليس هناك قضايا ترحَّل.. التنمية اليوم في المحافظات الجنوبية أفضل بنسبة أكثر من 70 في المئة من التي كانت تتم خلال الماضي هناك.. لماذا؟ لأن البنية التحتية عندما جاءت الوحدة كانت غير موجودة في المحافظات الجنوبية ولم تكن توجد جامعات ولا طرقات ولا اتصالات ولا مدارس وغيرها من مشاريع البنية التحتية، والحكومة توجهت إلى تلك المحافظات حتى يلمس المواطنون هناك خير الوحدة والحرية والديموقراطية والأمن والأمان، وهذا أهم إنجاز في الوحدة لأن الإخوان في المحافظات الجنوبية سلموا من الإعدامات والتصفيات الجسدية التي كانت تتم خلال الصراعات.
لأنه من فترة إلى أخرى كان كل طرف يذبح الآخر، والآن صار لنا أكثر من 19 سنة منذ قيام الوحدة لم تحدث مثل تلك الصراعات الدامية، واطمأن الناس على أرواحهم وممتلكاتهم وانتهى سفك الدماء والمآسي التي كانت تحدث هناك في كل جولة جديدة من الصراعات التي لم تتوقف إلا بعد إعادة تحقيق الوحدة.
كيف يرى اليمن ظاهرة القرصنة، وكيف يتعامل معها؟
نحن نتعاون مع المجتمع الدولي ومع الدول الموجودة في المياه الدولية قبالة خليج عدن والسواحل الصومالية مثل الأمريكيين والفرنسيين والألمان والهولنديين والماليزيين والهنود وغيرهم لمكافحة القرصنة البحرية.
بالنسبة لسواحلنا فهي آمنة، وخفر السواحل والبحرية اليمنية حققا نتائج ممتازة، واستطاعا أن يسيطرا ويمنعا أكثر من حادث قرصنة.
هل صحيح أن دولاً كبرى طلبت منكم إقامة قواعد في بعض الجزر اليمنية؟
لا.. هذا غير صحيح، ونحن دعونا إلى إنشاء مركز إقليمي في اليمن لمكافحة القرصنة من أجل التنسيق وتبادل المعلومات وإدارة عمليات مكافحة القرصنة، لأن القضية تضر بمصالح الجميع وهي تهدد أمن وسلامة الملاحة الدولية.
هل الوضع في الصومال خطر على اليمن؟
نعم، خطر جداًً ليس على اليمن فحسب، وإنما على المجتمع الدولي الذي لا يعرف ماذا يعاني اليمن نتيجة تفكك الصومال والحرب التي تدور في الصومال منذ 19 سنة، وهناك الآن أكثر من مليون نازح صومالي في اليمن، ونحن نتحمل نتيجة ذلك عبئاً اقتصادياً وثقافياً وصحياً واجتماعياً وأمنياً.. لذلك نحن ندعم أية حكومة في مقديشو تعيد ترتيب الأوضاع، ونقدم لها الدعم المادي والمعنوي، وندعو ودعونا كل الدول في الاتحاد الأوروبي وأمريكا ودول الجوار إلى دعم أية حكومة صومالية تدخل مقديشو من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة الصومالية وإحلال الأمن والاستقرار والسلام في الصومال والحفاظ على وحدته.
حتى لو كانت حكومة أصولية.
المهم أن تكون حكومة قادرة على ترتيب الأوضاع في الصومال وإحلال السلام فيه.. حكومة شيخ شريف أحمد هي حكومة إن شاء الله معتدلة، وهو شخص معتدل معروف، وأنا أعرفه جيداً، وكان رئيساً للمحاكم.. والآن يواجه ضغوطاً من الشباب الذين انفصلوا عن المحاكم ويواجه صعوبة معهم، ولكنه يدعوهم إلى الحوار وعلى تواصل معهم.. نحن اتفقنا مع كثير من الدول الشقيقة ومنها المملكة العربية السعودية والإخوان في دولة الإمارات العربية المتحدة على تقديم العون والمساعدة لحكومة شيخ شريف أحمد.
هل هناك علاقة بين القرصنة والإرهاب؟
ربما، فالملّة واحدة، ولا تستطيع التفريق بين هؤلاء، فبعض هؤلاء من اللصوص الباحثين عن المال عبر طريق القرصنة، وبعضهم عقائدي وموجه من تنظيم «القاعدة» من أجل الإزعاج الأمني، وأيضاً من أجل الحصول على المال.
ما قصة السلاح الروسي إلى اليمن، ولماذا ثار جدل كبير حولها.. هل هناك صفقة كبرى؟
أخذ الأمر ضجة أكثر مما يستحق، والحقيقة يوجد تعاون مع روسيا، وتسليحنا معظمه روسي، وقمنا بتحديث بعض أسلحتنا، كما أننا اشترينا بعض الآليات التي نحتاجها لدعم القدرات الدفاعية والأمنية لبلادنا.. لم يفهموا أنها بعض الآليات التي نحتاجها.. تستطيع أن تقول إنها بأقل من مليار دولار لأنها عبارة عن أسلحة متوسطة وخفيفة للجيش، فلماذا يعارضون ذلك؟ وهي كانت مقابل إعفائنا من مديونية لروسيا تبلغ قيمتها ملياراً ومئتي مليون دولار، وبالتالي فإن هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها أقل من مليار دولار أصبحت وكأنها هبة.. المعارضة لم تفهم ذلك.. للأسف، لا يعرفون مصلحة اليمن.
فخامة الرئيس، في اليوم الذي وصلت فيه إلى السلطة هل كنت تتوقع أن تظل فيها كل هذه الفترة؟
صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية كتبت عندما توليتُ السلطة بأن الرئيس صالح لن يستمر في السلطة أكثر من ستة أشهر.
هل تقصد أن عهد الانقلابات والمفاجآت انتهى؟
بدأ عهد الديموقراطية، عهد الرأي والرأي الآخر والمشاركة الواسعة في الحكم، وهذه من إيجابيات الديموقراطية لأنه بدلاً من أن يُطبخ كل شيء تحت الطاولة، صارت الأمور جميعها فوق الطاولة.
ما أخطر المراحل التي مرت بك خلال فترة 31 عاماً، وما أصعبها؟
في الحقيقة مررنا في اليمن بصعوبات جمّة، منها صعوبات التخريب في المناطق الوسطى من قبل الجبهة الوطنية التي كانت مدعومة من حكومة جنوب الوطن حينذاك، وكانت فترة صعبة جداً وظروف صعبة، تلتها حرب الانفصال في 1994والتي كانت هي الأخرى من الصعوبات الجمة التي واجهها الوطن.. وهناك أكثر من موقف صعب، صعوبات اقتصادية وصعوبات أخرى، منها عدم حل مشكلة الحدود بين اليمن والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان، وهذه كانت تمثل مشكلة خطيرة، ولكن عندما حُلَّت هذه المشكلة الحدودية بين اليمن والسعودية فإنها أسهمت إسهاماً كبيراً في تثبيت الأوضاع الداخلية وخدمة الاستقرار الإقليمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.