نميمة لأني كرهت تعليقاتهم في غياب الآخرين.. قررت الإنفصال عن ثلاثتهم.. إلا أني شعرت بصوت يستجديني.. ينبعث من أعماقي حتى أرغمني في العدول عن قراري «لابأس ربما سيكفون عن طبائعهم» جملة أمُني بها نفسي لكن الطامة الكبرى.. أن أجدني في نهارٍ وغروبه قد صرت رابعاً ممسوخاً أو منسوخاً «لا فرق» مثلهم تماماً.. في الصباح أفطر معهم بنميمة جره، وفي الظهيرة نأكل سوياً برمة لحم حيوان اصطدناه أربعتنا بقذائف صنعتها لنا شركة «غيبة» وفي المساء نحضر درساً ذهنياً عنوانه نميمة الغد.. «نعال أبنائي» ذات عصر دخلت على أبنائي فجأة.. وهم يتراشقون بنعالهم.. فانطلقت ثلاثة نعالهم صوب رأسي ووجهي.. وحينها حدقت نحوهم بغضب وصحت ضاغطاً أسناني بأسناني.. مضمراً إنزالهم شديد العقاب.. وبينما كنت في شد وجذب مع غضبي.. فجأة جاء الخلاص.. صوت يصدح من ثنايا حذاءٍ أخرى ذات حجم كبير.. بدت بسحنة مهيبة دنت مني قاب قوسين قائلة: أمعتوهٌ أنت.. دعهم في شأنهم!! فلربما سلبتهم حقاً من حقوقهم.. على الفور شعرت بمهمتها الإنسانية وتذكرت إنساناً وحذاءً ويداً شريفة ومنذُ اللحظة عاهدت نفسي ألا أعاقب أحداً يرميني بنعله لأني ربما في يوم ما ظلمته.. «على بوابة البنك» وصلت لأستلم راتبي وفي بوابة البنك أجد طوابير عشوائية مفجعة كسوق مزدحم.. سألت نفسي ما هذا؟ حضائر حيوا إنسانية.. هتافات مقززة.. حناجر صلبة.. السن طويل يتدافعون فوق بعض.. يصيرون كتلة لحم واحدة.. يا الله الجندي لم يقدر على تنظيمهم.. يردد بين الحين والآخر.. يا.. عيب عليكم.. رتبوا أنفسكم لكنهم لم يلقوا بالاً لما يقول.. أحد الماره في الشارع وقف معلقاً ومعه رفيقه: أنظر يستلمون الضمان الاجتماعي.. اجابه: أنت مخطئ إنهم الفوض.. بل حفنة من «ت ر ب و ي و ن».