يكثر في شهر القرآن ملازمة كتاب الله ، وختمه و حفظه ، ويقبل عليه الصائمون بنهم وشوق كبيرين لا يقارنه أي شهر ، وتبقى اليمن واحدة من البلاد التي تعطي كتاب الله روحانية ومكانة خاصة بالقرآن ، وتنتشر دور ومراكز تحفيظ القرآن على امتداد الأرض اليمنية ، ولذا فقد كانت بلادنا قبلة لأعلى الهيئات القرآنية العالمية الراعية لحفظة كتاب الله ، وفي مقدمة تلك الجهات الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية والتي تزور بلادنا لهذا الغرض ممثلةً بالشيخ الدكتور عبد الله علي باصفر الأمين العام للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم ، و أحد قراء القرآن الذين وصل صوتهم الى كل أرجاء المعمورة . كان لنا معه الحوار التالي حول واقع تحفيظ القرآن في اليمن . أهلاً وسهلاً بك دكتور في بلدك الثاني اليمن، من خلال زيارتكم المتكررة لليمن، كيف تجدونها في كل مرة تزورونها؟ ما شاء الله اليمن في تطور مستمر لا تتوقف فيها عجلة التنمية ، وهذا ما نلاحظه، خاصة في مجال القرآن الكريم، حيث أن هناك تطوراً كبيراً وأجيالاً كثيرة تتعلم القرآن الكريم خاصة من النساء، فنتوقع مستقبلاً مشرقاً لشباب اليمن على مستوى العالم الإسلامي. هل هذا يعود إلى أن مراكز تحفيظ القرآن الكريم أفضل من بقية دول العالم الإسلامي؟ لا شك أن تعليم القرآن الكريم في الأمة الإسلامية يسير بتوجه واحد، لأن القرآن الكريم في نفوس المسلمين فطرة ولأن القرآن الكريم بالنسبة للمسلمين هو الدستور، فالكل تقريباً وبكل البلدان الإسلامية يولي اهتماما بالقرآن الكريم، لكن الذي نراه أن هناك تميزاً فعلياً للقارئ اليمني، من حيث جودة الصوت وجودة التجويد والحرص على تعليم القرآن الكريم أكثر من غيره ، وهذا ليس بغريب فهم أحفاد الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري الذي قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أوتي مزمار من مزامير آل داوود” والرسول صلى الله عليه وسلم وصف أهل اليمن بأنهم أهل الإيمان والحكمة، وأنهم ألين قلوباً وأرق أفئدة والقرآن الكريم مرتبط بلين القلب، وهذا الذي جعلهم أقرب إلى القرآن الكريم، وأكثر عملاًُ به، وما نلاحظه أن قراء اليمن أكثر تميزاً من غيرهم. الصحابة رضوان الله عليهم لم يكن الكثير منهم يحفظ كتاب الله، لكن كان للقرآن أثر على أرض الواقع، بينما في واقعنا نجد الكثير من الحفظة لكن ليس لهم تأثير عملي، كيف تفسرون ذلك؟ نفسر هذا أن القرآن الكريم في زمن الصحابة كان ينزل، وما كان ميسراً لهم أن يحفظوه كاملاً، إضافة إلى انشغال الصحابة في تلك الفترة بالجهاد في سبيل الله وانتشارهم في الأقطار، وهذا من أسباب عدم حفظ أغلب الصحابة للقرآن الكريم، لكن بعد أن استقر أمر الإسلام وبدأ الصحابة يستقرون في المدن الإسلامية في الحجاز والعراق والشام تخرج الكثير من الحفظة حتى أن الخليفة عمر بن الخطاب كان يرسل إلى الأمصار أن يسجلوا له من يحفظ القرآن الكريم، كذلك عمر بن عبد العزيز كان يخصص المخصصات المالية لحفاظ القرآن الكريم، وقد بلغوا أعداداً كبيرة وسارت الأمة على هذا المنوال، لكن وبلا شك لا يكفي الحفظ المجرد عن الفهم والعمل، فلا بد مع الحفظ من الفهم والعمل، وهذا هو الحاصل الآن في كثير من الحلقات النموذجية التي تشرف عليها الهيئة العالمية أو الجمعيات العاملة في مجال تحفيظ القرآن. ما هي الأساليب التي تتبعونها في سبيل إيجاد الحافظ المؤثر الذي يجمع ما بين الحفظ والفهم والعمل؟ أولا: إيجاد المعلم المؤثر، صاحب الرسالة وهذا المعلم هو الذي سوف يخرج لنا الحافظ المؤثر، وسوف يطبعهم بطابع الأخلاق وطابع الاحترام، وعدم الغلو وعدم التكفير، فالمعلم هو الأساس في إيجاد الحافظ المؤثر. نود أن تعطونا فكرة عن الهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم وعلاقتها بالجمعيات العاملة في اليمن؟ هي هيئة عالمية تابعة لرابطة العالم الإسلامي التي تأسست قبل أكثر من 40سنة، وجميع الدول الإسلامية أعضاء فيها بما فيها اليمن، وتحظى بدعم ولاة الأمر في العالم الإسلامي وثقة الشعوب الإسلامية نظراً لوجود العلماء المقبولين في العالم الإسلامي فيها، وهذه الهيئة منبثقة عن هذه الرابطة وهي الهيئة الأولى المتخصصة لتعليم القرآن الكريم. واليمن تشارك في عضوية هذه الهيئة، والهيئة تدعم وتقدم الخدمات لكل من يطلب من جمعيات القرآن الكريم في اليمن، ولنا تعاون مع جمعيات القرآن الكريم هنا في تعز وفي صنعاء وفي المكلا وسيئون وقد شاركنا في تخريج أعداد كبيرة من حفاظ كتاب الله تعالى وأعداد من المجازين بالسند إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ومن الجامعين للقراءات العشر وشاركنا في كثير من المعارض مثل معارض الكتاب والمعارض الخيرية وفي الدورات والمسابقات ونحن اليوم نشارك في هذه الفعالية التي تقيمها جمعية معاذ العلمية في مدينة تعز الغراء المباركة التي تعج بحفاظ كتاب الله وتعج بالخير، نسأل الله أن ينفع بهم أمتهم ووطنهم والإسلام والمسلمين.