برعاية من الشيخ راجح باكريت .. مهرجان حات السنوي للمحالبة ينطلق في نسخته السادسة    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الان: عدوان امريكي صهيوني على الحديدة وانباء عن ضحايا    الافراج عن موظفة في المعهد الديمقراطي الأمريكي    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    تواصل اللقاءات القبلية لإعلان النفير العام لمواجهة العدوان الامريكي    سوريا .. انفجار الوضع في السويداء بعد دخول اتفاق تهدئة حيز التنفيذ    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    الخليفي والمنتصر يباركان للفريق الكروي الأول تحقيق كأس 4 مايو    «كاك بنك» يكرم الموظفين المثاليين للعام 2024/2025    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    مؤسستي الكهرباء والمياه بذمار تحييان الذكرى السنوية للصرخة    إلى رئيس الوزراء الجديد    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    القسام توقع قوة صهيونية بين قتيل وجريح بكمين مركب في خانيونس    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    ورطة إسرائيل.. "أرو" و"ثاد" فشلا في اعتراض صاروخ الحوثيين    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    تدمير المؤسسة العسكرية الجنوبية مفتاح عودة صنعاء لحكم الجنوب    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    مرض الفشل الكلوي (3)    العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مزارع البصل.. الأطفال يقضون أوقاتاً طويلة
يبذلون جهوداً مضاعفة في عملية الغرس وتستغل براءتهم بأجر زهيد
نشر في الجمهورية يوم 26 - 10 - 2009

عمل زراعي تعلق بالأطفال وانحصر عليهم وحدهم دونا عن الكبار ويعد من أكثر أشكال عمالة الأطفال انتشارا في ظاهرة عمل موسمية.
تتكرر دوريا وتعرف بموسم ((غراس البصل)) تنتشر خلاله جموع الأطفال العاملة لتغطي معظم الأراضي الزراعية في مختلف المديريات الزراعية التي اشتهرت بزراعتها و إنتاجيتها الكبيرة لذلك المحصول والذي لايقوم بتغريسه إلا الأطفال في عموم تلك الأراضي على كثرتها واتساع مساحتها سواء كانت في وادي موزع أو عدد من المديريات المجاورة كالمخا, وذباب.
عمل اعرض عنه الكبار وأداروا له ظهورهم في الوقت الذي لوى فيه الأطفال ظهورهم منهمكين في عمل دءوب, فنراهم في الأحواض والأحوال الزراعية يغذون الخطى بعد كل غرسة أو غرسات تغرسها أطرافهم في التربة على التوالي, وفي خطوط مستقيمة, وسواعدهم لا تنفك تخيط الأرض بالغرسات مواصلة عملها ذهابا وإيابا,وهم حانون ظهورهم بصبر كبير وطوال مدة التغريس يقضيها الأطفال في عمل مكثف صباحا ومساء يبذلون خلالها جهودا كبيرة ويعملون لساعات طويلة ,ذلك على الرغم من الأجور الزهيدة التي يحصلون عليها من أصحاب المزارع التي لا تتواءم والجهد الذي بذلوه, أو مساحات العمل التي قاموا بها أو الساعات التي قضوها في العمل.
أفنى الأطفال أوقاتهم في عمل صرف الكبار أنظارهم عنه لأسباب سنوضحها في سياق الموضوع, وقام به الأطفال مع ما يتطلبه من مشقه طوال فتره الانحناء ومع ما يواجهونه من صعوبات, خاصة من يرتحل منهم لذلك العمل إلى مناطق عدة إضافة إلى ما ينجم عن ذلك العمل من انعكاسات سلبية على صحة ومستقبل الأطفال العاملين.
الغرس والغراس
لمحصول البصل مراحل عدة خاصة, تبدأ بمرحله البذر أو ما يسمى محليا بالسفاحة -بكسر السين- وهي التي يتم فيها وضع بذوره في أحواض زراعية صغيرة ويستمر تعاهدها إلى أن تنمو مكونة جذورا صغيرة يسمى مجموعها ((بالغرس))وتستمر فترة نماء الغرس قرابة الشهرين, ثم يقلع الغرس من الأحواض ويتم تغرسيه أو غراسه في مجموعة أحواض زراعية أخرى هيئت لغرسه فيها, وهو ما يطلق عليه ((بالغراس))… ويستمر عمل الغراس إجمالا في مختلف الأراضي مدة تتراوح مابين الشهرين إلى الثلاثة أشهر.. وتستمر تلك الغرسات في الأراضي التي غرست فيها قرابة الأربعة أشهر يتم خلالها السقي الدوري والتنظيف وصولا إلى جني المحصول…
تعلق الغراس بالمغرسين
ارتبط عمل التغريس أو ((غراس البصل)) بالأطفال وتوقف عليهم وحدهم دون الكبار.
ولشدة ارتباطه بهم نسبوا إليه فيطلق على الأطفال العاملين بتغريس البصل ب((المغرسين)) وصار معلوما لدى الجميع في المديريات المنتجة لمحصول البصل بأن الغراس هو عمل الأطفال وأن ((المغرسين)) هم الأطفال والذي لا يقوم الغراس إلا بهم.. فغراس البصل هو عمل الأطفال الخالص والذي يعد من أكثر أشكال عماله الأطفال انتشارا في المديريات الزارعة لمحصول البصل كمديرية موزع ذات الوادي المشهور والمعروف بوادي موزع أو عدد من مزارع المديريات المجاورة كمديريتي المخا , وذباب... وذلك لكثره أعداد الأطفال العاملين بالتغريس وكثرة وسعة الأراضي التي يقومون بالتغريس فيها , والتي تنتشر في مختلف مزارع تلك المديريات المشهورة بزراعتها وإنتاجيتها الكبيرة لذلك المحصول.. والذي إن نظرنا إلى بدايات زراعته لوجدنا أن من قام بغرسه ابتداء في عموم تلك الأراضي على كثرتها واتساعها هم الأطفال وحدهم دونا عن الكبار'''
الرحلة المقيدة
وتتصل بعمل الأطفال بالتغريس ظاهرة سفر الأطفال المغرسين فالأطفال العاملون بالتغريس من مديرية موزع يقومون بهذا العمل في مزارع مديريتهم إضافة إلى مزارع أخرى من المديريات المجاورة كمزارع في الخوخة ,أو الرمة في مديرية المخا أو عدد من مزارع الساحل في مديرية ذباب فيسافرون إلى تلك المناطق في الغالب مع أصحاب تلك المزارع ويمكثون بها أسابيع أو أشهراً وذلك حسب المدة التي يستغرقها تغريسهم لتلك المزرعة أو المزارع التي حددت لهم للعمل فيها.
أياما وليالي أو أسابيع مدة يقضيها الأطفال المغرسون المسافرون بعيدا عن أسرهم ومساكنهم وقراهم.
إنها ((غربة عمل الأطفال)) فليست رحلة لهم أو نزهة للاستجمام, أو الاستفادة البدنية, أو التنمية الذهنية ولكنها رحلة قيدت بالعمل مع ما قد ينجم عنها من إفرازات وانعكاسات تعود سلبا على صحة ومستقبل الطفل وعلى نفسيته وسلوكياته.. وذلك على الرغم من كونهم في عمرهم أحوج ما يكون فيه إلى الرعاية والاهتمام والكاملين , وإلى الدفء والحنان , وإلى التمتع بطفولتهم , وممارسة هواياتهم , وتلبية احتياجاتهم, والتنمية السليمة لقدراتهم ومدركاتهم.. وغير ذلك من اللوازم الأساسية التي من شأنها أن تراعي مصالح الأطفال وتهتم بنشأتهم النشأة السوية...
إيضاحات الأطفال
التقيت بعدد من الأطفال العاملين بتغريس البصل في مديرية موزع والذين تتراوح أعمارهم بين (8 - 14) عاماً، وسألتهم عن الأسباب التي تدفعهم إلى العمل ، وعدد الساعات التي يقضونها في العمل ، ومقدار الأجر الذي يحصلون عليه، وكذلك عن الصعوبات التي يواجهونها في عملهم وكانت إيضاحاتهم كالتالي:
أسباب العمل
فلخصت إجابات الأطفال المغرسين الذين التقيت بهم حول أسباب العمل في الآتي:
الظروف المعيشية الصعبة
مساعدة الأب من أجل توفير متطلبات الدراسة
وأحد الأطفال ذكر انه مضطر للعمل حيث يساعد أخاه في إعالة الأسرة لكون أبيه معاقاً وكبيراً في السن فهو عاجز عن العمل..
ومجمل الأسباب التي ذكرها الأطفال تدور حول ((الظروف المعيشية الصعبة للأطفال العاملين)) ومن الملاحظ أيضا أن هناك عوامل أخرى ((بيئية ومجتمعية)) ساعدت على اتساع صورة ذلك العمل بين الأطفال والتي منها:-
- تواجد الأطفال في بيئات زراعية وفي مناطق ذات أودية زراعية, ويتركز غالبية نشاط سكانها على النشاط الزراعي سواء كانوا أصحاب مزارع أو مزارعين ((مشتركين)) أو عاملين عاديين..
- العادة المجتمعية والمتمثلة في كون ذلك العمل جرت عليه العادة منذ سنوات بعيدة , وتثبتت في ذهنية الأطفال وفي ذهن المجتمعات الذين أودعوا ذلك العمل للأطفال..
- ازدياد الطلب على الأطفال من أصحاب المزارع أيام الغراس والبحث عنهم ليعملوا بالتغريس في مزارعهم.
- غياب التوجيه الملائم للأطفال خاصة من أولياء الأمور ,إضافة إلى قلة الوعي لدى كثير منهم بأحقية التعليم للأطفال وبما يترتب عليه عمل الأطفال من انعكاسات سلبية تضر بمصلحة ومستقبل الأطفال...
ساعات العمل
كما أوضح الأطفال العاملون بالتغريس بأن ساعات عملهم تتراوح بين (6 8 ) ساعات, مقسمة على فترتين صباحية و مسائية..
أي إنهم يعملون اليوم كاملا , وأكثر الأطفال يعملون في فترتي اليوم وعدد قليل منهم من يعمل لفترة واحدة مربوطة بأيام الدراسة
الأجور
وعن مقدار الأجر الذي يحصلون عليه, تلخصت إجابات من التقيت بهم من الأطفال (المغرسين) بأنه يتراوح مابين (600 800)ريال وفصل بعضهم بأن(600ريال) للعاملين في مزارع مديرية موزع (300ريال)للفترة الصباحية ومثلها للفترة المسائية و(800ريال) إيجار اليوم كاملا بالنسبة للعاملين بالتغريس في مزارع خارج المديرية كمزارع الساحل تحديدا... ولاشك إن كلا الإيجارين زهيد جدا لا يتوافق وحجم العمل الذي يقومون به ولا مدته ولا الجهد الذي يبذلونه, إلا لأنهم أطفال يقتنعون باليسير أو ((بالحاصل)) كما سيتضح لنا بعد نهاية إيضاحات الأطفال...
الصعوبات
هناك صعوبات يواجهها الأطفال العاملون بالتغريس والذين تشد بهم الرحال إلى مناطق عمل متفرقة...
الطفل (م ح ش ) من مديرية موزع يبلغ من العمر 14 عاما , وطالب في الصف السابع ومن أحد الأطفال الذين يسافرون للعمل في التغريس إلى مزارع عديدة خارج المديرية تحدث عن الصعوبات التي يواجهها فقال:-
ننام في العراء وعلى الأرض بدون فراشات أو أغطية ونتعرض للبرد
كما أضاف قائلا:( والمكان الذي نعمل فيه ((خبت )) وفي المساء يكون شديد الظلمة فلا توجد أنوار أو إضاءات فنشعر بالخوف من وحشة المكان فإذا ما أحسست بالرغبة في قضاء الحاجة أذهب وأنا أرتعد خوفا.
تلك معاناة عبر عنها الطفل واصفا الوضع الذي يكون عليه هو وغيره من الأطفال العاملين في مناطق بعيدة عن قراهم,, فيقيمون في بيئة موحشة,شديدة الظلمة , يعتريهم الخوف منها , ويفقدون الشعور بالأمان, فهم على الأقل أطفال لم يعتادوا على ذلك.
كما أنهم ينامون على الأرض دونما فراشات أو أغطية , فبعض ممن يذهبون معهم للعمل في مناطقهم لا يوفرون لهم هذه المتطلبات.. فالأطفال بحاجة إلى بيئة آمنة و صحية تتوفر لهم فيها الحماية والأمان و الراحة و الاطمئنان..
وبحاجة إلى أن تتوفر لهم الإمكانيات والاحتياجات اللازمة التي تقيهم المخاطر الصحية , والأضرار الجسدية والنفسية..
ولاشك أن وجود الأطفال مع أسرهم وبين ظهراني أهليهم أدعى إلى تحقيق ذلك من راحة الطفل وتأمينه وشعوره بالأنس .....وغيرها من الأمور التي تحقق مصلحة الطفل والتي هي أفضل من أي عمل أصحاب المزارع والمزارعون.
اتسم ((تغريس البصل)) بكونه عمل الأطفال المطلق كما أوضحنا.
ولكن لماذا الأطفال؟ ولماذا لا يعمل فيه الكبار؟؟
سؤال طرحناه على أصحاب المزارع والعاملين بالزراعة عموما من الكبار وكانت إجاباتهم كالتالي:-
عبد الله حيدر علي :- من أصحاب المزارع بمديرية موزع قال:- ((عمل الغراس يتطلب انحناء الظهر لفترات طويلة من أجل تثبيت الغرسات والأطفال أقدر على ذلك من الكبار لقصر قاماتهم وليونة أجسامهم أما الكبار فلا يستطيعون القيام بذلك العمل لطول قاماتهم وقساوة أجسامهم..
الأجر الزهيد
أما المزارع أحمد حمدو فذكر نفس التعليل السابق ويضيف سببا آخر يتعلق بالأجر حيث يقول : أجر عمل التغريس زهيد والكبار لا يرضون به, بينما يقتنع الأطفال بذلك الأجر الزهيد .
وهذان السببان تكرر ذكرهما ولم تخرج عنهما بقية من سألتهم من أصحاب المزارع والمزارعين (العاملون بالزراعة من الكبار) فالكثيرون منهم يعزون الأمر إلى ليونة أجسام الأطفال وهم بذلك ينظرون إلى صورة العمل وما يتطلبه من نشاط إذ إن التغريس والذي يعني تثبيت غرسات البصل باليد في الأحواض الزراعية يتطلب انحناء الظهر من أجل وضع وتثبيت تلك الغرسات في تربة المزارع, ويرون بأن الأطفال لمرونة أعضاء أجسامهم أقدر على تنفيذ ذلك العمل وما يتطلبه؟
ويعزون سبب عدم عمل الكبار فيه إلى قساوة أعضاء أجسامهم وعدم استطاعتهم تحمل ما يتطلبه عمل التغريس من طول فترة انحناء الظهر..
ثانيا::- بينما البعض الآخر وان كان نسبته اقل مما هو عليه في السبب الأول) يرون أن السبب في عدم عمل الكبار بالتغريس هو الأجر الزهيد ولذلك عدلوا عن ذلك العمل , فالكبار لا يناسبهم ذلك الأجر ولا يقبلون بالعمل طوال اليوم مقابل أجر زهيد , بينما قبل به الأطفال لأنهم يرضون بالحاصل ويقتنعون بالقليل..
أولياء الأمور
ولكن ما هو دور أولياء الأمور من عمل الأطفال ((المغرسين))؟؟
سؤال طرحناه على بعض أولياء الأمور وكانت إجاباتهم كالتالي :-
محمد شويطر ولي أمر وله أبناء عاملون بالتغريس يقول: بعض الأطفال يعملون بدون علم أهاليهم
والبعض الآخر يعملون برضى أهليهم لحاجتهم إلى المال وعدم استطاعتهم توفير احتياجات الطفل
فيتركونه يجمع لنفسه ما يغطي بعض متطلباته ومتطلبات دراسته.
وهناك قلة وعي لدى بعض أولياء الأمور إذ ليس لديهم اهتمام بالتعليم ولا بتعليم الطفل فالمهم عندهم ما يجمع من المال...
يساعدونهم بالمصروف
أحمد حمدو يقول: أطفالنا يعملون في المزارع الخاصة بنا وفي أوقات محدودة أو في أيام العطل ...
وعن بقية الأطفال العاملين يقول:: بعضهم يغرسون في كل وقت ويتغيبون عن مدارسهم وأهلوهم راضون لأنهم يساعدونهم في المصاريف..
غياب التوجيه
عبد الله حيدر يقول: عندما يتزامن الغراس مع أيام الدراسة ,بعض الأطفال يعملون في المساء, وفي الصباح يدرسون...
وعن البعض الآخر يضيف بقوله: ولكن بعض الآباء لا يهتمون بأبنائهم فلا يعيرون اهتماماً بتعليمهم ولا يوجهونهم ويتركونهم ويعملون في كل وقت..
فغياب التوجيه الملائم للطفل وعدم مراعاة مصلحة الطفل ومستقبله المتمثل في الاهتمام بتعليمه وتوفير الاحتياجات الأساسية له ومع كل ما يتعارض مع حقه في التعليم.
كلها أمور أسهمت في انتشار تلك الظاهرة بين صفوف كل الأطفال وإن كانت على حساب تعليمهم أو مستوى تحصيلهم..
المغرسون والتعليم
ولتنجلي لنا الرؤية حول ذلك العمل على تعليم الأطفال خاصة..
قابلت عدداً من المعلمين ومدراء المدارس في مديرية موزع
وسألتهم عن الوضع التعليمي للأطفال ((المغرسين)) من حيث الانتظام ، ومستوى التحصيل،
فتلخصت إجاباتهم فيما يلي:
1 - عدم انتظام الطلبة((المغرسين)) في مدارسهم خاصة إذا تزامن التغريس مع أيام الدراسة
2 - أدى إلى ضعف تحصيلهم الدراسي بسبب غيابهم وفوات الكثير من الدروس عليهم.
3 - الانقطاع المتواصل للبعض ثم التسرب...
وختاما
إذا فذلكم هو ((التغريس)) والذي يقوم به أعداد كبيرة من الأطفال ((المغرسين))
إنه عمل منوط بالأطفال, يهرب منه الكبار إما لعدم تحمل مشقته, أو ما يتطلبه من طول وقت انحناء كما أوضح البعض أو لزهادة أجره وكلا الأمرين جعلا الكبار يصرفون نظرهم عنه ويدعونه للأطفال الصغار ليقوموا به رغم كثرة الأراضي الزراعية التي تزرع محصول البصل وتنتظر الأطفال ليغرسوه فيها.
فكل صاحب مزرعة مهتم بأن ينجز له الأطفال التغريس في زمن قياسي على الرغم من قلة الأجر الذي يتقاضونه والذي إن قسناه بحجم ما يقومون به وبالجهد الذي يبذلونه وبالمدة التي يقضونها فيه لوجدناه ضئيلا جدا
وليس أدل على ذلك من أن الكبار أنفسهم يرفضون ذلك الأجر.. ولا يرضون بأن يحنوا ظهورهم أوقاتاً طويلة مقابل أجر زهيد….. ولكن لماذا؟؟ إلا لأنهم أطفال؟؟
أضنى الأطفال أوقاتهم بالعمل وتحمل المشاق في عادة عمل تتكرر دوريا في كل موسم للغراس.
ومن العجيب أنها أصبحت عادة ارتبطت بعمل الأطفال مع ما ينجم عنها من مساوئ وآثار سلبية, وإفرازات تنعكس سلبا على صحة ومستقبل الطفل..
الانعكاسات
تحمل العناء والمشقة والتعرض للمخاطر والمخاوف.
فالذين يسافرون منهم للعمل ويمضون أياما وليالي وأسابيع ,أو شهراً, بعيدين عن نظر أهليهم وهم في أعمار صغيرة, لم يستعدوا بعد لتحمل تبعات العمل والسفر.
وكما أوضح لنا أحد الأطفال في سياق الاستطلاع من كونهم ينزلون في أماكن مقفرة, ويقيمون في خيام و(عشش) وينامون على الأرض دونما فرش أو أغطية فيتعرضون للبرد ويشعرون بالخوف من وحشة المكان وظلمته فلا تتوفر لهم الاحتياجات الأساسية لإقامتهم ومنامهم , أو تأمينهم النفسي…
وهم أطفال بحاجه إلى أن يكونوا بين ظهراني أهليهم , وتحت رعايتهم, ويسهرون على راحتهم , يهتمون بتغذيتهم ونظافتهم, وتوجيه سلوكياتهم , وبحاجة إلى أن يكونوا في أجواء تتوفر لهم فيها الأمان, والطمأنينة والدفء والحنان..
للطفل الحق في التعليم: وذلك العمل يؤدي إلى تعثر تعليمه حيث يتسبب إما في غيابه وعدم انتظامه في دراسته , مما يؤثر على مستوى تحصيله الدراسي فيضعف مستواه عن أقرانه
وإما في انقطاع متواصل عن الدراسة ثم تسرب عن التعليم نهائيا,
والواجب أن يهتم أولياء الأمور بتعليم أبنائهم وتوجيههم ومتابعتهم ومساعدتهم وأن يكونوا خير معين لهم على ذلك.
وعدم إشغالهم بأية أعمال تحول دون تعليمهم وأن يتواصلوا مع مدارسهم للسؤال عن مستويات تحصيلهم.. وإتاحة الفرصة الكاملة لهم للتعليم , ومنع كل ما يتسبب في تحطيم مستقبلهم.. فمستقبل الأطفال في التعليم والذي به يبنون مستقبلهم الواعد….


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.