في مديرية جبل حبشي التي تعد من المديريات شبه النائية وتسودها تقاليد وأعراف اجتماعية محافظة تبرز فيها التمييز والتسلط الذكوري، لم يكن من السهل أن تتولى فيها المرأة إدارة موظفين معظمهم من الرجال، بل ولم يكن من المتاح فيها أمام المرأة أن تتقلد منصباً إدارياً على مستوى إدارة مكتب تنفيذي.لكن وفي ظل التوجهات السياسية الحكيمة التي تشجع المرأة على نيل حقوقها الوظيفية وتتيح أمامها الفرص للترقي الوظيفي والتعيين وفق معايير الكفاءة دون تمييز، فقد تم ولأول مرة في تاريخ المديرية تعيين امرأة على رأس مكتب تنفيذي هام.. ورغم اعتراض البعض على تعيينها كامرأة ومحاولة عرقلة إدارتها، إلا أن الأخت هدية علي ناجي سليمان مدير مكتب الصحة العامة والسكان بجبل حبشي تجاوزت تلك العراقيل وأظهرت كفاءتها في إدارة الشئون الصحية وفي هذا اللقاء تحدثنا الأخت هدية عن العوامل التي ساعدتها في إنجاح وتسيير أعمال المكتب بثقة، ومساعيها وجهودها المبذولة في سبيل تطوير وتحسين الخدمات الصحية بجبل حبشي..فإلى مجريات اللقاء. تنامي الوعي بداية نرحب بك في صحيفة الجمهورية.؟ أهلاً وسهلاً ومرحباً..وشكراً لصحيفة الجمهورية التي تأتي دائماً في طليعة الصحف الوطنية المبادرة إلى الاهتمام بالشئون التنموية وتسليط الأضواء على كل ما يستجد وما تتطلبه عملية بناء الوطن وتنميته وتطويره. سأبدأ معك من حيث كونك أول امرأة تتولى منصباً تنفيذياً في مديرية تسودها العادات والتقاليد المحافظة التي تحرم على المرأة تولي منصب كهذا بل ربما لا تقبل أن تتولى المرأة حتى إدارة بسيطة كإدارة مدرسية...كيف وجدت نفسك في هذاالمنصب..وهل تجدين أي معارضة اجتماعية أو معارضة أخرى لتقلدك إدارة مكتب الصحة على مستوى المديرية؟ قبل أن أجيب عن سؤالك بشقيه الأول والثاني..أحب أن أنوه إلى أنه مع وجود العادات والتقاليد المحافظة في مديرية جبل حبشي..إلا أن هناك وعياً اجتماعياً وثقافياً بدأ يتنامى ويكبر في المنطقة حول المرأة وحقوقها وعملها، وبدأ الناس يؤمنون بضرورة وأهمية مشاركة المرأة في كافة مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والتعليمية والتنموية والصحية..بل أصبح الناس يتنافسون على تشجيع بناتهم على التعليم والاستمرار فيه والمشاركة الفعالة..بعكس ما كان عليه الحال في الماضي وربما الماضي القريب.. وأصبحت الآن بنات المديرية في الجامعات والكثير منهن حصلن على مؤهلات جامعية ممتازة. أما بشأن كيف وجدت نفسي هنا مع وجود العادات والتقاليد المحافظة والمعيقة أحياناً لعمل وطموح المرأة..فإنني أؤكد أن للدعم الكبير والاهتمام البالغ الذي يوليه الأخ محافظ محافظة تعز رئيس المجلس المحلي الاستاذ حمود خالد الصوفي للمرأة ودأبه على تشجيع القطاع النسائي على المشاركة الفعالة في التنمية وإتاحة الفرص أمامنا لتولي الإدارات والمناصب المناسبة ترجمة للتوجهات الديمقراطية والأسس الوطنية التي أرساها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح...فقد كان لكل ذلك الفضل الكبير بعد الله في إتاحة الفرصة أمامي لهذا العمل وتشجيعي وتذليل كل الصعوبات والمعوقات أمامي لأقوم بهذا العمل بكل اقتدار. وبخصوص ماذكرته حول ما إذا كان يوجد هناك معارضة اجتماعية أو معارضة من نوع آخر لتوليتي هذا العمل...فأقول بكل امتنان أنه لا توجد أي معارضة اجتماعية بل على العكس فقد وجدت تشجيعاً حفزني وملأ كياني بالثقة والرغبة في النجاح في هذا العمل...وقد سبق ذلك أن الناس منحوني أيضاً الثقة في تمثيلهم في المجلس المحلي للمديرية...لا توجد أي إشكالات في هذا الجانب..أما بخصوص وجود معارضات أخرى لا شك أن المعارضة توجد في كل مجال..فهناك أصحاب مصالح شخصية وضيقة تضرروا من وجودي ومن حزمة الاجراءات التي اتخذتها لتصحيح مسار العمل وإيلاء العمل أولوية علىكل الاعتبارات ، وفرض النظام والالتزام الوظيفي،وإيصال الخدمات الصحية لمستحقيها الفعليين..لاشك أن هناك أناساً تضرروا من ذلك وعبروا عن معارضتهم لي ورفضهم لما جئت به. إجراءات هل أثر ذلك على سير العمل في تقديم الخدمات الصحية في المديرية أو على عملك وأدائك.؟. وماهي الاجراءات التي اتخذتيها بشأن ذلك؟ حقيقة أن المعارضين لوجودي على رأس مكتب الصحة بالمديرية هم قلة ضئيلة جداً، وهم كما قلت ممن فقدوا مصالحهم الشخصية وبعضهم يرى نفسه أكبر من أن يعمل تحت إدارة امرأة..وحاولوا افتعال بعض المشاكل والضجيج لكن معارضتهم لم تعق العمل بل جرى فرض النظام والالتزام رغم معارضتهم وجرى تحسين تقديم الخدمات الصحية في كافة المرافق وتطويرها على أفضل وجه وتفعيل أداء الوحدات والمراكز الصحية رغم تمردهم على الالتزام بالعمل وبخصوص الاجراءات المتخذة تجاه ذلك فهي تأتي في إطار الاجراءات المقررة حسب القانون والنظم المعمول بها..فبعضهم احيلوا للشئون القانونية والجهات الرقابية لمحاسبتهم عن المخالفات التي ارتكبوها ويحاولون الاستمرار في ارتكابها، وبعضهم ممن هم مرسلون من مكاتب أخرى تم الاستغناء عن خدماتهم وإعادتهم إلى جهات عملهم الأولى. اختلالات ذكرت أنك اتخذت حزمة من الاجراءات لتصحيح مسار العمل ورفع مستوى الخدمات الصحية..فهل كان العمل يسير على خلاف النظام؟ كان هناك إهمال وتقصير في كثير من جوانب العمل في مكتب الصحة وفي المرافق الصحية بالمديرية الأمر الذي أدى إلى تدني مستوى الخدمات الصحية بل وتدهورها في مرافق كثيرة..ومن تلك الاختلالات التي لمستها عند قدومي لتولي إدارة الصحة، التغيب الوظيفي للموظفين والعاملين الصحيين في المرافق والوحدات الصحية..ووصل الأمر إلى وجود وحدات صحية مغلقة تماماً ومسئولوها لايحضرون إلا لاستلام الرواتب...كذلك تدني مستوى الخدمات الصحية في كثير من المرافق وتدني شظمستوى التحصين المستمر..ومستوى خدمات الصحة الانجابية وعدم توزيع بعض الأدوية المجانية بشكل كامل والقيام بصرفها في كثير من المرافق بمبالغ تجارية رغم أنها تصرف بشكل مجاني أو بسعر رمزي..وكذا وجود منشآت صحية خاصة مخالفة أو تعمل بدون تراخيص وبدون إشراف أو علم مكتب الصحة. ماهي الاجراءات المتخذة لتصحيح تلك الاختلالات؟ طبعاً مع مباشرتي للعمل كمديرة لمكتب الصحة كان من اللازم أن آخذ وقتاً كافياً لمراجعة ومعرفة مايدور في العمل..وأول ما صدمت به هو نسبة التغيب الكبيرة بين الموظفين ليس في المكتب وحده بل في المرافق والوحدات الصحية.. وكانت أول خطوة هو التشديد على الانضباط الوظيفي والالتزام بالدوام. وتم عقد اجتماع مع مديري المرافق الصحية لمناقشة ومعالجة أسباب تدني الخدمات في بعض المرافق..ومن تلك الأسباب التغيب أو عدم الالتزام بالدوام الكامل أو التسرب الوظيفي من بعض المرافق كما تم مناقشة تدني مستوى خدمات التحصين والرعاية وكذلك بعض الاختلالات الوظيفية في بعض المرافق.. وخلال الفترة الماضية تم العمل على رفع مستوى التحصين ومعالجة أسباب تدنيه في بعض المرافق سواء التحصين الاعتيادي الذي يقدم باستمرار أو الحملات التحصينية المرتبطة بالحملات المركزية...والحمدلله حققنا تقدماً ممتازاً على المستويين..فعلى سبيل المثال كانت نسبة الإنجاز في الحملات التحصينية لا تتعدى «57%» في أحسن الأحوال...ولكن استطعنا أن نحقق في الحملة الأخيرة ما نسبته «79%» بالنسبة لشلل الأطفال التي تم خلالها تحصين «661.32» طفلاً، ونسبة «89%» بالنسبة للحصبة التي تم خلالها تحصين «6602» طفلاً. إجراءات عقابية ٭ بالنسبة للتغيب والتسرب الوظيفي ماذا تم بشأنه..؟ نفذنا سلسلة من الاجراءات العقابية ضد الموظفين المخالفين وغير الملتزمين بالدوام بقطع انذارات لهم، وتنفيذ خصومات جزائية عقابية، وإعادة توزيع بالتنسيق مع مكتب الخدمة المدنية. بطبيعة الحال الاختلالات التي كانت قائمة هي بالأساس مجزأة مشكلة هنا ومشكلة هناك يعني كل مرفق كان لديه مشكلة أو مشكلات ويعاني من اختلالات...ومن ثم فقد كان لزاماً علينا النزول الميداني..ونفذنا زيارات ميدانية إلى كل المرافق الصحية بالمديرية ولازالت هذه الزيارات تتكرر لمتابعة مستوى الأداء وتفعيل الدور الاشرافي والرقابي ومناقشة ومعالجة أي اختلالات.. وفي كل مرفق كنا نجد مشكلة أو أكثر.. ويتم معالجتها كل على حدة واسفر ذلك عن معالجة حزمة من المشكلات وأسهم في زيادة وتوسيع نشاط خدمات الصحة الانجابية وايصالها إلى المرافق والمناطق التي لم تكن تشملها كما عززت هذه الزيارات مستوى الالتزام الوظيفي وخلقت روح التواصل بين المكتب والمرافق. بنية تحتية نحب تعطينا نبذة مختصرة عن البنية التحتية للخدمات الصحية في المديرية وهل تعد كافية لتغطية الاحتياجات..؟ يوجد في المديرية «32» مرفقاً صحياً منها «3»مراكز صحية و«02» وحدة صحية يعمل في جميعها «101» موظف مابين أطباء ومساعدون أطباء وصحيون وممرضون.. وطبعاً هذه المرافق لا تكفي لتغطية احتياجات مناطق المديرية عن الخدمات الصحية الأولية.. ولذا فقد ركزت اهتمامي على توسيع وإدراج مزيد من المرافق لتلبي متطلبات التجمعات السكانية.. والحمدلله خلال الفترة الماضية تم العمل على إدراج وإنجاز «3» وحدات صحية هي من بين ماذكر سالفاً.. ماهي أهم الخدمات التي تقدمها هذه المرافق؟ طبعاً هي خدمات الاسعافات الأولية، وخدمات رعاية الأم الحامل ،وخدمات التحصين، وخدمات تنظيم الأسرة...وتقديم اللقاحات والتطعيمات.. وقد تم خلال النصف الأول من هذا العام تم تقديم خدمات صحية لما يقارب من «003» أم حامل وتم تقديم خدمات تنظيم الأسرة لحوالي«0531» زوجة .وتم تطعيم «9812» امرأة ضد الكزاز فيما تم تطعيم آلاف الأطفال وإعطاؤهم التطعيمات الأولية. أما المستفيدون من خدمات الاسعافات الأولية وخدمات العلاج في النصف الأول حسب الزيارات المسجلة فقد بلغوا «7986» حالة تم معالجة «5566» حالة وإحالة أكثر من «002» حالة. ضنك وملاريا اجتاحت في الفترة الأخيرة تعز حمى الضنك...فهل تأثرت المديرية بهذا الوباء؟ الضنك غير موجود على الاطلاق في المديرية وإذا وجدت بعض الحالات فهي قليلة تكون قد أصيبت في مناطق أخرى كالمدينة وانتقلت باصابتها إلى الريف..ومع ذلك تظل حمى الضنك غير موجودة..ويوجد انتشار بسيط للملاريا في بعض مناطق الملاريا وقد أعد المكتب خطة شاملة للمناطق الموبوءة بطفيل الملاريا والبعوض وتم تقديمها إلى برنامج مكافحة الملاريا في المحافظة وعلى ضوء ذلك تم إرسال مختصين لعمل دراسة لتلك المناطق وتم نزول فريق من المكافحة وتم الرش لبعض المناطق. صعوبات أخيراً ماهي أهم العوائق والصعوبات التي تواجهينها في المكتب..؟ تواجهني عدد من العوائق ومنها عدم استكمال استلام الوثائق والتقارير للأعوام المنصرمة وعدم تسليم مخازن مكتب الصحة من قبل المدير السابق...وعدم التزام بعض المرافق بتنفيذ التوجيهات وعدم احترام بعض الاجراءات المنفذة من قبل بعض المختصين..وعدم وجود مستشفى ريفي بالمديرية وهذا من أكبر العوائق بالنسبة للمواطنين وافتقار بعض المرافق إلى الاعتماد المالي.