الشفق الأحمر يتداخل بين السحب المتراكمة ... الشمس الحانية ترحل تتداخل هي أيضاً مع الشفق القادم ظل الشفق الأحمر مكانه تتداخل ألوانه الزاهيه .. راح يتأمل الأفق . السحب حجبت الشمس والشفق الأحمر معا.. أسدل الليل رداءه وهدى ذلك الوهج الرباني ..لم يبق سوى اللون الرمادي يسحب نفسه قليلاً ليتلاشى مع الليل القادم . البرق بدأ يظهر من خلف السحب ورعداً صوته بعييييداً بعيداً ... شوق لم تصل بعد الليل أقبل والنهار شد أمتعته بعيداً ايضا .. فرغ النهار من صحوته واقبل الليل بسكونه .. تأمل الزمن القادم كان فارغاً تماماً .. الفراغ يقتله وجو الليل يأخذ الرهبة. برودة الليل حل على الزمن القادم وريح تهب شمالاً جنوباً تطاير أكياس النايلون من الشوارع تلعب لعبة بهلوانية وتشكل مظله بألوان مختلفة في الهواء الطلق.. الكهرباء القادمة بنورها الخافت تلاشت وأخذ مكانها بالسكوت كلاب ضالة تنهش المارين تحدث أصواتاً مزعجة ...وانسابت مياه المجاري على الشوارع ..خرج البعوض يرقص طرباً في هذا الليل الموحش وشوق لم تصل بعد عسى المانع خيراً .. صوت من بعيد لعله صوت إطفاء حريق .. أوسيارة إسعاف اختلط الحابل بالنابل ... الصوت يقترب .. و دخان كثيف يملأ الحارة .. والشارع خاوٍ تماماً من المارة إلا من ذلك الصوت المزعج ... اقترب الصوت.. ولكن برق ورعد حجب ذلك الصوت هبت الأمطار بغزارة ... الأتربة وأكياس النايلون هبطت كما تهبط طائرات الهيلوكبتر المطار للهبوط الاضطراري ملئت الحارات والأزقة بمخلفات الأمطار . شوق لم تصل .. أصوات أطفال تخترق أذنيه وصوت امرأة تجهش بالبكاء بدات أصوات النسوة تعلو قال في نفسه : إنه بكاء الفرح فالمطر قد حل.. قال آخر : بل بكاء الثكالى قال : إنه صوت شوق. هرول يجري بعد الصوت وسيارة الإسعاف تقف أمام منزلها والبرق حوّل الليل إلى نهار مؤقت... والمطر المرسل غسل المدينة من مستنقع ظل زمناً بعيداً. حملت شوق على سيارة الإسعاف خرج الناس يتأملون ذلك الصوت ظل يجري بين تلك الكتل.... والمطر المتساقط في أزقة المدينة أدخلت شوق إلى غرفة الحجز الصحي .. كانت تنتفض ككوز الذرة المغلي بماء حار.... قال الطبيب : إنها مصابة بحمى الضنك.. نظرا إليها.. كان وجهها القمري يضيء غرفة الإنعاش رقم 15 و التيار الكهربائي المنقطع عن غرفة الحجز. هزت رأسها وأخرجت ضحكة كانت حانية كما هو الشفق الأحمر بألوان الطيف عند الغروب مسح على وجهها كان العرق يتصبب من وجهها كنهر بارد برودته تكاد ان يكون صفراً.....