الضجيج في الخارج وأبواق السيارات تمتزج فيها بينها لتشكل نوعاً آخر من الفوضى الغير مألوفه، في الحارة لاتسمع الداعي من المجيب، يزداد الضجيج في الخارج وسيارة إسعاف يسمع صوت أنينها المميز أرجاء الحارة قلت في نفسي اليوم خميس ولعل فريق كرة القدم الأول في المدينة قد فاز هذا المساء على منافسه من الدرجة الأولى، زاد الضجيج في الخارج قلت في نفسي ولماذا سيارة الإسعاف؟ عسى المانع خير تأملت من النافذة كان الشارع مشحوناً بالناس وامرأة تملأ الشارع ضجيجاً بصوتها الأجش، التراشق بالكلام هو الوسيلة الوحيدة قبل العراك بالأيدي خرجت مسرعاً أتأمل مافي الخارج وصلت على التشابك بالأيدي وامرأة تحمل طفلاً بين يديها، كان الدم يسيل من رأسه كانت تتوسط القوم وشرطي يقف بجانبها يبحث عن الجاني وأبواق السيارات لا تنفك من أصواتها المختلفة، الشارع مغلقاً تماماً وشمس محرقة تشوي الوجوه. رجل: يجب استدعاء الشرطة فوراً. رجل آخر: يجب إسعاف الولد قبل أن يضيع من أيدينا.. الشرطي يبحث عن الجاني نطق الشرطي أخيراً يجب أخذ الجميع إلى الشرطة، أطفال يتباكون في سيارة، تسمع بكاءهم وصراخهم من بعيد. يجب إسعاف الطفل أولاً؟ الأطفال الخارجون من مدارسهم واقفون على ناصية الشارع عاجزون عن الوصول إلى منازلهم نتيجة الزحام الذي سد الشارع. وصل عاقل الحارة أخيراً يحمل معه أمراً من قسم الشرطة بالتحقيق في القضية. رجل: ياعاقل الحارة الأمر بسيط لايحتاج إلى قسم حلوا القضية واسعفوا الولد. سيارة الإسعاف مازالت تجول الشارع، وبصوتها الذي لاينفك وسائقها لايستطيع الوصول إلى الحادث. السماء ملبدةٌ بالغيوم ورياح تهب على المنطقة، يزمجر الرعد، يقفز أحد الإفراد ويلتقط الطفل من بين يدي أمه وراح يجري به إلى سيارة الإسعاف وأمه تتبعه. الناس يتبعون الرجل الذي يحمل الطفل، السماء تمطر والرعد يزمجر تشتد العاصفة ويتفرق الناس ظل المطر يهطل بغزارة والناس تفرقوا على جنبات الطريق وفي مظلات الدكاكين التي أقيمت في مقدمة الدكاكين. انطلقت سيارة الإسعاف والمرأة وولدها، ذهبت تلك الفوضى ليحل محلهم الرحمة من الله، يبدأ تدفق السيول، الناس تناسوا الحادثة وبقوا ينظرون إلى المطر المتدفق، الجبل مغطى بالسحب والأمطار القادمة. رجل: إرحمنا يارحيم، المطر ينزل وبغزارة تتفرق السيارات الجاثمة على الشارع، الأطفال العائدون من مدارسهم أنزلقوا تحت المطر المتساقط تبللت أجسامهم فرحين بالمطر. عاقل الحارة: يهدد وينذر ماسكاً عصاه الغليظة، ينظر إلى القضية من بعيد.. «ه... هم يشتوني أنا» يهدأ المطر قليلاً، ينهض عاقل الحارة، يبحث عن المرأة والطفل. أين الطفل؟ أين المرأة؟ عاد الشجار من جديد.. الطفل أسعف والمرأة ذهبت مع ابنها الشرطي: هيا إلى الشرطة؟ لابد من التحقيق شيء لايمكن السكوت عليه. العاقل: أين الغريم؟ الأطفال الذين في السيارة بعد أن هدأت نفسيتهم أثناء المطر يعودون للبكاء من جديد السيارة هي التي بقت في صدر الشارع قد تكون هي التي حصل منها الحادث، رجل من بعيد أنا المسئول؟ المطر لازال يهطل والجو أصبح بارداً، يتحرك العاقل إلى قسم الشرطة يتبعه الشرطي ممسكاً بالغريم. قسم الشرطة يبدأ التحقيق، تتحرك العساكر يحملون أسلحتهم يحاصرون المبنى، قسم الشرطة عبارة عن غرفتين مهملتين، الكراسي المبعثرة والمكتب وغيره غرفة أخرى عبارة عن سجن لاستقبال المتشاجرين. الضابط: أحضروا الجاني إلى السجن تتحرك مجموعة من العساكر بأسلحتهم يأخذون الجاني إلى السجن، الضابط هل أخذتم الأجرة هل دفعتم أجرة العسكر أولاً؟ خلصوا أجرة العسكر ثم ننظر بالقضية هيّا تلحلحوا. العاقل: الطفل مازال في المستشفى مع أمه والرجل معترف. رجل آخر: أجرة العسكر محلوله، بس أنت خلص لنا القضية، يخرج حزمة من جيبه ويضعها في جيب الضابط يقوم الضابط من مكتبه منتفضاً. الضابط: هذه رشوة؟ الرجل: هذه مكافأة يافندم «الشرطة في خدمة الشعب». الضابط: والعاقل؟ الرجل حقه علينا «ه ها» وهذه بوسة في رأسك، هاتوا الرجل وافتحوا تحقيقاً عسكرياً يتناول دفتر التحقيقات يضعه بجانب الضابط هي استدعوا الرجل؟ اسمك عنوانك عملك الضابط: اشرح لنا الحادثة؟ جندي من بعيد: الأجرة يافندم؟ الضابط ساكت هيا اشرح لنا الحادثة يقوم الرجل بشرح الموضوع تصل المرأة حاملة طفلها رابطة رأسه، تصيح بكل صوتها ابني في ذمتكم تمسك بالرجل، دم ابني في عنقك الضابط يأمر الجنود بإخراج المرأة حتى يتم التحقيق. جندي: الأجرة يافندم ويواصل التحقيق والمرأة لايهدأ لها بال. العاقل: اهدئي ياامرأة خلي التحقيق يخلص والشرطة تأخذ مجراها. الضابط: تحلحلوا هيّا: أجرة العاقل يهز العاقل رأسه. بدأ الليل يسدل رداءه والسحب التي كانت جاثمة على صدر المدينة قد أخذت بالرحيل بعد أن أفرغت حمولتها من المطر.. لكن شيئاً قد حصل الكهرباء أخذت راحتها يحل الظلام على المدينة تقفل المحلات أبوابها. ينتهي التحقيق بعد أن أخذ الضابط أجرته مع العسكر، العاقل يأخذ المرأة وطفلها إلى الخارج، قال للمرأة: الصلح خير ابنك سليم واحمدي الله.. صاحت المرأة لكن.. لكن ماذا؟ ظلت تصيح دون جدوى.. لأن الأجرة قد قبضت والتحقيق قد انتهى.