إعادة النظر في محاكمة تتعلق باعتداءات 11 سبتمبر2001 في قلب مدينة نيويورك، ليست كما يبدو سوى نكسة اخرى يواجهها باراك اوباما في مسالة اغلاق غوانتانامو التي باتت اشبه بمعضلة لا نهاية لها. فأمام تحفظ مسئولين محليين وبرلمانيين يفكر البيت الابيض في التراجع عن عزمه على محاكمة 5 معتقلين في غوانتانامو متهمين بالتخطيط لاعتداءات 2001 في نيويورك امام محكمة للحق العام. وقد اعلن البيت الأبيض، الجمعة الماضية ، أن الادارة الأمريكية تدرس امكانية اجراء محاكمة المتهمين الخمسة بالاعتداءات في مكان آخر غير نيويورك. وخلال الايام الماضية أعلن الكثير من المسؤولين المنتخبين في نيويورك، وفي مقدمتهم رئيس بلدية المدينة مايكل بلومبرغ، عن مخاوفهم، ولا سيما من الناحية الامنية، من تنظيم محاكمة على هذا القدر من الاهمية على بعد بضعة شوارع من موقع "غراوند زيرو" (حيث كانا برجا التجارة العالمية اللذان دمرتهما اعتداءات 11سبتمبر2001). فبعد سنة على الوعد الذي قطعه والأمر الذي اصدره باغلاق السجن في يناير 2010 وبعد اشهر عدة من اعلانه بأنه سينفذ وعده، بات الرئيس الأمريكي اكثر فاكثر مقيد اليدين ازاء المعضلة السياسية والقضائية والانسانية التي ورثها عن سنوات بوش في الحكم. واقر مبعوثه الخاص لاغلاق غوانتانامو دان فريد، الذي يجوب العالم بحثا عن بلد يستضيف المعتقلين، من في بروكسل، ان الموقع قد لا يغلق قبل "نهاية الولاية الاولى للرئيس اوباما" اي في يناير 2013 . ويشمل السجن الاكثر اثارة للجدل في العام اوضاعا مختلفة، تتراوح بين البريء الذي اوقف خطأ وصولا الى العقل المدبر لاعتداءات ايلول، علما بانه يضم اليوم 192 معتقلا اكثر من نصفهم يتوجب ترحيلهم الى بلادهم او الافراج عنهم في دول اخرى. فالعقبات عديدة منذ اليوم الاول، لكنها تراكمت في الاسابيع الاخيرة، بين محاكم عسكرية ام مدنية وغياب ادلة موثوق بها وتعرض المعتقلين لسوء المعاملة ورفض مسؤولين وضع هؤلاء الرجال في السجون الأمريكية فضلا عن دول يعادون اليها حيث نفوذ تنظيم القاعدة مترسخ. وقالت ستايسي سوليفان من منظمة هيومن رايتس ووتش "لا يمكنني القول ان غوانتانامو لن يغلق بتاتا، لكني لا ارى كيف سيتم ذلك في السنتين المقبلتين". ويرى جون بلينغر المستشار السابق لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس، والخبير في مجلس العلاقات الخارجية، مجموعة الدراسات في واشنطن، والمعروف بتأييده لإغلاق غوانتانامو، ان الرئيس اوباما "قد لا يكون بوسعه اغلاقه في 2010 وربما حتى في السنوات الثلاث المقبلة". والمسؤول الاول هو الكونغرس الذي اقر في يونيو قانونا يمنع مجيء اي معتقل الى الاراضي الأمريكية الا لمحاكمته. واوضح بلينغر في مذكرة مكتوبة ان "الغالبية الديموقراطية التي تخشى من ظلاله لن تصوت بكل تأكيد لمجيء معتقلي غوانتانامو الى الولاياتالمتحدة خلال هذه السنة الانتخابية وقد ترفض القيام بذلك بكل بساطة". وفي الواقع تنوي الادارة الأمريكية شراء سجن فدرالي في ولاية ايلينوي لإيداع نحو خمسين سجينا يعتبرون خطيرين جدا للافراج عنهم لكن لا تتوافر ادلة كافية تسمح بمحاكمتهم. وإضافة الى الحاجة لحدوث تغير في موقف الكونغرس، سيتعيّن على الادارة برأي ستايسي سوليفن الرد على "كثيرين من المعارضين للاعتقال لفترة غير محدودة (بدون محاكمة) في ايلينوي، شبيه بالاعتقال لمدة غير محدودة في غوانتانامو".