مبتكِر الصندوق الأسود حوادث الطائرات، بدأت منذ أن بدأت الطائرة في التحليق والسفر. وكان خبراء الطيران يجاهدون في سبيل معرفة أسباب تلك الحوادث، بغرض حماية الملاحة الجوية، لمعالجة الأخطاء التقنية منها، وتصحيحها سريعا، ولتفادي الوقوع فيها عند تصنيع طائرة جديدة، بالدرجة الأولى. وثانيا: لمعرفة الأسباب الجنائية، أو الأخطاء البشرية المتسببة في ذلك لاتخاذ ما يلزم. مع حلول العام 1953 وفي غمرة البحث الحثيث لابتكار وسائل فاعلة تساعد خبراء الطيران، ومعهم بقية الجهات المعنية، لمعرفة أسباب حوادث سقوط الطائرات، ظهر في أستراليا عالم يدعى الدكتور ديفيد وارن، الذي كان يجاهد، هو الآخر، في البحث عن طريقة ما تساعد على معرفة أسباب تلك الحوادث، لاسيما حوادث سقوط عدد من طائرات شركة “كوميت” التي أخذت، في ذلك الزمان، تلقي ظلال الشك على مستقبل الطيران المدني برمته. وبعد عام من البحث والتفكير والتجارب اقترح وارن صنع جهاز لتسجيل تفاصيل رحلات الطيران. وكان خطط لجهاز يستطيع تسجيل نحو أربع ساعات من الأحاديث التي تجري داخل مقصورة القيادة، بما في ذلك تسجيل تفاصيل أداء أجهزة الطائرة. غير أن سلطات الطيران الأسترالية رفضت جهازه. بل وكان موضع تهكّم من قبل الطيارين الذين أطلقوا عليه اسم “الأخ الكبير” الذي يتجسس على أحاديثهم. فنقل الدكتور وارن ابتكاره إلى بريطانيا حيث رُحب به بحماس، وتقدمت الشركات بعروضها لتطويره وصناعته.