هُنّ اللواتي كالأميراتِ كُنّ في طفولتنا، كيف يضمُرن ويضؤلن حتى يغدون ورقةَ توتٍ هشّةً فوق قماش أبيضَ؟ أمهاتُنا. أيتها الجميلةُ التي شاحبةٌ كالثلجِ في إغفاءتها ضعفُكِ الآن تآمرٌ ضدّ هُزالي. الكفُّ العالقةُ في أنبوبِ المصل كم مرةً صفعتْ وأشهرتْ سبّابتها أمام خوفي، وتوعّدتْ حين أطلَّ “نبيُّ جُبرانَ” من كراسة الحساب، كم كسّرتْ دُميتي ودسّت أنفي في الجغرافيا، كم ألقمتني ما لا أُطيقُ من أجل الفوسفور والكالسيوم؟ وكم عنّفتني تلك العينان الغافيتانِ في نُبلٍ؟ أجهدُ أن أذكرَ -كي أقوى ضدّ رقدتِكِ- فأنسى ليس لأن ما سبق ما كان بل لأنه كثيرا كان لكن الذاكرةَ مثل الأمهات متآمرة. ديونٌ ثمة لتُؤدَى: مَدينةٌ أنتِ لي بمليون قُبلةٍ ومليوني: يا حبيبتي! مَدينةٌ بعشرين عاما من الفرح وأنا لا أنوي أن أستردَّ دَيني كيلا تتحرري وتطيري! كيف تمضين وطفلي ما زال صامتا؟ ألم تعديني بريشة هدهد تُطلق اللسانَ الحبيس؟ بل طفلةً مازلتُ أنا فكيف تطيرين وثمة كفٌّ ما تزالُ عالقةً بطرفِ ثوبك؟ عودي إليّ من غفوتك ثم عودي عن قرارك ليس مسموحًا أن تمضي قبل أن يشتدَّ عودي. عودي.