يعود الزمان عصر اليوم في موقعة دربي عدن العريق بين قطبي الكرة اليمنية في يوم ما ، وحدة عدن وتلالها .. ذلك الدربي الكبير الذي كانت عدن تستنفر كل طاقاتها استعداداً لبدايته . استنفار يسبق الموقعة المرتقبة بأسابيع ، ويظل الحديث عن أحداثها عقب انتهائها أسابيع أخرى .. إنه زمن الكرة العدنية الجميل ، الزمان الذي أخرج للكرة اليمنية نجوماً بحجم عباس غلام ، وعزام خليفة ، والماس ، والأحمدي ، والقصوص ، وفؤاد عباس ، ونعاش ، والأوبلي ، وأولاد التام ، وأولاد عفارة ، ومحفوظ ، والشاذلي ، والقائمة تطول . زمن لم تغب عنه المتعة ولا الحماس ، ولقاءات كان الجمهور العدني لا يخجل أن يضاهيها بالقمة المصرية بين الزملكاوية والأهلاوية ، أو دربي الرياض بين الهلال والنصر .. كان الشغف الجماهيري هو وحده من يدفع نحو تلك المقارنة ، حتى وإن تباينت المستويات . فالواقع والأداء والتنافس المحموم بين القطبين على منصات التتويج آنذاك كان إلهاماً يحتم تقديس اللقاء بين بيارق الهاشمي وأبناء الشيخ عثمان الخضر ، وبين عميد الجزيرة وحراس قلعة صيرة الحمر ، ويحفز الجماهير التي تملأ مدرجات ملعب الحبيشي الترابي حينها وتفيض حتى تلامس خطوط التماس . كان ذلك منذ زمن .. حين كان الولاء فقط للمستديرة ولقميص النادي ، زمن الثمانينيات الجميل .. آخر عهدي به ، ذلك اللقاء المجنون بين القطبين ، على نهائي كأس الجمهورية عام 1990م ، كانت الفرصة الوحيدة للفريقين لإنقاذ موسمهما بعد أن خطف الشعلة لقب آخر دوري تشطيري .. يومها صامت أقدام اللاعبين عن التهديف ، وسجلت دموع سامي نعاش لاعب التلال حضوراً قوياً بعد لمسه للكرة بيده في المنطقة المحظورة ليعطي لوزير دفاع الوحدة خالد عفارة فرصة الهروب بالكأس الأخير.. تلاه الدوري التصنيفي الوحدوي الذي لم يلتق فيه الفريقان بسبب وقوعهما في مجموعتين مختلفتين ، شكل الدوري حينها فاصلاً لسلسة اللقاءات الجماهيرية بين القطبين . وزاد البعد بين مستويي الفريقين أثناء الدوري العام التالي من ابتعاد صفة الجماهيرية على لقاءات الفريقين ، ضاعفه هبوط نادي الوحدة العدني إلى مصاف الدرجات الدنيا وقبوعه سنوات غاب فيها الدربي العدني عن الساحة كثيراً حتى تناساه الجمهور . وأمست لقاءات الفريقين اليوم بلا طعم ، وتغلب عليها التوقعات المسبقة عطفاً على المستوى والعطاء في الدوري ، حيث غالباً ما تكون الغلبة للحمر التلالي على حساب أخضر الشيخ عثمان ، كما هو متوقع في لقاء اليوم . غابت شمس الدربي العدني ، ولم يعد الفريقان قطبين كما كانا ذات يوم ، ولم يعودا يرفدان الكرة اليمنية ومنتخباتها بأشباه الأسماء السالفة الذكر التي أعطت وأبدعت وحفرت أسماءها في ذاكرة الجمهور اليمني، ولم يعد لدربي عدن أية قيمة . [email protected]