هي مجموعة قصص وحكايات يحكيها شيخ علماء اليمن القاضي الفقيه محمد بن إسماعيل العمراني أعدها وحققها الدكتور محمد عبدالرحمن غنيم. العنوان لكتاب أدبي مشوق ولطيف من تراثنا الأدبي العربي.. “الجمهورية” تنشر مجموعة القصص والحكايات التي حواها الكتاب لتعميم الفائدة والمتعة للقارئ. يحكي القاضي العمراني، فيقول: ضرط أحد الخطباء في صنعاء وهو يخطب، فاشتهر ذلك بين الناس، فاستحيا هذا الخطيب وترك صنعاء، واغترب لعدة سنوات، ثم عاد إلى صنعاء، وفي مدخل صنعاء “ربما كان سواد حزيز” أراد أن يستريح ويشرب كوباً من القهوة قبل دخوله صنعاء، فجلس في “مقهى” وطلب من المرأة القائمة على المقهى كوباً من القهوة، فوضعته على النار، وجلست تتحدث مع صاحبة لها وهو يسمعها، فقالت إحداهما للأخرى: كم عمر ابنتك؟ فقالت الأخرى: ابنتي ولدت سنة ضرطة الخطيب، فلما سمع ذلك انزعج انزعاجاً شديداً، وقام عائداً على أعقابه ممتنعاً عن دخول صنعاء، وقال: أبلغ من شهرة الضرطة أن يؤرخوا بها؟!! قلت: وقرأت في “أخبار الحمقى والمُغفلين” لابن الجوزي “162”: ضرط أبو النجم “الشاعر المعروف” في ليلة ضرطتين، فخاف أن تكون امرأته قد سمعته، فقال: أسمعت شيئاً؟ قالت: لا، ما سمعت منهما شيئاً، فقال: لعنك الله، فمن أعلمك أنهما اثنتان؟! راجع “موسوعة العذاب” “1 /451”. وقرأت فيه أيضاً “163”: قال أبو العيناء: كُنتُ بحمص، فمات لجار لي بنت، فقيل له: كم لها؟ ما أدري، ولكنها ولدت أيام البراغيث. ومما يُناسب هذا قول العرب في المثل: “إيش في الضرطة من هلاك المنجل” يضرب في تباعد الكلام من جنسه، وأصله أن امرأة ضرطت عند زوجها، فقالت: وأنت ضيعت منجلا، فقال: إيش في الضرطة من هلاك المنجل، راجع “مجمع الأمثال، مختارات” “33”. وفي “أخبار الحمقى” “93”: صعد بعض الولاة المنبر، فخطب فقال: إن أكرمتموني أكرمتكم، وإن أهنتموني لتكونن أهون عليّ من ضرطتي هذه وضرط ضرطة! ومن شجون هذا الحديث ما طالعته في “مسالك الأبصار” للعصامي “130” قال: وأهدى بعض عمال عبدالملك له تروساً مكللة بالدر والياقوت، فأعجبه ذلك، وعنده جماعة من خاصته وأهل خلوته، فقال عبدالملك لرجل من جُلسائه اسمه “خالد”: اغمز منها ترساً نمتحن صلابته، فقام خالد، فغمز الترس فضرط، فاستضحك عبدالملك، وضحك جلساؤه، فقال عبدالملك: كم دية الضرطة؟ قال بعضهم: أربعمائة درهم وقطيفة، فأمر عبدالملك لخالد بذلك، فأنشأ رجل من القوم يقول: أيضرط خالد من غمز ترس ويحبوه الأمير بها بدوراً فيالك ضرطة جلبت غناء ويالك ضرطة أغنت فقيراً فود الناس لو ضرطوا جميعاً ونالوا مثل ما أعطى عشيراً ولم يعلم بأن الضرط يغني فأضرط أصلح الله الأميرا فقال عبدالملك: أعطوه أربعمائة درهم، ولا حاجة لنا في ضراطك