هو أحد الكتب الحديثة في مجال التنمية البشرية للكاتب المصري كريم الشاذلي.. كتاب أكثر من رائع سيجعل كل واحد منا يفكر ويحاول أن يغير حياته نحو الأفضل، التقاطاً لبعض معاني الحياة، وتسجيلاً لمواقف وصور ذات أهمية فيها.. حكمة سمعت، قرأت..شوهدت، قررنا اصطيادها خشية أن تطير، لنقدمها قرباناً لك!. إن طريق أصحاب الضمائر الحية شاق جداً ، ودرب الصالحين مليء بالعوائق والأشواك . يسير الواحد منهم حاملاً بين جنبيه خير الدنيا كله ، ويقابله الناس بالجحود والنكران ، يضمد جراحهم ، ويربت على ضعفائهم وهم يتحينون الفرصة لهدمه وتمزيقه !. في مجال العمل نجد أن ذا الخلق والأمانة في تعب ونصب ، في العلاقات الاجتماعية نجد أن صاحب الصدر الواسع والقلب الدافئ معرض دائماً للصدمات والمواقف المفجعة . رجال الله دائماً في نصب وكمد .. وكدح على طول الطريق. لكنني إذ أقلب نظري يمنة ويسرة ، وأطالع طريق الحق محفوفاً بالأشواك ، وأن سالكيه مليئون بالجراح ، وتتخطفهم الآلام والمواجع ، أعود وأنظر إلى طريق الباطل ، وأدقق النظر في درب الخيانة والخسة فأجده غير هين هو الآخر وليس بالسهل اليسير !!. نعم طريق الغواية وعر مليء بالأشواك الخداعة الغدارة ، يكلف سالكيه ضرائب باهظة ، ويذيقهم من صنوف العذاب ألواناً . أرى ذلك فيرتاح فؤادي ويهدأ جناني المضطرب . ففوق نعيم الله الخالد ، وجزائه الأخروي ، نجد أنه - جل اسمه - لم يدع أصحاب الباطل يرتعون في نعيم متواصل ، ويتقلبون على سرر الهناء والطمأنينة طويلاً . وما أبلغ قول سيد قطب رحمه الله ، إذ يقول : ( إن للذل ضريبة كما أن للكرامة ضريبة ، إن ضريبة الذل أفدح في كثير من الأحايين ، وإن بعض النفوس الضعيفة ليخيل إليها أن للكرامة ضريبة باهظة لا تطاق ، فيختار الذل والمهانة هرباً من هذه التكاليف الثقال ، فتعيش عيشة تافهة رخيصة ، مفزعة قلقة تخاف من ظلها ، وتفرق من صداها ، يحسبون كل صيحة عليهم ، ولتجدنهم أحرص الناس على حياة هؤلاء الأذلاء يودون ضريبة أفدح من تكاليف الكرامة ، إنهم يؤدون ضريبة الذل كاملة ، يؤدونها من نفوسهم ويؤدونها من أقدراهم ، ويؤدونها من سمعتهم ويؤدونها من اطمئنانهم ، وكثيراً ما يؤدونها من دمائهم وأموالهم وهم لا يشعرون ) . فإن آلمك طريق الحق يا صديقي فعزاؤك أن طريق الباطل وعر مخيف ، وإن أجهدك حمل الكرامة ، فتأكد من أن حملة الذل في نصب وإرهاق . نعم إن من يبيعون ضمائرهم يفرحون ردحاً من الوقت عندما يقبضون الثمن ، لكنهم يبكون دماً عندما تلفظهم الحياة ، ويهيمون على وجوههم في دروب الألم والعذاب . الحق وحملته فقط هم من ينعمون على طول الطريق ، برغم آلامهم وأحزابهم ومصائبهم ، فإن اليقين الحي الذي يهبهم الله إياه يعمل عمله في زرع برد الطمأنينة ودفء السعادة بداخلهم. ورغم اختلاف الناس في تعريف السعادة ، إلا أنني أؤمن أنها تدور في فلك الحق والفضيلة وترتع في صدور أصحاب المبادئ الحية والمواقف المشرفة . فسر يا صديقي في طريق الحق غير عابئ بالأشواك والشظايا ... فنقطة دم في طريق الحق أشرف عند الله من أرواح تزهق في دروب الباطل . إشراقة: الشجاعة قد تكلف صاحبها فقدان حياته ، فهل الجبن يقي صاحبه شر المهالك ؟ كلا .. فإن الذين يموتون في ميادين الحياة وهم يولون الأدبار أضعاف الذين يموتون وهم يقتحمون الأخطار. محمد الغزالي