هي مجموعة قصص وحكايات يحكيها شيخ علماء اليمن القاضي الفقيه محمد بن إسماعيل العمراني أعدها وحققها الدكتور محمد عبدالرحمن غنيم. العنوان لكتاب أدبي مشوق ولطيف من تراثنا الأدبي العربي.. “الجمهورية” تنشر مجموعة القصص والحكايات التي حواها الكتاب لتعميم الفائدة والمتعة للقارئ. يحكي القاضي العمراني، فيقول: كان المشير عبدالله السلال “أول رئيس جمهورية في اليمن” محبوساً في حبس حجة بعد ثورة الدستور سنة 1367ه “الموافق سنة 1948م”، وفي وسط ألمه وأصحابه المحبوسين معه، جاء أحد الحراس الجهلاء، وقال لهم: أبشروا، فإنكم ستخرجون من الحبس قريباً، فقالوا: لماذا؟ قال الحارس: لأنه قد ألقي القبض على الدستور، عند مدخل باب اليمن أو باب السبح، فقال السلال: انظروا إلى عاق والديه “دارون” ذهب يبحث عن الحلقة المفقودة في أمريكا، وها هي موجودة هنا..! قلت: ومما يناسب ذكره هنا ما طلعته في “أخبار الحمقى والمغلفين” لابن الجوزي “144 145” قال: وعن محمد بن المبرد عن الحسن بن رجاء أن الرشيد لما غضب على ثمامة دفعه إلى سلام الأبرش، وأمره أن يضيق عليه وأن يدخله بيتاً ويطين عليه، ويترك فيه ثقباً، ففعل دون ذلك، وكان يدس إليه الطعام، فجلس سلام عشية، وهو يقرأ في المصحف، فقرأ: “فويل يومئذ للمكذبين” “الطور: 11” “أي بفتح الذال المعجمة المشددة” فقال ثمامة: إنما هو “للمكذبين” “أي بكسر الذال المعجمة المشددة” وجعل يشرح ويقول: المكذبين “أي بالفتح” هم الرسل، والمكذبين “أي بالكسر” هم الكفار، فقال سلام: قد قيل لي أنك زنديق، ولم أقبل، ثم ضيق عليه أشد الضيق، قال: ثم رضي الرشيد عن ثمامة فجالسه، فقال الرشيد: أخبروني عن أسوأ الناس حالاً، فقال كل واحد شيئاً، قال ثمامة: وبلغ القول إلي، فقلت: يا أمير المؤمنين، عاقل يجري عليه حكم جاهل، فتبينت الغضب في وجه الرشيد، فقلت: يا أمير المؤمنين، ما أحسبني وقعت بحيث أردت، قال: لا والله، فحدثته بحديث سلام، فضحك حتى استلقى،وقال: صدقت، والله لقد كنت أسوأ الناس حالاً. ونقلها الأستاذ عبود الشالجي في كتابه “موسوعة العذاب” “3/ 180 181” وقال: وتذكرني هذه القصة، بقصة يتناقلها البغداديون عن فقيه حبس ظلماً، فكان يعظ المسجونين ويحضهم على التمسك بالدين والأخلاق، فلا يرى تجاوباً من أحد منهم إلا من شخص واحد، كان يقبل على الواعظ، وينصت إليه باهتمام عظيم ويبكي بكاء شديداً، فأعجب به الواعظ، وقال له مرة: بارك الله فيك يا ولدي، فإن وعظي على ما يظهر لي عظيم الأثر فيك، ولا بد أنك قد انتفعت به، فقال له: إني يا سيدي لم أفهم شيئاً من وعظك، أما سبب بكائي، فلأنني لما حبست فارقت تيساً قد ربيته وأحببته حبي لولدي، وكلما رأيتك تحرك لحيتك وأنت تعظ، تذكرت لحية تيسي الذي فارقته، فبكيت حزناً على فراقه. قلت: قال أبو الأسود الدؤلي: إذا أردت أن تعذب عالماً، فاقرن به جاهلاً، راجع “المستطرف” “37”.