هكذا راحت عيني تتصفحها من على سفح منزلي، منازل عالية وشوارع مرصوفة وأخرى ضيقة، من منزلي أراها كتلة أسمنتية تخترقها بعض أصوات السيارات أو دراجات نارية من هنا وهناك، رحت اقتحمها بعين ترصد كل شيء ومضيت عبر شوارعها لاستقل سيارة ترحل بي إلى القرية سرنا عبر طرقات أسمنتية لم تظهر بعد ملامح القرية التي أتشوق لكي أراها، لم نكن وحدنا كان هناك العديد من السيارات يتسابقون بمرح ومنافسة يسابقون الزمن فنحن على موعد مع حفل أشبه مايكون بعرس عزيز الجميع مدعو الجميع في شغف الذهاب إليه، تتصفح عيني أراضي تموت ليغزوها الأسمنت إنها مرحلة العبور بين المدينة والقرية نتجاوز ذلك عبر ممرات ترابية تحتضنها الحقول الخضراء وتقبلنا غصون الأشجار التي أبت إلا أن ترحب بنا عبر ممراتها الضيقة حتى أحجارها وترابها رحب بنا وتركنا أثرنا فيها تحنو علينا أشجارها العالية بظلالها فترحيب الشمس بنا كان حاراً جداً. عرفنا الجميع أننا زائرون ورحبوا بنا على طريقتهم ندنو من قرية ونغادر أخرى لنصل إلى مبتغانا كان الجميع في جلبة والجميع يترجل عن سيارته لتسير بنا الأقدام إلى مكان الحفل كنت أقرأ مايجول في خواطر من حولي القادمين في أعينهم فرحة وبعض الفخر يشوبه الغرور وشعور أنه شخص مهم زاد ذلك ترحيب من كان باستقبالهم كنت أرقب أخي كان دون الجميع. كان غير الجميع،كان سعيداً بقدومنا راح يرحب بنا ولم تغادر الابتسامة وجهه، صعدت مع بعض صديقاتي إلى الطابق الثاني بعد أن استقر الجميع كنت مازلت أرقب تلك المنصة ورصد جميع الأشخاص فيها أسمع همس الأوراق بين أيديهم علي أجد أخي يراجعها قبل البدء،إني قادمة لكي أسمع تقديمه الشيق الذي فاتني مرة ولكني عبثاً أجده ليتبادر إلى ذهني صوت باسم يرحب بي وفي يديه بعض الماء الذي حرص على التأكيد أنه منه لي لم أستطع الكلام غير أني اكتفيت بابتسامة هو وحده يعرف معناها لأسمع بعدها أنه لن يقدم الحفل لأسباب أخرى، المهم كنت سعيدة جداً حاولت في لحظات صمتي احتواء كل ما يجول من حولي واعترف أني شردت كثيراً رغماً عني ولكني أعود لتشدني بعض التصرفات وأعلق على بعضها كانت البساطة سائدة والفرحة فوق كل شيء لينتهي الحفل ونعود دون وداع لتطوى خلفي قرى وتبتلعنا الأرصفة الأسمنتية لتحتضننا الشمس دون حواجز رغم كل ما شعرت به من سعادة إلا أنني أعترف أني أحب مدينتي،أحب شوارعها الضيقة وممراتها التي تتنفس عبر المباني والمنازل الصغيرة، أحب سماع أصوات سياراتها الغاضبة خصوصاً في الظهيرة ليزيد غضبها أصوات الدراجات وهي تتسلل رغماً عنها بسرعة عالية، أحب أن استظل بشجيراتها رغم أني أطول أحياناً، أحب أن يحتضنني حيها الهادىء كل يوم ويأويني منزلنا الذي أرقب من شرفته مدينتي الأسمنتية.