تلعب كلية العلوم البيئية والأحياء البحرية بجامعة حضرموت، دوراً مهماً في خدمة المجتمع فهي إلى جانب قيامها بإعداد الكوادر في مجالات حيوية هامة بيئياً، تسهم أيضاً في تقديم خدماتها خارج أسوار الكلية، وقاعات المحاضرات من خلال قيام الكلية بإجراء الدراسات وتقديم الحلول للمشاكل البيئية على مختلف الأشكال.الحوار التالي مع الدكتور/محمد سعيد المشجري عميد كلية العلوم البيئية والأحياء البحرية تناول الدور الذي تقوم به الكلية لمواجهة الأعمال المؤثرة على الوضع البيئي، سواء كانت في الصحراء أو على صعيد التصدي للعبث الحاصل في البيئة البحرية أكاديمية نادرة في البداية نود أن تقدموا لنا تعريفاً بالكلية ودورها الأكاديمي؟ كلية العلوم البيئية والأحياء البحرية كلية نوعية في إطار جامعة حضرموت للعلوم والتكنولوجيا ولها تخصصات متعددة في مجال العلوم البيئية والأحياء البحرية وتكنولوجيا الأسماك كخطوة أولى، ونحن في صدد فتح مزيد من التخصصات، وقد قمنا منذ بداية العام الدراسي الحالي بفتح مساق جديد في مجال الماجستير للأحياء البحرية، وأيضاً سيضم مساق آخر لدراسة الماجستير في مجال علوم البيئة، وهي تخصصات نوعية نادرة لا توجد إلا في جامعة حضرموت تختلف عن تلك التخصصات الموجودة في كلية علوم البحار المناظرة لنا بجامعة الحديدة التي تنفرد هي الأخرى بتخصصات معينة بها. للبيئة والأسماك ماهي الأنشطة والخدمات التي تقدمها الكلية للمجتمع؟ للكلية نشاطات كثيرة في مجال خدمات المجتمع، من خلال تقديم الاستشارات والقيام بالدراسات، مثل المشاكل التي تواجه قطاع الأسماك والمخزون السمكي في شواطئ البحر العربي، فعلى سبيل المثال هناك ميناء الضبة الواقع في منطقة رعي للأسماك، وهي منطقة أصبحت محظورة من نشاط الاصطياد بعد حادثة تفجير الناقلة ليمبورج من أجل حماية حركة الملاحة في هذا الميناء النفطي من أي أعمال إرهابية، وقد تمكنا من التنسيق مع شركة “نيكسن” لعمل مشروع شعاب مرجانية اصطناعية بتمويل من الشركة، وسيعمل هذا المشروع على جذب الأسماك المهاجرة كمرحلة أولى والمرحلة الثانية من المشروع ستتمثل بتوفير بيئة صناعية مناسبة لتكاثر أسماك “القاعي” المرغوبة في الأسواق وقد ساعدت عملية حظر الصيد في منطقة الضبة بطريقة غير مباشرة على توفير مخزون سمكي، وستعمل المراعي الاصطناعية على جذب الأسماك في المنطقة المحظورة المجاورة ليستفيد منها الصيادون، وقد كان للكلية الدور الكبير في إجراء الدراسات المطلوبة لهذا المشروع والتفاوض مع الشركة الممولة، والتراضي مع الصيادين من أجل تنفيذ المشروع الذي يجري فيه العمل حالياً على قدم وساق.. إضافة إلى قيامنا بإجراء الدراسات الميدانية لمقالب القمامة والأماكن المناسبة لها، وتقديم المشورات البيئية للمجلس المحلي. عقود للبحر - ماهو الدور الذي تقوم به الكلية لمواجهة عبث شركات الاصطياد بالبيئة البحرية؟ هذا الموضوع يعتمد على وزارة الثروة السمكية التي وقعت عقوداً كثيرة مع هذه الشركات التي تقوم بجرف الأحياء البحرية بشكل عشوائي أثر على المخزون السمكي، وعلى بيئة الأسماك من خلال تدمير الشعاب المرجانية، وقد قمنا بعمل حملات مع جمعيات الصيادين، والمجلس المحلي، وفرع وزارة الثروة السمكية، لمنع هذه الشركات، وتمكنا من إنجاح هذه الحملة، وقد تم الآن إلغاء كثير من هذه العقود، وقد قل عدد الشركات بشكل كبير والشركات الموجودة الآن، هي شركات يمنية أو يمنية مشتركة مع شركات أجنبية. شباك القراصنة - إذاً بماذا تبررون شحة الأسماك الحاصلة الآن في السوق؟ قلة المخزون السمكي الحاصلة الآن هي نتيجة جملة من الأسباب أهمها القرصنة، حيث يتعرض الصيادون خصوصاً أصحاب القوارب الكبيرة إلى الاحتجاز من قبل القراصنة الصومال، من أجل المطالبة بفدية من أهالي الصيادون، ومن أجل محركات القوارب والديزل، وقد أدى هذا إلى تقليص نشاط الصيادين خوفاً من أعمال القرصنة.. ثانياً مايتعرض له الصيادين من أسر واحتجاز من قبل السفن الحربية الأجنبية المتواجدة لمكافحة القرصنة، حيث تعجز هذه السفن عن التفريق بين الصيادين اليمنيين والقراصنة الصومال، الذين يستخدمون قوارب تشابه قوارب الصيادين، إضافة إلى تشابه لون البشرة السمراء بين الصيادين والقراصنة الصومال، الذي جعل مسألة التفريق بين الصيادين اليمنيين والقراصنة الصومال أمراً صعباً بالنسبة للسفن الحربية الأجنبية.. وهو أمر ضاعف من مخاوف الصيادين تارة من القراصنة الصومال وتارة أخرى من البوارج الأجنبية، وهي مسألة ينبغي ان تتخذ حيالها الحكومة إجراءات تؤمن أجواء العمل للصيادين. البديل الصناعي - إضافة إلى اختيار الشركات النفطية لمناطق كانت من أخصب المراعي السمكية مثل الضبة والمنطقة الثانية هي بير علي وبلحاف، التي تم اختيارها لتصبح ميناء لتصدير الغاز المسال وهي منطقة كانت بمثابة سلة غنية بالأسماك، يقصدها الصيادون من مختلف محافظات الجمهورية، وقد أصبحت الآن منطقة محظورة يمنع الاصطياد فيها، ولذلك قامت شركة توتال بتعويض الصيادين، عبر إنشاء شعاب مرجانية صناعية استفاد منها الصيادون ولكن ليس بنفس قدر الاستفادة من الشعاب المرجانية الطبيعية وقد أثرت هذه الأسباب على عمل الصيادين، ولا يمكن القول ان تدمير الشعاب المرجانية هو السبب. فولاذ مرجاني - ماهي التأثيرات التي قد تنجم مستقبلاً عن الدمار الذي لحق بالشعاب المرجانية؟ أعمال تدمير الشعاب المرجانية قلة كثيراً مقارنة بما كان يحدث سابقاً، حيث يوجد الآن رقابة شديدة ومتابعة لأعمال شركات الاصطياد، وأنا أتوقع ان تكون التأثيرات التي لحقت الشعاب المرجانية محدودة جداً، مما يتيح لها استعادة وضعها السابق، ولكنها ستأخذ وقتاً طويلاً يمتد لعشرات السنين، ومن أجل الإسراع بالعملية، يمكن ان نقيم منشآت صناعية، تتمثل بمركبات خرسانية أو مجسمات فولاذية، ونحن الآن بصدد جمع الشركات لعمل هذه المجسمات في البحار واستعادة النشاط السمكي مثل ماكان سابقاً، وقد أثبتت هذه التجربة نجاحاً كبيراً جداً عندما طبقت في عدد من دول الخليج العربي. الصحراء في خطر - خلال تجوالنا في محافظة حضرموت تحدث إلينا بعض المواطنين عن تعرضهم للأضرار بسبب إلقاء المخلفات النفطية بشكل عشوائي في الصحراء !ماذا فعلتم بشأن مواجهة هذه المشكلة؟ بعض الأحاديث التي تقال في هذا الموضوع صحيحة، وبعضها الآخر غير صحيح، ونحن قمنا بالتنسيق مع السلطة المحلية بعمل حملات خاصة بهذه المشكلة، وقدمنا تقارير علمية دقيقة حول القضية، وتم اتخاذ الإجراءات، والشركات قامت بدفن المخلفات بطرق علمية صحيحة، وتعويض المواطنين، والآن هناك رقابة من قبل وزارة النفط والكلية والمجلس المحلي، والجمعيات المحلية للإشراف على التخلص من مخلفات الآبار النفطية بشكل صحيح. - ومثلاً كانت هناك مشكلة في منطقة الضليعة التي تم فيها رمي مخلفات بطريقة عشوائية عن طريق المقاولين من الباطن الذين كانوا يعملون مع إحدى الشركات، وقد أثرت بالمواطنين بشكل غير مباشر، أثناء نزول المطر والسيول التي جرفت المخلفات إلى التربة وخزانات المياه، وأدت إلى موت المواشي، وتأثر المواطنون ببعض الأمراض، وقد نزلت الحكومة إلى المنطقة وعالجت المشكلة البيئية، عبر التخلص من هذه المواد السامة بشكل سريع، وتوجيه الشركات بعدم تكرار الظاهرة، وفي الفترة الأخيرة أصبحت مثل هذه الظواهر شبه منتهية، ونحن ننصح الجهات ذات العلاقة ان ترصد مثل هذه الظواهر بشكل دائم، وليس بناء على شكاوى المواطنين، من أجل تلافي حدوث مثل هذه المشاكل قبل وقوعها. حاجة للدعم والتشجيع - كيف تقيمون مستوى الخدمات التي تقدمها الكلية للمجتمع في المجال البيئي؟ الكلية لديها الكفاءة والرغبة الشديدة للقيام بخدمات أكثر تجاه المجتمع، لكننا نعذر بسبب قلة الامكانيات، موازنتنا بحاجة إلى الدعم من أجل تنفيذ مثل هذه البرامج الخدمية التي يمكن ان نقوم بها تجاه المجتمع ومشكلتنا الأساسية للأسف الشديد هي ضعف الموازنة، كما أننا نحتاج للمزيد من التشجيع من السلطة المحلية، والدعم من بعض الشركات الخاصة العاملة بالمنطقة، وأيضاً تعزيز موازنة البحث العلمي للجامعة نفسها حتى تخصص للدراسات والبحوث في الجانب البيئي، وهو الأمر الذي سينعكس على تحسين الوضع البيئي لمحافظة حضرموت والمحافظات المجاورة لها.