حتى وقت غير بعيد كان يُنظر لأثر ال “بلاسيبو” على اعتبار انه الحجة الأخيرة للأطباء غير المتمكنين والذين لم يكن لديهم علاج حقيقي يقدمونه لمرضاهم. لكن وإزاء حالات التحسن للمرضى الذين عولجوا بالبلاسيبو، كان لا بد للمعالجين الاختصاصين وللباحثين أن يجعلوا البلاسيبو موضوع دراسة علمية جادة. إن جسم الإنسان تركيبة معقدة، وأحد أهم هذه التركيبة تكوينها العلاج المناسب للخلل الوظيفي الذي قد يصيب أحد أجزاء الجسم. ففي جسم الإنسان تتم عمليات مدهشة تنجم عنها إفراز بعض العناصر الكيميائية تلقائيا لعلاج الأمراض وبمقادير تتحدد حسب تركيبة الجسم البيولوجية والنفسية. وهذا ما يعرُّفه الاختصاصيون ب “الصيدلية الداخلية” وهو المصطلح الذي يعني أيضا الاستجابة للعلاج بالبلاسيبو الذي كثر الجدل حوله في القرن الماضي. وعندما نأخذ نظرية “الصيدلية الداخلية” في الاعتبار لا يمكننا أن نرى فرقاً ملحوظاً بين قدرة قوة الخيال على العلاج والقوى الجسمية المتأصلة للعلاج. فالصيدلية الداخلية هي إحدى قوى الجسم – نفسانية المتأصلة للعلاج التلقائية أو بالتحريض الإيهامي. إنها موجودة كجزء وظيفي أساسي للجسم، فهي ليست خاصية مكتسبة بالخبرة أو الممارسة، ولا هي خاصية إضافية. وفي العلاج التلقائي يتجه الجسم لشفاء نفسه دون الاعتماد على أية رسائل داخلية أو خارجية موجهة للمخ لاستثارة هذا العلاج. لكن في العلاج بالبلاسيبو يعتمد الجسم بصورة أساسية على رسائل إيحائية تحفيزية تتوجه للمخ إما عن طريق المريض نفسه وإما من الشخصية المعالجة له، وذلك لرفع تأثير علاج موجود بالفعل في داخل الجسم، أو تحسين تأثير وعمل “الصيدلية الداخلية”، والذي يصفها د. اندرو تايلور مؤسس علم التخدير ب “مخزن الدواء الإلهي”. وليست هناك قاعدة تقضي باختيار الجسم أو مفاضلته بين العلاج الداخلي والخارجي لشفائه، وإنما يحدث الشفاء السريع عن طريق ربط العلاج الخارجي بعمل الصيدلة الداخلية. (المراجع: إسلام أونلاين، مجلة الثقافة النفسية المتخصصة/ العدد 49/ مركز الدراسات النفسية والنفسية الجسدية/ طرابلس – لبنان) [email protected]