قال صلى الله عليه وسلم “إني لبعقر حوضي يوم القيامة أذود الناس لأهل اليمن وأضربهم بعصاي حتى يرفض عنهم”رواه مسلم وأحمد.ملاحظة: ألا يجعل هذا الحديث كل مسلم من غير أهل اليمن يتمنى لو كان منهم حتى ينال هذا الفضل؟ بلى والله، ولكنني استدرك فأقول ان هذا لا يتحقق سواء في أهل اليمن أو في غيرهم من المسلمين إلا بجملة صفات وخصال من الخير والأعمال الصالحة، فمن تحلى بها واتصف بها دخل معهم وإن لم يكن من أهل اليمن.. كما أنه لا ينال هذا الفضل من لم يكن متحلياً بتلك الصفات وإن كان من أهل اليمن نسباً وموقعاً، فأهل اليمن هنا أعمال صالحة يأتيها من وفقه الله تعالى فيكون له الفضل العظيم، وليست المسألة مسألة قرابة ونسب ونحو ذلك وقال النووي في شرح مسلم معناه: أطرد الناس عنه غير أهل اليمن ليرفض على أهل اليمن وهذه كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب منه مجازاة لهم بحسن صنيعهم وتقدمهم في الإسلام والأنصار من اليمن ، فيدفع غيرهم حتى يشربوا كما دفعوا في الدنيا عن النبي صلى الله عليه وسلم أعداءه والمكروهات... قال أنس بن مالك رضي الله عنه: نظر النبي صلى الله عليه وسلم قبل اليمن فقال:”اللهم أقبل بقلوبهم وبارك لنا في صاعنا ومدنا..” أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح غريب.. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “زين الحاج أهل اليمن” أخرجه الطبراني في الأوسط والكبير وأخرجه الخطيب بإسناد حسن. قال صلى الله عليه وسلم “إن الله يبعث ريحاً من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحداً في قلبه مثقال ذرة من الإيمان إلا قبضته”رواه مسلم والحاكم.. وفي الصحيحين عن قتادة: قلنا لأنس: أي اللباس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الحبرة، قال ابن القيم الجوزية في زاد المعاد والحبرة برد من برود اليمن،فإن غالب لباسهم كان من نسج اليمن لأنها قريبة منهم. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم :وقوم من “أسلم” يتناضلون بالسوق فقال: “أرموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً” رواه البخاري في صحيحه وعنون له هكذا “نسبة اليمن إلى إسماعيل” منهم أسلم بن أفصى بن حارث بن عمرو بن عامر من خزاعة. ملاحظات: ومفهوم هذا الحديث أن العرب كلها ولد إسماعيل عليه الصلاة والسلام وهو الراجح للأدلة والاعتبارات الآتية: أولاً: قول أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث الصحيح في البخاري فبعد أن روى قصة “سارة” زوجة الخليل ابراهيم عليه الصلاة والسلام مع أحد الطغاة، ثم ذكر هاجر أم إسماعيل عليه الصلاة والسلام قال: “تلك أمكم يا بني ماء السماء” فقال الحافظ ابن حجر العسقلاني معلقاً على الحديث كأنه خاطب بذلك العرب..ففيه تمسك لمن زعم أن العرب كلها من ولد إسماعيل، وقيل المراد بماء السماء عامر ولد عمرو... وهو جد الأوس والخزرج وهذا أيضاً على القول بأن العرب كلها من ولد إسماعيل، وقال ابن حبان في صحيحه: كل من كان من ولد إسماعيل يقال له ماء السماء. ثانياً: الحديث الأصلي (أي حديث الباب) وهو (نسبة اليمن إلى إسماعيل عليه السلام). ثالثاً: وفي فتح الباري ذكر البخاري في حديثين صحيحين قبل حديث الباب هذا هما قوله صلى الله عليه وسلم :”ليس من رجل أدعي لغير أبيه، وهو يعلم إلا كفر بالله، ومن ادعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار”وقال صلى الله عليه وسلم :”إن من أعظم الفرى أن يدع الرجل إلى غير أبيه” فقال الحافظ ابن حجر: قوله أي البخاري باب كذا هو بلا ترجمة وهو كالفصل من الباب الذي قبله ووجه تعلقه به من الحديثين الأولين ظاهر وهو الزجر عن الادعاء إلى غير الأب الحقيقي، لأن اليمن إذا ثبت نسبهم إلى إسماعيل فلا ينبغي لهم أن ينسبوا إلى غيره. رابعاً: وفي التعليق على حديث نسبة اليمن إلى إسماعيل قال الحافظ بن حجر: وزعم الزبير بن بكار أن قحطان من ذرية إسماعيل وأنه قحطان بن..وهو ظاهر قول أبي هريرة المتقدم في قصة هاجر وغير ذلك مما قاله ابن حجر. خامساً: قال الحافظ عبدالرحمن بن الديبع في كتابه قرة العيون ص33 قال جمهور العلماء اليمن اسم لولد قحطان بن الهيمسع بن يمن بن ثابت بن إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام. سادساً: وقال العلامة المؤرخ الحسين بن عبد الرحمن عن نسب المصطفى صلى الله عليه وسلم ...عدنان بن أدد بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نابت نبت بن إسماعيل الذبيح على رأي جماعة كثيرة وصححه النووي في التهذيب. سابعاً: قال النووي: قال كثيرون: المراد ببني ماء السماء العرب كلهم لخلوص نسبهم وصفائه. ثامناً: قال الحافظ ابن حجر: ومما استدل به على أن اليمن من ولد إسماعيل قول ابن المنذر بن عمرو بن حرام جد حسان بن ثابت: ورثنا من البهلول عمرو بن عامر وحارثة الغطريف مجداً مؤثلاً مآثر من آل ابن بنت ابن مالك ونبت ابن اسماعيل ما أن تحولا تاسعاً: قال الحافظ ابن كثير: قال أبو عمرو الذي عليه أئمة هذا الشأن في نسب عدنان، قالوا: عدنان...ثم ساق النسب إلى إسماعيل عليه السلام، ثم قال: هكذا ذكره محمد بن إسحاق في السيرة.