تعتبر الأم المصدر الأساسي في مد المجتمع بالأبناء الصالحين «فالأم مدرسة إذا عددتها أعددت شعباً طيب الأعراق»، فهي التي تعطي طفلها أول درس في الأخلاق عن طريق القدوة التي هي أكثر عمقاً من الألفاظ الجوفاء، كما تعطي الطفل الدفء والحنان، فالأم الصالحة هي التي تنجب الأبناء الأصحاء وانشغال المرأة وخروجها للعمل في هذا العصر أحدث فجوة بين الأم وطفلها إذ لم يتسع لديها الوقت الكافي لتمنحه القدر اللازم من الحنان ومن ثم انعكس ذلك على سلوك الطفل فترجمه إلى عصيان وربما تطور إلى مقاومة السلطة الأبوية، وعلى ذلك ينبغي على الأم أن تدرك هذا الأمر الخطير ونحاول إيجاد الوقاية عن طريق إشعار الطفل بالحب والحنان والعطف ليشعر الطفل بأنه مقبول ومرغوب فيه، وخاصة أن وضع القواعد السلوكية للأطفال من مهام الأم وأصعبها في الوقت نفسه، لأن الطفل سيقاوم كثيراً لكي يؤكد استقلاله وهنا يجب على الأم أن تتحلى بالصبر والمثابرة وأن تكرر حديثها وتعاليمها مرة بعد مرة وفي النهاية سيدفعه حبه لوالدته ورغبته في نيل رضاها إلى تقبل هذه القواعد. ولكن كيف يمكن للأم أن تقنع صغيرها بأهمية الأوامر وتقبلها؟ يجيب خبراء الصحة النفسية بمجموعة من الخطوات يمكن للأم أن تتبعها مع طفلها لكي يصل إلى مرحلة التقبل والاقتناع..فتقول: 1 - ادفعي طفلك للسلوك الايجابي من خلال جمل قصيرة وايجابية وبها طلب محدد فبدلا من عبارات مثل: كن جيداً أو أحسن سلوكك أو لا ترمي الكتب قولي: الكتب مكانها في المكتبة وهكذا. 2 - إن إلقاء الأوامر طول اليوم يساعد على توليد المقاومة عند الطفل ولكن عندما تعطي الطفل سبباً منطقياً لتعاونه فمن المحتمل أن يتعاون أكثر فبدلا من أن تقولي للطفل اجمع ألعابك قولي له يجب أن تعيد ألعابك مكانها وإلا ستضيع أو تنكسر وإذا رفض الطفل فقولي هيا نجمعها معاً وبذلك تتحول المهمة إلى لعبة. 3 - علقي على سلوكه لا على شخصيته أي أكدي لصغيرك أن فعله أو سلوكه غير مقبول ولكن لا يعني هذا أنك لا تقبلينه هو شخصياً فقولي له مثلاً هذا فعل غير مقبول ولا تقولي ماذا حدث لك ولا تصفيه بالغباء أو الكسل لأن مثل هذه التوصيفات تؤثر على احترامه لذاته تؤدي إلى فقدان الثقة بنفسه. 4 - اعترفي لنفسك برغبات طفلك، فمن الطبيعي أن يتمنى امتلاك كل لعبة في محل اللعب لأنه طفل لكن بدلاً من معاقبته على تمسكه باللعب ووصفه بالطمع قولي له أنت تتمنى أن تحصل على كل اللعب ولكن اختر لعبة الآن وأخرى للمرة القادمة، أو اتفقي معه قبل الخروج بلعبة واحدة فقط فمثل هذا الاتفاق يجنبك الكثير من المعارك وتجعلين طفلك يشعر بأنك تحترمين رغبته وتشعرين به وتحاولين إسعاده. 5 - استمعي وافهمي..فعادة ما يكون لدى الأطفال سبب للشجار فأنصتي لطفلك فربما عنده سبب منطقي لعدم طاعة أوامرك أو ربما يعاني شيئاً يؤلمه أو يضايقه. 6 - حاولي الوصول إلى دوافعه الداخلية إذا أبدى سلوكاً يتميز بسوء الأدب لتعرفي الأسباب الحقيقة وراء تصرفاته المرفوضة،هذا مع الأخذ في الاعتبار أن لكل طفل قدرات خاصة وميولاً تختلف عن الآخرين فاحرصي على أن توجهي حديثك إلى مشاعره بقولك له مثلاً لقد رفضت أن أتتركك تلعب على الكمبيوتر فأغضبك هذا وليس بإمكانك أن تفعل ما فعلت ولكن يمكن أن تقول أنا آسف أو أنا غضبان وبهذا تفرقين بين الفعل والشعور وتوجهين سلوكه بطريق إيجابية. 7 - تجنبي التهديد بالرشوة لأنك إذا كنت تستخدمين التهديد باستمرار للحصول على طاعة صغيرك فإنه سيتعلم أن يتجاهل رغباتك حتى تبدئي التهديد،والتهديدات التي تكون في ثورة الغضب عادة ما تكون غير إيجابية، ومع الوقت سوف يتعلم الطفل ألا ينصت لك أو يعيرك أي اهتمام حتى إن هددتيه بالعقاب كما أن رشوته تعلمه أيضاً ألا ينتبه لك لأنك عندما تقولين له سوف أعطيك لعبة جديدة إذا نظفت غرفتك فإنه سوف يطيعك من أجل الحصول على اللعبة وليس لكي يساعدك أو يقوم بما عليه من واجبات ومع الوقت سوف يتعلم أن لكل شيء ثمناً وبدونه لن يقدم شيئاً من عنده. 8 - عندما يطيعك طفلك قبليه واحتضنيه أو امتدحي سلوكه بكلمات مثل ممتاز، عمل رائع،ليرغب في تكرار مثل هذه السلوكيات الحميدة التي استحق عليها ثناءك.إن وضع القواعد صعب بالنسبة لأي أم ولكن إذا وضعت قواعد واضحة ومتناسقة وعاملت طفلها باحترام وصبر فسوف تجدينه كلما كبر أكثر تعاوناً ولأشد براً، فأسلوب المدح والثناء يدعم السلوك المقبول وهو أفضل من العقاب لأن العقاب يولد العنف، وينبغي التحلي بالصبر ونحن نتعامل مع أطفالنا، فصناعة الأجيال وبناؤها أهم وأصعب من بناء المصانع، فمهمة بناء الأجيال مهمة سامية إذا أخلصت فيها فستنالين تقدير المجتمع والأجر من الله عز وجل وفقك الله.