د. عامر الكريمي ل"أصحاب الذاكرة المثقوبة" تحالف مكون أنصار الله مع أغلب المكونات السياسية والقبلية والعسكرية اليمنية، واستطاعت الجماعة بذكاء أن تلعب على المتناقضات، مستفيدة من تلك التحالفات اللحظية لتحقيق أهدافها، حتى وصلت إلى السلطة. لقد تحالفت الجماعة مع الحراك الجنوبي قبل عام 2011، وسمع الجميع عن الدعم الإيراني لقيادات بارزة في الحراك، قبل أن يتشظى لاحقًا ويُستقطب إقليميًا. تحالفت الجماعة مع الإصلاح والقوى القبلية والعسكرية، وانخرطت معهم في إسقاط نظام صالح، ثم انخرطت في تحالف مع حزب صالح نفسه للقضاء على خصومهم من الإصلاح والقبائل والعسكر؛ ثم ما لبثت أن قضت عليهم، كما قضت على غيرهم. تحالفت الجماعة مع اليسار، وجاءتهم من الباب الذي يحبونه: الحقوق، المظالم، دعم المجتمعات المسحوقة، والعدالة الاجتماعية، وغيرها من المبادئ اليسارية، ووجّهت جهودهم في إطار يخدم أجندتها، ثم تجاوزتهم لاحقًا وهمّشتهم، كما تجاوزت من قبلهم. تحالفت أيضًا مع مكون "المهمشين"، وما أطلقت عليهم "أحفاد بلال"، واختارت منهم "القيرعي" عضوًا في ما سُمِّي باللجنة الثورية لقيادة البلاد، وكان تحالفًا مرحليًا أيضًا. بل واستطاعت أن تلعب بذكاء سياسي مع القوى الإقليمية والخارجية، بما فيها الخليج، الذين تعاملت معهم أحيانًا كخصوم، وأحيانًا كأوراق لتحقيق أهدافها. ومنذ ذلك الحين، بدأت بعض تلك المكونات – التي شعرت بالتهميش – وبدعم وتمويل خليجي، بتشكيل ما يُعرف اليوم بفصائل "الشرعية"، وبدأت بعض المكونات المستهلكة بالالتحاق بها، وهنا بدأت الغيرة، وبدأت بورصة المزايدات، والعوراء تهاجم الدَّوعى، أو كما قال القاضي قطران: "في النار وبيتحاقروا". حينما يعاير الغارق من بلل قدميه! مؤخرًا، ظهرت قضية الزايدي، الذي اعتزل العمل السياسي قبل عشر سنوات، لكن للأسف خرجت كتائب الذباب الموجهة تنبش ماضيه وتحالفه مع الجماعة، وهو لا يختلف عن ماضيهم، لا لشيء إلا لتسجيل موقف نصر متوهم، ولإخافة زملائهم "السابقين" من التفكير في الانضمام، أو الحياد، أو حتى الهدوء، خشية أن ينافسوهم على ريع الارتزاق، كما وصف ذلك النائب الحر أحمد سيف حاشد في منشور له من القاهرة، مؤكدًا ومطمئنًا لهم: "أنا لست في هذا الوادي، ولا أرغب فيه… تطمّنوا". قبلها، شُنَّت حملة لا تقل وقاحة وضراوة على القاضي النبيل عبدالوهاب قطران، فقط لأنه قرر قضاء إجازة العيد في عدن؛ فهاجموه وحرّضوا ضده، ونادت "حمالة الحطب" (ناشطة ممولة) بتصفيته هو وأسرته، بحجج وقعوا فيها هم أنفسهم من قبل مع الجماعة، وبشكل أكبر وأعمق. وقد طمأنهم حينها بأن زيارته "عيدية"، وأنه عائد إلى صنعاء، فهدأت أعصابهم قليلًا. كلهم وقعوا في الفخ… فمن يملك شرف المزايدة؟ المثير أن كثيرًا من رموز الشرعية الحالية هم أنفسهم من كانوا متحالفين مع الجماعة، ومن اعتبروا سقوط البلاد عام 2011 نصرًا للثورة، وهم الذين أيدوا سقوط عمران بيد الجماعة باعتباره خطوة في استعادة الدولة. عن الفندم طارق صالح! أين كان سياسيًا وعسكريًا من الشرعية قبل ديسمبر 2017؟ وأين صار اليوم؟ وكيف تم التعاطي مع الأمر من أبواق وذباب ومومسات الشرعية؟ وهنا يكمن العُهر والازدواجية، مقارنة بالتعامل مع الشيخ الزايدي، والمؤتمري هشام شرف، وكل من قرر المغادرة من حلف وسلطة الجماعة، لأي سبب كان! وهنا أنقل لأصحاب الذاكرة المثقوبة، وللشلة التي تكثر الحديث عن الشرف، بعضًا من التصريحات الموثقة لعلهم يستحون: حميد الأحمر – مارس 2011 اعتبر النائب الإخواني حميد الأحمر أن سيطرة الجماعة على صعدة في مارس 2011 "انتصارًا للثورة الشبابية"، واصفًا الحدث بأنه "عودة للأهل"، وأنهم جزء وشريك أساسي في الثورة. عبدربه منصور هادي – يوليو 2014 بعد دخول الجماعة عمران، زارها وأعلن أن عمران "عادت إلى حضن الدولة"، معتبرًا ذلك ضمانًا لاستقرار اليمن، وإعلامًا بأن الدولة ستعود إلى ما كانت عليه. صادق بن عبدالله الأحمر – أبريل 2011 "نحن – إصلاح، حوثيون، اشتراكيون، مستقلون – جسد واحد ضد الفساد، كلنا ثوار"، بلسان تجمع مشترك مع الجماعة في ساحات الثورة. عبدالمجيد الزنداني – مايو 2011 تحدث في مؤتمر مشترك واقترح حلًا فقهيًا لتصحيح وضع الجماعة، معتبرًا الخُمس جزءًا من حل مشكلات الهاشمية في صعدة، كما في معتقد جماعته. الرئيس علي عبدالله صالح – قبل 2014 صرّح بأن الجماعة "جزء من الشعب اليمني"، وأنه يتعاون مع من يحارب الفساد، مهددًا ب"إنهاء التحالفات العقيمة"، وكان ذلك جزءًا من مناورة لتحويل الموقف السياسي لصالحه في تلك المرحلة. عبده الترب – وزير الداخلية الإصلاحي السابق في تصريح رسمي، وجّه عناصر الداخلية للتعاون مع أنصار الجماعة عندما تم اقتحام صنعاء، ووصفهم بأنهم "أنصار الشرطة والأمن".