لايمكن تجاهل ان الرئيس اليمني المؤقت /الدائم !! عبدربه منصور هادي استلم دولة ضعيفة ومؤسسات هشة واوضاع مأساوية بعد ان وصل البلد الى حافة الانهيار بنهاية فترة حكم علي صالح الذي غرق في الفساد الذي استشرى بسبب رغبة علي صالح بتوريث الحكم لنجله الاكبر احمد ، من خلال محاولته ارضاء قيادات الدولة المدنية والعسكرية بالمناصب وترك الباب لممارستهم الفساد دون أي اجراءات رقابية او عقابية او حتى مسائلة او تنبيه ، وهذه الرغبة – التوريث - هي التي وقفت امامها قوى عديدة اولها المعارضة السياسية ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك اضافة الى عدد من القيادات العسكرية والقبلية .. كان الفساد وتردي الخدمات وغياب الدولة وتطبيق القانون هي العوامل الاساسية للثورة على نظام الرئيس السابق علي صالح ، ولم تكون ثورة الشباب 2011م على شخص علي صالح بل كانت على سياساته التي وصلت الى طريق مسدود بإجراء أي اصلاحات حقيقية او تنفيذ الالتزامات التي اعلنها في مناسبات عديدة ، مع سنوات حكمه الاخيرة ازداد اعداد العاطلين عن العمل وانتشرت البطالة بين اوساط الشباب المؤهلين واتسعت دائرة الفقر ، وكل هذا بسبب انحصار علي صالح في مهمة توريث السلطة لنجله ، الذي جند من اجل هذه المهمة وظائف الدولة وميزانيتها لشراء الولاءات وتقريب رجال الدولة من القيادات المدنية والعسكرية والامنية وحتى القيادات السياسية من الاحزاب في المعارضة والموالاة من اجل كسب رضاهم لدعم اختيار نجله وريثا لحكم الجمهورية اليمنية !! . رغم الثورة الشبابية التي نجحت جزئيا بإبعاد علي صالح من السلطة جزئيا الا ان الشباب والشعب تفاجئ ببقاء طبيعة نظام علي صالح شكلا ومضمونا في العهد الجديد/ القديم/البائس من خلال اختيار هادي للقيام بقيادة مرحلة انتقالية لعامين فقط وكان هذا الاختيار هو الصدمة الكبيرة التي ضربت عمق التغيير الذي خرج الشباب والشعب بثورة شعبية كاملة الاركان ، اختيار هادي تم بناء على رغبة علي صالح الذي نجح بتفخيخ مرحلة التغيير القادمة بما اسماه حينها " اليد الأمينة " ويقصد بهذا نائبه لسبعة عشر عام هادي الذي لم يكون له أي دور على مستوى اليمن رغم الفترة الطويلة التي قضاها نائبا لصالح .. اختيار نائب الرئيس السابق للقيام بقيادة اليمن ومرحلة التغيير كانت اول عملية انقلاب على التغيير وقد اثبتت الايام ان هادي لم يكون مجرد انقلاب على التغيير فقط وانما كارثة لانهيار اليمن ودخوله مرحلة الصراعات والاحتراب الداخلي ، لم يتوقف الامر عند هذا فقط بل تعداه الى تسليم الدولة ومؤسساتها لمليشيا مسلحة خارج القانون وهي مليشيا الحوثي الذي رفض اعلانها مليشيا ارهابية او خارج القانون على الاقل اسوة ببعض دول الخليج ( الموجودة ضمن التحالف العربي ) التي ادرجتها ضمن الجماعات الارهابية .. التغيير الذي خرج الشباب والشعب بثورة من اجله هو تغيير قواعد النظام الذي ادى الى تدهور اليمن ولم يكون خروجهم من اجل استبدال شخص فاسد بشخص افسد وافشل من سلفه ، الشباب ثاروا من اجل تغيير الاستحواذ على السلطة والثروة وتسلط عائلة بمقدرات الدولة ، وانهاء حكم الفرد وشخصنة الادارة وتفصيلها على مقاسات معينة لأشخاص بعينهم ، كانت الصدمة قوية بعد ان صادروا احلامهم واسترخصوا دمائهم ، ومع ذلك تغلب الشباب والقوى الفاعلة في المجتمع على ذلك الاختيار السيئ بهدف تجنيب البلاد الدخول في صراعات مسلحة ، دون ان يعلموا ما تخبي لهم نوايا كارثة ذلك الاختيار ، رغم الكارثة الا ان الجميع بادر " استسلم " لدعم هادي وقيادته للبلد ماعدا مليشيا الحوثي التي رفضت انتخابه او الموافقة عليه .. انتخب هادي كمرشح " كرازي " وحيد دون منافس وحصل على نسبة عالية من الاصوات وحظى بدعم كل القوى والقيادات السياسية والمدنية والعسكرية ولم يعارضه احد سوى جماعة الحوثي بداية الامر ، بدأ هادي بالانحراف عن مسار التغيير سريعا وخرج على نصوص الاتفاق والتوافق وبدأ يعيد تكريس حكم الفرد واعادة انتاج نظام فاشل بمواصفات قروية ومناطقية وقام بإجراءات لتغيير قيادات عسكرية وامنية وحكومية ، وكل من تم تعيينهم بدلا من رجال صالح والمقربين عائليا منه تم استبدالهم بمقربين عائليا من هادي ومن انصاره ومن منطقته ومن رفاقه السابقين ، التغيير الذي قام به الرئيس المؤقت هو استبدال اشخاص فقط دون العمل على تغيير بيئة العمل ، مع فارق كبير ان من قام هادي بتعيينهم كانوا اسوأ من سابقيهم من كل النواحي ، وكانوا عبارة عن قيادات فاشلة لا هم لهم سوى جني الاموال وتحقيق المكاسب لانهم اعتبروا التعيين والمناصب غنيمة وفرصة لا تعوض .. بعد ثلاثة اشهر انحرف هادي بالمرحلة كليا وسلم امور ادارة الدولة ومفاصلها لنجليه جلال وناصر ليتحكموا بمسار الحياة السياسية والادارية والعسكرية والامنية لليمن وباقي الاجراءات هي شكلية اما الحقيقة هي سيطرة اولاده على الدولة ومنظومة الحكم ، هذه السيطرة هي التي دفعت بأولاد الرئيس والرئيس الى التخلص من القوى الثورية وانصارها من الجيش والامن والاحزاب والقبائل والشباب وكافة المكونات ، هذه الرغبة انسجمت مع التوجهات الاقليمية والدولية التي تسعى لتحجيم قوى التغيير الاسلامية التي كان لها الدور بتصدر مشهد الثورة ويومياتها وكان البديل عند الرئيس هادي للتخلص من تلك القوى هو الارتماء بأحضان مليشيا الحوثي التي قدم لها الكثير من الخدمات ووفر لها التغطية السياسية والقانونية لأعمالها المسلحة ، يأتي هذا بالتزامن مع قيام الرئيس السابق ( الرئيس الفعلي لليمن بسبب اختياره اليد الامينة هادي ) بالتنسيق مع جماعة الحوثي تمهيدا للتحالف معها .. الرئيس هادي ( اليد الأمينة لصالح ) هو الذي سمح لسلفه صالح بممارسة السلطة عن بعد وهو من سمح له بالتدخل بكل مجريات الامور ، صالح استغل انشغال هادي بترتيب اوضاع عائلته والمقربين منه وتمكينهم في مفاصل الدولة والتدخل بشئون المؤسسات والتدخل بشئون الحكومة والتدخل بشئون الوزراء والوزارات والمؤسسات والاشراف على الصفقات والمناقصات الوهمية والسيطرة على المؤسسات الإيرادية والمالية .. لم يكتمل العام الاول لحكم هادي الا وقد استحوذ على مفاصل الدولة واستبدل المقربين من صالح بمقربين منه ، اتضح حينها لكل القوى ان هادي يمارس السلطة منفردا وبدأت الاصوات ترتفع ضد سياساته وكان يواجه هذه الاصوات بالاستعانة المبعوث الاممي السابق جمال بنعمر والسفير الامريكي تحديدا وبواسطته مدير مكتبه المرتبط بدوائر خارجية ، سعى هادي وبموجب استشارة واصرار مدير مكتبه (الذي اطلق عليه الناشطين اليمنيين اسم #الجاسوس) لإصدار قرار العقوبات من مجلس الامن وهي العصى التي كان يرفعها هادي امام من يعارضه وقرار العقوبات لم يلوح به مجرد التلويح على القيادات والكيانات التي كان يستهدفها وهي اركان النظام السابق وجماعة الحوثي ، وكان القرار هو الغطاء الذي قام هادي من خلاله بالتفريط بسلطاته وبمؤسسات الدولة وسلمها لمليشيا الحوثي بناء على اتفاق بينه وبينها وبشكل غير علني وبواسطة المبعوث الاممي وبدعم من وزير دفاعه ومدير مكتبه .. وللتذكير وخاصة لأصحاب الذاكرة المثقوبة اورد بعض منجزات هادي الكارثية كما اوردها احد الزملاء : �� من الذي انتخبه الشعب ليكون حارسا أمينا على دمائه ومصالحه وأمنه واستقراره.. �� من الذي أصدر قرار رفع الدعم عن البترول ورفع سعر الدبة إلى 4 الف ريال خلافا للاتفاق مع الحكومة.!! �� من الذي اخرج الحوثيين من صعدة وسمح لهم بمحاصرة دماج وقال إن الجيش محايد.!! �� من صاحب مبادرة إخراج أبناء دماج من بلادهم ومنازلهم وتهجيرهم إلى الحديدة ثم صنعاء ثم رفض مجرد مقابلتهم.!! �� من الذي سمح للحوثيين بالدخول إلى عمران بأسلحتهم للتظاهر ضد الجرعة والحكومة.!! �� من الذي رفض دعم اللواء القشيبي في التصدي لتوسعهم بمبرر أن الجيش محايد..!! �� من الذي وجه وزير الدفاع السابق بتموين اعتصامات الحوثيين من ميزانية ومخصصات القوات المسلحة..!! �� من الذي زار عمران بعد مقتل القشيبي وسيطرة الحوثيين عليها وقال اليوم عادت عمران إلى حضن الدولة..!! �� من الذي أفرغ الفرقة الأولى مدرع وساعد الحوثيين في الدخول إلى صنعاء والسيطرة عليها..!! �� من الذي سعى وجمع الاطراف السياسية للموافقة والتوقيع على اتفاق السلم والشراكة مع الحوثيين.!! �� من الذي سلمهم وزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة وهيئة الاركان ومخازن السلاح وغيرها من المؤسسات المدنية والعسكرية..!! هذا هو هادي وهذه منجزاته ولا يمكن لأي طرف او شخص انكارها ..
بقاء هادي هو الخطر القادم بعد استعادة الدولة .. لا اعتقد ان دول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية تتجاهل خطر وجود هادي على المرحلة القادمة من خلال معرفة القيادة السعودية الحالية بدور هادي بالسماح لجماعة الحوثي وتمددها بتوجيهات منه وتحت اشراف وزير دفاعه ومدير مكتبه السابق ( سفير اليمن حاليا بواشنطن ) ولا يمكن للسعودية الوثوق بهادي خاصة بعد ان عاشوا وتعايشوا مع فشله وفساده من خلال الفترة التي قضاها بالرياض وعدم وجود رؤية لديه لقيادة دولة ووصول الاشقاء بالسعودية الى يقين كامل بأن هموم وتطلعات هادي لا تتجاوز حدود عائلته وأولاده والمقربين منه وهي الخدمات التي يمارسها حتى بعد تحرير عدن .. من مصلحة اليمن و قيادة التحالف وخاصة السعودية ان يقوموا باتخاذ ضمانات تحمي مكاسب الانتصار وتحافظ عليه كثمن طبيعي لعاصفة الحزم واعادة الامل وهذه الضمانات هدفها الاساسي والاستراتيجي بعيد المدى تحصين اليمن من الاختراق مرة اخرى لصالح مشاريع اقليمية تستهدف امن دول الخليج انطلاقا من اليمن ، دول التحالف بالطبع اذا لم تضع دور هادي امام عيونها كرئيس تسبب بإنتاج كل هذا لليمن ولدول الخليج مع العلم انه هنا لا يمكن اغفال دور الرئيس السابق الذي يعتبر محوريا ، لكن هذا الدور جاء وتصاعد بناء على سوء ادارة هادي وفشله الذي لم يستطيع بالسيطرة على عدد من قيادات حزبه الذي كان يتولى نائب الرئيس والامين العام أي انه كان الرجل الثاني في الدولة والحزب ، لكن قدراته الشخصية والادارية ضعيفة ومنعدمة وبسبب هذه القدرات ومعرفة علي صالح بها اختاره كيد امينه للقيام بتنفيذ مخططاته الانتقامية ضد القوى التي دعمت ثورة الشباب واطاحت به من الحكم .. رغم الدعم الاقليمي والدولي والمحلي للرئيس هادي وشرعيته من خلال عاصفة الحزم الا انه لم يستغلها بتثبيت دعائم حكمه على الاقل كحاكم مقبول ولم يستغل هذا الدعم بالقيام بأي تغييرات على مستوى ابسط الاشياء مثل اجراء تغيير السفراء بالخارج الذين لازالت سفارات اليمن مسخرة للعمل لصالح المليشيا ، ولم يقوم بأي خطوة تؤدي بتحسين صورة السيئة عند الشعب اليمني حتى من يعملون تحت راية اعادة الشرعية ، لازال يمارس الدور السابق بالتفريط بسلطاته وكما فرط بها سابقا لصالح مليشيا الحوثي سيفرط بها حاليا لصالح القاعدة وداعش التي اصبح تواجدها في المحافظات الجنوبية المحررة كبير واصبحت تسيطر على مديريات كاملة ولها معسكرات تدريب ومحاكم شرعية وتمارس اعمالها في بعض المحافظات بشكل طبيعي ومنها محافظة عدن ومحافظة ابين وهي المحافظة التي ينتمي لها هادي .. يجب معالجة وحسم وجود هادي رئيسا لليمن من اجل الحفاظ على الدولة اليمنية واعادة مؤسساتها وجيشها وحفاظا على امن اليمن وامن دول المنطقة ، اما في حال تم تسليم قيادة اليمن لهادي فسيتم اعادة انتاج جماعات مسلحة جديدة اكثر خطرا على امن اليمن ودول المنطقة من جماعة الحوثي ، لان وجود هادي لا يمكن ان يتم الا بقيامه بإشعال الصراعات واختلاق الذرائع من اجل توفير فرص البقاء لأطول فترة ممكنه ، بقاء هادي هو بمثابة غرفة لانعاش جماعات الهدم والتخريب التي يناور بها على الاخرين وهي مصدر رزق كبير على المستوى الشخصي والعائلي ، يجب ان يكون في بال صناع القرار بدول التحالف وخاصة السعودية ان يضعوا في بالهم قاعدة هامة وهي لا يمكن للرئيس السابق علي صالح ان يختار نائبا له بمواصفات قيادية وان اختياره لنائبه هادي كان بمثابة سد الفراغ لمنصب النائب واقامة الحجة على المطالبين بتعيين نائب رئيس ، هذه النقطة يجب ان تكون حاضرة في التعامل مع شخص هادي والتعامل مع اليمن فيما بعد العاصفة ، لان هادي ووجوده هو العامل الذي سيفقد اهدافها ويعيد اليمن الى دوامة من الصراعات الجديدة والاحتراب من اجل ابعاد قرار انتخاب رئيس جديد ، مكاسب الانتصار والحفاظ عليه مرتبط بإزالة اسباب انهيار الوضع في اليمن الذي يعتبر هادي احد اسباب ذلك الانهيار مع عدم انكار دور الرئيس السابق لكنه عمليا انتهت شرعيته ونفوذه لو كان البديل قائد لديه رؤية وطنية لقيادة البلد .. في الحلقة القادمة سنتناول دور هادي بإرباك عاصفة الحزم واطالة فترة الحسم