أكد عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح عبدالرزاق الهجري، أن وجوده مع وفد الإصلاح في لندن يأتي في صميم القضية اليمنية، بهدف إيصال صوت اليمنيين إلى دوائر القرار في دولة مؤثرة بالملف اليمني. وأوضح الهجري، في مقابلة مع برنامج بلا حدود على قناة "بي بي سي"، أن بريطانيا تمسك بملف اليمن داخل مجلس الأمن، ما يجعل التواصل المباشر مع مسؤوليها أمرًا ضروريًا، مشددًا على أن الحضور السياسي الخارجي لا ينفصل عن هموم الداخل، بل يصب في دعم القضية اليمنية في هذا التوقيت الحرج.
وأكد الهجري في الحوار الذي تابعه محرر "الصحوة نت" أن إدراك حجم المعاناة التي يعيشها اليمنيون لا يتعارض مع العمل السياسي الخارجي، معتبرًا أن نقل الصورة الحقيقية للمجتمع الدولي جزء من مسؤولية القوى الوطنية، خاصة في ظل مرحلة وصفها بالمعترك الصعب.
وصف الهجري ما جرى في محافظتي حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية بأنه واقع مؤسف، مؤكدًا أن لهاتين المحافظتين خصوصية سياسية وأمنية، وكانتا تنعمان باستقرار نسبي وتنظيم مؤسسي جيد قبل هذه التطورات، وأن ما حدث تصرفات أحادية تناقض نصوص إعلان نقل السلطة،
ولفت إلى أن إعلان نقل السلطة خوّل مجلس القيادة الرئاسي بإدارة البلاد والحفاظ على وحدة الأراضي اليمنية، والتوجه نحو استعادة الدولة من مليشيا الحوثي، معتبرًا أن ما حدث يتعارض مع هذه الأهداف ويقوض مرجعيات المرحلة الانتقالية.
وأشار الهجري إلى أن قوات الانتقالي التي تحركت في تلك المحافظات لا تخضع لوزارة الدفاع ولا للقائد الأعلى، موضحًا أن القوات النظامية التابعة للجيش كانت منتشرة سابقًا في مأربوحضرموت والمهرة وتعز والمنطقة العسكرية الخامسة.
وأكد أن هذه التحركات الأحادية تؤثر سلبًا على تماسك السلطة الشرعية، وتفتح بابًا لعدم الاستقرار في محافظات كانت مستقرة نسبيًا، معتبرًا أن نتائجها السياسية والأمنية لا تصب إلا في مصلحة الحوثيين.
وأوضح أن المجلس الانتقالي يسيطر عسكريًا على عدن منذ أربع سنوات، ولا توجد قوات نظامية تابعة للجيش في عدن، باستثناء قوة محدودة من الحرس الرئاسي داخل قصر معاشيق، مشيرًا إلى أن هذا الواقع امتد مؤخرًا إلى حضرموت والمهرة.
وأشار إلى أن مؤتمر الحوار الوطني أقر الفيدرالية ومنح الأقاليم صلاحيات واسعة، معتبرًا أن ما حدث يخل بهذه الترتيبات، ويقوض قدرة هذه المحافظات على إدارة شؤونها وثرواتها ضمن الدولة.
وفي رده على تساؤلات بشأن اتفاق الرياض، قال الهجري إنه لا يعتقد أن الاتفاق انهار، ولفت إلى أن مجلس القيادة الرئاسي لم يؤدِ الدور المأمول منه منذ تشكيله، نتيجة التباين في بعض المشاريع السياسية والعسكرية.
وأوضح أن القوات العسكرية التابعة لعدد من أعضاء مجلس القيادة لم يتم توحيدها أو دمجها في وزارتي الدفاع والداخلية، وفقًا لقرار نقل السلطة، ما أبقاها بعيدة عن مصدر القرار داخل الدولة.
وأضاف أن هذا الضعف لا يبرر الخروج على الاتفاقات أو فرض أمر واقع بالقوة، مشددًا على أن استبعاد مجلس القيادة أو تقويض الشرعية بالقوة أمر مرفوض ويؤثر على الاستقرار النسبي في تلك المناطق.
وأكد الهجري أن أي محاولة لفرض واقع جديد خارج إطار الدولة لا يمكن تبريرها بالخلافات السياسية، معتبرًا أن ذلك يضعف الشرعية ويخدم مشروع الحوثي الانقلابي بصورة مباشرة.
ورفض الهجري تبريرات الانتقالي فيما يتعلق بمحاربة التهريب والتطرف في حضرموت، معتبرًا أنها غير مقنعة، موضحًا أن قضايا التهريب كانت موجودة في مناطق عدة، ولم يكن الحل استبدال القوات النظامية بقوات غير خاضعة للدولة.
وأكد أن القوات التي كانت موجودة في وادي حضرموت سبق أن واجهت تنظيم القاعدة وقدمت تضحيات كبيرة، مشيرًا إلى أن اتهامها بالتقصير أو التطرف ذريعة لا تستند إلى وقائع.
وأضاف أن الحل الحقيقي كان يجب أن يكون عبر تعزيز أداء القوات الرسمية وإصلاح اختلالاتها، لا عبر فرض ترتيبات عسكرية جديدة تخل بالتوازن الأمني والإداري في تلك المحافظات.
الموقف السعودي من المستجدات
نفى الهجري صحة الادعاءات بأن تحركات المجلس الانتقالي تمت بموافقة التحالف، مؤكدًا أن السعودية ترفض هذه التحركات، وأن ممثلها الواء القحطاني لا يزال موجودًا حتى اليوم في حضرموت، ويمارس ضغوطًا علنية لخروج تلك القوات.
وأشار إلى أن السعودية تشرف على دعم وتدريب قوات «درع الوطن» التي أنشئت بقرار رئاسي، موضحًا أن الرياض لا تتفق مع تبريرات الانتقالي وتعتبر ما جرى مخالفًا للاتفاقات.
وحول السيناريو الأقرب، قال الهجري إن الحل يتمثل في عودة قوات الانتقالي إلى مواقعها السابقة، وإحلال القوات المعتمدة رسميًا، والتفرغ للمهمة الأساسية المتمثلة في استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي.
موقف الإصلاح وواقعه
شدد عبدالرزاق الهجري على أن حزب الإصلاح لا يمتلك أي قوات مسلحة، موضحًا أن شباب الحزب قاتلوا ضمن الجيش في مواجهة الحوثيين منذ 2014، قبل دمج المقاومة رسميًا في القوات المسلحة بقرار رئاسي.
وشدد على أن الإصلاح لا يملك أي تشكيلات عسكرية مستقلة، وأن كل من قاتلوا ضمن صفوفه أصبحوا جزءًا من الجيش الوطني، يخضعون لقيادة وزارة الدفاع ورئاسة الأركان.
وفيما يتعلق بأداء مجلس القيادة، قال الهجري إن الوقت لا يزال متاحًا لتحسين الأداء، داعيًا لتحمل المسؤولية الوطنية بدعم إقليمي ودولي لتوحيد الصف الشرعي، مؤكدًا أن أجندة الإصلاح تتركز على إنهاء الانقلاب والوصول إلى عملية سياسية شاملة وعادلة، رافضًا أي تحرك منفرد خارج إطار الشرعية.
وحول الحوار مع الحوثيين، أوضح أن أي تفاوض يجب أن يتم عبر الشرعية كمؤسسة واحدة، مؤكدًا عدم وجود أي تواصل مباشر بين الإصلاح والحوثيين، موضحًا أن أي تفاوض يجب أن يتم عبر الشرعية كمؤسسة واحدة، مشددًا على رفض أي مسارات خارج إطار الدولة.
ونفى تعرض الإصلاح لأي استهداف أو ضغوط سعودية، مؤكدًا أن الحزب منذ تأسيسه دعا لعلاقات مميزة مع دول الجوار، وفي مقدمتها السعودية، مشيدًا بالعلاقة المتميزة والإيجابية مع المملكة، ومثمنًا دعمها المستمر للحكومة الشرعية ولليمنيين.
وحول مستقبل الحزب، أوضح الهجري أنه كان من المفترض أن يعقد حزب الإصلاح مؤتمره العام في العام 2013، غير أن تطورات الأزمة الحوثية وما رافقها من ظروف أمنية حالت دون انعقاده في حينه، وهو ما فرض على الحزب تأجيل الاستحقاقات التنظيمية خلال تلك المرحلة الاستثنائية التي شهدتها البلاد.
واختتم الهجري الحوار بالتأكيد على أن الحزب أنجز خلال العامين الماضيين إعادة انتخاب نحو 90% من قيادات الإصلاح في المحافظات، مع تجديد 70% من الأمانة العامة بضخ عناصر شبابية، ويعمل حاليًا على التحضير لدورة انتخابية جديدة ومراجعة الأدبيات واللوائح والبرنامج السياسي بما يتواكب مع متطلبات المرحلة.