الأحداث المتسارعة التي شهدتها محافظتي حضرموت والمهرة في الأيام القريبة الماضية، والشبيهة بالمسرحية الهزلية التي انتهت بسيطرة ما يسمى بالمجلس الانتقالي المدعوم من الإمارات على المحافظتين، تؤكد قذارة اللعبة السعودية- الإماراتية لتقسيم اليمن وتأجيج الصراع بين اليمنيين خدمة للصهيونية ومشاريع الغرب الاستعماري، والأطماع التي باتت ظاهرة للعيان في ثروة اليمن النفطية والغازية والاستحواذ على موانئه وجزره. أطراف العمالة والارتزاق كانت شريكة في سقوط حضرموت والمهرة" سلم واستلم" وعلى رأسها مجلس رئاسي المرتزقة وحكومتهم، وكذلك حزب الإصلاح الذي ظن أن النظام السعودي سيشفق عليه مقابل طاعته العمياء، بالإضافة إلى تلك الأذرع الموالية للسعودية في وادي حضرموت " حلف القبائل, بن حبريش".. فمن تقدم مدعوم إمارتياً وتسليم واستسلام من سمت نفسها بالشرعية للمنطقة العسكرية الأولى والالوية التابعة لها، إلى انسحاب مقاتلي حلف القبائل بتوجيه سعودي، ليفضي كل ذلك إلى تقاسم مصالح بتسليم الإمارات الشريط الساحلي لحضرموت بعض المدن " قوات الانتقالي" وتسليم الداخل وشريط الحدود البرية للسعودية" درع الوطن".. ومن هي السعودية والامارات سوى أدوات لأمريكا وللصهيونية والامبريالية الغربية الاستعمارية. 26 سبتمبر: متابعات محافظة حضرموت هي المحافظة الأكبر من حيث المساحة والتي تقدر ب36% من مساحة الجمهورية اليمنية، كما أنها تحتوي على 80% من الثروة النفطية لليمن، بالإضافة إلى المقومات الأخرى وأبرزها امتلاكها عدداً من الموانئ أبرزها ميناء المكلا، وميناء الضبة النفطي، ولديها مطاران دوليان هما مطار الريان ومطار سيئون، ومنفذ بري مع السعودية هو منفذ الوديعة، وشريط ساحلي على بحر العرب يمتد ل350 كيلومتراً. كما تعد محافظة المهرة ثاني أكبر المحافظاتاليمنية من حيث المساحة بعد حضرموت، ويوجد فيها منفذان حدوديان مع سلطنة عمان هما صيرفت وشحن، كما تمتلك أطول شريط ساحلي يمني مطل على بحر العرب يقدر طوله ب560 كيلومتراً، وفيه ميناء نشطون الاستراتيجي.. بما يعني أن تلك المميزات للمحافظتين حضرموت والمهرة قد مثلت مطمعاً لدول العدوان ومن يقف ورائها بغية السيطرة والنفوذ على شواطئ مهمة وثروات نفطية ضخمة. وهنا يرى عدد من السياسيين والباحثين أن المشهد في محافظتي حضرموت والمهرة لا يمكن وصفه إلا نسخة جديدة من سيناريوهات عدوانية سابقة تحمل البصمة الإماراتية السعودية، تماماً كما يحدث في ليبيا والسودان ومناطق عربية أخرى. صياغة بريطانية الوزير السابق أحمد العليي، أوضح أن المشروع الذي صاغته بريطانيا منذ سنوات يُنفذ اليوم بأدوات عربية ومحلية، مؤكداً أن الإمارات والسعودية تلتقيان على هدف واحد، وهو فصل حضرموت والمهرة عن اليمن وتحويل البلد إلى مناطق ممزقة يسهل التحكم بها.. مشيراً إلى أن الخطوات المتسارعة خلال الأيام الماضية في حضرموت والمهرة تعكس حجم التنسيق بين الرياض وأبوظبي، بدءاً من إرسال لجان سعودية لتمكين أدوات الإمارات من السيطرة على مناطق واسعة في حضرموت، وصولاً إلى الدفع نحو المهرة. ويصف العليي هذا التحرك بأنه "خبث سعودي وإجرام إماراتي يُنفذ على أرض اليمن"، مؤكداً أن تمرير المشروع البريطاني ليس أمراً سهلاً طالما أن هناك رجالاً يرفضون الانصياع له ويقفون بصلابة في مواجهة المخطط. ويوضح أن السماح السعودي لأدوات الإمارات بالتوسع في حضرموت يكشف عن اتفاق مشترك بين الطرفين لتمرير أجندات تمزيق اليمن وتحويل مناطقه إلى ساحات حرب جديدة، مؤكداً أن ما يجري لا علاقة له بما يسمى "الشرعية"، بل هو مشروع تقسيم صريح يستهدف المحافظات الكبرى وفي مقدمتها حضرموت والمهرة. اصطفاف وطني ويؤكد أحمد العليي أنه لا خيار أمام اليمنيين إلا التوحد حول المشروع الوطني الجامع الذي يقوده السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله- مشروع العزة والاستقلال واستعادة اليمن الكبير، مشدداً على أن الاصطفاف الوطني هو الطريق الوحيد لمواجهة الخطر الذي يتهدد البلاد، وأن وحدة الموقف الشعبي هي السد المنيع أمام مخططات العدو وأدواته التي تسعى لتمزيق اليمن وضرب استقراره. رفض الوصاية في حين اشار الكاتب والباحث حسن العيدروس إلى أن تلك القوى تستخدم أدواتها لإعادة تصنيع الفوضى وخلق حالة احتقان دائم تمنع الشعب اليمني من الاستقرار أو الرخاء، بعد أن دفعته خلال السنوات الماضية إلى إنهاك اقتصادي ونفسي عميق يجري استغلاله لدفع مشاريع التفتيت، موضحاً أن نموذج المرتزق عيدروس الزبيدي يكشف حجم التناقضات التي تُطبخ في مطابخ إماراتية وسعودية، إذ يجمع صفات متعارضة لا يمكن أن تجتمع في سياق سياسي طبيعي، لكنها تصبح ممكنة ضمن مشاريع تُدار من الخارج وتُفرض على الواقع اليمني. ولفت العيدروس إلى أن المناطق المحتلة تعيش حالة سياسية فريدة وغير قابلة للنجاح، ولن تصل إلى نتيجة طالما لا يرفع الشعب شعار التحرر الحقيقي من التدخلات الخارجية، مشدداً على أن أي محاولة لحل الأزمة ستكون عبثية ما لم يرتكز الفعل السياسي على مشروع وطني مستقل يرفض الوصاية ويستعيد السيادة. وهم شرعية الفنادق من جانبه كتب عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد البخيتي في تدوينه على منصة (إكس): "شتّان بين شرعية رفعت علم اليمن عاليًا في عواصم العالم بوصفه رمزًا للحرية، وبين شرعية جعلت منه مداسا لمرتزقة الإمارات في المحافظات المحتلّة". وأضاف: "على كل من اقنعوا نفسهم بوهم شرعية الفنادق أن يفيقوا من سباتهم ويلتفوا حول شرعية حكومة صنعاء لخوض معركة تحرير اليمن". وأكد البخيتي، أن ما يجري في المحافظات الواقعة تحت سيطرة التحالف ليس ترسيخا لمشروع الانفصال بالعودة إلى ما قبل عام 90 بقدر ما هو ترسيخ لواقع الاحتلال بالعودة لما قبل 67. ونوه بأنه كما وجد من وصفهم ب "مرتزقة قادمون يا صنعاء" أنفسهم أوراقا محروقة وملقاه على قارعة الطريق سيتوصل "مرتزقة قادمون يا جنوب" إلى نفس النتيجة قريبا. مخطط خارجي اتهم أمين سر جبهة التحرير الجنوبية، عارف العامري، الولاياتالمتحدة وحلفاءها بالوقوف وراء التحركات العسكرية والسياسية التي تشهدها محافظتا حضرموت والمهرة، معتبرًا أنها جزء من "مخطط خارجي" يستهدف إعادة تشكيل المشهد اليمني وتقويض وحدته. وقال العامري، في تصريحات تلفزيونية، إن التحركات التي تقوم بها قوات المجلس الانتقالي والميليشيات المرتبطة بتحالف العدوان تأتي ضمن "المرحلة الأخيرة من مشروع تقسيم اليمن"، مشيرًا إلى أن القوى الخارجية فشلت خلال السنوات الماضية في تحقيق أهدافها رغم الحصار العسكري والاقتصادي المفروض على البلاد. وأوضح أن الهدف من هذه التحركات هو تضييق الخناق على السلطة الوطنية وإعادة رسم الجغرافيا السياسية بما يخدم مصالح القوى الأجنبية، مؤكدًا أن أي محاولات لفرض واقع جديد في حضرموت والمهرة ستواجه برفض شعبي وقبلي واسع. وتطرق العامري إلى حادثة إنزال العلم اليمني في المهرة، معتبرًا أن صمت المجلس الانتقالي تجاهها يعكس "ارتهانًا للخارج"، مشددًا على أن العلم اليمني سيظل مرفوعًا في المناطق الحرة، وأن ما حدث في المهرة "محاولة لخلق صورة مضللة عن الواقع". وأكد أن القبائل في حضرموت والمهرة كانت وما تزال صاحبة القرار في مناطقها، ولن تسمح بتمرير أي أجندة خارجية، لافتًا إلى أن الأحداث الأخيرة تكشف جملة من الدروس، أبرزها استخدام القوى الأجنبية لميليشيات محلية لفرض السيطرة، وتقليص دور الأحزاب السياسية، ومحاولة تشكيل مجتمع قابل للتوجيه وفق مخططات خارجية. اجتثاث الاصلاح لا شك أن حزب الاصلاح هو الخاسر الرئيسي في أحداث حضرموت التي كان يتواجد ويراهن على البقاء فيها، إلا أن النظامين السعودي والاماراتي قد جعل منه كبش فداء غير مأسوف عليه حاله.. وهذا ما كشفه رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية سبأ نصر الدين عامر، عن قرار مشترك بين السعودية والإمارات يقضي باجتثاث حزب الإصلاح من تلك المحافظات. جاء ذلك في منشور على منصات التواصل الاجتماعي لعامر، أكد فيه تصاعد الأصوات المطالبة بتدخل قيادة صنعاء لوقف فوضى أدوات التحالف والانهيار الأمني في المحافظاتالجنوبية والشرقية. وأوضح عامر أن القيادة الثورية والسياسية في صنعاء تتفهم أصوات المواطنين الذين يستنجدون بها لإنقاذهم من العبث والفوضى في مناطق سيطرة التحالف، كما تتفهم أيضا أصوات اللوم والعتب، معتبرا أن هذه المطالبات تعكس ثقة شعبية كبيرة بأن القيادة في صنعاء هم الأمل الحقيقي والأصدق في مشهد يزداد تعقيدا. وأشار عامر إلى أن ما تتعرض له المحافظات الخاضعة لسيطرة التحالف هو نتاج تراكمات طويلة من الفساد والرهانات الخاطئة التي دفعت الأطراف الموالية للخارج إلى فتح البلد أمام الأيدي الإجرامية، بل وأصبحت أدوات وغطاء لارتكاب الجرائم بحق الشعب والبلد حتى أوصلته إلى ما هو عليه الآن. وأكد عامر أن القيادة الثورية والسياسية لا تتنازل عن شبر واحد من اليمن، وأن شرط مغادرة القوات الأجنبية ظل في صدارة كل جولات التفاوض. وفي ما يتعلق بالصراع الراهن شرق اليمن، كشف عامر أن مخطط التقاسم السعودي الإماراتي ما يزال مستمرا، غير أن المؤكد حاليا هو وجود قرار مشترك لاجتثاث حزب الإصلاح بالكامل، ليختم بالقول: "من أعان ظالما سلطه الله عليه". تقاسم النفوذ وفي ذات الشأن كتب عضو المكتب السياسي لأنصار الله محمد الفرح، على صحفته بمنصة (إكس): " أخسر الخاسرين في رواية العدوان والارتزاق في اليمن منذ عام 2015م هما (السعودية وحزب الاصلاح). وعلل الفرح ذلك، بأن السعودية تخسر وتضحي وتهين سمعتها عالمياً وتتحمل كل النتائج والتبعات، فتأتي الإمارات تقتطف الثمار، رغمًا عنها، بينما حزب الإصلاح هو الأكثر حظاً في التضحية، الذي قدم عشرات الآلاف أتباعه في الحدود اليمنية دفاعاً عن آل سعود وقدم اضعافهم في جبهات الداخل خدمة للسعودي، وخرج من المعادلة مطرودا مذموما مدحورا. ولفت الفرح إلى أن المحرك هو الأمريكي والإسرائيلي، ويضبط تقاسم النفوذ وفق ما يخدم مصالحه ومخططاته، وهم مجرد خدم لا حيلة لديهم. اعتقالات تعسفية لم يقتصر الأمر على نهب مليشيات الانتقالي للأسلحة من المعسكرات فقط بل طالت أعمال النهب الممتلكات العامة والخاصة، ومارست هذه المليشيات الاعتداء والقتل والاعتقال على المواطنين من أبناء المحافظات الشمالية المقيمين في حضرموت والمهرة، ورصدت العديد من المنظمات الحقوقية والانسانية صوراً لتلك الممارسات اللاإنسانية والبعيدة عن اخلاقيات شعبنا اليمني وأعرافه التي تجرم مثل هذه الافعال. حيث اعتبرت منظمات حقوقية وإنسانية، أن ما جري من الانتهاكات المتصاعدة التي ارتكبتها وترتكبها تشكيلات المجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً في محافظة حضرموت، يمثل خرقاً صارخاً للقانون والدستور اليمني والمواثيق الدولية. وأصدرت منظمة "شهود لحقوق الإنسان" بياناً مفصلاً أشارت فيه إلى رصد عمليات منهجية تشمل "اقتحامات للمنازل، وترويع للنساء والأطفال، واعتقالات تعسفية طالت مدنيين ونشطاء، إلى جانب نهب ممتلكات عامة وخاصة، واقتحام مؤسسات حكومية ومقرات حزبية". ولفت البيان إلى انتهاكات خطيرة طالت العسكريين، حيث تمت اعتداءات واعتقالات استهدفت جنوداً وضباطاً من المنطقة العسكرية الأولى أثناء تأدية مهامهم الرسمية، في انتهاك واضح للقواعد الدولية. كما أدانت المنظمة "الاعتداء على العلم الجمهوري" واعتبرته "مساساً برمز السيادة الوطنية"، مشيرة إلى أن هذه الممارسات "ترقى إلى جرائم جسيمة تستوجب المساءلة". وشدد بيان منظمة "شهود لحقوق الإنسان "على "ضرورة فتح تحقيق محايد ومستقل لمحاسبة جميع المتورطين"، مؤكداً أن "حقوق المدنيين مصونة قانوناً وشرعاً، وأن هذه الانتهاكات لن تسقط بالتقادم، بل ستظل محل متابعة وملاحقة على المستويين الوطني والدولي". نشر الفوضى ويبدو أن الأطراف التي باعت اليمن واستجلبت العدوان عليه في العام 2015م لم تستوعب إلى الآن الدرس رغم الصفعات القوية التي منيت بها من تحالف العدوان، وأخرها السيطرة الاماراتية السعودية على محافظتي حضرموت والمهرة ومنابع الثروة النفطية والغازية، وما سيتبعها من مخططات التكريس لتقسيم اليمن ونشر الفوضى والاقتتال بين أدواتها التي تستخدمها حالياً بهدف التخلص منها وضمان بقاء اليمن مقسماً ضعيفاً تحت وصاية المحتل الاماراتي والسعودي الضامنان لمصالح اسرائيل وأمريكا في المنطقة.