تبدو بُنية القبيلة في المجتمعات القبلية التقليدية غير مكتملة من دون وجود فئة من الأشخاص الذين يعيشون تحت حمايتها ويُعرفون باسم الجِيران. وهؤلاء الجيران لا يمتلكون أعرافًا قبلية كاملة، ولا يحق لهم مرافقة الآخرين أو إيواؤهم، كما أنهم لا يحملون السلاح عادة، ويظلون دائمًا في دائرة حماية القبيلة. وينطبق هذا الوضع على النساء أيضًا، إذ تُعدّ المرأة في هذا السياق جزءًا من الفئة التي تحتاج إلى حماية خاصة، ويُنظر إلى أي اعتداء يرتكبه رجل من رجال القبيلة على امرأة بوصفه عارًا يصم الجاني ويمسّ كرامة الجماعة؛ فهو عابة لنفسه وعيبة لمن يعيشون في ذمّة القبيلة. وغالبًا ما تقع النساء في منطقة وسطى بين عائلتَي الزوج والأب، ما يجعل الخلافات العائلية حول قضايا الملكية أو الحقوق اليومية قابلة للتصعيد. ويقتصر تدخل الأطراف الخارجية غالبًا على الوساطة، إلا إذا كان الاعتداء صادرًا عن شخص من خارج القبيلة، فعندها يتحول الأمر إلى قضية عامة تتدخل فيها القبيلة بأكملها. أما الجيران، بصفتهم محميات ضعيفة، فإن ما قد يترتب على الجرائم داخل القبيلة من انقسامات يُحاول – ولو شكليًا – نفيه أو تجنّبه. وتنص الوثائق القبلية على عدم جواز تحيز رجال القبيلة لجار ضد آخر. وجاء في النص "أ" المادة 19: «إذا أساء أحد أفراد ذي محمد إلى جار تحت رعايتهم أُعطي مهلة أسبوع للتكفير، وإلا تحملت جماعته المسؤولية، ثم نصف القبيلة، فكل القبيلة.» وإذا تعرّض جار لاعتداء من غريب، تصبح القضية من النوع الذي يجتمع فيه أفراد القبيلة صفًا واحدًا للقتال أو للدفع أو لقبول الدية. وتوضح المادة 16 من النص "أ" – وقارن ب النص "ب" المادتين 11 و15 – أن حماية السوق والجيران والنساء الشوفة تشكل وحدات متكاملة؛ فالمعنى الأهم للشوفة هو المرأة، مما يعكس ارتباطًا وثيقًا بين مفهوم الحماية والأنثى. ويذكر سيرجنت في وصفه لقضية قانونية من جنوباليمن عبارة «شايم ولايم» بمعنى ما يُعيب ويلوم، ويشير إلى أن هذه الفئة تشمل أي نزاع يتعلق بامرأة أو اعتداء على محمي. وهذا التساوي الشكلي بين الاعتداء على الضعفاء والاعتداء على النساء يعكس النظرة الأخلاقية المشتركة لهشاشة الطرفين، وهو ما يجعل كلمة العار في الإنجليزية أقرب دلاليًا إلى هذا الإحساس رغم اختلاف اللغة. وتُعد النكفة – وهي دعوة الدعم أو الاستنفار – وسيلة أساسية للتصعيد القبلي، وقد تبدأ بمجرد إطلاق طلقات نارية متباعدة في مكان الاجتماع. وإذا شعر شخص بالظلم، يمكنه أن يذبح ثورًا العقير ليعلن حاجته إلى النصرة. وفي الحالات القصوى قد يذبح كلبًا في إشارة مهينة إلى أن رجال القبيلة سيكونون كلابًا بلا شرف إن لم يستجيبوا. ويكون حضور المرأة في هذه الطقوس ذا دلالة قوية؛ فإذا جاءت امرأة لتقدّم ذبيحة نكفة أو شاركت بنفسها، كان ذلك تضخيمًا لخطورة القضية، فالنظام الاجتماعي يفترض ألا تمثل النساء أنفسهن علنًا. وتكفي مثل هذه الرموز عن التهديد المباشر، إذ هناك منظومة عامة للحق والباطل تجعل الامتناع عن نصرة المظلوم ظلمًا للنفس. لذا تمكنت ابنة شريف سجين في أربعينيات القرن التاسع عشر من أن تطلب المساعدة من رجال لا تربطها بهم قرابة من خلال ذبح الخيول كإعلان نكفة. أما الشَّعر فهو من أكثر الجوانب الجسدية للمرأة حساسية رمزية؛ ففي القرن الثامن عشر ذهبت نساء رَدْمان إلى برط ليتوسطن لدى الإمام لإطلاق رجالهن، وقصصن غُرَر شعرهن لتنكيف الشيخ ودفعه لنصرة مطلبهن العادل. وفي معظم شمال اليمن تُسمّى المرأة يوميًا شوفة. ولذلك جاء معنى تشويف في الوثائق الحالية بمعنى التكفير عن جريمة ضد امرأة. غير أن الكلمة تُستخدم أيضًا للجرائم ضد المنازل والأراضي وحتى لجرح رجل في وجهه، كما تشير إلى التعويض عن هذه الجرائم، ويمكن أن تعني أيضًا إهانة شخص أو إذلاله بفعل مشين. وتدل كلمة عار على منطق مشابه؛ فهي تُستخدم للإشارة إلى نساء الرجل، لكنها قد تعني كذلك العيب الأسود الذي لا يختص بالنساء. ففي حادثة برط في القرن السابع عشر طالب سفيان بالعار أي بالتعويض عن الإهانة، وفي عام 1717 قاتل رجال من قرب برط في حضرموت لأنهم عانوا من عار الهزيمة السابقة. ويمكن التمييز بين هذه المصطلحات القبلية، لكنها قد تتداخل أيضًا كما يظهر في ضمان السوق، حيث تكاد كلمات مثل: مُعيّب، مُشوَّف، مُعوَّر تصبح مترادفات تشير إلى شخص تكبّد خسارة لا تُعدّ دمًا صافيًا ناتجًا عن قتال مباشر.