يبدو أن دولة رئيس الوزراء سالم بن بريك الذي علّقنا عليه شيئًا من الأمل، لم يُعيَّن لقيادة حكومة تُسيّر شؤون البلاد بل جِيء به كموظف لا يحمل من المنصب سوى مفاتيح مكتبه وغرفته في أحد الفنادق! لا صلاحيات لا قرارات، لا خطة إنقاذ بل مجرد حضور شرفي وواجهة شكلية لا أكثر. تابعنا كما تابع كثير من أبناء الجنوب تفاصيل الوقفة الاحتجاجية الأخيرة التي دعا إليها عدد من المواطنين في عدن احتجاجًا على تدهور الأوضاع الخدمية والمعيشية: رواتب غائبة وتعليم منهار وكهرباء مقطوعة وأسعار تزداد اشتعالًا يوما بعد يوم وخدمات لم تعد موجودة.
وفي لحظة كان الناس ينتظرون فيها بارقة أمل ينتظرون ردًا مسؤولًا، موقفًا رجوليًا، قرارًا شجاعًا. لكن فجأة... طلع لهم سلوم – رئيس الوزراء – ليواجه المحتجين بتصىريح صادم وقال بالحرف الواحد : ((هل تريدونني أن أُحلف لكم على المصحف بأنني لا أملك حيلة ولا قدرة ولا حتى وعدًا زمنيًا لحلّ ما أنتم فيه؟))
يا دولة الرئيس .. لا تحلف، فنحن مصدّقينك، لكن هذا الكلام لا يليق بمقامك ولا بموقعك. الناس لم يخرجوا ليسمعوا منك اعترافًا بالعجز، ولم يطلبوا منك أن تحلف، لأنك قد حلفت سابقًا عند تولّيك المنصب. لقد خرجوا لأنهم بحاجة إلى حلول إلى خطوات عملية إلى مسؤول يتحمّل المسؤولية لا إلى أعذار وتبريرات فارغة
ولو جاء حديثك في سياق استقالة صريحة، لربما احترمك الناس على شجاعتك وصدقك. لكنك اكتفيت بالاعتراف، ثم عدت إلى مكتبك وكأن شيئًا لم يكن.
ثلاثة أسئلة لك ياسالم. 1. إذا كنت تعلم مسبقًا أن الوضع صعب، ولا قدرة لديك على المعالجة فلماذا قبلت المنصب؟ 2. لماذا وعدت بالتغيير ثم خرجت لتقول إنك لا تملك شيئًا؟ 3. ولماذا لا تزال متمسكًا بالمنصب رغم اعترافك أنك غير قادر على تقديم أي حل؟
لقد سبَقك إلى المنصب أحمد بن مبارك ورغم أنه لم يحقّق إنجازات تُذكر إلا أنه أشار إلى الفساد وحدّد مواطن الخلل ثم قدّم استقالته بشكل رسمي.
أما أنت فتتولى أيضًا وزارة المالية أي أنك تملك صورة واضحة عن الوضع الاقتصادي وهذا ما جعل الناس يأملون فيك خيرًا. لكنك خرجت عليهم لتقول: لا أملك شيئًا، وتطلب أن تُقسم لتثبت عجزك. فهل المطلوب من الشعب أن يصدّق عجزك ويكافئك على صدقك بينما يستمر في دفع ثمن الفشل؟
خلاصة القول يا سالم: من لا يستطيع خدمة الناس، عليه أن يترك منصبه. فالاعتراف بالعجز لا يُعفي من المسؤولية، بل يُوجب الرحيل. أما البقاء في المنصب دون قدرة على الحل، فهو شراكة في الفشل، ومساهمة في تعميق معاناة الناس، وتوسيع دائرة الكارثة