يمثل العجز في الكوادر التربوية النسائية أحد العوائق الأساسية في عملية إقبال الطالبات على الالتحاق بالتعليم في مرحلة التعليم الأساسي لاسيما في المحافظات ذات المناطق الريفية والنائية , ويقابل هذا العجز محدودية الدرجات الوظيفية وبشكل خاص لخريجي الثانوية العامة , وهو ما أدى إلى تفاقم العجز في الكادر النسائي في تلك المناطق التي تتطلب وجود معلمات ومدارس خاصة بالفتيات وهو ما اثر على مستوى التحاق الفتيات بالتعليم .. ومؤخراً قامت وزارة التربية والتعليم بالتعاقد مع 928 من المعلمات المتطوعات من حملة الثانوية العامة في المناطق الريفية والنائية في برنامج أطلق عليه «برنامج معلمات الريف »... ولمزيد من التفاصيل حول البرنامج التقت «الجمهورية » عدداً من مسئولي البرنامج والمعلمات .. في البداية التقينا بالأخ حمود شرف الدين , مدير عام شئون المعلمين بوزارة التربية والتعليم الذي تحدث عن أهداف البرنامج قائلاً: بما أن عملية الاحتياج للمعلمة وخصوصاً في المحافظات ذات المناطق الريفية والنائية قد شكلت أحد العوائق الأساسية لإقبال الطالبة على الالتحاق في مرحلة التعليم الأساسي فإن الوزارة تبنت برنامج معلمات الريف وجعلته ضمن أولوياتها عند بناء الإستراتيجية الوطنية للتعليم الأساسي في العام 2003م , وحشدت لذلك الجهود المحلية والأجنبية ومن نتائج تلك الجهود قيام البنك الدولي عبر وحدة مشروع تطوير التعليم الأساسي ومنظمة اليونيسيف بدعم برنامج معلمات الريف في المناطق النائية والريفية والتي تعاني من الانخفاض الشديد في المعلمة وبالتالي انخفاض مستوى الالتحاق بل والبعض قد تصل نسبة الالتحاق فيها إلى الصفر، وفي العام الدراسي 2007/2008م تم اختيار تلك المناطق في المحافظات وفق أسس ومعايير أهمها (الفقر ، تدني الالتحاق ، التسرب) وكذا آلية شملت التقييم والمتابعة والإشراف وطبقت بصورة عالية من الدقة حيث تم على غرارها المقابلة والمفاضلة والاختيار وبلجان متخصصة مشكلة من قطاعي التعليم والتوجيه حيث اختيرت (551) معلمة ممن يحملن مؤهل الثانوية العامة فما فوق وفي أربع محافظات (الجوف ، شبوة ، ذمار ، البيضاء) تمول من مشروع تطوير التعليم الأساسي وعدد (377) معلمة تمويل منظمة اليونيسيف وفي ست محافظات (تعز ، الحديدة ، حضرموت/ سقطرى ، إب ، لحج ، الضالع) وعلى مستوى المديرية والمدرسة، واستمر تطبيق الآلية في التجديد والتقييم والإشراف على البرنامج التأهيلي التدريبي طوال الثلاثة الأعوام المنصرمة وبصورة دقيقة وفق آليات ونماذج محكمة وبمشاركة المعنيين على مستوى المحافظة والمديريات إلا أنه رافق هذا العمل الناجح والذي كان له أثره في تطوير وتحسين التعليم وبخاصة التحاق الفتاة بعض الاختلالات . من جانبه تحدث الأخ علي الارياني , مدير عام التعليم الأساسي والثانوي بوزارة التربية والتعليم , عن النتائج المتوخاة من البرنامج قائلاً: يهدف هذا البرنامج إلى الكثير مما من شأنه إحداث وبناء نهضة تنموية بالمجتمع اليمني ونذكر من هذه الأهداف ارتفاع معدل تعليم الفتاة حيث أن تعليم الفتاة له دور كبير في بناء المجتمع فكما نعلم إن المرأة نصف المجتمع وأيضا إن بنت اليوم هي أم الغد وهي مربية الأجيال وصلاحها يعني صلاح المجتمع في هذا الجانب الذي يغفل عنه الكثير من أهالي المناطق والقرى النائية في مجتمعنا اليمني ,فنظرتهم وعقليتهم القبلية تؤمن إن الفتاة لا مكان لها سوى في البيت ورعاية الأطفال متجاهلين أن هذا البيت وهؤلاء الأطفال يستلزم لهم أسلوب في الرعاية وكذلك إن الجانب العلمي لا غنى عنه في حياتنا ,وان أكثر ما يمنعهم من إلحاق فتياتهم بالتعليم هو مسألة الاختلاط في أغلب المديريات الاختلاط بين البنين والبنات الأمر الذي يجعل من عملية التعليم بالنسبة للفتيات حلماً مستحيلاً والاستمرار في التعليم أيضا أمنية مستحيلة التحقق كل هذا عالجه مشروع معلمات الريف الذي أنشأ العديد من المدارس التي حققت حلم اغلب فتيات القرى في إيجاد مدارس خاصة بالبنات . كما يهدف البرنامج أيضا إلى تقليص الفجوة بين الذكور والإناث في حقل التعليم وهذا الهدف الذي سعى له البرنامج لزيادة عدد الفتيات في المدارس ورفع معدل الالتحاق. وعن التدريب المستمر للمعلمات أشار الدكتور محمد عبد الواسع شجاع الدين , مدير عام التدريب بالوزارة بالقول : بالنسبة للمعلمات فإن البرنامج يهدف إلى إكساب معلمات الريف غير المؤهلات تربويا العديد من المهارات والكفاءات ومعالجة بعض نواحي القصور في الجانب المهني والمهاري لإحداث تعلم جيد وفعال وإيجاد كادر تعليمي مؤهل تأهيلاً جيداً, وتتلقى المعلمات برامج تدريبية تهدف الى تطوير الكفاءات المعرفية بإنمائهن أكاديمياً من مستوى الشهادة الثانوية العامة إلى مستوى دبلوم الكليات المتوسطة لتمكينهن من تدريس المواد التعليمية للصفوف الأربعة الأولى بمرحلة التعليم الأساسي.. إلى جانب إنماء كفايات المعلمات المسلكية لتحسين منهجيتهم التربوية في التعامل مع التلاميذ ومعرفة متطلبات نموهم ، وتطوير شخصياتهم بأبعادها المختلفة , بالاضافة الى إنماء كفايات المعلمات الثقافية التي تمكنهن من وعي أدوارهن التعليمية للمحافظة على المجتمع وتطويره ورفع المستوى الوظيفي للمعلمات للنهوض بمستوى الدخل المالي وتحسين معيشتهن وأسرهن كما تم تشجيع المعلمين والمعلمات على الاستقرار في المدارس والرضا عند اتخاذ التعليم مهنة لهن . وعن اثر عملية التدريب في نفوس المعلمات , أشادت الأخت أسماء راجح الربوعي – معلمه في مدرسة الجهاد بمديرية الحداء , محافظة ذمار بمستوى التدريب قائلة : تدريب المعلمات يمثل احد الأهداف التي يسعى البرنامج إلى تحقيقها لتطوير قدرات المعلمات وتأهيلهن التأهيل العلمي الذي يمكنهن من أداء الدور المرتقب في خدمة العملية التعليمية في المناطق الريفية والنائية وبما يضمن عدم تسرب الفتيات من المدارس , ويشمل التدريب توفير كل ما من شأنه جعل العملية التعليمة أكثر إثارة وتشويقاً مثل ارتباط البرنامج ببيئة التعليم ومنها ما تم التدرب عليه في مادة علم نفس اللعب وثقافة الطفل و التربية الرياضية والتربية الجمالية التي تناولت الفن ومدلوله عند الأطفال كل هذه المواد المختلفة التي تهدف إلى فهم لعب وفن الأطفال وأكثر هذه المواد لمسنا أثرها الكبير في فهم سيكولوجية اللعب لدى الأطفال واستخدام مبادىء التعلم النفسي الحديثة وإعلام المشاركات بسمات اللعب وظواهره عند الأطفال ووصف أنواع اللعب الفردي والجماعي اللعب الإيهامي واللعب الحركي , الى جانب التدريب على أسلوب التعامل مع التلميذات بما يختلف عن الأساليب السابقة بعيدا عن كل أساليب العقاب والتعامل القاسي الذي يؤدي إلى هروب المتعلمين من التعليم . أما عن اثر البرنامج في عملية التعليم فقد قالت الأخت عبير سالم لطهوش – معلمة بمدرسة الإشعاع بمديرية المخا, محافظة تعز : كان ومازال لهذا البرنامج أثر كبير في عملية التعليم من عدة نواحٍ أهمها: بناء العديد من المدارس في قرى مختلفة في المديريات خاصة للبنات هذا بمثابة حلم تحقق لكل فتاة من فتيات القرى. وكذا ارتفاع معدل التحاق الفتيات بالتعليم حيث أنها زادت نسبة تعليم الفتاة بنسبة مبشرة بالخير تجاه العملية التعليمة ,حيث نلمح في المديريات إن هناك فتيات قد انقطعن عن التعليم من فترة طويلة بسبب اعتراض الأهالي على مسألة اختلاطهن بالبنين عادت لمواصلة التعليم وممارسة حقهن الدستوري رغم كبر سنهن ,وأكثر ما شدني تجاه هذا الأمر وجود أم وابنتها التي تبلغ الرابعة عشرة في صف دراسي واحد(الصف الرابع) , هذا إن دل على شيء فإنما يدل على حرصهن على التعليم مهما كانت الصعوبات يضاف الى كل ذلك توفير كادر تعليمي مؤهل تأهيلاً جيداً مما يساهم في إنجاح العملية التعليمة وذلك من خلال الدورات التدريبية و التأهيلية التي تسعى إلى تأهيل معلمات الريف وإكسابهن العديد من المهارات والكفاءات اللازمة , والذي بدوره ينعكس على أداء المعلمات في المدارس مما يجعل عملية التعليم أكثر فائدة ومتعة وتشويقاً وذلك من خلال استخدامهن للطرق التي دربت عليها واستحداث وسائل تعليمية متنوعة من خامات البيئة لربط التلاميذ ببيئتهم وإشراك المجتمع في العملية التعليمية . الصعوبات التي تواجهها معلمات الريف لخصتها الأخت إيمان سلمان – معلمة – بمديرية جبل الشرق ,محافظة ذمار في ما يلي : لا شك أن أي عمل لا يخلو من الصعوبات وبالنسبة لنا كمعلمات في الريف هناك بعض الصعوبات التي تعترض عملنا ومنها : صعوبة المواصلات, وهذا الأمر نعاني منه كثيرا حيث إن القرى التي نؤدي فيها عملنا تبعد عنا كثيرا ومن ناحية أخرى فإن الوصول إلى المدارس إلى حد ما صعب نظرا للوضع القبلي خاصة في المناطق التي بها ثأرات قبلية , يضاف إلى ذلك المبلغ الشهري المقرر للمتعاقدات والذي يعتبر قليلا جدا (20000) وأكثر من نصفه يصرف في المواصلات ,ومع أن العقد ينص على تسليم المبلغ كل ثلاثة أشهر , لكن ما يحدث أنها تمر خمسة أشهر وما فوق دون وصول مستحقات التعاقد ونحن ملزمات بدفع مبالغ شهرية للمواصلات . من جانب آخر تعاني معلمة الريف من صعوبة التعامل مع بعض أولياء الأمور في بعض الأمور التي تستلزم إعلام ولي الأمر نظرا للعقلية القبلية لديهم . ومن ضمن الصعوبات أيضا قلة عدد الصفوف الدراسية في المدارس مما يؤدي إلى ازدحام بعض الصفوف بالتلميذات ونحن نسعى جاهدات إلى إن لا يؤثر ذلك على مستوى التلميذات يضاف إلى ذلك عدم وجود مدارس إعدادية وثانوية للبنات هذا الأمر يشكل موقفاً مؤلماً للمعلمة وهي تودع تلميذاتها بعد نهاية الصف السادس وهي من أهم الأمور التي تؤدي إلى ضعف الأمل لدى الفتاة في مواصلة الدراسة والذي يعتبر بمثابة الكابوس الذي يهدم كل آمالها بسبب غياب مدارس البنات في المراحل العمرية المتقدمة على مستوى المديرية بأكملها , فتضطر الفتيات إما إلى العودة إلى مدارس البنين, او العودة إلى مصارعة الأهل أو الانقطاع عن التعليم وبالتالي تنتهي كل الأحلام التي بنتها الفتيات على مواصلة التعليم .