لم يعد الاهتمام بالقضية الفلسطينية قاصراً على السينمائيين العرب، بل امتد إلى صناع السينما الغربية، في هولندا وألمانيا والنرويج وفرنسا وإيطاليا. وقدم مهرجان أبوظبي السينمائي الدولي في دورته الأخيرة، التي اختتمت قبل أيام، لجمهوره، مجموعة من الأفلام الروائية الأوروبية التي تجسد على الشاشة الواقع القاسي للشعب الفلسطيني، وتبرز آلام الأطفال في غزة وهم يهربون من أمطار القصف الاسرائيلي.. ولعل الفيلم الألماني “أطفال الحجارة – أطفال الجدار” هو أكثر الأفلام الأوروبية التي طرحت الواقع الفلسطيني الأليم، ولاقت إشادة كبرى من جمهور المهرجان والنقاد المشاركين فيه.. ويتناول المخرج الألماني روبرت كريغ، حياة خمسة أطفال فلسطينيين التقطت لهم صورة في عام 1989، في بيت لحم، وهم من الجيل الذي أطلق عليه جيل “أطفال الحجارة”. ومن هذه الصورة ينطلق الفيلم ليرصد “التحولات التي طرأت على سكان بيت لحم، وما لحق بالشعب الفلسطيني المحتل طوال تلك السنوات”. العيش في سجن كبير ويرصد الفيلم الألماني المآسي التي خلفها الجدار العازل، ويختصرها أحد أبطال الفيلم بقوله: “انتقلنا مع هذا الجدار من العيش في المعتقلات الصغيرة، كما كان الحال في الانتفاضة الأولى، إلى العيش في سجن كبير”.. ويتمكن مخرج الفيلم من العثور على الأطفال الخمسة الذين ظهروا في الصورة القديمة، وقد صاروا شباباً، وكونوا أسراً، ويعيشون في ظل جدار العزل ظروفاً اقتصادية صعبة في الوقت الذي تتزايد فيه المستوطنات حول بيت لحم قاضمة ما تبقى من أراضي المدينة وأشجارها وحياة سكانها..ومخرج الفيلم الألماني روبرت كريغ يحمل شهادة علم الاجتماع والصحافة وعلم الأجناس البشرية، وترأس في التسعينيات جهوداً رامية لتطوير محطة بث إذاعي فلسطينية في القدس ورام الله.. ومن فرنسا وإيطاليا يأتي الفيلم المشترك «ميرال» الذي يتناول حياة أربع نساء يعشن تحت الاحتلال الاسرائيلي، بحسب تعريف دليل مهرجان أبوظبي السينمائي.. الفيلم هو أحدث أعمال المخرج الأمريكي جوليان شنابل، واقتبسه عن رواية للصحافية الفلسطينية رولا جبريل، ويتناول أيضاً قصة 55 طفلا فلسطينيا يتيما، كانوا نواة لإنشاء مؤسسة لرعاية الطفل الفلسطيني، وقصة فتاة فلسطينية تتولى تدريس الأطفال في مخيم اللاجئين، وتتحول إلى محاربة من أجل مستقبل شعبها. الوطن الفلسطيني المنتظر وعلى شاشة «أبوظبي السينمائي» عرض المخرج الهولندي جورج سلاوزر فيلمه “وطن” الذي يتناول حياة فلسطينيين في المخيمات الفلسطينية ببيروت.. ويسلط الضوء على عائلتين لاجئتين أقام المخرج علاقة إنسانية مع أفرادهما استمرت لسنوات طويلة، حتى بات أشبه بابن لهاتين الأسرتين. ويرصد الفيلم آلام العائلتين، بعد ان فقدتا الأمل في العودة، ويركز على بعض أفرادهما ممن استشهدوا، وآخرين هجروا للإقامة في دول غربية، لكنه ينتهي إلى أن «أبناء فلسطين لم يفارقهم حلم الوطن المنتظر».