تشهد قمة المناخ المنعقدة في مدينة كانكون المكسيكية مشاورات مكثفة لإنقاذ القمة من فشل وشيك، بسبب الخلافات الحادة بين الدول الغنية والفقيرة بشأن الخطوات اللازمة لمواجهة ظاهرة الانحباس الحراري، المسؤولة عن التغيرات المناخية في العالم. فقد ذكرت مصادر إعلامية مواكبة لفعاليات قمة المناخ - التي انطلقت في كانكون بالمكسيك في 29 نوفمبر، وتستمر حتى اليوم الجمعة- أن عقبات كثيرة - شبيهة بتلك التي أدت إلى فشل قمة المناخ في كوبنهاجن العام الماضي- تعترض إمكانية التوصل لتفاهم جدي بشأن القضايا المناخية. وأفاد مسؤولون مشاركون في القمة بأن من بين أهم القضايا الخلافية في القمة مسائل تتعلق بالمبادرات العملية لوقف إزالة الغابات وتمويل التكنولوجيا، ومواجهة ظاهرة الغازات الدفيئة الناجمة عن الاستخدام المفرط للطاقة التقليدية، والبحث عن بدائل تحقق التوازن بين الشروط البيئية وارتفاع الطلب العالمي على الطاقة. وفي هذا السياق، انتقدت مفوضة المناخ في الاتحاد الأوروبي كوني هيدغارد قمة الأممالمتحدة بشأن تغير المناخ، لعجزها عن تحقيق أي تقدم حقيقي بشأن القضايا التي تشكل أهمية للاتحاد الأوروبي، ومن بينها تحسين الشفافية والتصدي لانبعاثات الغازات المسببة للانحباس الحراري. وأشارت المسؤولة - في تصريحاتها لوسائل الإعلام - بأصابع الاتهام إلى القوى الصاعدة، وأبرزها الصين التي قالت إنها لم تترجم تعهداتها بفتح برامجها المحلية بشأن التصدي لظاهرة تغير المناخ أمام التدقيق الدولي، لافتة في نفس الوقت إلى أن رفض بعض القوى الغنية تمديد بروتوكول كيوتو إلى ما بعد عام2012 أضعف بشكل كبير احتمالات التوصل لمعاهدة دولية بشأن المناخ. يشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يدعم فكرة إجراء جولة أخرى من مباحثات كيوتو لوضع آلية معينة للحد من انبعاثات الغازات الصناعية، بيد أن معارضة اليابان وروسيا وكندا تمديد المعاهدة المقترنة بسبب رفض انضمام الولاياتالمتحدة سوف يترك المعاهدة تغطي فقط نحو سبُع انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم. وفي نفس السياق، حذرت وزيرة خارجية المكسيك باتريشيا إسبينوزا - التي تترأس المحادثات في كانكون - من أن الوقت يمر بسرعة بالنسبة لوزراء البيئة، لكسر الجمود في القمة والتوصل إلى اتفاق يمكن أن يوافق عليه كافة الأطراف بحلول اليوم الجمعة. وذكرت إسبينوزا - في تصريحات أدلت بها في ختام جلسة الأربعاء - أن اتفاقاًَ شاملاً بين أكثر من 190 دولة أصبح قريباً ولكن ليس مضموناً بشكل كامل. وجاءت نداءات إسبينوزا في الوقت الذي أصدرت فيه لجنتان على مستوى الخبراء -تعملان للتوصل لاتفاق في كانكون - مسودات نصوصهما التي تم تحديثها، وأبلغت الوزراء المشاركين بأنه تم إحراز تقدم في بعض المجالات، محذرة في الوقت ذاته من وجود العديد من الثغرات. وفي معرض تعليقه على المداولات التي جرت أمس في كانكون، قال وزير البيئة الألماني نوربرت روتغن: إن المفاوضات مازالت عند “نقطة صعبة”، متوقعاً أن يشهد اليوم الأخير من القمة “وضعاً عصيباً”، مع اقتراب جلسة المناقشات على مستوى وزراء الخارجية بشأن طريقة سير المفاوضات المناخية. يذكر أن الأهداف التي وضعتها قمة كانكون لنفسها تعتبر متواضعة بالمقارنة مع الطموحات التي كانت تعلق على قمة المناخ العالمي في كوبنهاجن العام الماضي، لاسيما بشأن وضع سقوف لانبعاث الغازات الدفيئة الناجمة عن استخدام الطاقة بحلول عام 2012، وهو موعد انتهاء العمل ببروتوكول كيوتو للحد من انبعاث هذه الغازات.