حين كنت أبحث عن شيء في جوجل، وجدْتُ مقالة عن سائق تاكسي إنجليزي، كان يعمل في شوارع العاصمة لندن، وكان على موعد مع صدفة غيّرت حياته، وأرجو أن يكون قارئي مثلي، يُؤمِن أنّ ليس هناك شيء اسمه “صدفة”، بل نفحات وعطايا القدر، فائز وغانم مِن انتهزها واستغلّها..كان “آشر موسى” يقف خارج مطعم البيتزا ينتظر خروج زوجته، وكان يشعر بالحزن والأسى العميق؛ إذ إن شقته انخفضت قيمتها، واضطر لأن يتركها ويعيش مع والدة زوجته في شقتها، مقابل أن يُؤجّر شقته ويستفيد من عائد إيجارها، وكان يعمل فني كهربائي، يستلم البنايات مِن أصحابها، ويتولّى هو صيانتها وإصلاح ما عطب من وصلات كهربائية وما في حكمها، إلا أنه بدأ يشعر بالملل والضجر مِن هذه المهنة، فطفق وعمره 25 سنة يتعلّم قيادة سيارة الأجرة (التاكسي)؛ للحصول على رخصة قيادة له، وهو ما تم بالفعل، واستمر بعدها لمدة ست سنوات يطوف شوارع لندن مفكّراً كيف ينهض بنفسه. ثم حَدَث يوماً وهو ينتظر زوجته، أن كان يستمع إلى الراديو، فسمع العصامي “فيكتور كيام” يقول في برنامج إذاعي: “ابحث عمّا تملكه، ثم أحسن استغلاله!!” أو تحديداً Look at what you have got and maximize its opportunities، وهنا وقف “آشر” ليُفكّر: ماذا أملك؟ فأجاب على سؤاله: أملك سيارة التاكسي هذه، ثم أردف: وكيف أُحسِن استغلالها؟ كان “آشر” يُقود سيارته الأجرة طوال الليل، وتقف بدون عمل طوال النهار، فقرّر عرضها للإيجار بالنهار وهي ليست قيد الاستخدام. بمرور الوقت، تجمّع لديه بعض المال الإضافي من عمل السيارة طوال اليوم، فقرّر شراء سيارة أجرة ثانية، والتي عرضها للإيجار طوال اليوم، وفي خلال أربع سنوات، كان قد اشترى 97 سيارة أجرة! ثم حدث يوماً أن عرض “آشر” القيام بالدعاية والإعلان لصالح مؤسسة خيرية ، على جانب سيارته الأجرة التي يقودها، وبينما يقود سيارته، استوقفه فريق تصوير من القناة الرابعة الإنجليزية، وطلبوا منه تصوير سيارته وعليها الدعاية، وبعدما سمح لهم.. توقّف ليُفكّر، إذا كان هذا الإعلان له هذا التأثير، فحتماً بإمكانه فعل المزيد! تعمّق “آشر” في التفكير، فوجد أنه قادر على الدعاية للسياحة والسفر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، عبر تزيين 50 سيارة من أسطوله؛ بحيث تتزيّن كل سيارة أجرة بعلامات وإشارات خاصة بكل ولاية أمريكية، ولضمان وصول الرسالة الإعلانية، كان على كل قائد سيارة أجرة السفر إلى الولاية التي تحمل سيارته إعلانها ليتعلّم عنها معلومات كثيرة، ثم يعود ليتحدّث مع الركاب عنها ويقوم بالترويج لها. اتصل “آشر” بالسفارة الأمريكية في لندن، وهم أوصلوه بقسم مؤسسة “زُر أمريكا” Visit USA والذين نالت الفكرة إعجابهم، وأعطوه 385 ألف جنيه إسترليني لتنفيذها. منتشياً بنجاح فكرته.. قرّر “آشر” تجربة الدعاية لبنك إنجليزي (First Direct) يعمل عبر الهاتف، وبالرغم من أن البنك رفض ترتيب لقاء معه لمناقشة فكرته، فإن “آشر” قرّر تزيين سيارته بما رآه من طريقة مناسبة للإعلان عن هذا البنك، وأوصل فيها هاتفاً موصولاً مباشرة بالبنك، وذهب إلى مقر البنك الرئيسي لمخاطبة أي مسئول هناك، وهناك نالت الفكرة إعجاب المديرين، لكنهم رفضوا عقد الصفقة معه؛ لأنه لم يملك وقتها سجلاً تجارياً حافلاً بمثل هذه الصفقات. عندها -وهو مقتنع بوجاهة أفكاره التسويقية- قرّر “آشر” الاندماج مع صاحب أسطول سيارات أجرة أخرى، حتى وصل عدد السيارات مجتمعة 210 سيارات أجرة، وقرّر “آشر” ترك مسئولية إدارة الأسطول إلى شريكه، بينما ركّز هو على الأفكار الإعلانية، وبدأ يتوجّه إلى قطاع السياحة والسفر، وكانت أولى الدول التي روّج لها: ماليزيا واليونان وسنغافورة. ثم حَدَث أن مات شريكه بعد صراع مع مرض السرطان، فقرّر “آشر” بيع أسطوله كله ليتفرّغ لما يُحبّه: الدعاية والإعلان، بدلاً من أن يقضي كل وقته في إصلاح موتور وتغيير إطار وغسيل سيارة، وبعدها اشترى حق الإعلان على قرابة 1600 سيارة تاكسي تجوب شوارع لندن ومانشستر وأيدنبرج، لصالح الشركة التي أسسها في عام 1995 وأسماها “إعلانات التاكسي” أو Taxi Promotions والتي يملكها بالكامل، وحققت له عوائد قدرها 3 ملايين جنيه إسترليني في نهاية عام 2008، ومن بعدها بدأ يستحوذ على شركات أخرى تُقدّم ما يُقدّمه من خدمات، حتى بات أكبر مالك لحقوق الإعلان على جوانب سيارات الأجرة في أوروبا (كما يقول هو على موقع شركته ) . وأما نصيحة “آشر” فهي: “إذا كان لديك فرصة كي تُغامِر وتُنفّذ فكرة ما، فافعل ولا تتردد، لكن التزم بها وابقَ مركّزاً عليها، ثقْ في نَفْسك، وكنْ مؤمناً بقدراتك وبحدسك، فإن اللحظة التي تساورك فيها الشكوك هي اللحظة التي ستفشل فيها.. ويجب أن تبقى إيجابياً طوال الوقت بشأن ما تفعله، فأنا ملكت الكثير من الأفكار، لكني كنت خائفاً بشدّة من أن أناقش هذه الأفكار مع غيري، ويوم أن فعلت، بدأ الناس يُعجبون بأفكاري ويعملون معي على تنفيذها” هنا تنتهي القصة وأبدأ أنا في طرح السؤال: ما الذي تملكه أنت.. وتستطيع تعظيم الاستفادة منه؟ ملخص بتصرف : من مدونة شبايك