رفعت استراليا تقديراتها للخسائر المحتملة بسبب الفيضانات والأمطار التي ضربت ولاية كوينزلاند الشمالية الشرقية إلى خمسة مليارات دولار..وكانت الفيضانات التي تعد الأسوأ منذ خمسين عاماً قد بدأت نهاية الشهر الماضي، وغطت مساحة تفوق مساحة ألمانيا وفرنسا مجتمعتين، وتأثر بها نحو 200 ألف شخص. وتشكل ولاية كوينزلاند مركزاً سياحياً هاماً وتستحوذ على نحو 20 % من حجم الاقتصاد الاسترالي. وتعطلت شحنات السكر من المنطقة بسبب إغلاق الموانئ والتي تقدر سنوياً بنحو 400 ألف طن من السكر الخام، كما أغلقت مناجم الفحم الرئيسية في كوينزلاند التي تصدر نصف شحنات (فحم الكوك) للعالم. ووفق شركات عاملة في مجال استخراج الفحم، اجتاحت مياه الفيضانات مناجم الفحم بالولاية مما أوقف 35 % من عمليات إنتاج الفحم الذي يمكن تصديره ويقدر حجمه بنحو 259 مليون طن. هذا وقد هطلت كميات اضافية من الأمطار أمس الخميس على شمال شرق استراليا الذي يواجه فيضانات غير مسبوقة نسبت إلى ظاهرة “لا نينيا” المناخية، في وقت قررت مدينة روكهامبتون التي تواجه خطر الأفاعي عدم ايصال الغذاء للأشخاص الذين يرفضون مغادرة منازلهم. وأدت الأمطار الرعدية إلى ارتفاع فجائي لمنسوب المياه وتفاقم الوضع في المناطق المتضررة اصلا بفعل الفيضانات، على ما افادت الارصاد الجوية. وبدأ مستوى المياه بالانخفاض بشكل بطيء في روكهامبتون، المدينة الساحلية التي تضم 75 ألف نسمة والواقعة في ولاية كوينزلاند على بعد 500 كلم شمال بريسبان. وفي هذه المدينة المقطوعة عن العالم تقريباً، باتت البلدية ترفض مساعدة “سكان غير مسؤولين بتاتا” لكونهم يعرضون عمال الأنقاذ لخطر الافاعي من خلال رفض مغادرة منازلهم. وقال رئيس البلدية براد كارتر: “لا يمكننا تعريض عملائنا للخطر عبر إحضار مواد حياتية اساسية (إلى هذه المنازل)”. وأوضح ان بعض العائلات التي تضم اطفالاً في المنطقة ترفض مغادرة منازلها المغمورة بالفيضانات، مشيراً إلى ان عمال الإنقاذ كانوا يخاطرون من خلال احضارهم الغذاء بالسفن واجتياز المياه الممتلئة بالافاعي.. ومع الفيضانات، غادرت هذه الزواحف اوكارها الأصلية لتبحث عن مناطق جافة. وحذر رئيس البلدية هؤلاء السكان قائلاً: “عليهم ان يعوا الآن أننا وبسبب خيارهم لن نزودهم بالمواد الغذائية والخدمات الأخرى”. ووصل منسوب المياه في نهر فيتزوي الذي يمر في مدينة روكهامبتون إلى أعلى مستوياته عند 9,2 امتار اي أقل ارتفاعاً من المستوى الذي كان يخشى ان يبلغه، ومن المفترض بحسب التوقعات ألا يسجل مزيداً من الارتفاع، الا ان انخفاضاً ملحوظاً في منسوب النهر ليس متوقعاً قبل أقل من اسبوع. وقال رئيس البلدية ان “مستوى الفيضانات سيبقى مرتفعا لاسبوع اضافي على الاقل، ما يرغم على العيش في ظروف صعبة جدا”. ونسبت الارصاد الجوية الاسترالية الفيضانات غير المسبوقة التي ادت الى مقتل عشرة اشخاص منذ نوفمبر وطاولت اكثر من مئتي الف شخص الى ظاهرة “لانينيا” المناخية التي شهدت بفعلها كوينزلاند اكثر السنوات رطوبة في تاريخها منذ بدء الارصاد الجوية تسجيلاتها..وعلى عكس ايل نينو، تتميز لا نينيا بارتفاع في حرارة سطح البحر في المناطق الوسطى والغربية للمحيط الهادىء..وبحسب المنظمة العالمية للارصاد الجوية، فإن هذه الظاهرة التي عاودت الظهور في يوليو تترافق عادة مع أمطار غزيرة في اندونيسيا وماليزيا واستراليا وفترات جفاف في اميركا الجنوبية وعواصف في المناطق الاستوائية من المحيط الأطلسي وموجات برد في اميركا الشمالية وطقس ممطر في جنوب شرق أفريقيا..في حين يؤمّن المنطقة المنجمية في كوينزلاند لوحدها الحاجات العالمية من فحم الكوك اللازم في صناعة الحديد، وستظهر العواقب الاقتصادية للفيضانات على المستوى المحلي كما العالمي..ويمكن منذ الآن تقدير حجم الخسائر التي ستتكبدها الصناعات المنجمية في استراليا بمليار دولار استرالي (نحو 997 مليون دولار اميركي) ويمكن للنقص في الفحم ان يتسبب بارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية. وفي نتيجة غير متوقعة للفيضانات، اضطر القيمون على الجزء الرابع من الفيلم السينمائي الشهير “ماد ماكس” الذي تدور أحداثه في صحراء قاحلة بعد نهاية العالم، إلى تأجيل التصوير في حين شهدت المساحات الشاسعة في منطقة نيوغالز الجنوبية التي تكون مقفرة عادة اخضراراً غير معهود بفعل الأمطار التي وضعت حداً لسنوات من الجفاف في بعض المناطق..كما تكشفت بنتيجة هذه الأمطار مشاهد غير اعتيادية تمثلت بظهور شلالات من المياه على منحدرات اولورو المعروفة أيضاً باسم اييرز روك وهو موقع صخري شهير في وسط استراليا ومكان مقدس للسكان الأصليين.