أعلن فى القاهرة أمس الأحد عن توافق كافة أطراف الحوار الوطني الدائر في مصر على عدد من الترتيبات السياسية والاجراءات الدستورية والتشريعية على أن تكون ذات طبيعة موقتة ولحين انتخاب رئيس للبلاد بعد انتهاء الولاية الحالية للرئاسة. جاء ذلك في بيان صحفي عقب لقاء عقده نائب الرئيس المصرى عمر سليمان مع ممثلي أحزاب وقوى سياسية مختلفة وكذلك مع ممثلي (شباب 25 يناير) في إطار حوار وطني استهدف التوصل إلى توافق بشأن القضايا المثارة في ظل التطورات الأخيرة في مصر. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط ان البيان أكد اتفاق كافة أطراف الحوار على تقدير واحترام (حركة 25 يناير) وضرورة التعامل الجاد والعاجل والأمين مع الأزمة الراهنة التي تواجهها مصر و«مع المطالب المشروعة لشباب 25 يناير والقوى السياسية فى المجتمع». وشدد البيان كذلك على التمسك بالشرعية الدستورية في مواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه مصر في أعقاب هذه الأزمة من تراجع في أمن المواطنين وتعطيل لمصالحهم وشلل في المرافق ووقف للدراسة بالجامعات والمدارس واختناقات في الوصول بالاحتياجات الأساسية لأبناء الشعب وما لحق بالاقتصاد المصري من أضرار وخسائر. واشار البيان أيضاً إلى ما صاحب الأزمة الراهنة من محاولات للتدخل الخارجي في الشأن المصري الخالص واختراق أمني لعناصر أجنبية دخيلة على المجتمع المصري تعمل على زعزعة الاستقرار تنفيذاً لمخططاتها مع الإقرار بأن (حركة 25 يناير) حركة وطنية وشريفة. وحدد البيان ما تم الاتفاق عليه بين أطراف الحوار التي منها تنفيذ التعهدات في كلمة الرئيس المصرى حسني مبارك للأمة في أول فبراير الحالي وهي “عدم الترشح لفترة رئاسية جديدة وتحقيق الانتقال السلمي للسلطة وفقاً لأحكام الدستور وإجراء تعديلات دستورية تشمل المادتين (76) و(77) وما يلزم من تعديلات دستورية أخرى تتطلبها عملية الانتقال السلمي للسلطة”. وتضمنت التعهدات كذلك إجراء ما يلزم من التعديلات التشريعية المترتبة على تعديلات الدستور وتنفيذ قرارات محكمة النقض في الطعون المقدمة على انتخابات مجلس الشعب وملاحقة الفاسدين والتحقيق مع المتسببين في الانفلات الأمني الذي أعقب انتفاضة الشباب طبقاً لأحكام القانون, واستعادة أمن واستقرار الوطن, وتكليف جهاز الشرطة بالاضطلاع بدوره في خدمة الشعب وحماية المواطنين”. وأشار البيان إلى أنه تنفيذاً لهذه التعهدات, يتم اتخاذ اجراءات تشمل تشكيل لجنة تضم أعضاء من السلطة القضائية وبعضاً من الشخصيات السياسية تتولى دراسة واقتراح التعديلات الدستورية وما تتطلبه من تعديلات تشريعية لبعض القوانين المكملة للدستور في ميعاد ينتهي في الأسبوع الأول من مارس القادم. وأوضح البيان أن هذه الإجراءات تتضمن إعلان الحكومة عن فتح مكتب لتلقي الشكاوى عن معتقلي الرأي من كافة الانتماءات والإفراج عنهم فوراً مع تعهد الحكومة بعدم ملاحقتهم أو التضييق عليهم في ممارسة نشاطهم السياسي. وأشار أيضاً إلى تحرير وسائل الاعلام والاتصالات وعدم فرض أية قيود على أنشطتها تتجاوز أحكام القانون وتكليف الأجهزة الرقابية والقضائية بمواصلة ملاحقة الفاسدين والمسؤولين عما شهدته البلاد من انفلات أمني خلال الأحداث الأخيرة ومحاسبتهم. وأكد البيان كذلك إنهاء حالة الطوارىء “طبقاً للظروف الأمنية وحالة إنهاء التهديد الأمني للمجتمع” فيما أكدت كل الأطياف “رفضها التام للتدخل الأجنبي بكافة صوره وأشكاله في الشأن الداخلي المصري”. وأشار البيان أيضاً إلى تشكيل (لجنة وطنية للمتابعة) تضم شخصيات عامة ومستقلة من الخبراء والمتخصصين وممثلين عن الحركات الشبابية تتولى متابعة التنفيذ الأمين لكافة ما تم التوافق عليه مع رفع تقاريرها وتوصياتها لنائب الرئيس. وأشادت كافة أطراف الحوار بدور الجيش في هذه المرحلة الدقيقة.. مؤكدة تطلعها لمواصلة هذا الدور في استعادة الهدوء والأمن والاستقرار وفي ضمان تنفيذ ما أسفرت عنه اجتماعات الحوار الوطني من توافق وتفاهمات. وعلى صعيد متصل بدأت أمس الأحد مظاهر الحياة الطبيعية تعود إلى الشارع المصري مع استئناف البنوك العمل وسط تأكيدات البنك المركزي بضمان جميع ودائع المودعين في كافة البنوك “سواء بالدولار أم الجنيه المصري أو أي عملة أخرى”. وعاد العاملون والموظفون في الهيئات والمؤسسات الحكومية وغيرها إلى العمل أمس ليعود الزحام والحركة إلى شوارع القاهرة في حين اكتظ مترو انفاق القاهرة بالآلاف من العائدين إلى أعمالهم وسط تطلعات بعودة الحياة إلى طبيعتها. وأكد محافظ البنك المركزى الدكتور فاروق العقدة ان البنوك لديها سيولة كبيرة فيما تم توجيه خمسة مليارات جنيه (الدولار يعادل حوالي 8ر5 جنيه) من البنك المركزي إلى البنوك في مختلف أنحاء مصر التي تم تقسيمها إلى تسع مناطق. وكان العقدة قد أوضح في تصريح للتليفزيون المصري الليلة قبل الماضية أن طائرات تابعة للقوات المسلحة قامت بنقل تلك الأموال إلى البنوك.. مبيناً أن 29 بنكاً من بين 39 بنكاً تعمل في مصر ستبدأ أمس في مزاولة نشاطها وفقاً لقرار للبنك المركزي. من جانبه قال مبعوث الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى مصر فرانك ويزنر “إن الرئيس المصري حسني مبارك يجب أن يبقى في السلطة في الوقت الحالي لضمان إنجاز المرحلة الانتقالية نحو الديموقراطية”. وأوضح فرانك ويزنر في مؤتمر أمني في ميونيخ عبر دائرة تلفزيونية من القاهرة أن هناك حاجة لتحقيق إجماع وطني بشأن الشروط المسبقة للخطوة التالية. وأضاف أنه ينبغي أن يبقى الرئيس مبارك في المنصب خلال المرحلة الانتقالية لتوجيه هذه التغييرات. وكان ويزنر الدبلوماسي الواسع النفوذ والسفير الأميركي السابق في مصر قد التقى مبارك بطلب من أوباما الاسبوع الماضي. ووصف ويزنر الرئيس مبارك أمس الأول السبت بأنه “صديق قديم” للولايات المتحدة وقال إنه يرى أن “بقاء مبارك رئيساًً للبلاد أمر حيوي.. إنها فرصة له لتحديد ماذا سيترك خلفه, لقد كرس 60 عاماً من حياته في خدمة بلاده، إنها اللحظة المثالية بالنسبة إليه لتحديد المسار الواجب سلوكه”. من جهة أخرى أعلن مسؤول أميركي أن المبعوث الأميركي للأزمة المصرية فرانك ويزنر كان يدلي برأيه الخاص عندما دعا إلى ضرورة بقاء الرئيس المصري حسني مبارك في السلطة لإدارة المرحلة الانتقالية. وأضاف المسؤول الأمريكي حسب ما نقل عنه راديو “سوا” أمس دون أن يفصح عن اسمه “أن ويزنر لم يعد يمثل واشنطن”.