إذا كانت لديك عادة أن تسأل الكتاب أسئلة عندما تقرأه، فإنك تكون قارئاً أفضل من الذي لا يفعل ذلك. ولكن وكما أشرنا سابقاً فإن طرح الأسئلة ليس كافياً فقط، لأن عليك أن تجيب عن هذه الأسئلة. وبالرغم من أن ذلك يمكن أن ينجز نظرياً في ذهنك فقط، فإنّه من الأسهل أن تنجزه والقلم بين يديك. إنّ القلم في هذه الحالة يصبح دليلاً على تيقظك أثناء القراءة. وإنّه لقول قديم ذلك الذي يقول: “يجب أن تقرأ بين الأسطر” لتأخذ أقصى ما يمكن من الكتاب. وإن قواعد القراءة هي الطريقة المنهجية لقول ذلك. لكننا نريد أن نقنعك أن تكتب بين السطور أيضاً. وإذا لم تفعل فإنك على الأرجح لا تقرأ بأقصى كفاءةٍ ممكنة. وعندما تشتري كتاباً، فإنك تُنشئ حق ملكية عليه، مثل شراء الملابس أو الأثاث، فعندما تشتريها فإنك تدفع ثمنها. لكن فعل شراء الكتاب هو – عملياً – مقدمة لتملكه. لأنّ الملكية التامة له تأتي عندما تجعل الكتاب جزءاً من نفسك، والطريقة الأفضل أن تجعل نفسك جزءاً من الكتاب والتي تصل بها للنتيجة نفسها من خلال الكتابة عليه. لماذا يُعدّ وضع الإشارات على الكتاب أمراً لا مفر منه لقراءته؟ إنّ ذلك يكون لأسباب عديدة: فهو أوّلاً يبقيك مستيقظاً، وليس واعياً فحسب، بل متيقظاً أيضاً.. وثانياً، إنّ القراءة عبارة عن عملية تفكير إذا كانت قراءة فعّالة، والتفكير ينزع إلى أن يعبّر عن نفسه بكلمات سواءً كانت شفهية أم كتابية. والشخص الذي يقول إنّه يعرف بماذا يفكر؟ ولكنه لا يستطيع التعبير عما يفكر فيه، هو عادة لا يعلم بماذا يفكر؟ وثالثاً، إن كتابة رد فعلك على ما تقرأه يساعد في تذكر أفكار الكاتب. إنّ قراءة كتاب يجب أن يكون حواراً بينك وبين الكاتب. ومن المفترض أنّ هذا الأخير – الكاتب – يعلم عن الموضوع الذي يبحثه أكثر من القارئ، وإذا لم يكن كذلك، فمن الأرجح أنك لن تتكبد قراءة كتابه. ولكن الفهم هو عملية ذات اتجاهين. لأن مَن يود التعلم يجب أن يسأل نفسه ويسأل الأستاذ. بل هو يجب أن يكون راغباً أيضاً في مناقشة الأستاذ عندما يفهم ماذا يقول الأستاذ. وإن وضع الإشارات على الكتابة معناه – حرفياً – هو تعبيرك عن مدى اتفاقك أو اختلافك مع الكاتب. وإنها تقدير يقدمه القارئ للكاتب. يوجد كثير من الأدوات والوسائل لوضع الإشارات على الكتاب بشكل مثمر وذكي، وهنا نورد بعض هذه الوسائل التي يمكن استعمالها: 1 - ضع خطّاً تحت الجمل القوية أو الهامّة. 2 - ضع خطوطاً شاقولية على الهامش، للتأكيد على الجمل التي وضعت خطّاً تحتها سابقاً، أو لتشير إلى فقرة تراها طويلة لأن تضع خطاً تحت أسطرها. 3 - ضع نجمة أو نُجيمة أو أي إشارة أخرى على الهامش، كي تستعملها بشكل مختصر للتأكيد على أكثر الجمل أو المقاطع التي تراها أكثر أهمية من سواها. ويمكنك أن تطوي زاوية الصفحة في كل الصفحات التي تضع عندها هذه الإشارة، أو أن تضع قصاصة صغيرة بين هذه الصفحات. وفي كلتا الحالتين فإنّه يمكنك أن تأخذ الكتاب من على رف المكتبة في أي وقت تريد وتفتح على هذه الصفحات التي أشرت عليها سابقاً لتتذكر أو تنعش ذاكرتك من خلال قراءتها. 4 - ضع أرقاماً على هامش صفحات الكتاب، للإشارة إلى تسلسل النقاط التي وضعت من قِبَل الكاتب أثناء تطويره للمناقشات التي يقوم بها. 5 - ضع أرقام الصفحات الأخرى على هامش الصفحة التي تقرؤها، للإشارة إلى أي من الصفحات التي أثار الكاتب النقاط نفسها في سياق كتابه، أو للإشارة إلى الصفحات المماثلة أو المناقضة لما كتبه في الصفحة المعيّنة وذلك لتربط أفكار الكاتب التي قد تبدو منفصلة وعلى صفحات عديدة من الكتاب إلا أنّها مترابطة فيما بينها. وإنّ قراءً عديدين يستعملون كلمة انظر أو كلمة قارن أو بالإشارة إلى... 6 - ضع دائرة على الكلمة الأساسية أو الجملة الأساسية، وهذه الإشارة تخدم تماماً مثل وضع الخط تحت الكلمة أو الجملة. 7 - الكتابة على الهامش أو في أعلى أو أسفل الصفحة. وذلك لتسجيل أسئلة، أو ربّما لتجيب عن الأسئلة التي يثيرها النص في ذهنك، ولتختصر مناقشات معقدة في جمل بسيطة، ولتسجيل النقاط الأساسية في سياق الكتاب. إنّ الصفحات الأخيرة البيضاء في نهاية الكتاب يمكن أن تستخدم كفهرس شخصي للنقاط التي بحثها الكاتب وفي تسلسل ترتيب ظهورها. وبالنسبة للقارئ المتمكن من كتابة الملاحظات فإنّ الصفحات البيضاء في مقدمة الكتاب هي الأهم في صفحات ذلك الكتاب. وبعض القراء يحتفظون بها لكتابة أسمائهم للدلالة على ملكيتهم المالية للكتاب. ولكن من الأفضل الاحتفاظ بهذه الصفحات لتسجل خواطرك عن الكتاب. فبعد الانتهاء من قراءة الكتاب ووضع فهرسك الشخصي في الصفحات الأخيرة منه، فإنّك تعود للصفحات البيضاء في مقدمة الكتاب لتحاول أن توجز الكتاب، ليس صفحة بصفحة ولا نقطة بنقطة (فقد فعلت ذلك في نهاية الكتاب)، ولكنك تحاول أن تضع هيكلاً متكاملاً مع مختصر أساسي لترتيب أجزائه. وهذا الموجز سوف يكون معيار فهمك للكتاب وهو بخلاف كتابة اسمك على الصفحة الأولى منه لإثبات ملكيتك المالية له، لأنّ هذا الموجز يعبر عن ملكيتك الفكرية للكتاب. المصدر: كتاب كيف تقرأ كتاباً؟