بزغ الفجر بعد ليلة هادئة قضتها خلية النحل, يوم ربيعي استأنفته أصوات العصافير بعد توقف ضفادع عن نقيقها المتواصل منذ الساعات الأولى من الليل, الخضرة تفترش الحقول وتغلف الجبال, أزهار زاهية تتوج خضرة وتبعث روائح تتراقص لشذاها فراشات خلعت عليها الطبيعة من زهوها ألواناً تغطي أجسامها, وفي بطن الوادي تتسلل المياه من بين الحقول بخريرها المؤنس للصمت المستفحل أحضان الجبال و الأدغال, قطرات الندى تتلألأ من أطراف الأوراق الرهيفة عند بزوغ خيوط الشمس من على الحافة. طنين النحل يسابق خيوط الشمس إلى الأزهار الزاهية التي تقف مستأنسة لها وهي تجمع من بين زهائها رحيق وحبوب لقاح, كانت تتوسد تجويفاً صخرياً بالقرب من مجرى الوادي, الطنين يتعالى كلما اشتدت الشمس, حركة دؤبة في المدخل, نحلات تتأبط أكياس رحيق ملونة تحت أجنحتها الشفافة, تلج إلى الداخل عبر المدخل الذي تعسكر فيه أفراد حراسة, تفرغ الرحيق إلى قوالب شمعية مقسمة إلى آلاف الحلقات السداسية، طنين الذكور يتميز كأصوات المزامير في حفلات الأعراس, الملكة تتفقد أجزاء الخلية تجهيزاً لوضع البيض كعادتها, الذكور تتصارع لتحظى بالملكة. خرجت يرقة من حافة أحد القوالب, لا تختلف كثيراً عن اليرقات الأخرى. نحلة مسكينة نجت من سحر الملكة, امتلكت القدرة على الإنجاب, خرج أحد الذكور كعادته يصدح بطنينه لتنشيط النحل ومضاعفة جهودها قبل انقضاء الموسم, كانت تمتص رحيق زهرة برتقال حين اقترب طنينه منها, استغلاء لحظة ابتعادهما عن الخلية, عاد يرافقها, فكرت بمكان آمن لإخفاء بيضتها بعيداً عن أعين الملكة, كانت حافة ذلك القالب هو المكان بعد أن صنعت غذاءً مطابقاً لغذاء الملكة, خرجت اليرقة بعد أن تغذت من الغذاء الخاص بالملكات, نمت بسرعة, أخذت شكل الملكة, ضمت إلى خدمتها جزءاً من أفراد الخلية, صراعات بين الملكتين, أعداد من القتلى تُلقى إلى الخارج, دبّ السكون بعد سقوط الملكة العتيقة وإلقائها إلى الخارج, توقفت الملكة الجديدة بالقرب من المدخل ومن حولها العشرات من الوصيفات توقفت أمام بضع نحلات وكأنه مؤتمر صحفي بعد الانتصار, الذكور تتقرب إليها, بيد أن سحر المكلة المقتولة نال منها, وشلّ أعضاءها الجنسية, امتلأت قوالب الشمع بالعسل, توقف نشاط الخلية, بدأ البحث عن سبب التوقف, اكتشف سر الملكة الكاذبة, بدأ التحقق, بينما كانت المتسببة في الانقلاب تخفي نفسها بين العسل ولايزال التحقيق جارياً.