قد تكون الأوضاع غير المستقرة في بلادنا عذراً مقبولاً للإخوة في الاتحاد العام لكرة القدم لترحيل الجولات المتبقية من أطول دوري في العالم المسمى عندنا بطولة دوري الدرجة الأولى ،أو أندية النخبة ، أو الأندية المحترفة كمبالغة مجازية للتماهي مع دوريات الدول الخليجية والقارية الأخرى ... وإن أحسنا الظن بقدرات وإمكانات وكفاءات مجلس الإدارة لاتحاد القدم، فإننا نؤيد خطوة الإيقاف المؤقت ... الاضطراري والضروري في هذه الظروف الضبابية التي تمرُ بها اليمن ، وأثرت الأزمة على الحالة الطبيعية للحياة الشاملة السياسية والاقتصادية والرياضية باعتبار تلك كلها متصلة ببعضها ويؤثر على الاستقرار بصورة أو بأخرى .. وانتقل ذلك إلى الحياة الرياضية بشكل خاص..ولسنا هنا ممن ينتقدون القرار الذي اتخذه اتحاد القدم بإيقاف بطولة الدوري اعتماداً على سوء الأحوال التي برزت في الأوضاع المالية لفرق شعب حضرموت وحسان أبين ووحدة صنعاء وأمثالها المتأثرة بانشغال داعميها بأحوالهم وأعمالهم الخاصة مما سيؤثر على عدالة المنافسات ، وتنتفي معه المساواة وتنعدم أيضاً الظروف الصحية والأجواء الطبيعية ، وتتحول المباريات إلى إسقاط الفرق للواجب بالحضور حتى لاتعاقب، ويتواجد لاعبوها فقط حرصاً على أجورهم ومخصصاتهم المالية المترتبة عن مواظبتهم على التدريبات ، ولعب المباريات .. أما المردود الفني الذي ستحصل عليه الرياضة اليمنية بارتفاع المستوى، وترشيح لاعبي المنتخبات الوطنية من خلال هذه المباريات فلن يكون طريقة ناجحة وصحيحة كون المنافسات تفتقد لعناصر النجاح والفكر الراقي، والأداء المبدع في أحوال صحية وصحيحة . .. لكننا بعد أن تحدثنا عن مبررات إيقاف الدوري العام من اتحاد القدم، ووافقناه على هذه الخطوة بعد تشخيص الظروف التي تمر بها بلادنا.. نرى أن هناك ثغرات في هذا القرار الذي ينقصه التوضيح والتفصيل المطلوب جداً في ظل وجود أزمة سياسية نتج عنها هذا التوقيف الاضطراري. وفي اعتقادنا أن القرار الاتحادي هذه المرة لم يكن متسرعاً وإنما جاء عمومياً ومختصراً اختصاراً مبهماً . فكلمة حتى إشعار آخر ، تحمل في طياتها تعذيباً للرياضيين وهي مفخخة ومدمرة لجهود الأندية المنضوية في تصنيف الدرجة الأولى والدرجة الثانية.. ودعونا نفصَّل المحظورات ونتطرق إلى التدمير الذي سيطال الكرة اليمنية جراء هذا التوقف غير المحدّد بزمن، ولا المقيد بموعد، ولا يخضع لمصلحة عامة يمكن للرياضة في بلادنا أن تستعيد نشاطها وروحها بعد انقضاء الظرف الطارىء أو العارض . .. فأولى الخسائر من توقيف الأنشطة الرياضية إصابة الأندية بالموات ولاعبيها بالموت البطيء ، وسيتحول الرياضيون إلى مناشط سياسية وقد يتسابقون نحو القات ، ويلعبون كرة الفم ، بدلاً عن كرة القدم ، فيما الاستحقاقات الخارجية تفرض على اتحاد القدم في بلادنا الإعداد والتجهيز لخوض مباريات التصفيات الآسيوية بالمنتخبات (الأولمبي والناشئين والشباب ، والأول ) الذين يتم اختيارهم من البطولات المحلية .. وإذا كانت ملاعبنا ستخلو من المنافسات والفعاليات الرياضية ، فما الذي نأمَّله أو نطمح أن نحصل عليه في خوض هذه المشاركات الآسيوية التي لاشك سيكون فيها رصيدنا صفراً عطفاً على مستوى دورياتنا المحلية المتواضعة أصلاً في الحالة الاعتيادية الطبيعية ، فما بالكم بالأوضاع غير المستقرة التي تؤثر على مفاصل حياتنا؟! .. هذه الخسارة الكبيرة لن نستطيع تعويضها، لأننا لانمتلك عوامل البناء بعد الهدم ، أو التطوير بعد التدمير كما أن قدراتنا المالية والبشرية محدودة ، ممايصعب علينا مهمة تشييد صرح الرياضة الذي سيتعرض للشروخ جراء ذلك . فالمنتخبات الوطنية المشاركة في التصفيات الآسيوية المقبلة ستتأثر سلباً بكل تأكيد ، لأن انقطاع عناصر منتخباتنا عن اللعب الأسبوعي ضمن مباريات الدوري أو الكأس سيؤدي إلى افتقادهم «للحساسية المهارية» في التعامل مع الكرة وتراجع «الحاسة التهديفية» لمهاجمينا رغم ندرتها في لاعبي خط المقدمة للمنتخبات اليمنية . .. إذاً فإن الضرر الأكبر سيصيب منتخباتنا بمقتل .. مالم تعتمد الأجهزة الفنية برامج وخططاً لإقامة معسكرات خارجية للحفاظ على المخزون البدني ، والذخيرة التي اكتسبها عناصر المنتخبات الوطنية خلال مسيرة الدوري الكروي ومن أجل الاستعداد المتناسب مع الاستحقاقات الآسيوية لكل من الأولمبي والناشئين والشباب والأول .. وهذا أيضاً سيكون باهظ الثمن مادياً على الوزارة والاتحاد معاً ، وهو العائق الأكبر الذي يبدو أنه المخرج الوحيد على طريقة المثل«شر لابد منه» لتغطية وقوع كارثة رياضية بسبب خوض منافسات قارية دون جاهزية كافية ، على الأقل تكون قادرة على اجتياز الاستحقاقات الآسيوية دون مزيد من الإحباطات والإخفاقات الجالبة للسمعة السيئة ، والعودة إلى المشاركة لإكمال العدد، دون الاستثمار الصحيح لها لقطع مسافة أخرى تقربنا من الدول الشقيقة والصديقة التي خطت قفزات تطويرية للرياضة بفضل مشاركاتها في المحافل الدولية التي تجمع منتخباتها إلى منتخبات مثيلاتها المتطورة وأحسنت الاستفادة من ذلك . أما إذا وجد الاتحاد العام للقدم أن منتخباتنا الوطنية غير قادرة على تجاوز آثار الإيقافات المتكررة للدوري ، فإن الاتحاديين قد يقررون الاعتذار عن عدم الاشتراك اعتماداً على الظروف العصيبة التي تمر بها بلادنا سياسياً وتوقف الدوري .. وهذا القرار، إن اتخذته أذهان أهل القول الفصل في اتحاد القدم والوزارة الرياضية فستكون أضراره أشد ..وأعظم الأضرار المترتبة عن ذلك يتمثل في العزلة المؤدية إلى الجمود الذي سيحكم على الرياضة بالشلل السريري .. إضافة إلى عقوبات مالية مقترنة بأخرى تأديبية وجزائية قاسية من الاتحاد الآسيوي . ..تلكم هي الصورة التي نراها للمشهد الرياضي اليمني إن ظل قرار اتحاد القدم بإيقاف الدوري مذيلاً بعبارة (حتى إشعار آخر) وتفسيره الحقيقي والواقعي عند المراقبين والمهتمين بالرياضة اليمنية هو (إيقاف الدوري حتى انهيار آخر)!!!.