يخطئ الكثير من مدراء الإدارات في التعامل مع مرؤوسيهم حال وقوعهم في الخطأ ، حين لا يجدون بداً من استخدام أساليب التعنيف والقسوة في بعض الأحيان، ومعاقبتهم في أحايين كثيرة ، دون النظر لنتائج هذه الأساليب التي سيكون لها بالغ الأثر المستقبلي على علاقة الفرد بمديره ، وبما ينعكس سلباً على أداء الفرد و مستواه الشخصي. يحصل في الوقت الذي نطالب فيه أكثر من أي وقت مضى بالحفاظ على العلاقة بين المدير والمرؤوس في موضع مهيب من الحب والتقدير والاحترام ، أما أن يكون تعاملنا على أساس اللامبالاة والتبلد وعدم الشعور بالأفراد ، فهذا الأسلوب أصبح معيباً أكثر من ذي قبل بسبب النتائج الكارثية التي يتركها هكذا تعامل يجعل الأفراد المتميزين يفكرون جدياً في البحث عن عمل بعيد عن هذا المدير غير مرغوب فيه . كان بإمكان للأمور أن تكون أحسن وأفضل لو تروى وتريث هذا المدير وهو يفكر في تلك القرارات التي قد تكون مجحفة بما لا تتناسب ومقدار الخطأ الذي يصغرها بمرات والعجيب أن بعض مدراء الإدارات لا يهتم بالعلاقة بينه وبين الموظف الذي خسره للتو بسبب خطأ. إن الأولى بهذا المدير وغيره أن يحفظوا للود مساحته التي قد اتسع هامشها بدلا من التضحية بها ، وعلى أمثال هؤلاء أن يتذكروا حقيقة أن العتاب أجمل ما فيه أن يكون على قدر المحبة وهو قول كثيراً ما نسمع عنه ويتداوله الناس، مع تأكيدنا أن العتاب لا يكون اسلوباً فعالاً إلا إذا استخدم في الوقت المناسب ومع الشخص المناسب الذي يتقبل العتاب اللطيف بصدر رحب. وعم بن الخطاب يقول : ( لا تقطع أحدا من الناس على ارتياب ، ولا تهجر دون استعتاب ) ، وحتى لا تقطع حبال الوصال مع أفرادك من عتابك لهم ، نضع هذه السبع الإشارات التي أراها من وجهة نظري مهمة لمن أراد علاقة رائعة بينه وبين موظفيه ممن يقعون في الخطأ وأراد أن يعاتبهم : الاقتناع الكامل بانتهاج أسلوب العتاب : فلا يعقل أن نأتي لنقول لأحدهم إذا أردت علاقة بينك وين موظفيك فعليك عتابهم بأساليب راقية ومحترمة وهو أصلاً غير مقتنع بأسلوب العتاب. زن الألفاظ : فلا يجب أن يزيد عتابك على حد معين ، ولا تحول كلامك لنوع من التوبيخ ، ولا تكرر ما تقوله ولا تلح كثيراً حتى لا يتحول كلامك لنوع من الهجوم غير المحبب . كن متوسطاً : بينما لا يجب أن يزيد عتابك على حد معين ، يلزم أيضاً أن لا ينقص عن الحد الذي يجعله فعّالا، فالتهاون أحياناً يؤدي إلى استسهال الأمر من قبل الموظف ، ومن ثم يتمادى في عدم مراعاة ما يلزم إنجازه . غلف العتاب : فلا يجب أن تضع أياً من موظفيك موضع المتهم ، فتضطره للدفاع عن نفسه بطريقة تبدو وكأنه يبرىء شخصه من تقصير مؤكد ، فذلك يوغر صدره تجاهك ، وربما تخسره جزئياً أو كلياً . لا توسع الدائرة : عندما تعاتب موظفاً أو أياً منهم حدد بدقة الأشياء التي تضايقك منه ، بمعنى أن تضع النقاط على الحروف، مع التأكيد عند عتابك أنك باقٍ على صداقته ، وأن عتابك ما هو إلا من باب البقاء على الود القديم ، وتذكر قول الله عز وجل في هذا السياق (( ولا تزر وازرة وزر أخرى )). كن مؤدبا : فلا تستخدم أيا من الكلمات الخارجة عن الأدب ، وانتق الألفاظ بعناية فائقة ، حتى لا تحرج أحد أفرادك بأسلوبك الذي قد يضطره فلا يعود ينسى كلماتك . كن رحيما : لا ترفع صوتك ، وتكلم بهدوء ودون انفعال ، وتذكر أنك تعاتب ولا تشاجر، ولا يعني هذا أنك لا تشد على المقصرين في أعمالهم ، إنما الذي نعنيه أن تكون رحيما ، فيك شيء من شدة وهذا يعتمد في أسلوب المد والجزر الذي ينبغي أن تتخذه في عتابك للمقصرين الموظفين. ومضة... حكي عن أخوين من السلف انقلب أحدهما عن الاستقامة ، فقيل لأخيه : ألا تقطعه وتهجره ، فقال : أحوج ما كان إليَّ في هذا الوقت لما وقع في عثرته ! آخذ بيده وأتلطف له في المعاتبة وأدعو له بالعودة إلى ما كان عليه . فهل يحرص مدراء الإدارات على أن يكون هذا مقصدهم من عتابهم لموظفيهم.