وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء أمس إلى العاصمة المصرية القاهرة للمشاركة في توقيع وثيقة المصالحة الفلسطينية المقررة اليوم بالقاهرة . وكانت مصر قد استقبلت في الساعات الماضية العشرات من ممثلي الفصائل والحركات الفلسطينية للمشاركة في احتفال التوقيع على الوثيقة بحضور بعض الشخصيات العربية والإسلامية والعربية . وكانت حركتا “ فتح “ و”حماس” الفلسطينيتان قد وقعتا اتفاقاً للمصالحة في القاهرة الأربعاء الماضي يتضمن تشكيل حكومة شخصيات مستقلة متوافق عليها، تتولى التحضير لانتخابات عامة خلال مهلة عام. من جهة أخرى تشهد العاصمة المصرية القاهرة اليوم الأربعاء التوقيع النهائي على وثيقة الوفاق الوطني الفلسطينية لإنهاء الخلاف بين حركتي فتح وحماس والقضاء على الانقسام الفلسطيني برعاية مصرية رسمية, حيث سينهي هذا الاتفاق المعاناة التي كان يعيشها الشعب الفلسطيني بسبب ذلك الانقسام. وفي هذا الإطار وقّعت جميع الفصائل الفلسطينية أمس الثلاثاء على اتفاق المصالحة الذي وقّعته حركتا فتح وحماس في 27 من الشهر الماضي. وقال رئيس كتلة فتح البرلمانية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد في تصريح له إن التوقيع تم في اجتماع ضمّ ممثلي مختلف الفصائل الفلسطينية. من جانبه قال أمين سر المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية بلال قاسم إن حركتي فتح وحماس وكافة الفصائل الفلسطينية وعددها 13 فصيلاً بالإضافة إلى شخصيات مستقلة وقّعت أمس في القاهره وثيقة المصالحة الفلسطينية. وقال قاسم في تصريح نقلته وكالة الصحافة الفرنسية: “ان التوقيع قد تم من كافة الفصائل الفلسطينية خلال اجتماع مع وكيل المخابرات المصرية في القاهرة, وتم التوقيع على ان تجري مراسم الاحتفال بالمصالحة اليوم الأربعاء”. ومن المنتظر ان يوقّع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس خالد مشعل الاتفاق النهائي للمصالحة الوطنية بمشاركة الفصائل الفلسطينية وذلك في مقر جامعة الدول العربية بعد أن يفتتح الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى هذه المناسبة بكلمة, ثم يعقبه وزير الخارجية المصري الدكتور نبيل العربي بكلمة أخرى, ثم كلمة ثالثة لرئيس جهاز الاستخبارات المصرية مراد موافي. ووصفت جامعة الدول العربية هذا الاتفاق بأنه حدث كبير وخطوة هامة ورئيسية في مسيرة العمل العربي المشترك وحماية القضية الفلسطينية وقيام الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وقال أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى إن المصالحة عانت فيما سبق بعض العقبات ولكن التحرك نحو تحقيقها الآن هو أحد أبرز نتائج التغيير الذي تشهده المنطقة العربية وتغيير الأوضاع التي كانت خاطئة تماماً خلال الفترة الأخيرة وخاصة خلال الخمس سنوات الأخيرة. وشدد موسى في كلمة أمام الاجتماع الرابع لمجلس أمناء مؤسسة (ياسر عرفات) بمقر الجامعة العربية على أن التحرك نحو المصالحة يعد أحد أبرز نتائج التغيير الذي تشهده المنطقة العربية وتغيير الأوضاع التي كانت “خاطئة تماماً” خلال الفترة الأخيرة. ووجّه التهنئة لحركتي فتح وحماس وكافة المنظمات الفلسطينية ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالتوقيع على المصالحة برعاية مصر, معتبراً أن المصالحة “خطوة مهمة ورئيسية في مسار القضية الفلسطينية”. معتبراً أن توقيع المصالحة يعيد إلى الجانب الفلسطيني في النزاع مع اسرائيل زخماً سياسياً في ظل التطورات التي ستشهدها المنطقة خلال الفترة المقبلة. وتعتبر المصالحة الفلسطينية التي يتم التوقيع عليها اليوم الورقة الأولى في المسرح السياسي وفي كل الأحداث الاقليمية المتوقعة, بل هي مخرج حقيقي من كل الإشكالات التي تعيق حركة الشعب الفلسطيني وتقيده في ظل جمود اقتصادي ومتاعب اجتماعية. ويشير المحللون إلى ان إنهاء حالة الانقسام يتطلب ليس فقط الانتهاء من أوسلو وتطبيقاتها ولكن بحاجة إلى حوار وطني ومصالحة حقيقية التي سوف يتم التوقيع عليها الأربعاء, لأن المواقف المشتركة بين جميع الفصائل الفلسطينية هي التى ستمثل الموقف الفلسطيني الرسمي. وقد أعلن مصدر رسمي مصري رفيع المستوى يوم السابع والعشرين من الشهر الماضي عن توقيع فتح وحماس الاتفاق بالأحرف الأولى بعد المشاورات التي جرت بينهما بسبب توافر الإرادة السياسية لإنهاء الانقسام وحرص الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية على طرح مبادرات وأفكار إيجابية تعكس روح الوطنية نحو استعادة وحدة الشعب والوطن. ويشمل الاتفاق - بعد مفاوضات استمرت عاماًَ ونصف العام - كل النقاط التي كانت مثار خلاف بين الفصيلين مثل موعد الانتخابات ومحكمتها والملف الأمني وتشكيل حكومة من المستقلين واستئناف أعمال المجلس التشريعي وغيرها من النقاط. ومثل عزام الأحمد رئيس كتلة الحركة البرلمانية حركة “فتح” بينما مثل الدكتور موسى أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسي حركة “حماس” مما سينعكس إيجاباً على الشعب الفلسطيني . وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد إن التوقيع على الاتفاق يجسد امتلاك الحركتين للقرار الوطني لإنهاء الانقسام والذي من شأنه أن يسهم في إنهائه وانه وافق على محضر للتفاهمات حول ما جاء في بنود الورقة المصرية وأضفنا لها الاتفاق على تشكيل حكومة فعاليات /تكنوقراط/ مهنية مستقلة وموعد انتخابات كما تحدثنا حول الشراكة الوطنية ما بعد الانتخابات. وأضاف إن الجامعة العربية كما هو متفق عليه سترعى تنفيذ هذا الاتفاق وستشرف عليه وهذا هو أحد الضمانات من أجل تنفيذه إلا أنه شدد على أن الإرادة الوطنية ستبقى هي الأساس لتطبيق بنود الاتفاق.. قائلاً إننا سنبقى في حالة حوار دائم لحل أي إشكالات تظهر. ومن المنتظر ان يتم عقب توقيع الاتفاق تشكيل حكومة تتولى إعادة إعمار قطاع غزة المدمر بسبب العدوان الاسرائيلي والتحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني خلال عام من توقيع المصالحة الوطنية. الجدير بالذكر أنه في عام 2005 قررت حركة حماس الدخول في انتخابات المجلس التشريعي وفي عام 2006 تشكلت حكومة فلسطينية يرأسها اسماعيل هنية وهو أحد قادة الحركة ومنذ ذلك الوقت والحركتان /فتح وحماس/ في خلاف مستمر وتشكلت - في محاولة للصلح بينهما - حكومة وحدة وطنية لكنها لم تضع حداً لهذا الخلاف ثم تشكلت حكومة طوارىء بقرار من الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد الحسم العسكري لحركة حماس في غزة وفرض سيطرتها على مقرات الأجهزة الأمنية التابعة لحركة فتح. وقد تأسست حركة التحرير الفلسطينية /فتح/ في ستينيات القرن الماضي ويرجع أساس فكرة إنشاء الحركة إلى تجربة جبهة المقاومة الشعبية وكانت عبارة عن تحالف قصير الأجل بين مختلف الأطياف أثناء احتلال اسرائيل لقطاع غزة عام 1965 وبعد ذلك وضع أعضاء الجبهة خطة لتنظيم جبهة في فلسطين كانت /فتح/ هي صورتها النهائية لتوحيد معظم المنظمات الفلسطينية.