في الغالب يسود الاعتقاد أن هجرة نجوم كبارك«دروجبا» تؤثر في تحصيلهم العلمي أو بالمختصر المفيد اللاعب يكسوه «الجهل» ولا يصبح همه سوى ركل الكرة واستلام راتبه فقط ! .. وهذا هو الجانب المظلم الذي يركز عليه البعض من لاعبينا في مختلف الرياضات و كذلك أبناءنا ..نحب رياضيينا ونحترم كل ما يقدمونه ولكننا نسعى أن يحاولوا قدر الإمكان تسخير طاقاتهم لما فيه خدمة المجتمع الذي يعيشون فيه وأن يعوا أنهم لا يعيشون لوحدهم ، ولنا في نجوم الزمن الجميل ومن سبقهم دروساً وعبر فأين هم الآن ؟ منهم الوزير ، المدير ، الطبيب ، السفير ، الرسام ، المسرحي ، الصحفي ، الأديب ، المذيع .تبدو الأمور أسهل بكثير لو أخذناها بعين الاعتبار من منظور مسئول بداية بالبيت أو الأسرة ونهاية بالمجتمع بمختلف مسمياته كالمسجد ، المدرسة ، العمل ، النادي وحتى حديقة الألعاب أو الحيوان . يتابع الكثيرون من هواة كرة القدم على وجه التحديد تلك التطورات التي تصاحب نجوم كرة القدم العالميين صغيرة وكبيرة هامة كانت أم تافهة ، فهم يشكلون قبلة لغالبية عظمى من شباب العرب من المحيط إلى الخليج ، ولأ هم لهذه الفئة الأخيرة سوى أن يحقق أبطالها الفوز على الدوام ويداومون على صعود منصات التتويج ليس أكثر !!. أحب في هذه السطور التي قد يراها البعض غريبة نوعاً ما أو لن يستسغها أن أتناول كيفية وصول رياضيين كبار إلى المجد ليس بالمال كما قد يعتقد البعض ولكن بالاجتهاد والعمل الشاق ، مجتمع صنعهم : مدرسة ، مسجد ، نادي وأسرة ولم تكن ملاعق الذهب في انتظارهم !! . فعلى سبيل المثال نجم الكرة ديدييه دروجبا الذي قدم إلينا من أحد الأحياء الفقيرة الضاربة في أعماق الجهل والفقر والتخلف في العاصمة الايفوارية ابيدجان يصف ذلك المنظر ألذي خلدته ذاكراته عمن يكون أصلاً ويقول :«أنا أكبر أبناء أسرة ايفوارية مكونة من أب وأم وسبعة أبناء وقد انتقلت إلى فرنسا في الخامسة من عمري رفقة عمي» . وبعد رحلة مع الساحرة المستديرة تحول «دروجبا» إلى أحد أغلى نجوم الكرة ، وأتذكر كلماته عندما أشتراه تشيلسي الانجليزي من مرسيليا الفرنسي بخمسين مليون دولار حيث قال : «من الصعب أن تنام وتستيقظ لتجد أنك تساوي خمسين مليون !!» .. «دروجبا» كسب حب واحترام الجميع ما جعله نجماً سيخلد في ذاكرة الساحرة المستديرة كبطل خارق داخل المستطيل الأخضر أو كسفير للنوايا الحسنة للأمم المتحدة خارجه . المستفاد من تلك القصة أن هذا الصغير لم تخذله البيئة التي جاء منها ويعتز بها ويحمل علم بلاده في ذراعه أينما رحل ، لم يهرب من المدرسة ولم تفسده الأفكار المتشددة أو تغتال طفولته تلك الحياة الصعبة ، بل شق لنفسه طريقاً وأصبح بطلاً قومياً ، وأحب في هذه النقطة التأكيد أن «دروجبا» دون تلك الرحلة البسيطة والهادئة في كتاب أنيق من تأليفه . ما يبحث عنه شبابنا في الوطن العربي الكبير وفي بلادنا على وجه الخصوص هو أهداف دروجبا فقط ليس أكثر !! وهذا ما يحز في النفس لأن الجانب المشرق لا يتم العروج إليه أبداً ولو من باب الفضول ! . لماذا لا يتم اعتبار الفيل الايفواري «دروجبا» مثقف ؟ مؤلف ؟ يتحدث بأكثر من لغة ؟ محبوب ؟ سفير ؟ ويجب أن يكون قدوة حتى خارج مسرح الأحداث الكروية . في الغالب يسود الاعتقاد أن هجرة نجوم ك«دروجبا» تؤثر في تحصيلهم العلمي أو بالمختصر المفيد اللاعب يكسوه «الجهل» ولا يصبح همه سوى ركل الكرة واستلام راتبه فقط !.. وهذا هو الجانب المظلم الذي يركز عليه حتى البعض من لاعبينا في مختلف الرياضات وحتى أبناءنا في البيوت. دعونا نعتبر بل ونؤمن أن اللاعب اليمني يمتلك ما لا يمتلكه نظيره خارج الحدود ، كالتمسك بالدين و العادات والتقاليد التي تميزنا عن غيرنا ، ولكنه رغم ذلك بحاجة أيضاً ليستمر ويكون قدوة بل ومثل أعلى كأولئك . محمد علي كلاي الملاكم الأسطورة بطل العالم السابق دعا إلى خلق الجيل الرياضي ، المُتدين المعتدل ، المثقف ثقافة متنوعة شاملة ، والثقافة هنا تعني صقل النفس والمنطق و الفطانة ، والرقيّ الفكري والأدبي والاجتماعي للأفراد والجماعات . والثقافة ليست مجموعًة من الأفكار فحسب كما يرى كبار الكتاب والنقاد ، ولكنها كما يؤكدون نظريٌة في السلوك بما يرسم طريق الحياة إجمالاً .. وهو خلاصة ما أريد إيصاله . نريد رياضياً مثقفاً ولما لا ومتابعاً مثقفاً أيضاً ، وكل يؤثر ويتأثر مع الأخر ، لتكتمل دائرة الرياضة و يالها من شمس منيرة .. والعملية هنا ليست بالسهلة وتحتاج لجهود تكاد منظومة البيت ، المدرسة ، المسجد ، النادي كما أسلفت هي المناط بها العمل بقوة في هذا الجانب . فالمدرسة مثلاً هي مسرح الأحلام والبداية الحقيقية لكل المواهب في مجالات عدة وهي مصنع النجاحات لكل المستقبل القادم الذي نؤمل فيه على الدوام ومن خلالها يولد الزعماء والمفكرين و الأبطال الخ ... والنجاح أحياناً يأتي في سنوات مبكرة وهذا ما كان من أمر «ايما - ماري اركوت» الشابة الاسكتلندية ذات ال13 ربيعاً صاحبة هذه القصة التي تتعلق بالمدرسة وسأسردها من باب التذكير . رغم الاعتقاد السائد بين شعوبنا العربية أن ألعاب الفيديو هي الشر بعينه ، إلا أن ماري كانت تدمن لعبة اسمها «hack - المأجور» ما دفعها ل«كتابة» قصة كتابها الأول «مروضو التنانين : الواقع يصبح افتراضيا» . وتدور أحداث هذه القصة الخيالية حول ثلاثة مراهقين وجدوا أنفسهم حبيسي لعبة تدور وقائعها في عالم افتراضي خيالي عبر أحداث ملأت 128 صفحة، كتبتها هذه الصغيرة لاحظوا متى : خلال العطلات الأسبوعية وبعد انتهاء فروضها الدراسية . وبعدما انتهت من كتابة قصتها ، بدأت في البحث عن الناشرين ،شاهدوا كيف تفكر، من خلال دليل الهاتف وعبر شبكة الانترنت، حتى وقعت عقداً مع دار نشر محلية صغيرة، فبدأت بنشر ألف نسخة فقط . في ديسمبر من العام 2004 (هذه النسخ الأولى أصبحت تحفاً نادرة يحاول الكثيرون اقتناءها) وبعد نفاد الطبعة الأولى، نفدت الطبعة الثانية أيضاً، والتي بلغت قرابة 50 ألف مطبوعة، ورغم أن بعض الشركات فكرت في تحويل القصص إلى أفلام ومسلسلات، لكن ذلك لم يحدث بعد ، و أما «ايما» فقد آثرت العودة يا ترى إلى أين ؟ إلى دراستها بالطبع التي تعلقت بها و أداء فروضها المدرسية ، لتتجه بعد ذلك لتدوين الكتاب الثاني الذي حمل أسم العاصفة الرقمية الذي بيع بشكل جيد . في المدرسة يبدأ العمل من المدير الذي يعتبر الأب المرن والحازم الذي لا ينام من شدة قلقه على مدرسته وما تحتويه من الألف إلى الياء ويفكر دائماً :- كيف سيكون الغد ؟ وينتظره بلهفة ، مروراً بطاقم التدريس الذي عليه أن يعي الرسالة الملقاة على عاتقه ويحترم هذه المهنة التي تضعه في مرتبة عظيمة تستدعي منا احترامها ، أن يعطي أبناءنا جل وقته وخلاصة ما يمتلكه من علم لجيل الغد وثروة الأمة ، فهي أمانة وعليهم أم يكونوا أمناء حتى النهاية . في المسجد يأتي دور مهم ، فهو بالنسبة لأبنائنا في مختلف المراحل العمرية طوق النجاة، والداعية الناجح كما يقال هو السباح الماهر الذي يستطيع أن ينتشلهم من بين أمواج الفتن والظلمات التي تكتنفهم من كل الجوانب ، ولبيوت الله تعالى دور كبير في نشر العلم والدعوة ومنطلق لقاعدة تقوم على مبدأ الوحدة والترابط بين أفراد المجتمع . فالمسجد لا يتجه لزاوية معينة فقط للصلاة ؟ بل منطلق لكل ما يهم الإنسان وينير له طريقه بما يجعله صالحاً لوطنه ومجتمعه ودينه أيضاً . إذاً كل ذلك يؤدي بالتأكيد لموهبة تجد طريقها في نهاية المطاف في أحضان ناد رياضي يمثل أحد أهم الحلقات في حياة أبنائنا من الجنسين .. فالأندية الرياضية باختصار شديد تعتبر في المقام الأول البيت الثاني مع المسجد والمدرسة . فمتى ما كانت تلك الأندية متكاملة بداية من «الإدارة» التي تعتبر سبب «تخلف» الرياضة اليمنية التي لن ولم يتم النظر في هذه القضية الغريبة بالنسبة لنا باعتبارها أساس تراجعنا الرياضي بداية بالوزارة النائمة باستمرار وانتقالاً للاتحادات الرياضية ثم الأندية . لم يكن دور النادي بذلك الذي يزرع فيك الأمل لتجد الثمار تحصد إلا فيما ندر وقد يعود السبب لنوعية الرياضيين ثم الإخلاص من قبل المدربين .. ذلك أن اللاعب الذي يبحث عن تطبيق قاعدة أن العقل السليم في الجسم السليم هو الذي يفلح في آخر الأمر . تختلف أنديتنا الرياضية عن تلك التي تجاورنا في الحدود عربياً ، فعلى سبيل المثال شاهدت في المملكة العربية السعودية أرضيات المدارس الحكومية مفروشة بالنجيل الصناعي الذي يفوق بجودته تلك المستخدمة في ملاعبنا الصناعية ، أما في الأندية فحدث ولا حرج ففي كل مكان وليس في المملكة يستخدمون العشب الطبيعي .. وفي مصر مثلاً تجد بكل حي أكاديمية رياضية متكاملة تمتلك ما يمتلكه أكبر نادي عندنا. النادي في كل الأحوال يتبع الوزارة وإذا كانت هذه الأخيرة تنتهج الشعارات السخيفة وتجعلها عنواناً لها فلا بد أن تكون شيمة الأندية الرقص على إيقاعات وزارات الطوابق السبعة التي تبرع في استحداث النغمات الموسيقية باستمرار !. فعلى سبيل المثال نشاهد أن يتم تشتيت فكر الإدارات بالبحث عن مستحقات مالية تافهة لا تأتي إلا بعد أن استدانت تلك الأندية ضعفها وباتت حبيسة الديون وهو ما يؤثر بالتالي على اعضائها من المدربين واللاعبين ويفقد مصداقية الإدارة عن الآخرين. أو أن تغفل وزارة الشباب والرياضة توفير صالات رياضية متخصصة في كل محافظة ، وذلك يعني أن المواهب في مختلف الرياضات ستتقاطر من كل حدب وصوب وهو الحلم الذي تستصعبه وتستكثره وزارة تجني الملايين عبر صندوق النشء والشباب الذي لا نعلم أين تذهب أمواله ؟!. فمدينة مثل عروس البحر الأحمر الحديدة الساحرة تفتقر لوجود ملعب رسمي «محترم» يلم شباب الأندية ، وعندما نعلم أن ملعب العلفي المهدد بالانهيار ونادى من نادى من قبل بالتدارك ولكن ما من مجيب ليتحول إلى مسرح لأصحاب الدراجات النارية وإن صح التعبير «حمام» سريع في جنباته الأربع والروائح خير دليل !! . هذه المحافظة أيضاً محرومة من صالة رياضية هي في أمس الحاجة إليها ، فالنجوم كثيرة وينتظرون التفاتة مغلفة بالأمانة وليس أكثر من قبل الجهات المسئولة بداية من قيادة المحافظة ونهاية بالوزارة . وذات العلة تعاني منها تعز المحرومة من إستاد رياضي شبعنا وهرمنا من كثرة الأخبار التي تتداول عن إقامته سواء في المطار القديم أو الجديد وكأن بيع الوهم هو أسهل الطرق التي يتعاطى بها المسئولون في قيادة المحافظة والوزارة .. هذا بالإضافة إلى الصالة الرياضية الحلم الذي تحول إلى نصف حقيقة بدأ بناءها ولكن دون رقابة ما جعلها مليئة بالعيوب قبل الانتهاء من العمل فيها .. وهي هدية لأبناء تعز ونجومها من اللاعبين المتميزين وعلى فكرة سيتم استلامها بعيوبها والأيام بيننا !! . محافظات عدة تعتبر محرومة من مجرد منشأة تعطي أبناءها البارعين حق المنافسة والظهور ف«أبين» الجميلة حظيت بإستاد الوحدة الدولي الذي استضاف بعض من مباريات مونديال خليجي 20 ولكنها بحاجة أكبر إلى صالة تلم شباب الوطن تحت لواء إحدى المسابقات المحلية أو الخارجية ، وكذلك هي «لحج» التي حظيت بملعب فقط متميز بالمدرجات وحرمت على الأقل من تعشيبه صناعياً وصالة رياضية تستحقها بالفعل .. وكثير المحافظات بل والمديريات خاصة في أرياف المدن التي تعتبر الأرض البكر لنجوم ومواهب لا حصر لها ولكنها مهملة بكل ما تعنيه هذه الكلمة . إذاً الوزارة سبب رئيسي لعدم المساواة بين المحافظات في المنشآت الرياضية و إهمال الأندية الرياضية من أبسط حقوقها وهو ما يدعو إلى سرعة أخذ تلك المشكلة بعين الاعتبار لأن القادم على لسان الجميع خاصة المسئولين «أجمل» . الأندية تعتبر بحسابات أخرى في «الحسابات الخارجية» مصدر رزق أو جهة جذب إن صح التعبير .. بدليل أن أندية كالأهلي المصري أو الهلال السعودي مروراً ببرشلونة والريال الاسبانيين ومانشستر يونايتد الانجليزي وغيرها استطاعت أن تتحول إلى شركات فقط شعار النادي يعود بالنفع والربح السريع كتجارة مربحة . سنشاهد أيضاً متحف الكامب نو «البارسا» أو البرنابيو «الريال» وحتى الاولد ترافورد «مانشستر» تلك الملاعب الرائعة تتحول إلى متاحف ومزارات سياحية هامة ورموز من رموز البلد .. هناك إدارات متخصصة في التسويق ليس فقط فيما يخص الجانب المالي وسمعة النادي لا بل جعل أحد تلك الأسماء مصدراً ليكون قبلة للنجوم الصغار في أكاديميات الغد المشرق لتلك النوادي الكبيرة . وإذا تطرقنا للحديث عن وجود إدارات لتنفير الرياضيين موجودة في بعض الأندية فإننا لم نكن لنبالغ !! فلو عملت أنديتنا وبإمكانياتها المتاحة على جذب الصغار والبحث عن المواهب في المدارس والأزقة دون أن تميز بين لعبة و أخرى وأن تتيح الفرصة لمختلف العقليات التي تفضل الكرة عن ألعاب الظل أو العكس بالإضافة إلى الجوانب الثقافية التي تم اغتيالها تماماً والوزارة ترد بالصمت الغريب تجاه ذلك لكانت الأندية متخمة بالأعضاء وبأسرهم الذين سيعملون بالتالي من باب الفضول على متابعة أبنائهم والإقلاع عن تعاطي القات وكل ولي أمر سيتحول إلى مروج عند أصدقائه لبضاعة جيدة هي النادي «س» و المدرب «ص» . الأندية هي البيت الذي تتخرج منه العقول قبل الأجسام وليس العكس وعلى قيادتها أن تعمل على توفير الجو الصحي للمواهب من أبنائنا وبالذات فيما يخص حسن اختيار المدرب فالاسم فقط مجرد مُنتج حقيقي لا أن نرمي النشء والشباب لأسماء واهية لا تعرف كيفية التعامل مع الكبار فما بالكم بالصغار !! ، ثم ما هي الإضافة التي قد يقدمها هولاء المغمورون الذي تحرص اغلب الأندية على استقدامهم لأنها قادرة على إخراسهم بمبالغ زهيدة وهو بيت القصيد!! و حرصت على أن تكون السطور السابقة متسلسلة لتصل أيضاً إلى المدرب «الجاهل» السبب والمسبب !! . يرتبط اللاعب كثيراً بمدربه - سأخصص ما سيأتي للاعبي كرة القدم – فهو مثل أعلى بالنسبة له في الملعب وقد تكون ساعات التمرين مع مدرب واحد أكثر من تلك التي قد يتعاطى فيها الدرس مع أستاذ في المدرسة أو يقضى فيها الوقت مع أمه أو أبيه في البيت ما يعني أن المدرب هو المسئول أمام الجميع . ونجد أن بعض المدربين دون أن أعمم ال«بعض» لا يمتلكون مؤهلات دراسية فما بالكم بالتدريبية !! وبعضهم يحمل عقداً وملحقاتها ، وبالتالي سيكون اللاعبين هم الضحية فلا أنهم مارسوا الرياضة التي يعشقونها بطرقها الصحيحة ولا أنهم اتخذوا من هولاء قدوة لهم والنتيجة هي «مسخ ومسح» شامل لثقافتهم التي جاءوا منها وبها من البيت والمدرسة وتكون النتيجة التي لا حظتها في كثير من المحافظات هو تشجيع هولاء الرياضيين على التسرب من المدرسة للعب في الحواري أو في المحافظات الأخرى كرحلات ترفيهية باسم النادي دون علم النادي أصلاً !! ومن ثم الاتفاق مع بعض ضعاف النفوس على مبالغ معينة ليتم منحهم شهائد التفوق الدراسية نهاية كل عام !! .. و أمام الأسرة والنادي والمجتمع هذا الناشئ أو الشاب نجم في الرياضة وموهبة في المدرسة !! . ولو كان اللاعب موهوباً وواصل طريقه وتدرج وصولاً إلى الفريق الأول أو تم اختياره في أحد المنتخبات السنية وحقق الانتصارات باسم الوطن وتلقى المكافآت المجزية فكل همه لا يتجاوز شراء «جوال» حديث «على الزيرو» أو دراجة نارية وكلما زاد الخير عليه فكر بشراء سيارة دون أن أتطرق إلى السعي القوي لتقليد اللاعبين الأجانب في خصلة غير محببة في مجتمعنا اليمني وهي تربية الشعر . إذاً قلة من اللاعبين اليمنيين وسأقول الكبار برزوا في الملعب فقط في ركل الكرة و التسجيل ولكنهم أخفقوا خارج المستطيل الأخضر بأخلاقهم ، تفكيرهم ، باشياء كثيرة معتقدين أن النجومية سهلة الوصول وكل شيء سيكون كذلك !! . ضربت مثل العاجي «دروجبا» اللاعب ، والإنسان ، والأهم من كل ذلك «المثقف» والذي يفكر بالمستقبل لا في اللحظة التي يعيش وتنتهي بل بالقادم بعقلية ناضجة ومفكرة ، فاستطاع أن يدون اسمه لقرون قادمة لأنه ساعد نفسه وأسرته ومجتمعه وكان لزملائه قبل الإدارات والمدربين فضل في الباقي . لا أريد أن يكون رياضيينا كلهم «دروجبا» فأنا أؤمن بوجود الكثير من اللاعبين الذين يسعون لاشباع غرورهم عبر الرياضة وليس للوصول لمبتغاهم ولكني أبحث عن نموذجية في التفكير يجب أن يتحلى بها الرياضيون وهي النظر بعين ثاقبة إلى الغد وكأنه اليوم الأول دون الالتفات إلى الخلف إلا لجعله درساً يجب المرور عليه لأخذ العبرة . ما أبحث عنه هي تلك الإدارة الصادقة مع نفسها التي تنظر إلى الواقع وإن كان مراً بعين المتفائل ، وأن تكون وردة جميلة ذات رائحة زكية تجذب الانتباه إليها . أبحث عن مدرب يحترم نفسه ومجتمعه ويؤدي ما عليه وكفى ، أن لا يتحول إلى وصي وراعي في غير محله ، إلى مسئول داخل الملعب وخارج الملعب إلى ساعات متأخرة من الليل ، أن يتعاطي مع الصغار بأمانة وإخلاص تجعله محط اهتمام واحترام مثله كمثل المدرس في المدرسة . أبحث عن الإداري المحنك الذي يتواجد مع الرياضيين في مختلف الميادين بمسئولية ، عن إدارة تُفعل كل الجوانب التي تخلق الرياضي المتكامل رياضياً ، ثقافياً ، اجتماعياً ليكون المحصول عضو نافع وفاعل في المجتمع لا أن ننساه بمجرد خروجه من الملعب وهذا هو الحاصل الآن. عن إداري يهب جل وقته من أجل اتحاده وناديه لا عن إداري يبحث بشتى الطرق ما يجمل به وجهه عند قيادته أو عند مجموعة من اللاعبين والرياضيين الذين ينفذون له ما يريد !! أبحث عن الوزارة التي تستشعر عظمة المسئولية المناطة بها لتعطي الجميع ما يحتاج دون تفضيل أو تمييز ومحاباة لكل الوطن من أقصاه إلى أقصاه . عن الوزير الذي يؤرقه عدم صرف باص لناد بعينه في الوقت الذي يمتلك نادياً آخر ثلاثة باصات وبأمر من ذات الوزير !! ، الوزير الذي يرى أن مدينة بعينها تنقصها المنشأة فلا ينام إلا وقد خطط بكيفية تنفيذ الفكرة . وقبل الختام .. أعترف أننا نمتلك رياضيين على مستوى عال من الفكر والثقافة والإحساس بالمسئولية والوطنية .. يمتلكون عقليات تسابق الزمن ومن ذكرتهم في السطور الماضية هم قلة فقط ولكنني أريد أن يستيقظوا من سبات هم من صنعه بأيديهم وأن يلتفتوا إلى الغد بحذر شديد . نحب كل رياضيينا ونحترم كل ما يقدمونه ولكننا نسعى أن يحاولوا قدر الإمكان تسخير طاقاتهم لما فيه خدمة المجتمع الذي يعيشون فيه وأن يعوا أنهم لا يعيشون لوحدهم ولنا في نجوم الزمن الجميل ومن سبقهم دروساً وعبر فأين هم الآن ؟ منهم الوزير ، المدير ، الطبيب ، السفير ، العقيد ، المثقف ، المؤلف والمهندس. المال ليس كل شيء بل هو غاية فقط وأداة تجميل ليس أكثر .. وخلاصة هذه السطور أن رياضيينا يجب أن يكون شعارهم الولاء للوطن الذي يعيشون تحت ظلاله والبحث عن أفضلية الظهور في مجتمع ينتظر أبناؤه على أحر من الجمر البطل ، الجندي ، السفير ، الصحفي ، الناقد ، المذيع ، الطبيب ، الطيار ولما لا الرئيس . وفي الختام أتمنى أن تعي وزارة الشباب والرياضة الدور الذي تلعبه في خدمة الرياضيين والشباب فهي وجدت من أجلهم وكذلك الأندية والاتحادات وعلى هذا المثلث أن يؤدي بأمانة وإخلاص المهمة المؤكلة إليه .. وأعود لأكرر أن الوزارة هي بيت الداء . وأختم سطوري بالتأكيد على أننا نمتلك جواهر مضيئة من الجنسين عقول تفكر وتعطي للوطن وعلينا أن نأخذ بيدها وأن نصحح من تفكير البقية الذين يتألقون ويدخلون التاريخ .. ولكن مع احترامي من البوابة الخلفية ! .