منذ شهر مارس وإلى الآن العملية التعليمية متوقفة في جامعه صنعاء أول جامعة يمنية في التاريخ الحديث فمنذ العام سبعين لم يحصل أن توقفت الدراسة في كليات الجامعة المختلفة طيلة هذه المدة, ويرى مراقبون أكاديميون أن هذه الانتكاسه الأكاديمية كما وصفوها تنذر بكارثة كبرى في التعليم الجامعي في اليمن وتعمل على إرجاعه إلى الوراء وبالتالي تأخر مسيرة التنمية في اليمن, البلد الذي يحتاج لبرامج تنموية أكثر من أي بلد آخر تديره كفاءات من مخرجات الجامعة سواء في الطب أو الهندسة أو التربية والتعليم وغيرها. ، خصوصا أن اليمن كما يعرف الجميع من البلدان النامية في العالم وتوقف الدراسة في الفصل الدراسي الثاني للعام الجامعي 2011م هو جوهر المشكلة بالرغم أن جامعة صنعاء أعلنت بدء استقبالها التسجيل للطلاب الجدد للعام 2012م ومصير الآلاف من الطلاب المسجلين في الفصل الدراسي الثاني مازال يكتنفه الغموض, في هذا التحقيق نسلط الضوء على المشكلة بأبعادها المختلفة من خلال طلاب الجامعة المتضررين من تأجيل الدراسة سواء مؤيدون أو معارضون لمواصلة الدراسة في توقيتها الطبيعي، كذلك مع صناع القرار من وزارة التعليم العالي وإدارة جامعة صنعاء والأساتذة الجامعيين وغيرهم في البداية اتركونا لنتعلم التقينا بالطالب عصام محمد العستوت طالب بكلية الطب والعلوم الصحية والذي قال: إنه يفضل أن يطلق عليه اسم المقهور على الدراسة يقول عصام جميع الطلاب خسروا من توقف الفصل الدراسي الثاني وتأجيله إلى أجل غير مسمى وبالذات طلاب الطب أكبر الخاسرين بحكم تكاليف الدراسة الباهظة التي يتحملها الطلاب ولا أحد مستفيد من تأجيل الدراسة وعملنا عدة وقفات نحن الطلاب نريد أن نتعلم ولم نجد أي تجاوب من الدكاترة أو المسئولين على تعليمنا وقد ذهبت أنا ومجموعة من الطلاب؛ لكي نلفت أنظار من يهمهم الأمر وأصدرنا هذا البيان ولكن لا تجاوب. ومنذ أن أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي القرار ببدء الدراسة في جامعة صنعاء بتاريخ 24/4/2011 حيث بدأنا الدراسة لمدة أسبوع وكان عدد الطلاب في تزايد بعد سماع الخبر وقد كان مجموعة من طلاب الكلية يجوبون أرجاء الكلية مرددين شعارات رافضة للتدريس واستمروا ونحن ندرس ولم نعترض أحدا حتى تفاجأنا يوم الاثنين تاريخ 2/5/2011 بقرار إيقاف الدراسة من رئاسة الجامعة مما أغاض الآلاف من الطلاب الذين يتكبدون خسائر فادحة جراء حرمانهم من التعليم ونشط الطلاب وتوجهنا إلى رئاسة الجامعة والجهات المعنية، وطلبا منهم إيضاح قرار التوقيف. ولم يجدوا مبررا مقنعا، وعندما لم نجد حلا قررنا نحن و ممثلي مختلف الدفع والمستويات بعمل وقفات احتجاجية أمام الكليات ووزارة التعليم العالي حيث اجتمعنا مع حشد طلابي يوم السبت 7/5/2011 بهدف ألا نجعل من الأزمة السياسية الحاصلة في البلاد عائقا أمام التعليم، وخاطبنا الساسة، أن اتركونا بعيدين عنكم لنتعلم. أليس من حقنا أن نتعلم ونضحي بعلمنا لأجل الوطن!؟ أليس مطلبنا شرعيا ولا يضر أحدا لماذا تصرون على إجبارنا على الضياع، فنحن نريد أن نضطلع بمسؤولياتنا تجاه الوطن، ولقد عبرنا برسالة لأعضاء هيئة التدريس عن استيائنا العارم للدور السلبي الذي يقومون به تجاه التعليم. لا سياسة في التعليم وتحركنا بعد الرسالة إلى وزارة التعليم العالي ووقفنا هناك لأكثر من ساعتين، ولم نجد في البداية أي تجاوب، واستمررنا بالوقوف اليومي وسنستمر حتى عودتنا للقاعات الدراسية في جامعتنا. وأضاف الطالب عصام: إن قرار تأجيل الدراسة يعتبر اغتيالا للعقول البشرية وقتل المستقبل العلمي والأكاديمي والثقافي في اليمن وأن العواقب التي ستترتب على إيقاف الدراسة وخيمة وستكبد الوطن خسائر فادحة إن مرت السنة دون تعليم وإنه لا يجوز لأحد أن يقحم العمل التعليمي والأكاديمي فيما يجري بالساحة الوطنية، ومن يستغل الوضع الحالي لهدم منابع العلم ووأد مناهله فهو جاحد بحق الوطن والمواطن. الوضع سيئ للغاية ونجدد تمسكنا بالمطالبة بحقنا في التعليم حتى آخر رمق، ولن ندون في التاريخ بأننا شاركنا ضد انتهاك حرمة العلم ونسعى دوما لإرساء قواعد العلم والتعلم؛ كونه الوسيلة الوحيدة في بناء الوطن وتعزيز تطوره وازدهاره، وبعد أن ضغطنا على المسئولين خرجنا بمذكره من د. صالح باصرة وزير التعليم العالي بإيجاد حماية وعدم دخول أي شخص آخر غير الطلاب تجنبا لحدوث أي إرباك أو فوضى, ولم يتم أي تجاوب وظل الوضع قائما، كما هو عليه الآن. اغتيال مبرمج للتعليم ويستطرد عصام حديثه بالقول: إن ما آل إليه الوضع في جامعة صنعاء، وخاصة كلية الطب من تجميد للعملية التعليمية يعتبر اغتيالا مبرمجا وقتلا عمدا لمستقبل آلاف الطلاب والطالبات وعلى هيئة أعضاء التدريس والاتحاد العام لطلاب اليمن تحمل مسئولياتهم فهم جميعا شركاء، بل جناة فعليون في هذا الجرم الذي لحق ب 100 ألف طالب وطالبة وإننا نؤمن بأن التاريخ لن يرحمهم وليعلموا جميعا وخاصة دكاترتنا الأجلاء أنهم بتجاهلهم عن واجبهم الوطني تجاهنا كطلاب وخلط التعليم بالأزمة السياسية يعتبر إسقاطا لشرعيتهم من مكانتهم الأكاديمية التي يتغنون بها ونقول بصريح العبارة لمن أجهض قرار استئناف الدراسة في شهر ابريل من دكاترة وطلاب يتبعون الاتحاد العام لطلاب اليمن، لقد ظهرتم ببشاعتكم وأنتم تلتفون وراء قرار النظام الذي أعلنتموه وطالبتم بإسقاطه.. نعم اليوم أنتم ترحبون وتستقبلون طلاب التنسيق للعام الجديد وتناسيتم أن 100 ألف طالب وطالبة ما زالوا في حكم المجهول. وأنا أقول إن التنسيق والقبول للعام الجديد كذب؛ لأنه من الصعب بل من المستحيل دمج الطلاب السابقين بالطلاب الجدد؛ كون الإمكانيات لا تسمح بتعليم حتى ربع العدد؛ لذلك نترك التاريخ يقاضي دكاترتنا لأكلهم رواتبهم، والتي هي من أموال الشعب، دون مقابل فهم غير متضررين والمتضرر الطالب الغلبان الذي يتكبد مصاريف المعيشة. أما من ناصر ذلك الاغتيال للتعليم من الطلاب بزعامة الاتحاد فهم ضحية عقولهم المهووسة بثقافة ما يجبرون به من قبل أحزاب اللقاء المشترك؛ كونهم الشباب الحزبيين الممثلين لهم في الساحة المقابلة للجامعة ولهم الحق في التحزب بالمقابل ليس لهم الحق ولو مثقال ذرة في تعطيل التعليم بحجة نجاح ثورتهم ولا ننسى دور وزارة التعليم العالي ورئاسة الجامعة فهم يستحقون وقفة حداد لدورهم الميت والضعيف لحل تلك المعضلة التي طالت طلبة جامعة صنعاء. ويضيف الطالب عصام: التقينا برئيس الاتحاد العام لطلاب اليمن بكلية الطب عبد العزيز السنحاني ليوضح رؤية الاتحاد حيث قال: إن الإشكالية بدأت بالإضراب العام الذي أقامه الدكاترة وبواسطة نقابة أعضاء هيئة التدريس ونحن كاتحاد مصالحنا مرتبطة بالطلاب، ثم تطورت الإشكالية حتى حدوث الاعتصامات في بوابة الجامعة والتي استمرت طويلا، وأنا لست مع من يحمل الاتحاد فقط المسئولية فالمسؤولية مشتركة ويتحملها بالدرجة الأولى أعضاء هيئة التدريس وكذلك الطلاب فأغلب الطلاب هم من خارج صنعاء ويسكنون في المساكن الجامعية والظروف المعيشية غير المناسبة؛ لأن المساكن الجامعية الآن هي مغلقة والاتحاد لايملك صلاحيات لفتحها كذلك المصاريف الخاصة بالطلاب والجو غير مهيأ للتعليم, فعندما كان قرار استئناف الدراسة في 24/4/2011م رحب الاتحاد بهذا القرار, لكنني أنا شخصيا كأحد الطلاب في المستوى الدراسي الذي أدرسه حضرت إلى قاعة المحاضرات، ولم يحضر من الدفعة التي أنتمي لها والتي عددها 240 طالبا سوى عشرة طلاب. مشكلة الطلاب الجدد ومع ذلك منعت مجاميع طلابية استمرار الدراسة من خلال شعارات كانت تهتف بها وبالمناسبة لم يكن الاتحاد العام لطلاب اليمن قد دفع بتلك المجاميع، بل جهات أخرى كالطلاب المتحزبين. و نحن الآن نسعى أن يكون الحل باستئناف الفصل الدراسي الثاني لهذا العام بعد الاحتجاجات وأن تكون الدراسة العام الجديد ثلاثة فصول دراسية الفصل الأول يكون في بداية شهر سبتمبر وتكون الاختبارات شهر ديسمبر. أما عن رؤيتنا كاتحاد في دعم عمليه القبول والتسجيل للعام الدراسي الجديد وذلك لأجل الضغط على الدكاترة ورئاسة الجامعة ونقابه أعضاء هيئة المدرسين, فلا يمكن أن تبدأ الدراسة للمسجلين الجدد إلا بعد إكمال الفصل الدراسي الثاني الذي توقف وسيكون هذا هو الحل؛ لأن ظروف الجامعة صعبة حيث لا توجد مبان وقاعات تستوعب كل الطلاب في توقيت مهم والتسجيل الجديد يعتبر (بر الأمان والحل للطلاب الذين لم يواصلوا دراستهم في الفصل الثاني )وللطلاب الجدد وقرار استقبال الطلاب الجدد لم يكن من الاتحاد، بل من وزارة التعليم، وقد تواصلنا مع أغلب الدكاترة الذين أبدوا استعدادهم للحضور وتعويض الطلاب على اجتياز الوقت، ونحن نأمل من رئاسة الجامعة بأن نعمل على توفير مخصصات مالية تساعد الطلاب على مواصلة الدراسة, والاتفاق مع الدكاترة على القيام بواجبهم الوطني، وقد امتدت مشكلة تأجيل الدراسة لغير وقت مسمى لعدة أبعاد تمثلت بالمعاناة التالية. أفكر بسحب ملفي الطالب حمد يغنم سنة أولى بكلية الهندسة وهو أردني الجنسية يقول: في بداية الأمر أحسست أن الدراسة ستستأنف بعد شهر من توقفها والموضوع عادي، لكن بعد أن طالت المدة أحسست بالخطر؛ لأنني أدفع بالدولار كذلك أهلي يبعثون لي مصاريف كل شهر بشهره على أساس أنني أدرس وتوقفي للدراسة ليس من صالحنا وضاق حالي وحال أهلي حتى قررت أن أسحب ملفي من الجامعة والآن أفكر في التسجيل في جامعة بالهند؛ لأنني لست مستعدا أن أضحي بعمري ومستقبلي كنت أتوقع أنني سأكمل تعليمي الجامعي باليمن وقد تشجع أهلي لمواصلة الدراسة في اليمن وذلك لرخص تكاليف التعليم فيها وأجواء العاصمة صنعاء المناسبة ومناخها الرائع، لكن للأسف لم تكن الأمور على ما يرام بسبب توقف الدراسة. إعادة سنة كاملة أما الطالب محمد عبد الله محمد سنة ثانية كلية الشريعة والقانون يقول: المشكلة أننا في كلية الشريعة والقانون لا ندرس نظام فصلين دراسيين، بل فصلا دراسيا واحدا ولم ندرس خلال الفصل الدراسي الأول دراسة مرضية، كذلك لم ندرس الفصل الثاني ألبتة؛ لذلك سنضطر لإعادة السنة كاملة وهذه جريمة في حقنا بكل ما تعنيه الكلمة وأنا أسأل ماهو الدور الذي تقوم به رئاسة الجامعة وبعض الدكاترة المنتمين للجامعة. أما عن دور رئاسة الجامعة في هذه القضية فكان من البداية وبعد إضراب نقابة أعضاء هيئة التدريس، وتوقف الدراسة، ثم الإعلان عن بدئها حتى قامت الجامعة بتأجيل الدراسة للفصل الدراسي الثاني وجاء نص الإعلان كالتالي: ينطلق قرار التأجيل من حرص الجامعة على مصلحة الطلبة وسلامتهم وطبيعة الظروف التي يشهدها محيط الجامعة جراء الاعتصامات المقامة عند بوابتها الرئيسية والشوارع المؤدية. لن نسمح بانتهاك حرم الجامعة رئيس جامعة صنعاء الدكتور خالد طميم قال: إن المشكلة ليست مع أعضاء هيئة التدريس فقط، بل المشكلة في أغلبية الطلاب الذين لايريدون الدراسة وإن الجامعة لايمكن أن تفتح قاعات المحاضرات وتلزم الدكتور بأن يدرس فيها وهي فارغة من حضور الطلاب كما أنه لايسمح بأن تكون الجامعة مكانا للصراع السياسي والمناكفات الحزبية وأنه فعلا في فترة من الفترات حصلت صراعات من قبل طلاب مع بعضهم البعض وهذا لايمكن حصوله داخل جامعة صنعاء وأن تأجيل الدراسة أصلاً جاء بسبب عدم قدرة الطلاب وأعضاء هيئه التدريس على الحضور إلى الجامعة. الاعتصامات السبب الرئيسي أما نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب الدكتور أحمد الشاعر باسردة فيقول: نحن دائما أصررنا على ضرورة مواصلة الدراسة للفصل الدراسي الثاني، لكن المشكلة الرئيسية لم تحل ألا وهي الاعتصامات والمظاهرات اليومية المجاورة للجامعة، والتي هي فعلا السبب الرئيسي للمشكلة وإلى الآن لم تنتهي الاعتصامات. المشكلة أمرها بسيط...! وهناك رأي مغاير الدكتور د. سيف مكرد رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام الذي يقول: إن المشكلة أمرها بسيط وذلك بتكاتف الطلاب الراغبين بمواصلة تعليمهم مع الدكاترة الحريصين على أداء عملهم بأكمل وجه للخروج برؤية ترضي جميع الأطراف بمن فيهم الطلاب الذين لايرغبون بمواصلة الدراسة ونحن نتمنى أن تفك كل العقد التي تحول دون تقديم تعليم أكاديمي ممتاز يخدم الطالب وبالتالي يخدم الوطن الذي هو بأمس الحاجة إلى كوادر أكاديمية شابة وذلك في الوقت الراهن والمستقبل القريب.