في يوم الثلاثاء الموافق 20 إبريل 2010، وجد برشلونة الإسباني نفسه للمرة الأولي منذ عهد بعيد مكبلاً بالقيود من كل جانب، الدماء التي يضخها قلبه لم تعد تصل لأطرافه التي بُترت داخل إستاد جيوزيبي مياتزا أمام إنتر ميلان بطل الدوري الإيطالي .. وقتها تلقت شباك الفريق الكاتالوني ثلاثة أهداف وسجل هدفًا وحيدًا، ووضع أملًا كبيرًا على لقاء العودة الذي أقيم في الثامن والعشرين من الشهر نفسه على “كامب نو” في إسبانيا .. لكنه اصطدم بالعقبة ذاتها وبصورة أشد قسوة .. كبّل الإنتر تحركاته وفقد ليونيل ميسي ورفاقه قدراتهم الخارقة أمام انتشار بعرض الملعب لا يتيح لك ولو ياردة واحدة فارغة تنطلق فيها كما تشاء، لينتهي اللقاء بفوز برشلونة بهدف يتيم ليصعد الإنتر لنهائي دوري أبطال أورويا ليواجه بايرن ميونيخ الألماني ثم يتفوق عليه محرزًا اللقب. الطريقة الدفاعية البحتة التي انتهجها الإنتر كانت من إبداع مدربه البرتغالي جوزيه مورينيو، الذي انتقل بعد عام لقيادة الفريق الملكي ريال مدريد الإسباني حاملاً معه نفس الأسلوب في كل لقاء يخوضه أمام برشلونة. مورينيو غير القاعدة المدرب البرتغالي، صاحب التكتيك الدفاعي البحت، غيّر بالكلية المعادلة التي تقوم على أساسها مباريات الكلاسيكو بين عملاقي إسبانيا.. فالقاعدة تشير إلى أن مباريات الفريقين تجمع نديّن بينهما صراع تاريخي يظهر على أرض الملعب بمحاولات مستميتة لتحقيق الفوز مهما كان فارق النقاط في الترتيب وحتى لو كانت البطولة قد حسمت قبل المباراة. ومع مورينيو، تغير الوضع تمامًا فأصبحت القاعدة في الكلاسيكو أن البارسا يهاجم والريال يدافع، تسير المباراة في اتجاه واحد نحو مرمى الحارس إيكر كاسياس وبين الحين والآخر يخطف الريال الكرة بهجمة مرتدة أو غزوة لأحد لاعبيه ..ولم يعِ المدرب البرتغالي أن ما نجح فيه مع الإنتر قد يفشل فيه مع الريال .. وأن أنياب لاعبي برشلونة قد تمزق فريستها إذا ما وجدت ثغرة تنفذ منها إلى جسدها، وفي أول لقاءٍ استدعى المدرب البرتغالي أسلوبه الدفاعي في طريقة اعتبرها أنصار الريال “إهانة لفريقهم”، وجاءت الرياح بما لا تشتهيه سفن البرتغالي إذ تلقت شباك ريال مدريد خمسة أهداف دون أن يرد ولو بهدف واحد .. مرت ستة أشهر بين المواجهة الاولى للفريقين الموسم الماضي وبين مباراتهم الثانية .. وظهر فيها ريال مدريد أيضًا مدافعًا منذ الدقيقة الأولى ليقتنص نقطة التعادل من برشلونة في وقت كان الميرينغي فيه أحوج ما يكون إلى الفوز. فوز يتيم دون هجوم انفرجت أسارير أنصار الريال بعد هذا اللقاء بأيام إذ نجح الريال في تحقيق أول فوز على برشلونة في نهائي كأس إسبانيا بهدف يتيم سجله البرتغالي رونالدو في الشوط الإضافي الأول من المباراة، لكن الفرحة لم تدم طويلاً حين التقيا بعد ذلك في مباراتين متتاليتين في دوري الأبطال فاز البارسا بمجموعهما ليصل إلى النهائي ويفوز على مانشستر يونايتد. القاسم المشترك في المباريات الأربع المتتالية بين الفريقين كان لجوء المدرب البرتغالي إلى أسلوب دفاعي بحت، رغم حاجته الفوز في كل لقاء سواءً لتجديد أمله في المنافسة على لقب الليغا أو الفوز بالكأس أو التأهل لنهائي دوري الأبطال. تساؤلات مهمة وثار تساؤل رئيس أمام إصرار ال”سبيشال وان” على اللعب بهذه الطريقة هو متى يلعب مورينيو مهاجمًا؟ ومعه تساؤلات أخرى عن مدى ثقة مورينيو في قدرات أجنحة هجومه ورؤوس الحربة في فريقه إذ خاض بعض المباريات دون لاعبي أطراف مهاجمين معتمدًا على مهاجم وحيد “رونالدو أو إيغواين” وأسفله كتيبة من لاعبي الوسط المتكتلين في منتصف ملعبهم. ومع كلاسيكو الليلة بين الفريقين، تعود التساؤلات لتقفز في ذهن أنصار الفريق الملكي الذين “ملّوا” الدفاع والظهور كما لو كانوا فريقًا حديث العهد بكرة القدم لا يقوى على مبادلة غريمه الهجمة بمثيلتها .. متى يلعب مورينيو مهاجمًا أمام البارسا؟.. ومتى يتخلي عن حصونه الدفاعية التي فشلت في حماية مرمى كاسياس من الخماسية في العام الماضي؟ هل يثق المدرب البرتغالي في قدرات مهاجميه الأفذاذ أم تظل فلسفته الهجومية مبنية على البرتغالي رونالدو فقط؟ .. أسئلة تنتظر جماهير الميرينغي إجابات جديدة عليها غير التي اعتادت رؤيتها على أرض الملعب في كل مواجهة أمام أبطال كاتالونيا.