مضى عامان مذ رحلت فلا أسلو ولا أنسى .. و لا اعتادت غياب عبيرها نفسي ظبىً قمرااء تأتيني كما كانت عصابتها على العينين .. تسأل أين أنت الآن يا أبتي؟ فأغرق في خبايا الصمت قهراً لا أجيب وفي الأعماق ضجّ الرعد هأنذا وأدركني النحيب وتسألني فتلقي في شفاهي الصمت .. حمى القهر تسكبني مواسم من وديب وقيض الهجر في الأعماق يلقي خطبة الآلام وتجري في الحناجر قيض أسقامي هنا سقطت فيقفز قلبي الموجوع يلعق جرحها الدامي ويغرق صوتها الباكي بضحكتها الطفولية هنا قامت .. هنا قعدت .. هنا ركضت .. هنا وقفت هنا غنت .. هنا رقصت هنا اختبأت ونادتني بأحلى نغمة: بابا فكيف تلفني السكنى وما حاولت أن أغفو وصوت الغيث يلهبني سياطاً تشتعل: بابا فيهتز لها جسدي أكاد أموت من شجني ولكن ليس يأتي الموت فأغرق في احتضاراتي ولكن لا يجيء الموت وأغمض فاقداً وعيي .. أغمض مجهداً حسي فتأتيني كما كانت .. أشعة شمسها الشفتين .. فاتحة ذراعيها أُغالب في شجوني الجهد .. أمد لها ذراعاتي أحاول ضمها لكن .. أضم فرراغ مأساتي فهذي علبة الألوان .. هذا دفتر الرسم كم جلست لترسمني وأهدتني رسوماتي هنا جلست تضاحكني هنا سكنت عرائسها .. تحممها وتطعمها .. تغنيها وتحضنها وحين يجيء وقت النوم تغنيها أغاني النوم هنا كانت تقص علي كي أغفو .. حكاوي المسك والعنبر فتغفو بين أحضاني .. وقلبي حولها يسهر عن الحسناء والضفدع .. عن الشمس التي تطلع عن الجدة التي ذهبت مع نعجاتها الأربع هنا نامت حقيبتها .. وعهدي لم تكن تهجع حياتي كل عالمها .. عرائسها وصحن الدار والمرآة والحلوى حياتي لم تقد جيشا ولم تدعُ إلى الفتنة ولم تقرأ عن الماضي .. ولا تهتم بالآتي ولا بعوامل المحنة و ما ماتت لأن العمر داهمها و غاصت في الكبر و ما ماتت لأن الدااء أعياها وما ماتت لأن العشق أفناها وأرهقها السهر وما عرفت من الدنيا مساوئها وما مست خطيئات البشر فدى عينيك يا قمري .. شققتُ فؤادي الموجوع بحثاً في خبايا الليل عن فرح الكواكب فدى عينيك تاهت بي بداياتي و ضاعت في تخوم البحر أشرعة المراكب وما ذنبي إذا مالت جوانح فكري المشروخ واعتلت المساغب ألا مري على رأسي .. ألا مري على رمشي إلى عيني .. ألا مري على كبدي .. إلى روحي إلى قلبي .. إلى قلبي .. إلى قلبي .. إلى قلبي إلى أقرب .. إلى أقرب .. إلى أقرب أليس هناك من لغةٍ أصيغ بها إلى أقرب..؟