نجوم العالم في كرة القدم تبلورت في أذهانهم ، وتشكلت في شغاف قلوبهم المحبة الجارفة لهذه اللعبة الأعظم شعبية وكانت بداياتهم الأولى ، وظهورهم كلاعبين في ملاعب المدارس كبراعم ناشئين واحتضنتهم بعد ذلك الأندية التي انضموا إلى فرقهم الكروية. لاحقاً انتقلت فكرة المدارس الكروية من المدارس الحكومية والخاصة إلى الأندية المحترفة الكبيرة التي أخذت تستقبل صغار السن من الفئة الأدنى كبراعم حتى تغرس في نفوسهم الميل العاطفي لكرة القدم ، فينمون كروياً كما ينمون جسمانياً ونفسياً وفكرياً... الرياضة غريم بريء لذلك سعت وزارات التربية والتعليم في العديد من بلدان العالم إلى تضمين الجدول التعليمي الدراسي الأسبوعي حصصاً مخصصة للرياضة بمعناها الشامل وألعابها المتعددة لاكتشاف المواهب وصقلها وتنمية الميول إلى لعبة القدم بصورة خاصة، وتوفير المعلمين المختصين، إضافة إلى أن المباني المدرسية جميعها تحتوي ملعباً مجهزاً بأرضية ترابية غير مؤذية لممارسة اللعبة عليها، وليست فقط لطابور الصباح كما هو معمول به عندنا... أو تكون معشبة طبيعياً أو صناعياً واتسعت لرؤية لدى الدول المتقدمة بشأن الرياضة، فجعلوا بعض المدارس الأساسية والثانوية تتضمن في مبانيها صلات رياضية مغلقة، تسهم في نجاح الأهداف المرسومة، وتربط الطلاب بمدارسهم، وتستكمل حلقات التربية والتعليم، فتنتج جيلاً متعلماً ورياضياً تنطبق عليه المقولة الحكيمة، والحقيقة العلمية «العقل السليم في الجسم السليم».. لهذا فلا عجب أن الرياضة في بلدان العالم الغربي تفوقت، وتحولت إلى عنصر اقتصادي فعّال، ومجال تنافسي بين الشعوب، وليس للتربية والتسلية فقط، حيث باتت الرياضة سفيراً عالمياً يخترق الحدود، وإعلاناً سياحياً ناجحاً في التعريف بالبلدان وتاريخها وثقافة أهلها وحضارتهم، ورابطاً وثيقاً يتفوق على مصالح العلاقات السياسية والمنافع المتبادلة..إنها لغة عالمية يجيدها اللاعبون الذين يهتمون بإجادتها، ويصنعون من خلالها لأنفسهم مجداً، ولبلدانهم حضوراً عالمياً لن تقدر على تحقيقه في مجالات أخرى.. ويكفي دليلاً على ذلك أن رياضيين أولمبيين من دول شتى غير معروفة للعالم يدخلون بلدانهم إلى ذاكرة ملايين الناس من جماهير الرياضية في كل بقاع الكوكب الأرضي المتابع للأولمبيادات العالمية.... ضف إلى ذلك أن دولاً فقيرة وعلى هامش الخارطة العالمية يتبوأ رياضيوها منصات التتويج بالذهب والفضة والبرونز، وتعزف لهم الأناشيد الوطنية لبلدانهم على مسمع ومرأى مئات الملايين من المشاهدين والمتابعين للبطولات القارية... وهذا كله بفضل الرعاية والاهتمام للرياضة والرياضيين منذ المراحل المبكرة في العمر وابتداءً من المدارس التي أهملت عندنا للرياضة لصالح الجانب العلمي فأخفقت معظمها في المجالين العلمي والرياضي.. فالأول يتخرج الطلاب منها إما بالغش وإما غير مؤهلين تأهيلاً صحيحاً، والثاني أسقطته إدارات التربية والتعليم في المحافظات عملياً.. وثبتته على الورق كحصص احتياطية ثانوية غير ملزمة، فغاب أثر ودور المدرسة في ترسيخ التكاملية بين الرياضة والتعلم في نفوس وفكر الطلاب، بل إنها شوهت صورة الرياضة فتحولت إلى «غريم» للطلاب، وسبباً لتسربهم من التعليم، وشماعة لفشلهم في دراستهم وحياتهم العملية عقب تخرجهم، ولايزال هذا المفهوم الخاطئ ويتنقل من جيل إلى آخر..وتدهور واندثر دور المدرسة التربوي الرياضي. صالات رياضية أنموذجية إن وزارتي التربية والرياضة تكملان بعضهما، وتلتقي مهماتهما عند محاور الاهتمام بالبراعم والنشء والشباب، وعليه فإن المدارس ينبغي أن تحصل على اهتمام ورعاية مضاعفين، وبتنسيق الوزارتين يمكن استعادة الدور المناط بالمدارس للإسهام في تطوير الرياضة، ورفدها بالمواهب وربطهم بالرياضة التي صارت مجالاً عالمياً يدرس أكاديمياً وتوسعت منافعها الاقتصادية وتأثيراتها السياسية الإيجابية على مسارات الدول وعملت على التقريب بين الشعوب كلغةٍ تجيدها جميع الأمم في كوكب الأرض. وعودةً إلى دور الوزارتين التربوية والرياضية نشير هنا إلى ضرورة وضع استراتيجية قابلة للتنفيذ الواقعي تعمل على فرض التربية الرياضية على جدول التعليم الأساسي وما قبله وما بعده مترافقاً مع توفير الملاعب للمدارس أو الصالات المغلقة لإقامة الأنشطة الرياضية المتنوعة عليها بدلاً من إعدام الميادين التي تحتويها بعض المدارس في المحافظات من أجل التوسعة لفصول التي يمكن بناءها فوق المباني الموجودة.. حيث يستطيع الوزيران عبدالسلام الجوفي وعارف الزوكا التوجيه إلى فروع وزارتي التربية والرياضة في المحافظات بتبني مشاريع ذات صلة بالنشء والشباب ونعني بها التوجه نحو بناء أو تشييد ملاعب وصالات مغلقة أنموذجية في كل مديرية من مديريات عواصم المحافظات الرئيسية، ويمكن للوزيرين أيضاً أن يتقدماً إلى مجلس الوزراء بخط أو رؤية للنهوض بدور المدارس تربوياً ورياضياً معاً ومن ذلك بناء صالات رياضية لممارسة الأنشطة بدلاً عن إهدار الملايين في الترميمات والإصلاحات للتالف من الأثاث المدرسي.. على أن الغرض من ذلك المسعى هو أن يوجه مجلس الوزراء المجالس المحلية في المحافظات بالعمل على التمويل والإشراف، سواءً من المخصص المرصود للرياضة ومنشآتها أم بإضافة إسهامات القطاع الخاص، وأن تكون للرياضة أولوية في الجدول الدراسي، وإلزامي التنفيذ من المدارس . بعبع الرياضة .. والطالب الممسوخ!! إن الدراسات للوضع الرياضي في بلادنا تجمع نتائجها على أن التهميش الذي يلقاه الطلاب بمدارسهم قد جفف في نفوسهم الينابيع التي ترويها رياضياً فتحولت الرياضة من ربيع للطفولة إلى خريف و(بعبع) يقود الطالب الذي يمارسها إلى (صعلوك) بدرجة (مسموخ) ولابد من تصحيح هذا المفهوم الخاطئ، القاتل لعلاقة الرياضة بالتعليم.. ولن يتأتى ذلك إلا بحلول عملية ومدروسة، تنطلق من أهمية إيجاد بنى تحتية رياضية في المدارس قبل توفيرها في الأندية الكروية .. ويمكن توفير أموال تمويلها من الجهات الحكومية المعنية كصندوق النشء في الوزارة الشبابية ومن المخصصات المرصودة للتربية والتعليم مجال المنشآت وترميمها. فهل ستتحرك وزارتا التربية والرياضة باتجاه تصحيح المفاهيم المغلوطة عن علاقة الرياضة بالتعليم من جهة وتوفير البنى التحتية والإمكانات البشرية من الكوادر المتخصصة؟. من جهة أخرى لإيجاد ذخيرة من النشء والبراعم ممن سيشكلون نواة للاعبينا النجوم في قابل السنوات جيلاً بعد جيل ؟! إننا نأمل أن يتحمس الوزيران عارف الزوكا وزير الشباب والرياضة والدكتور عبدالسلام الجوفي وزير التربية والتعليم ويتفاعلا إيجابياً بما من شأنه إحداث نقله نوعية باتجاه تجذير العلاقة بين التعليم والرياضة الذي سينتج عنه رفد الرياضة اليمنية بالمواهب والنجوم في شتى أنواع الرياضة.