عامر شاب مجتهد وطموح ولقد عُرف بين أهله وأقرانه وجيرانه برجل الاستقامة والصلاح وبعد تخرجه من الجامعة حالفه الحظ فتوظف في إحدى الشركات الحكومية وعلى الرغم من ذلك فإنه ظل يمارس رياضة الغوص في أعماق بحر حلمه الوحيد بأن يكون شخصية اجتماعية ناجحة ومشهورة ويشار إليها بالبنان فهو يريد أن يكون صورة (طبق الأصل) لابن حارته مراد والذي يضرب به المثل في تحقيق النجاح الشخصي والعملي وصعوده إلى أعلى المناصب وترشيحه لتولي حقيبة إحدى الوزارات المهمة ..فكان النجاح الكبير الذي حققه مراد العصامي دافعاً قوياً لجعل عامر أكثر عزيمة وإصراراً على تحقيق حلم البروز والشهرة والذي ظل ولسنوات يجول في عقله ويسأله بين الحين والآخر: متى سوف تجعلني حقيقة؟ ولكن عامر كان لايرد عليه إلا بالصمت تارة وسؤال نفسه تارةٍ أخرى .أين سأجد مفتاح النجاح والذي سبق وأن حصل عليه مراد وعلى هذا الحال ظل عامر يسأل نفسه ويسأل غيره ولكنه لم يلق لسؤاله إي جواب مما أصابه ذلك بيأس وحزن وإحباط اجبره على التخلي عن فكرة البحث عن المفتاح المفقود.. ولكن سرعان ما أرشده عقله بالذهاب إلى رجل النجاحات مراد والذي ربما سوف يدله عن مكان وجود المفتاح الآخر لبوابة النجاح..وفي صباح اليوم التالي قام عامر بزيارة مراد في مكان عمله وهناك استقبله مراد وقام بواجب الضيافة معه وبعد ذلك سأله بالقول: ماسبب زيارتك المفاجئة لنا؟ عامر: بصراحة لقد زرتك اليوم حتى أبوح لك بأني صرت إنساناً محبطاً وحزيناً. مراد : وماهو السبب الذي جعلك تعاني الإحباط والحزن؟ عامر: إنه مفتاح باب النجاح المفقود فإن خلاصي مما أنا فيه مرهون بمعرفة مكان هذا المفتاح. مراد: أنا أعرف أين يوجد هذا المفتاح. عامر:أرجوك دلّني عليه. مراد:مفتاح باب النجاح موجود عندك. عامر:موجود عندي- أنا!! مراد:نعم هو موجود عندك وعندي وعند الناس كلهم ولو كنت من أولئك الذين يقرؤون دائماً الكتب المختلفة بما فيها كتب (النفس والاجتماع) ويطلعون على أحدث الإصدارات المتعلقة بهذا المجال بالذات لما استغربت عندما قلت لك بأن المفتاح موجود عندك ولما جئت إلى زيارتي لتسألني عن مكان مفتاح النجاح. عامر: ماقلته صحيح فأنا لا أهوى أبداً قراءة الكتب ولا المجلات ونادراً من أقرأ الصحف... مراد: باختصار شديد التفكير هو المقصود بمفتاح النجاح وهو أداة لتشغيل آلة العقل ولولا التفكير لما اشتغلت العقول ولما استطاعت أن تعالج مايواجهه الإنسان من مشاكل يومية .. فالإنسان الذي يطمح بأن يكون شخصية ناجحة ومهمة في بلده فلا بد أن يكون تفكيره ناجحاً وهذا سوف يساعده على صعود أولى درجات سلم النجاح ولن يكون التفكير ناجحاً ويؤتي ثماره مالم يسبقه شيء يسمى(الاستشعار). عامر: ماذا تقصد هنا بالاستشعار...؟ مراد: استشعار عدد من الأمور منها أن العقل هو من أعظم النعم التي وهبها الله تعالى للإنسان وأن هذه النعمة يجب الاستفادة منها في صناعة الحياة كما أن كثرة توجيه الأسئلة تعمل على استثارة التفكير وإيقاظها وجعلها في حالة تطور وتكاثر ويجب على الإنسان أن يبدأ بالعمل من حيث انتهى الآخرون ولا بد من إدراك حقيقة أن التفكير هو مبدأ العمل فلا عمل بدون تفكير .. كذلك يجب علينا عدم احتقار الأفكار حتى لو كانت سطحية والعمل على جعل التفكير إبداعياً وتحويله إلى حقائق.. فإن نجحت في ذلك فقد امتلكت مفتاح أبواب النجاحات كلها..وليس باباً واحداً فقط . عامر: ما أغباني فعدم التفكير أضاع مني مفتاح النجاح .. لكني من الآن وصاعداً سأفكر واستشعر الأمور المتعلقة بنجاحي ولن أيأس حتى إذا عانقني الفشل مراراً وتكراراً وسأظل أحاول وأحاول حتى أصل إلى النجاح الذي طمحت به.