• أوجاع عدة دفعت بمرضى مستشفى الجذام سواء القاطنون والمترددون عليه ليتخذوا موقفاً موحداً من خلال نصبهم لخيمة اعتصام أغلقت بوابة الجمعية, ليسمع صرختهم المعنيون, فهل يا ترى يسمعون أو ستلامس صرختهم روح الأم تريزا وراهباتها الذبيحات بعد أن تركن مرضانا يذبحون هم أيضاً، لكن بمشارط طبية معقمة تخرج من جيوب بيضاء لتعود إلى ذات الجيوب أثمانا سوداء تنفق في غير مصارف العلاج والرعاية بلا رقيب أو حسيب لتوصد الأبواب أمام مرضى الجذام وتتلقفهم مجدداً دهاليز الشعوذة ونيران الكي. صحيفة الجمهورية زارت المشفى والمرضى المعتصمين منذ 22/10/2011 وخرجت بهذا الملف الصحفي المختزل لأوجاعهم المؤلمة والمفاسد الجائرة في حقهم وحق أبنائهم. اعتصام .. لا اقتحام •العشرات من مرضى الجذام في تعز أغلقوا بوابة جمعيتهم بخيمة اعتصام منذ أسبوعين وأصدروا بياناً يطالبون فيه واستطلعنا لشكواهم ودوافعهم لإقالة الدكتور ياسين القباطي أمين عام الجمعية اليمنية للتخلص من الجذام عن كاهلهم الجاثم حد وصفهم منذ 25 عاما, ومطالبين بلجنة حكومية وحقوقية عليا لمحاسبة كل من صادر حقوقهم وتاجر بآلامهم, وناشدوا في بيانهم الأخ شوقي هايل رئيس الجمعية الذي سلم رقابهم لأمين عام الجمعية المعني الأول والأخير باستلام ملايين الدعم الخارجي والمحلي من عديد منظمات خيرية وإنسانية مانحة. ومطالب حقوقية أخرى تتضح في الصورة المنشورة طي هذا الملف للبيان الثاني الصادر عن مرضى الجذام في تعز. • ليس فيهم شاب واحد فالمرض انحصر على كبار السن فقط, لذا فالعصي التي بأيديهم لم تكن سلاح بلطجتهم حسب ما شكاهم ووصفهم مدير المستشفى للصحف بهتاناً بأنهم مجاميع مسلحة أغلقوا مقر الجمعية, انتقلنا إليهم فوجدنا عصيهم أسلحتهم بالفعل، لكنها مجرد أسلحة عجزة فقط يتكئون عليها ويهشون بها على غنم وذباب حظيرة تابعة لجمعيتهم مجازاً أما حاجتهم لما تيسر من لحوم الحظائر فلا يأتي إلا من فاعل خير نهاية الأسبوع, وحتى ذلك المن اليسير قد توقف منذ أثناء المواجهات والمظاهر المسلحة. • ليس هجران اللحم وحده وراء اعتصام مرضى الجذام بتعز وإقدامهم على إغلاق مقر جمعيتهم, بل سوء التغذية عموما وشحة الدواء والكادر الطبي وانقطاع المكافآت والمساعدات الشهرية عن مستحقيها من المرضى العاملين فيها وتجاهل توظيف أبنائهم الأحق بالتوظيف حسب لوائح الجمعية فبينما يتقاضى أفراد من خارج المستشفى والجمعية راتبا ومكافأة شهرية تضاهي المبلغ الشهري المخصص لتغذية مرضى المستشفى برمته البالغين نحو 90 مريضاً جائعا وقعيدا وناقما على مجتمع جاهل ما يزال متوجساً من ملامستهم. راهبات الزمن الجميل •هكذا أرادت الحاجة حمودة مصلح الجعدي أن تنقل بعضاً من شكواها بلسان باقي عشرات المرضى المعتصمين من خارج المستشفى المطالبين جمعيتهم عودة منحهم المخصص الشهري من العلاج والمساعدات الشهرية وما تيسر من المواد الغذائية التي تقرر خلال سنوات عمل الراهبات وبدأ يتضاءل تدريجياً بعد مغادرتهن وتعهد الدكتور أمين عام الجمعية بالمضي في ذات الدرب.. بصوتها المبحوح وحرقتها المتراكمة توشك الحاجة حمودة أن تلتهم مسجلتي الصحفية صارخة: كانين الراهبات يبكرين لنا بالحليب والتمر من الصبح, تقول معاهن ولادي، يتحملين مرضنا وغنجنا ولا يتأففين منا أبداً, اللهههههه ما أرحمهن, وكنا نستلم مؤنة غذاء لبيوتنا كل شهر من بطاط وزيت وحليب وطحين والرز و..و..و لأننا "عاجزين" عن كفالة عيالنا واليوم ياغارة الله نذقبنا القباطي نذقة الكلاب . لم يسمح أحد المرضى المعتصمون لحمودة بمزيد من البوح فاختطف علي عبدالله الدهمي ميك التسجيل وقال: بالله عليكم إيش تفعل لي الخمسمائة ريال مساعدة شهرية من الجمعية وأنا وزوجتي مجاذيم في بيوتنا صحيح اللي في المستشفى أضر منا، لكن أصبحنا شيوبات ومشوهين, ولو حد عيقبلنا حراس وفراشين في بيوتهم حرام لانزحف زحف بما باقي لنا من الأطراف لكن الناس يا ولدي عادهم ( مفتجعين) مننا لانعديهم, طيب أين نروح؟ نشحت؟ حتى أكثر المصلين ومؤذني الجوامع بالكاد يسمحون لنا بالاقتراب من بوابة المساجد, ماعد معانا إلا نسرق, إن كان هذا يرضيكم يا صحافة ويا عالم ويا شوقي هايل يا رئيس الجمعية يا للي تركت رقابنا تحت سكين أمين عام الجمعية اللي ظلي ( يحلب ) المنظمات الخارجية مييييين 25 سنة لاااا اليوم وهو يشحتبنا في الخارج, ويرسل لنا لابيوتنا نجي نتصور مع كل زيارة لمنظمة إنسانية. يكفيك يادهمي .. استعادت حمودة الجذومية كما تنعت نفسها الميك من الحاج علي الدهمي مضيفة: ماذلحين عرررر يجي لنا وفد منظمة بعد اليوم حراااام لانندعها مسيرة مييين مدين الاجذوم هذي وما نوقف إلا قبال القصر, قصر الرئاسة؟ لا يا ولدي القصر اللي جنب مصانع هايل بالحوبان, ذي لفلف علينا كل دعم وأكلنا وأكل باجي أطرافنا, كما هوليه ذي في المستشفى مساكين مايصطوا يتحاكوا , جلنا يا ولدي: حتى مولد الكهرباء حق الجمعية تغفر لاقصر الحوبان, وساعة يقولوا سرحه الساحة ذي حرجت "حرقت". ماطور يزعج المدرسة الزريبة! وبمناسبة ذكر الحاجة حمودة لمولد الكهرباء حري بنا أن ننقل شكوى ضجيج مولد كهربائي آخر مايزال يشغل الجمعية وأقسام الرقود لكن ضجيجه يزعج تلاميذ مدرسة الشهيد جعفر الأساسية المجاورة حيث لايبدو أنه بعيد عن فصولهم أكثر من مترين, ولهذا يناشد أولياء الأمور من مرضى وأبناء مرضى المنطقة وكذا وكيلة المدرسة هي الأخرى تكرر مناشدتها لمدير عام مديرية صالة لأمرين: الأول رفع المولد المزعج من وسط المدرسة, والثاني: إغلاق سور المدرسة وعزله عن زريبة المواشي التابعة للجمعية فالطلاب والطالبات يتسللون إلى خارج المدرسة من بوابة الزريبة الواقعة في ساحة المدرسة. مدير إداري بلا صلاحيات التفتنا لنصور تلك الزريبة التي اتهمها المرضى بأنها لاتجود عليهم حتى بقطعة لحم في نهاية الأسبوع أو حصة يسيرة في الأعياد, سألنا الأخ محمد حسين المدير الإداري لمستشفى الجذام عنها فأجاب بأنه غير راض عن الوضع محملاً مسؤولية كل من أمين عام الجمعية ومدير المستشفى مضيفاً: عينت بتاريخ 19/10/2011 من قبل مكتب الصحة ومحافظ المحافظة مديراً إدارياً تزامناً مع اعتصامات المرضى وعندما بدأت أطالب مدير المستشفى بمنحي صلاحياتي ونتعاون سوياً لتلبية مطالب المرضى المعتصمين عرض علي مكافأة شهرية فوق ما أتوقع مقابل السكوت والتنازل عن صلاحياتي وتجاهل مطالب المعتصمين, لكنني رفضت فعوقبت حتى بمصادرة الخمسة آلاف ريال المكافأة الشهرية الحقيرة لا لأني أدعي المثالية المطلقة؛ بل لأن المرضى قد بلغو من القهر والاحتقان مبلغاً لاتحمد عقباه وبأن مناخ التطهير وحمى التغيير التي تعيشها البلد ومرافقنا الحكومية لن تترك فرصة لعبث جديد للفاسدين. تغذية الجيوب قبل تغذية المرضى •يضيف المدير الإداري لمستشفى الجذام: لعلكم تعلمون أنني وغالبية العاملين في المستشفى من أبناء مرضى الجذام, ولكن مالا تعلمونه أن من يتحكم بنا ويتحدث بلساننا ويستأثر بمصادر الدعم لمرضانا ومرفقنا ليسوا منا. بسبابته يشير المدير الإداري صوب أمين صندوق الجمعية قائلاً: أتحدى هذا أن يطلعك أو يطلع الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أو أي جهة رقابية كشوفات توزيع المبالغ الشهرية المهولة الموزعة على أفراد لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة, أدناهم أجراً أمين الصندوق هذا يتقاضى راتباً ومكافأة و..و..و تضاهي الميزانية الشهرية لسقف التغذية لمرضى المستشفى برمته, فما بالك بأكبرهم الذي علمهم السحر, يقصد أمين عام الجمعية.. لم يسمع الأخ أحمد عزيز أمين صندوق الجمعية جيداً فدعاني بصدر رحب وبكل شفافية إلى مكتبه الصغير وأطلعني على كشف الاستحقاقات والمساعدات الشهرية محلية المورد البالغة 220 ألف ريال موزعة على عشرات عمال وعاملات النظافة والفراشين والحرس والمزارعين بين الأشجار, وعندما هوفت وتجرأت وصدقت أني أمثل السلطة الرابعة، قلت لأمين الصندوق أتمنى أن تطلعني على كشف الاستحقاقات الآخر ذي المورد الخارجي منظمة جلارا الألمانية ولك الكندية وهندكاب الفرنسية وأطباء بلا حدود, فاعتذر عن إطلاعي تلك الكشوفات إلا إذا أعطيته أمرا من الدكتور ياسين, عموماً سأكتفي ببضعة أسماء ممن التقيتهم سلفاً ممن شملتهم الكشوفات الزهيدة ال "بلدي" أما الخارجي فما لي وما لها الله خير رقيب وحسيب عليها: أحمد علي كعدل منظف حمامات وممرات براتب ثلاثة آلاف ريال. سيف علي قرادي منظف حمامات وممرات براتب ألف ريال. يحيى محمد جابر الرضي مزارع بسبعمائة ريال, لكنها انقطعت منذ عشرة أشهر. علي سعيد الزيلعي منظف بألفي ريال، لكنها انقطعت أيضاً علي مسعد علي شاب ثلاثيني مزارع فقئت إحدى عينيه بين الأشجار أثناء العمل وبراتب أو مكافأة أربعة آلاف ريال. مرضى النساء •نحو 90 معتصما من مرضى الجذام المترددين على جمعيتهم من أرجاء محافظة تعز من إجمالي 440 منتسباً غالبيتهم من ساكني مدينة النور المحيطة بالمشفى والجمعية, أعمار غالبيتهم لا تقل عن ال 60 عاماً, ليس فيهم شاب واحد في إشارة إلى أن الجذام ماض في الاختفاء، خلال السنوات الأخيرة؛ نتيجة تدارك علاجه المبكر, أما المرضى ال 90 النزلاء في قسمي الرجال والنساء فلم يخرج منهم للاعتصام إلا القليل القادر على ترك سريره لساعات تحت حرارة الشمس أمام خيمة اعتصامهم وإن فعلها فقد غامر بسرير ومأوى قد يفقده بعد نشر آهاته وصورة اعتصامه في هذا التحقيق. ثلاثون مريضة في قسم النساء اختزلت الحاجة سعيدة العبد كل آلامهن, ليست إحدى غرف ودهاليز دور الشعوذة دلفت أقدامنا، بل في إحدى غرف عنبر رقود النساء المريضات, عجوز سبعينية تتوارى قسراً خلف باب الغرفة المحتوية 6 أخريات أخف جراحا وألماً من سعيدة العبد وحدها مرمية في الأرض بلا سرير, الكل يتأذى من عفن جراحها وأطرافها المتآكلة, هي شبه جسد نحيل يفترش الإسفنج المتسخ تلتحف غطاء مهترئاً مرتعشاً دوماً من جور الآلام والأنين ولولا ذلك لظننتها شبحاً, لم نجرؤ على كشف جروحها لدواع أخلاقية حتى الكاميرا زهدت باحتواء من أمدها الله بالابتلاء والعمر التعيس فلم تعد تعرف عن السعادة إلا الاسم. مرضى الرجال كم يتألم الزائر لقسم الرجال المصابين بالجذام في مشفاهم المكتض بنحو 60 مريضاً منهم فضل رفقائه المرضى عن أهله الذين هجروه ومنهم من يزال يأمل للعودة إلى أطفاله وجيرانه في حال تعافت ونجت باقي أطرافه من زحف جيوش طفيليات الجذام, في قمة الرجال تجد جميع عمال النظافة والتشجير والحراسة من المرضى القادرين على الحركة ممن تعافوا خلال فترات لكنهم يفضلون قضاء باقي أيامهم في هذا المكان ليضمنوا بقاءهم على قيد الحياة, ولو براتب أو مكافأة شهرية ألف أو ألفي ريال بدلاً من العودة إلى محيط أناس لا يشبهونهم, إذاً فهو البقاء مع أقران يشبهونهم إلى أن يحين الأجل, لكن أحدهم يتساءل: هل يحق للقائمين على هذا المشفى وجمعيته غنية الموارد الداعمة استغلال عوز عشرات المرضى لإظهار المرفق بأحلى حلة نظير منحهم مكافآت شهرية لا تبلغ مائة ألف ريال, في حين يتصور الداعمون الأجانب أن ملايينهم صرفت على نحو منصف. تنصل الجمعية عن علاج أعراض المرض •قاسم محمد غالب وقائد الجبلي وعبدالله عبدالجليل منهم من تتآكل أطرافه ومنهم أنفه وفمه أشد وأنكى، وبرغم ذلك يحمدون الله إذ جنبهم أمراض أخرى أصابت غيرهم فصار عبئاً ثقيلاً على أبنائه كالحاج ناجي أحمد جوبح 80 عاماً تخلت عنه المستشفى وجمعية القباطي للجذام عندما أحست أن كلفة بقائه باهضة , حد اتهام أحد أبنائه خلال زيارتنا لمنزله الصغير القريب من المستشفى , مريض ينخر الجذام أفخاذه وخاصرته ويلتهم االسرطان دماغه فلا تركته جراحه ينام على سريره بلا ألم ولا استطاعت عضلاته ومفاصله من ترك الفراش لتجف جراحه, ولا شفعت له تقاريره الطبية الرسمية المرمية في درج أمين عام الجمعية بالسفر للعلاج في الخارج. •حول ذلك يؤكد المدير الإداري في المستشفى وبعض الممرضين أن الجمعية ملزمة بعلاج مريض الجذام من جميع أمراضه داخل البلد أو خارجه، لكن السنوات الأخيرة لتأبيد أمين عام الجمعية في منصبه شهدت وتشهد تكرار العديد من هذه الحالات المأساوية المعيبة في حق الجمعية ومشفاها. •بين أيدينا كشف فواتير إحدى المستشفيات الخاصة بمبلغ يفوق 200 ألف ريال مقابل علاج المرحوم حزام علي حمود الذي كسرت قدمه وهو يمشي نتيجة تأثير دواء الجذام على هشاشة عضامه, لكن الجمعية تجاهلت فواتير المستشفى الخاص وتركت المريض يتكبد أغرام العلاج, حتى توفي قبل أيام ألماً من كسوره ومرضه وقهراً من تجاهل أمين عام الجمعية لحالته وأوضاع الكثيرين.