«الشمة» و«التنبل» و«الزردة» وباء يمني بامتياز.. وفي نفق إدمانها «المقرف» ضاع كثيرون.. أرقام مهولة تفصح عن كارثة تنخر «الشفاه» .. والأكثر غرابة حين نرى مدمنين جدداً جلهم مراهقون صغار يتواردون على مضغها دون اكتراث لمخاطر كثيرة.. اجتاحت اليمن ظهور الشمة في الأسواق اليمنية ولمعان مسمياتها كانت في العصور المتأخرة، شكل إقبال متعاطيها غير المحدود حافزاً قوياً اجتاحت به كل اليمن وأضحت مع مرور الوقت عادة يباهي بها الكثيرون ويتوارثها الأجيال، بل أصبحت كواجب على فرد أن يمارس حياة من سبقوه من الموالعة.. “الشمة” وباء يمني بامتياز بين الفينة والأخرى يتزايد عدد “الموالعة” والدخول في نفق الإدمان المقرف.. مما جعلني أتوقف ملياً وأدرك أن تعاطيها سيفرز في الأيام القادمة أرقاماً كثيرة تعلن حياة الإدمان، فدهشة الزائر لا تختفي عند رؤية من يتعاطون الشمة والتنبل “مبلصمين” عليها غير مكترثين أنها مصدر قذارة وصورة واضحة تحط من مستوى نظافة اليمني ومدى اهتمامه. “تعميرة” مدمنون على استعمالها ومن منظور بسيط يتفننون بالحديث عنها: «تعميرة تجلي الهم وتزرع الكيف» بينما يتساءل الآخرون: كيف يستطيع مدمنوها وضعها تحت الشفاه وهي ذات رائحة نتنة تكسر الرأس وتعكر المزاج؟! ويردون: إن تلك أقوال مضروبة عرض الحائط، كيف تأتي الراحة من تلك الروائح التي يتأذى منها المشتم قبل الاستعمال؟!. أم المصائب بينما يرى بلال أحمد عبدالكريم بأنها أشبه بحالات الإدمان، وعند عدم تناولها تصيب الكثيرين «تخريمة» وتصبح يومهم بلا معنى وكلها كدر وضيق، موضحاً أن الشمه أم المصائب، فمن أوراقها تصنع السيجارة والتنبل، فهي تبغ بلا دخان، وكلاهما تؤدي إلى نفس الضرر، والإقلاع عنها يحتاج إلى صبر وطول بال. ويضيف: رغم تلك النظرة القاصرة نظرة الاستنقاص والسخرية من قبل الجميع من السياح والمقيمين لم يحاول المدمنون الامتناع عنها. بلا دخان ويقو ل الدكتور وضاح العبسي: أضرارها وخيمة، فالشمة تحتوي على النوكيتين، وهي مادة مخدرة موجودة في جميع أنواع التدخين تصيب متعاطيها بالإدمان على شربها؛ فلا فرق بينها وبين السيجارة إلا الدخان. ويوضح بأنها تسبب سرطان الفم واللثة وتولّد التهابات فوق اللثة؛ غير ذلك عملية البصق على الشوارع التي أصبحت تعكس للمشاهد والمار فيها مستوى النظافة وتنقل الأمراض من خلالها. الكبار هم السبب يوضح الأستاذ جلال الوشاح: الإدمان والتعاطي وصل إلى الأطفال، ويتحمل مسئولية ذلك الكبار بسبب ممارسة عاداتهم السيئة أمام الأطفال التي زرعت فيهم مخلفات وسلبيات يتشطرون عند رؤيتهم يمارسون ذلك وعلى استعمال تلك المواد القذرة التي تؤدي بحياتهم إلى الهلاك. السيئة تعم نور حكيم السائح إلى بلد الإيمان والحكمة، بعد وصوله من اندونيسيا قال بسخط شديد يكشف مقلب سائق “البيجوت” له أثناء ركوبه معه - عندما أخرج له كيس الشمة وعرض عليه أن يشربها وهو لا يعلم عن تأثيرها؛ فوافقه على عرضه وأخذ الكيس وفعل كما يفعل السائق، لكنه ابتلعها إلى بطنه؛ فسبب له الإسهال الحاد مع “دوخة” جعلته لا يرى شيئاً، ومن بعد تلك الخديعة لم يعد يثق بأي يمني!!. حلو ومر “التنبل” يعتبر توأماً “للشمة” وهو كذلك، وهو فوق هذا مصدر قذارة بالغ القبح، يشمئز الجميع منه، فقد اتسخت شوارع عدن ومدرجاتها بتلك المادة الحمراء عقب بصقها على الأرصفة والشوارع عكست صورة سيئة عن المواطن اليمني جعلت أنظار العوام تنظر إلى متعاطيها بنظرات مزرية بخّست من قيمة المواطن وصارت كرامته لا تتجاوز قيمة الكيس الذي يتعاطى منه. متذمراً وساخراً يصف عبدالحكيم السامعي شوارع عدن بأنها صارت تشكو مخلفات التنبل وبقعه الحمراء التي أعطته منظراً سيئاً.. أما الطالب محمد وليد “14” عاماً فيؤكد أن للتنبل أنواعاً، بعضها حلو وبعضها مر؛ لكن النتيجة واحدة، فهي تعمل على إعطاء الكيف والتخدير لساعات لا يحس من يستخدمها بمرور دقائقها. شغل حريقة يقو بائع التنبل محمد جباري إن أغلب زبائنه طلاب مدارس لا يتجاوزون الصف الثامن أو التاسع، فهي مصدر سوء لكنها رزق قوي ومضمون. وعندما سألته كم يبيع منه؛ توقف وقال بأن الزبون الواحد متوسط الإدمان يرجع إليه باليوم ثلاث مرات لينفق مبلغ “90” ريالاً ويتعاطاها بشكل مستمر، وكل يوم يستضيف معه واحداً، فالمقبلون عليه يتزايدون. ويحذّر المدمنين من تعاطيها، فهي تحتوي على مواد مخدرة “تسطل” العقل وتجعل من صاحبها عديم الاكتراث والمبالاة في شئون حياته. وفيما إذا كان محمد جباري بائع الشمة والتنبل والزردة يتعاطاها، يجيب بأنه ظل يتعاطاها لفترة وأقلع عنها لأسباب تتعلق بالمظهر الخارجي، حيث جعلت منظره مقززاً وخاصة أمام من يحترمونه، فهي تجعل رائحة الفم كريهة وتغير لون الأسنان، وكانت تلك من أقوى الأسباب التي أوجبت عليه الامتناع عن استخدامها. الزردة الفاتكة بعد تتبع تفاصيل وآثار تعاطي الزردة أدركت أنها أخطر من أخواتها، فصدور قرار المجلس المحلي بمصادرة الزردة من محلات بيعها حبر على ورق، ولا أحد يلقي بالاً لأوامر الجهات المسئولة، بل بعد القرار كثر البيع وانتشر الداء على مستوى حارات تعز، وتتحمل في ذلك وزارة الصحة والجمعيات المهتمة جزءاً من المشكلة لعدم التوعية، وإن كان الجزء الكبير يتحمله الفرد لتقصيره بحق نفسه. عندما سألت الطالب عرفان الملقب “بالتخميسة” ذا ال”14” عاماً بماذا يشعر عند تعاطيه الزردة، فرد قائلاً بأنها تجعل الواحد “يسخسخ” ويشعر بالاسترخاء، وذهاب الهموم، ويعيش الحياة بطعم ثانٍ!!. ويضيف محمد وليد بأن طعمها مرٌّ، عندما استخدمها لأول مرة أصابته بالدوخة والدوار لمدة ساعة وبعدها إسهال حاد لم يتوقف إلا بعد أيام، فهي أقوى أنواع التنبل. الضربة لاتزال مجهولة عند معظم شباب تعز وخاصة المناطق الريفية؛ غير أن حارات المدينة وخاصة حارات الضربة قد وصل داؤها إلى الأطفال وبنسبة كبيرة يجب الالتفات إليها مما يلزم أولياء الأمور العناية الخاصة بالأطفال والمتابعة لتفاصيل حياتهم نتيجة للأضرار التي تخلّفها على صحتهم أو مناظرهم أو سلوكهم. عامل مساعد داء عضال يهدد أجيالنا باستمرار ويدخلهم في دائرة الخراب، فتقليد الأطفال للكبار من الأسباب التي سخّرت للأطفال مناخاً خاصاً ومتاحاً للتقليد ليرفع معدل سلبياتهم فيما يتناقص عزوفهم إلى ما ينفع مستقبلهم وصحتهم. النظافة من الإيمان قبل أن تكون مقرفة وسيئة فهي تعبث بنظافة الفرد، فالنظافة جزء من الإيمان، وبممارسة تلك السلوكيات تذهب النظافة بعيداً وتحل محلها الأوساخ التي لا تجلب إلا الأمراض والأضرار بالجسم وبالسلوك، وممالا شك فيه فإن جميعنا ينفر ويتذمر من منظر سيئ، والأسوأ من ذلك أن تتعدى الآفة إلى الأطفال!!.