كيف يقرأ شباب ساحة التغيير في محافظة إب المشهد السياسي الراهن في البلد؟ وهل يطول صمودهم في ساحتهم؟ وما مدى قبولهم بما تحقق حتى الآن من التغيير الذي خرجوا من أجله؟ حكمهم على الأحزاب وعلى الرئيس السابق.. أمور عدة تتكشف طي الحوار التالي مع د. أحمد علي الطاهري رئيس اللجنة التحضيرية للمجلس الثوري بإب: ^^..ما رأيك بما حققته الثورة حتى الآن؟ وهل كنتم تتوقعون أن تصل الكلفة إلى هذا الحد؟ بداية أشكر صحيفتكم الموقرة على استضافتي وأتمنى لها التوفيق والنجاح..الوضع الذي وصلت إليه أحوال البلاد قبل انطلاق الثورة كان ينبئ بسيناريوهات مخيفة أكثر بؤساً عن مآلات اليمن ووحدها الثورة كانت قادرة على قهر هذا الواقع وتسريع عملية التغيير. لم نحقق كل ما كنا نطمح إليه كما لم نستطع الاقتراب من تلك الشعارات التي رفعناها، لكن الثورة في مفهومها الشامل قد دفعت عجلة التغيير وعلينا أن نحترم عامل الزمن واعتقد بأن واحداً من الأخطار التي تتهدد الثورة يكمن في الاستعجال الذي يقود عادة إلى البحث عن حلول سهلة تقود في نهاية الأمر إلى تحول الثورة السلمية إلى ثورة غضب منفصلة تماماً عن فكرة التغيير كعملية مستمرة وشاقة.. بالنسبة إلى الكلفة التي تتحدث عنها فالثورة في حد ذاتها مجازفة وللتغيير ضريبته.. ^^.. برأيك، هل ما زالت هناك خطوات تصعيدية لدى الشباب؟ وإلى أين تتجه؟ تعود للظهور من حين لآخر دعوات التصعيد التي تصيبنا بالرعب صراحة.. شعارات مثل التصعيد والزحف كلمات لا تحمل تفسيرا واضحا غير ارتباطها بإراقة الدماء وهو أمر غير مقبول في إطار ثورة سلمية.. هناك فهم مغلوط لمعنى الثورة السلمية ووسائلها.. الشباب اليوم والثورة عموما في موقع تصالحي مع شرعية الدولة. لدينا رئيس جديد منتخب أياً كانت التحفظات التي تساق حول الانتخابات التوافقية والأولوية لاستعادة الدولة كوسيلة من وسائل التغيير في أي مجتمع.. الشباب سيخرجون بشرعية ثورية وعليهم أن يفكروا بوسائل عمل نضالية وأدوات جديدة لإنجاز التغيير.. ^^..ما هو موقفكم من رفع ساحات الاعتصام، هل اكتملت أهداف الثورة؟ هناك أحاديث عن قرب إخلاء الساحات كجزء من التزام القوى السياسية الموقعة على المبادرة وفي إب تم رفع أجزاء من الساحة وهو ما قوبل برفض الشباب المعتصمين.. والمسألة ستتحدد في مدى قدرة الشباب على الصمود من عدمه.. لكن هناك مشكلة حقيقية تواجهها الساحات عموماً وهي أنها فقدت قدرتها على صناعة الحدث وقيمتها الوظيفية في ضبط حركة التغيير بقرار سياسي.. الثورة تم ترسيمها بالساحات والساحات فقدت قرارها.. فهل سيستطيع الشباب حشد قواهم وتطوير آليات عمل ووسائل نضالية في ضوء المستجدات وفهم أعمق لمتطلبات المرحلة المقبلة وتحدياتها.. عموما بقاء الساحات مرتبط بقرار الشباب أنفسهم وعلى من يقدم على خطوات منفردة أن يتحمل مسئوليته التاريخية أمام الله والشعب.. ^^.. أفهم من كلامك وجود خلافات بين مكونات الثورة حول قضية الساحات؟ الخلافات قائمة، لكنها تصب في مجملها في خدمة القضية الثورية التي خرج الشعب من أجلها.. ^^.. هل تتوقع مشاركة الشباب في قيادة العملية السياسية والحزبية في المرحلة القادمة، أو أن ما يسمون بالحرس القديم سيظلون ممسكين بتلابيب القيادة تحت مبرر الخبرة والكفاءة؟ الواقع يقول بأن الحرس القديم سيحاول الاحتفاظ بمواقعهم وقيادة المرحلة، لكنني على ثقة بأن متغيراً جديداً طرأ على العملية السياسية والحزبية في البلاد وهو الشباب الذي قاد العملية الثورية وهذا المتغير سيجبر هذه القيادات على إعادة النظر في أدائها وطرق عملها.. غالبية قيادات الصف الأول هي قيادات على الرف وإذا لم تبادر إلي تأهيل الشباب لتولي القيادة على المدى المنظور فسنعاني أزمة قيادة قريبا.. التقليل من خبرات وكفاءات القيادات التاريخية ليس صحيحا، لكن في حال عجزت عن تسخير طاقات الشباب وقدراتهم ودمجهم في العملية السياسية وآلية اتخاذ القرار فإنها ستواجه أزمات داخل كل حزب، بل ربما نشهد ثورات داخل صفوف هذه الأحزاب.. ^^.. ما تقييمك لحكومة الوفاق الوطني؟ ألا ترى بأن اليمن يعاد إنتاج إدارته بذات ذهنية التقاسم التي تم تجريبها وثبت عقمها؟ علينا أن نفهم أن تشكيل هذه الحكومة عمل على تجاوز سيناريو انهيار شامل لأجهزة الدولة ومؤسساتها وتبعات كل ذلك على الوطن لسنوات قادمة.. أقدر حجم المسئولية الملقاة على عاتق هذه الحكومة وأشفق على إخواننا في الثورة الذين انتقلوا من خطاب الثورة والمعارضة إلى مواقع المسئولية والقرار وهي أمام امتحان صعب ومحك حقيقي.. ذهنية التقاسم تمثل مشكلة حقيقية أمام عملية التحول في البلاد؛ إذ لا يمكن النظر للوطن ضمن منطق القسمة والفواتير والاستحقاقات، كما أن حركة المجتمع وتوقه للأفضل لن يتوقف أمام عثرات القسمة وسيتجاوز الجميع.. ^^..قام الرئيس هادي بخطوات مهمة نحو هيكلة الجيش، ما مدى فاعلية هذه الخطوات؟ وما تأثيرها على الحوار الوطني؟ ما قام به الرئيس هادي هي خطوات نحو إنهاء الانشقاق داخل المؤسسة العسكرية تمهيداً للبدء بإجراءات إعادة الهيكلة.. إعادة هيكلة الجيش كما أفهم تحتاج إلى إستراتيجية شاملة تقود في النهاية إلي بناء جيش وطني مبني على أسس وطنية صحيحة بحيث يتحول الجيش إلى ضامن للدولة، وليس أداة ضمن أدوات الصراع مستقبلا.. هناك أكثر من تفسير لمعنى الهيكلة وهي تفسيرات متضاربة أشبه بالدعاية واتجاهها هو من يحدد مدى تأثير خطوات الرئيس على الحوار الوطني.. بالنسبة لي أعتقد بأن الخطوات التي يقوم بها الرئيس سيكون لها تأثير إيجابي في اتجاه الدفع بعملية الحوار الوطني للأمام. ^^..على ذكر الحوار الوطني، هل تعتقد أن الحوار قادر على حل مشاكل اليمن المتعددة والكثيرة؟ ليست وظيفة الحوار في التوصل إلى حل لكل مشاكل اليمن، ولكن التوصل إلى تفاهمات مشتركة وإجماع عام حول الأسس العامة للدولة المستقبلية وأسس حل النزاعات على المدى البعيد.. الجلوس على طاولة حوار سيمكن الجميع من التوصل إلى تفاهمات حول معظم القضايا.. ^^.. كيف تنظرون كشباب لحزب المؤتمر الشعبي العام، خاصة أن لديه توجهات في المرحلة القادمة لإعادة ترميم ما أفسده الدهر؟ ننظر للمؤتمر الشعبي العام ضمن نظرتنا لحاجة الوطن لتوازن سياسي حقيقي يقوم على تنافس أحزاب قوية بعيدا عن الاستقواء بمركز الدولة وأدواتها.. المؤتمر حزب وطني عريق نحترمه وأي محاولات لإقصائه لن تساعد في خلق البيئة المناسبة لليمن الجديد.. منتصرون كثر عبروا التاريخ وانتهوا, نريد أن نتخلص من لغة الإقصاء فالوطن يتسع للجميع.. على المؤتمر أن يعيد ترميم نفسه وأن يتحول إلى حزب فاعل في الحياة السياسية متخلصا من أوزانه الزائدة. ^^.. اليمن مثخنة بالجراحات والأزمات المرحّلة.. هل ترى أن العامين كافيان لحل كل تلك المشاكل؟ التغيير ليس طفرة, وأزمات اليمن ومشكلاتها أكبر من أن تحل خلال عامين.. سيتم خلال فترة العامين الاتفاق على الأسس العامة لحل أبرز تلك المشاكل والاتفاق على عقد اجتماعي جديد وإعادة رسم حدود ومهام الدولة التي سيناط بها حل تلك المشاكل فيما بعد. ^^.. برأيك، لماذا التركيز من قبل الجماعات الإرهابية على المحافظات الجنوبية؟ يؤلمني كثيرا ما يحدث في أبين وما تقوم به الجماعات الإرهابية كما تؤلمني الخفة التي تتعاطى بها الأطراف المختلفة مع هذه المأساة اليمنية.. جريمة أن تتحول هذه المأساة إلى مادة إعلامية للمناكفات وتبادل الاتهامات وعلى الجميع أن يرقى إلى مستوى المسئولية الوطنية.. هناك دماء غزيرة تسيل، كما أن الجيش يزداد إنهاكا, ومساحة القاعدة تتوسع.. نحتاج إلى حقائق وليس إلى دعاية إعلامية لنحكم على الوضع هناك.. ^^.. كيف تتوقع مستقبل القضية الجنوبية في ضوء ما يحدث؟ مستقبل القضية الجنوبية يتحدد في ضوء احتياجات إخواننا في الجنوب، لن يكون هناك وحدة بالإكراه، كما أن خيار الانفصال بالقوة ليس واردا.. أحترم إرادة إخواننا وأعتقد بأن الجميع سيتوصل إلى قناعات مشتركة تحافظ على الوحدة إذا ما توفرت البيئة المناسبة لحل مشكلاتنا.. القضية الجنوبية هي قضية مصيرية وأعتقد بأنها تزداد تعقيدا مالم يتم تداركها. ^^.. ألا تعتقد أن التوتر السياسي يثير المخاوف من حدوث فوضى وحرب أهلية؟ تتسم المراحل الانتقالية عادة بمسوح من انعدام اليقين والمخاوف، كما أن هناك ميولا مخيفة للعنف ومع غياب الدولة تنتشر الفوضى.. ما نطمح إليه هو الإبقاء على أسباب وأدوات الصراع المسلح خارج المشهد السياسي, ليختلف الساسة ويتنافسوا بأدوات سياسية دون اللجوء للعنف؛ لذلك كشباب نتمسك اليوم بالتسوية السياسية وندفع ونساند خطوات الرئيس هادي لاستعادة الدولة وإنهاء حالة الانقسام داخل المؤسسة العسكرية بحيث تكون ضامنا لبقاء الدولة وليس ضامنا لديمومة الصراع والمخاوف. ^^.. هل أنت مع انتقال المشترك للسلطة؟ وهل تضررت الثورة من ذلك؟ المشترك هو تكتل سياسي يضع الوصول للسلطة ضمن أهدافه الرئيسية, من حق المشترك أو أي مكون سياسي أن يكون جزءا من السلطة أو أن يتولى السلطة.. صحيح أنهم أغدقونا بالوعود واعتمدوا خطابا فنتازيا ساعد على خلق وعي مغلوط لكن تلك مرحلة قد خلت ولنفكر بالمستقبل ننتقل بتفكيرنا نحو الاتفاق حول الأسس العامة للدولة وإعادة الاعتبار للشراكة الاجتماعية التي لا تعني القسمة في الغنائم ولكن أن هناك حقوقا وواجبات متبادلة ومن يتولى السلطة لا يتملكها ولكن يديرها ولا يستطيع أن ينزع حقوق من هم خارج السلطة.. الثورة انتقلت إلى مرحلة جديدة وهي مرحلة البناء.. على مر تاريخنا نجحنا في أن نكون ثوارا بامتياز، لكن عندما نجحت الثورات لم تستطع أن تنتقل من التنظير النظري إلى المشروع التنموي وبناء ما كانوا ينظرون لأجله وهذا هو التحدي الماثل أمامنا جميعا.. صحيح أن الثورة تراجعت, لكن قناعتي أن الثورة تدخل مرحلة جديدة وعلينا أن نطور أدوات جديدة للاستمرار في الدفع بعملية التغيير. ^^.. هناك تقارير تتحدث عن ضخ إيران أموالاً ومساعدات لأحزاب ومساعدات لأحزاب وجمعيات ومنتديات وتكتلات شبابية "ناشطين ومكونات ثورية".. ألم يعرض عليكم هذا الدعم? لم يعرض بصورة مباشرة. ^^.. من أين تحصلون على الدعم لتنفيذ أنشطتكم؟ الأنشطة التي نقوم بها تعتمد على المجهود الشخصي. ^^.. ما مخاطر الدعم الإيراني على النسيج السياسي والاجتماعي؟ عندما لا يتجه هذا الدعم نحو مشروع وطني جامع ومشترك، بل يصب على بناء هوية عنصرية بعيدة عن الهم العام وعما هو إنساني، فإن ذلك يمثل خطرا يزداد تفاقمه في ضوء الأوضاع الاقتصادية السيئة التي تمر بها البلاد ومعدلات البطالة والجهل المرتفعة وحالة الانكسار التي تتسلل في أوساط الشباب وفي المقابل حالة الاندفاع الثوري وراء بعض الشعارات الثورية التي رفعناها ولم ننفذها.. هناك مخاطر من انتشار المشاريع ما قبل الوطنية، لكنني واثق بأن أي مشروع لا يبنى على أسس وطنية وعلى ما هو إنساني ومشترك لن يستطيع الصمود. ^^.. هل ما تزالون تخشون كشباب من بقاء الرئيس السابق في اليمن والممارسة السياسية من بعض قيادات المؤتمر؟ لا تستهويني فكرة أن لا يكون لدينا رئيس سابق ملتزم بالنظام والقانون ويعيش كمواطن يمارس حقوقه وواجباته، لكن الأمر يعتمد على مدى إدراك الرئيس السابق والمؤتمر الشعبي العام للمتغيرات وأن يمارس العمل السياسي بما يخدم البلاد. ^^.. هل تعتقد أن ثورة المؤسسات مطلوبة في الوقت الراهن؟ نعم, لكن ليس من أجل استبدال س أو ص بآخرين، ولكن من أجل إرساء أسس دولة النظام والقانون ومنع تسخير الوظيفة العامة لمصالح فئوية أو شخصية أو حزبية.. الهدف من ثورة المؤسسات هو تطبيق النظام والقانون على الجميع فحتى إذا لم يتم استبدال هؤلاء المدراء والتزموا بالنظام فإننا نعتبر بأن ثورة المؤسسات قد نجحت.. بناء الدولة المدنية هو حديث مختلف القوى غير أن كتاباً صدر مؤخرا للشيخ الزنداني يعتبر الدولة المدنية مخالفة للشرع.. ^^.. ما تعليقكم على ذلك؟ من حق الشيخ أن يبدي رأيه.. وهذا اجتهاده سواء اختلفنا معه أو اتفقنا.. ^^.. إلى ماذا ترجع موقف بعض الأحزاب ومنها الإصلاح بعدم اتخاذ موقف واضح وصريح حيال ذلك؟ أرى أن موقف الأحزاب والإصلاح حيال موضوع الدولة المدنية واضح وصريح وهو مع الدولة المدنية الحديثة.. على الأقل هذا هو الموقف الرسمي للجميع والذي عبرت عنه أدبيات وبيانات الأحزاب وأهداف الثورة السلمية وليست نقطة خلاف.. وإذا كنا نتحدث عن الدولة المدنية الحديثة فمن حق الشيخ الزنداني أو غيره أن يبدوا رأيهم دون خوف أو وصاية, وهذا ما أفهمه كحق أصيل للإنسان في أن يبدي رأيه.. أنت الآن تطالب الإصلاح والأحزاب بأن تتحول إلى أحزاب شمولية وأن تمارس ممارسات لا تنطبق مع مناداتها للدولة المدنية.. ^^.. ما تعليقكم حول ما قاله المفكر والمنظر محمد حسين هيكل بأن ما يجري في اليمن قبيلة تريد أن تتحول إلى دولة؟ المفكر والمنظر الكبير محمد حسين هيكل اقترب من زاوية أعتقد بأنها تفتقر للمعلومة؛ ولذلك قدم قراءات مجافية للواقع.. ^^.. استباحة المال العام أمر مرفوض خاصة في ظل حكومة الوفاق، فما تعليقكم حول الكشف عن قضايا فساد بالمليارات مؤخراً؟ الفساد واستباحة المال العام جريمة يعاقب عليها القانون ونقول للجميع تعالوا إلى كلمة سواء ولنعمل سويا ضد الفساد أياً كان مصدره ومرتكبوه.. أتمنى ألّا يتم تمييع قضايا المواطنين في سياق المماحكات السياسية والإعلامية.. من يمتلك أدلة تثبت ذلك فعليه أن يعرضها ونساند القضاء في أداء دوره كسلطة لها الحق في البت في قضايا مثل هذه..