صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا معاذ.. حينما أتى الله بك قالت الأعراب آمنا ..!!
عن جمعة رجب وجامعها الأثري
نشر في الجمهورية يوم 28 - 05 - 2012

يحتفل اليمنيون في الجمعة الأولى من شهر رجب الحرام في كل عام بذكرى دخول الإسلام إلى اليمن .. ويقام الاحتفال في مدينة الجند بمحافظة تعز، وهناك اعتقاد سائد بأن شد الرحال يكون إلى جامع معاذ بن جبل مستدلين على ذلك بحديث موضوع نسب إلى النبي عليه الصلاة والسلام.. وقبل الحديث عن هذا الاحتفال لا بد من الإشارة إلى بداية بناء الجامع وبداية الاحتفال..
فالجند مخلاف نسب إلى الجند بن شهران بطن من المعافر، وتقع الجند شمال محافظة تعز على بعد حوالي 22 كيلومتراً، ولها تاريخ طويل وتعد إحدى مدن اليمن الأولى التي أسس فيها مسجد على التقوى وهي اليوم متناثرة الخرائب لولا جامعها الأثري ومنارته الشامخة اللذان يدلان على مكانتها، وللجند باب كان على سور متنزه ثعبات في مدينة تعز، ولها سوق كان يقام أمام جامعها ويعد أحد أسواق العرب الموسمية قبل الإسلام.
وعند زيارتك لمدينة الجند يلفت انتباهك جامعها الأثري الذي أسسه الصحابي الجليل معاذ بن جبل عام 6ه 627م والذي أعاد الحسين بن سلامة بناءه في «317 402ه» ويقال إن الحاكم الصليحي المفضل بن أبي البركات هو الآخر قد قام بأعمال إنشائية بالجامع، وقد تعرض الجامع للهدم أيام مهدي بن علي بن مهدي الرعيني الحميري عام 558ه ثم أعاد الحاكم الأيوبي سيف الدين أتابك سنقر بناءه عام 575ه.. مضيفاً إلى المبنى الرواق الجنوبي والرواقين الجانبين والصحنين الواقعين بالحرم، ومما يثبت ذلك الأمر وجود بعض الكتابات الجصية المنحوتة بالجامع. والمتفق عليه بإجماع من تحدث عن الجامع أن بناءه تم على يد الصحابي الجليل أبي عبدالرحمن معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عابد بن عدي بن كعب الانصاري الخزرجي، كان جميل الوجه براق الثنايا، وقد وجهه النبي صلى الله عليه وسلم في ربيع الأول من سنة 6ه، وقيل 9ه والراجح أنها ست للهجرة ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى ملوك حمير وإلى السكاسك وهم أهل مخلاف الجند وكانت رياستهم إذ ذاك لقوم منهم يقال لهم بنو الاسود ووصاهم باعانته على بناء مسجد الجند ووعد من أعانه على ذلك خيراً كثيراً هذا ما نقله المعنيون بذلك، وكان معاذ يقول لما خرجت من المدينة شيعني رسول الله ثم قال: يا معاذ! إذا قدمت عليهم اليمن واحتكموا اليك فبم تحكم بينهم قلت: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد، قلت بسنة رسوله، قال: فإن لم تجد قلت اجتهد رأيي فقال: الحمدالله الذي وفّق رسول رسول الله ثم قال: يا معاذ إذا قدمت عليهم فزين الإسلام بعدلك وحلمك وصفحك وعفوك وحسن خلقك فإن الناس ناظرون إليك وقائلون: خيرة رسول الله فلا يرى لك سقطة يستريب بها أحد في حلمك وعدلك وعلمك فإن الرسل من المرسلين، ويامعاذ أوصيك بتقوى الله عز وجل وصدق الحديث ووفاء العهد، وأداء الأمانة وترك الخيانة ورحمة اليتيم وحفظ الجار وكظم الغيظ ولين الكلام وبذل السلام ولزوم الإمام والتفقه في القرآن وحب الآخرة والجزع من الحساب وقصر الأمل وحسن العمل وأنهاك ان تشتم مسلماً أو تصدق كاذباً أو تكذب صادقاً أو تعصي إماماً عادلاً أو ان تفسد في الأرض، يامعاذ ستقدم على قوم أهل كتاب يسألونك عن مفاتيح الجنة فقل شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
ثم لما ودعني بكيت فقال: ما يبكيك؟ فقلت: أبكي لفراقك بأبي أنت وأمي فقال: لا تبك فإن البكاء فتنة.فذكروا ان معاذا قدم الجند في جمادى الآخرة، وأوصل كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني الاسود وقد كانوا اسلموا ثم أنهم اجتمعوا في أول جمعة من رجب وخطبهم وفيهم جمع من اليهود فسألوه عن مفاتيح الجنة!! فقال: صدق رسول الله مفاتيحها شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فقالوا عجباً من إصابتك الجواب وقولك صدق رسول الله فقال لهم: ان رسول الله أخبرني بسؤالكم هذا، وكان قوله هذا سبباً لإسلامهم وإسلام من تأخر من اليهود وكان ذلك في محفل عظيم، قد اجتمع فيه الناس من أماكن شتى، ومن ثم ألف الناس زيارة الجند في أول جمعة من رجب يصلون بها الصلاة المشهودة.
من أوائل المساجد
ويعتبر جامع معاذ من الجوامع الأولى التي أسست لبنة الإسلام في مراحله الأولى، حيث يعتبر حسب أغلب الروايات ثالث مسجد بعد قباء والجامع الكبير بصنعاء، وهناك أيضاً روايات تقول بالاسبقية لمساجد أخرى، إلا أن المتفق عليه ان جامع الجند أو جامع معاذ كما يحلو للكثير من الناس تسميته بهذا الاسم من أوائل المساجد التي بنيت بعد الهجرة.
والزائر لجامع الجند اليوم سيجد أنه ينخفض على مستوى المنازل التي شكلت وكونت مدينة الجند، وهناك شائعة تلقى رواجاً كبيراً بين الأهالي والمناطق المجاورة مفادها ان سبب ذلك الانخفاض هو ان معاذ بن جبل بعد ان أتم بناء الجامع أراد مغادرة الجند والعودة إلى مدينة الرسول، إلا أن الجامع سار خلف معاذ رافضاً المكوث في أرض الجند إلا بمعيته، فما كان من معاذ إلا ان قال له: اثبت ثبّتك الله قيل فانخفض الجامع بعد تلك الدعوة المباركة حسب قول الشائعة، إلا أن الصواب ان المدينة القديمة قد غمرتها عوامل التعرية واختفت تماماً وبنيت فوقها المدينة المعروفة حالياً.. ولا نكاد نسمع أو نقرأ عن جامع معاذ إلا مرة كل عام حيث يتم تداول اخباره في أول جمعة من شهر رجب حيث هناك اعتقاد انه في هذا اليوم كما سبق وتحدثنا تم الشروع في بناء الجامع.
خاص بالمتصوفة
وفي هذا اليوم الذي يعد مناسبة دينية في أوساط المتصوفة المنتشرين في عدة مناطق من اليمن وخصوصاً حضرموت والبيضاء يتم إقامة الموالد والاناشيد منذ الليلة التي تسبق يوم الجمعة، وباستثناء فرقة الصوفية فإن الكثير من العلماء يشيرون إلى أن الاحتفال بهذه المناسبة بدعة منكرة لا أصل لها في الدين.. وهناك ثمة اعتقاد بحديث موضوع ان شد الرحال يكون إلى جامع الجند أيضاً.. والأغرب من ذلك ان نسمع همساً بين الفينة والأخرى ان الصلاة في هذا اليوم في هذا المسجد تعدل حجة مبرورة مع الرسول الكريم، وقد سألت أحد المسنين الذي حضر من مدينة بعيدة عن شد رحاله إلى أرض الجند المباركة بالقول: «عسى الله يتقبلها يا ولدي» اعتقاد أقوى من اعتقاد الشيعة بخروج مهديهم المنتظر من السرداب.
وفي أثناء عبوري إلى جامع الجند لاحظت في الطريق جماعات متفرقة يلبسون الثياب والقبعات البيضاء وهم يمشون باتجاه الجند سيراً على الأقدام فتوقفت وسألتهم عن ذلك برغم توفر وسائل المواصلات رخيصة الأجر إلا أنهم أجمعوا على أن السير إلى جامع الجند يجلب البركة ويكثر من الحسنات ويكون السعي هذا مشكوراً والحج مبروراً. ولمعرفة ما يدور في أذهان الناس كانت هذه التعليقات هي ما خرجنا بها.
بركات رجب
يقول حاشد الزيادي: هذه الجمعة يعمل بها من يعتقدون بالمثل القائل: «لا تبكي على أمك لا ماته وابكي على جمعة رجب لا فاته».. و بصراحة شهر رجب كله عجب أوله وآخره أوله جمعة رجب كما يسمونها وآخره الرجبية بالنسبة للأخيرة يحتفلون بيوم المعراج وخاصة أصحاب تهامة فالبعض يعتبره يوم عيد ولا بيع ولا شراء في هذا اليوم ويلبسون الجديد وينورون العشش ويزينون الطريق والمرافق أما أصحاب الجند فيعتبرونها احتفالاً بأول يوم أتى فيه معاذ بن جبل إلى اليمن ربما والعادات تطورها كل فترة من الزمن.
صلاة الرغائب
أما سلام الجماعي فيقول: إنّ شهرَ رجبٍ الذي نعيشه هذه الأيام هو أحد الأشهر الحرُمُ الأربعة وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم ثلاثة متوالية، ورجب الفرد ولهذه الأربعة خصائصُ معلومةٌ تشترك فيها وقد سميت حُرُماً لزيادة حرمتها, والواجب على كلِّ مسلم تجاه هذه الأشهر وغيرها أن يقوم فيها بما دلَّت عليه الشريعة وثبت في السنة دون تجاوز أو تعدٍّ لذلك.. وفي شهر رجب يصلي بعضُ الناس صلاةً معينة بصفة غريبة يسمّونها صلاةَ الرَّغائب يفعلونها في أوّل ليلة جمعة منه بين المغرب والعشاء وهي بِدعَةٌ منكرة باتفاق أهل العلم لم تُعرف إلا بعد القرن الرابع الهجري وليس لها وجودٌ أو ذكر قبل ذلك، قال الإمام النووي رحمه الله وقد سُئِل عن صلاة الرَّغائب هل هي سنة وفضيلة أو بدعة فقال رحمه الله: «هي بدعةٌ قبيحة منكرة أشدّ الإنكار مشتملة على منكرات، فيتعين تركها والإعراض عنها وإنكارها على فاعلها»، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: “من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو ردّ”.
بدعة
بديع: هناك من يرى في القول بأن إسلام أهل اليمن كان في أول جمعة زعم باطل لا دليل عليه، وأما تخصيص مسجد معاذ بن جبل وشد الرحال إليه فبدعة أخرى يضاف إلى بدعة اتخاذ ذلك اليوم عيداً واجتماعاً.. أيضاً لا تشد الرحال إليه ومعروف إلى أين تشد الرحال.. لا يجوز اتخاذه عيداً، لأننا معشر المسلمين لا عيد لنا إلا عيد الفطر وعيد الأضحى، وكل عيد سوى هذين العيدين فمن أعياد الجاهلية.
الحصول على الأجر
ياسر عياش قال: مع أن لهذه الليلة مرجع ديني بالدرجة الأولى ومع أن الأثر الذي يدعو لها جاء عن طريق الشيعة إلا أنني أن أرى أن الطابع الصوفي هو الغالب عليها وما يبعدها عن جانب الدين هو أن الناس لا يسعون وراء الأجر كما هو جدير بالمتأثرين دينياً.
الناس يحتفون بهذه الليلة لغرض التبرك والدعوات لقضاء ما يصبون إليه وجود قبر الشيخ ابن علوان إن صح ما يتم تداوله هناك يرجح هذا،فهل يقطع الناس المسافات الطويلة لمجرد الحصول على أجر يمكن له أن يحصل عليه في محرابه فما ورد في الأثر أنها تمحو ذنوبا كثيرة وفي ديننا الكثير من الأعمال والعبادات التي تمحو ذنوبا كثيرة..!
الأيام كلها لله
من جانبه يقول حاشد عياش: نحن جميعاً نؤمن بأن الأيام كلها لله, لكن يبدو أن السياسة قد تدخلت لتفضل أياماً بعينها, ولا شك أن لهذا التفضيل مآربه التي تخفى على الأتباع من العوام.. فكما هي الجمعة الأولى من رجب لدى الصوفيين.. كذلك هو الحال بالنسبة للخامس عشر من شعبان لدى الأثني عشرية, وهو مولد الإمام المهدي المنتظر كما يزعمون.. وكذلك الحال للسابع والعشرين من رجب لدى عامة المسلمين وهو يوم الإسراء والمعراج.. وعلى كلٍ فإن الصوفية منتشرة بشكل كبير ليس في الوطن العربي فحسب بل في شتى العالم الإسلامي, وفي كل قطر لهم علم من الأعلام فهنالك الجيلاني وابن عربي محيي الدين, ومن أعلامهم في اليمن أحمد بن علوان المدفون في يفرس.. ولا شك أن الصوفية تستغيث بهذا العالم عند الملمات, وتعد الجمعة الأولى من رجب يوماً عظيماً تتقرب فيه إلى الله, إلا أنني لا أستطيع الجزم بأن هؤلاء يطلبون الغوث من الإمام الزاهد ابن علوان لأني لم أتوغل بينهم ولم أشهد لهم مثل هكذا احتفال ,وعلى رغم ما يقال قد تكون هذه لأغراض سياسية إلا أني لا أرى الصوفية تسعى إلى السياسة والحكم ولا نكاد نجد لهم أثراً في السياسة, ولست أدري لماذا هذه الجمعة بالذات لها هذه المكانة عند الصوفية والتي يحتفلون بها في كثير من المناطق اليمنية منها الجند.. وقد يكون الأمر كما قال الأستاذ ياسر.. قد تكون مناسبة لشخص معين وقد تخدم طائفة معينة.. لكن لست أرى ذلك جلياً لدى الصوفية فهم يحتفلون بها ربما لأنه ولد فيها علم من أعلامهم وهو أحمد بن علوان.. لكن لا نراهم يروجون لهذه المعتقدات من أجل الوصول لغرض سياسي مثلاً..
ولأنه لا ضير من هذه الاحتفالات لا اعتراض لدي فيما يقوم به الإخوة الصوفيون ,بل إني قد أصبحت مؤيداً لهم بعد أحداث دار الرئاسة العام الماضي ,هذا ما أراه, وللناس فيما يعشقون مذاهبُ!
جواز الاحتفاء
ويقول عبدالعزيز العسالي باحث في مقاصد الشريعة:
بادئ ذي بدء نطرح تساؤلات للقائمين على بعض وسائل الإعلام قائلين لهم ما جدوى هذا التناول وبهذه الطريقة المملة سنوياً، وهل هناك جدية لهم بحيث يسهمون في أداء دور إيجابي وفاعل في هذا الصدد أما رأيي حول هذه الاحتفالية فيأتي من زاويتين الزاوية الفقهية المجردة والزاوية الفكرية الثقافية الحضارية، فأما الزاوية الفقهية المجردة فالحكم هو عدم جواز قيام مثل هذه الاحتفائية لاعتبارات أبرزها وأهمها أنها بدعة في الدين وبالتالي فالبدعة هنا أقل أحوال الكراهة.
الزاوية الثانية وهي الفكرية الثقافية فالنظر إلى هذه الاحتفائية يختلف تماماً، وذلك دافع الخروج والتجمع هو أشبه بأية احتفائية وطنية أو قومية كأعياد الثورة أو المناسبات الاجتماعية في أي قطر.. فهو احتفاء بيوم (ميلاد اليمن) فاليمن حقاً ولدت يوم دخل الإسلام إليها, ولا شك أن يمن الإيمان والحكمة جديرة أن تحتفل بهذه الذكرى التي كان لها الأثر العظيم في نقل حياة اليمنيين عقديا إلى أسمى وأعظم، هذا الهدف السامي هو الإسلام.
وهناك من يعترض على بعض المظاهر التي تصاحب هذه الاحتفائية مثل مظاهر (الجذب) والجواب: نحن مع هذا الاعتراض.. ولكن الحكم على هذه الاحتفائية بالبدعة وعدم الجواز لن يحل المشكلة، بل العكس سيزيد الناس إقبالاً.. والصواب في نظري هو الحضور ثم العمل من داخل الاحتفال على التوجيه والإرشاد والدعوة بالحسنى.. وأسوتنا هنا هو رسول الإسلام (ص) الذي كان يحضر مناسك الحج يوم كانت قد اعترتها شوائب الوثنية والخرافة إلى حد الطواف حول البيت الحرام (عراة) دون ثياب وبالذات القادمين من خارج مكة وهم فقراء لا يجدون ثمن ملابس الإحرام.. والخلاصة أن الاحتفاء بهذه المناسبة في الجند هو عيد وطني قومي اجتماعي وإقامتها لا محظور فيه دينياً.
الخاتمة
ورغم كل ما قيل عن هذه المناسبة إلا أنها تمثل حدثاً فاصلاً في تاريخ دخول الإسلام إلى اليمن.. ويتم في ذلك اليوم إقامة سوق شعبي كبير لبيع المواد والحرف في تظاهرة تمثل ما يمكن ان تسميها دعامة لسياحة دينية داخلية.
ويتم أيضاً في هذا اليوم عرض صور لعلماء من حضرموت والبيضاء يحملون لقب الحبيب، حيث يتم بيع هذه الصور بسعر زهيد، ويزعم من يبيع تلك الصور أنها تجلب الخير والبركة إذا علقت في البيوت.وينتشر في هذا الاحتفال عدد من الذين يطلق عليهم لقب «المجاذيب» الذين يقومون بأمور ما أنزل الله بها من سلطان، من هذه الأمور ان يقوم أحدهم بفقء عين الآخر بخنجر أمام الجميع أو يقوم ثالثهم بطعن نفسه من أجل أن يكون الاحتفال «زائد سكر» أو بالأصح «محوج» وكله لظهر ابن علوان.. المهم يبدأ الاحتفال دينياً ثم ينتهي كارثياً وكأنك في حلبة مصارعة دموية بسبب هؤلاء المجاذيب.. أو كأنك في لوكندة للنوم والمقيل، حيث تجد الناس يمضغون أعواد القات ويشربون السيجارة متناسين أنهم داخل مسجد له قدسيته ومكانته في قلوب المسلمين.
وقبل الختام لابد من الإشارة إلى أن جامع الجند أسهم عبر فترات تاريخية طويلة في تخريج الكثير من القامات العلمية والفكرية لعل من أهم أولئك العلماء طاووس اليماني صاحب كتاب «المسند» وغيره من العلماء الذين يشار إليهم بالبنان، كما اعتبر ولايزال منارة من منارات العلم والهداية يمكنها القيام بدورها على أكمل وجه في خدمة الدين وتعزيز قيم الوسطية والتسامح.. والجامع كذلك إلى جانب كونه أثراً دينياً ومزاراً هاماً فإنه يشكل واجهة سياسية تبرز شواهد العمارة الإسلامية في اليمن وتعكس فنون البناء والإبداع، ومع ذلك من المؤسف أن نلاحظ أنه يشكو في هذا الجانب إهمالاً ولا ندري ماهي الأسباب الكامنة وراء عدم الإسراع في ترميم هذا المعلم الهام أو حتى الاستفادة من وقفيات هذا الجامع، التي لا ندري إلى أين تذهب وإلى بطن من تهضم..؟ سؤال!! مجرد سؤال لا أقل ولا أكثر نوجهه للإخوة في مكتب السياحة ومكتب الأوقاف فهل من مجيب..؟
وختاماً جمعة رجبكم مباركة..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.